قبر أمير الجيوش الإسلامية الصحابي الشهيد: سيدنا شبل أبن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والسبع بنات أخواته ، وقبور الصحابة الأربعين شهيد بمسجده بمحافظة المنوفية - مصر ..

نسب السيد محمد شبل الأسود ومولدة واستشهاده : -

هو محمد بن الفضل بن العباس " عم النبي صلى الله عليه وآله وصحبة وسلم " بن عبد المطلب رضي الله عنهم الشهير بـ " محمد شبل الأسود "

ولد في يوم 12 رجب الخير سنة 9 هجريه في الحبشة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، واستشهد بتاريخ عصر يوم الجمعة 12 ربيع الأول سنة 40 هجريه ، واستشهد عن عمر يناهز 31 عام ، في معركة بمصر بعد قتال عنيف مع الرومان وأتباعهم وكتب الله له النصر المبين وفر الرومان من أرض مصر المحروسة برعاية الله ثم أل البيت الأطهار .

وأمه : السيدة ميمونة الحبشية ، والتي تزوجت سيدنا الفضل عندما سافر إلى الحبشة ، وقد تزامن عند عقده عليها أن حضر جماعة من المدينة المنورة إلى الحبشة ، فعقد له عليها المقداد بن الأسود ومعاذ بن جبل وعبد الله بن عمر رضوان الله عليهم جميعا .

صفات ولقب السيد محمد شبل الأسود : -

سمى على أسم عمه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبة وسلم ، وأشتهر بين بنو هاشم بالشبل لشجاعته وذلك لأن جميع أسماء بني هاشم هي أيضاً أسماء الأسود وذلك لهيئتهم وهيبتهم وشجاعتهم المنقطعة النظير ، ولازالت هذه الصفات متوارثة في الأشراف إلى أن يقبضهم الله من الأرض قبل قيام الساعة ..

وقيل انه كنى بـ ( شبل ) لأن أباه الفضل كان شجاعاً .

ولعله نعت بالأسود نسبة إلى سواد لونه الذي ورثه عن أمه السيدة ميمونة الحبشية رضي الله تعالى عنهم .

وكان السيد محمد شبل بن الفضل بن العباس " أمير الجيوش الإسلامية " ولقب بأمير الجيش حتى بعد استشهاده والى الآن .

مرقد السيد محمد شبل الأسود ومن دفن معه : -

أستشهد رضي الله عنه في معركة بمصر والتي طهرت من دنس الرومان ، وقد استشهد أيضاً في هذه المعركة الفاصلة جماعة من الصحابة المباركين رضوان الله تعالى عليهم جميعا ودفنوا معه في مسجده بمدينة الشهداء ، محافظة المنوفية ، وهم : 

- الشهيدات السبعة من أخوات الشهيد أمير الجيش السيد محمد شبل الأسود ، وقبور الشهيدات بنات الفضل بن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنهم أجمعين بمسجده ، وهن  :

السيدة زمزم .

السيدة عاتكة .

السيدة رضا .

السيدة حليمة .

السيدة ذكية .

السيدة أم السعد .

السيدة أم الخير .

رضي الله عنهم ، وللعلم بأنهم ليس لهم ذريه .

- وهناك أيضا قبور السادة الصحابة الأربعين شهيد بمسجده .

رحم الله أمير الجيش وكل من استشهد في هذه الفتوحات الإسلامية الخالدة آلتي نعيش في ظلها حتى الآن .

نبذة عن الشهيد السيد محمد شبل الأسود أمير الجيوش الإسلامية وأخواته : -

تذكر الكتب التاريخية أن أمير الجيوش " محمد بن الفضل بن العباس " جاء مصر في زمن مد الفتوحات الإسلامية لها واستنقاذها من براثن العسف الروماني ، ونزل أول ما نزل على المسلمين أثناء قتالهم الرومان وإجلائهم عن الصعيد بداية بالبهنسا الغراء ، ولحقن به أخواته  السبع بنات رضي الله عنهن جميعاً ، وقد استشهدن جميعاً في معارك المسلمين ضد الرومان .

وقد حقق السيد محمد شبل انتصارات على الجيوش الرومانية في الفتح الإسلامي لمصر ، إلى أن وصل إلى المنوفية في منطقة " سرسنا " ، وكانت هناك قلعه حصينة للرومان بها ، ودارت بها معركة ضارية مازالت أثارها باقية حتى الآن .

واستمر قائد الجيوش في انتصاراته إلى أن عاد إلى سرسنا مرة أخرى ، ووجد الرومان في انتظاره ، وبعد معارك ضارية وانتصارات للمسلمين غافله أحد الرومان وطعنه من الخلف ولقي حتفه ، وتم دفنه في منطقة سرسنا في موضع استشهاده وتم بناء ضريح ومن بعده المسجد .

أولاد السيد محمد شبل الأسود : -

رغم أن كتب الأنساب والتاريخ أجمعت على عدم وجود أي ابن ذكر للفضل بن العباس الذي لم يولد إلا أم كلثوم بنت الفضل بن العباس .

قال ابن حجر العسقلاني ، متحدثا عن الفضل بن العباس :

لم يترك ولدًا إِلا أم كلثوم ، تزوجها الحسن بن علي رضي الله عنهما ، ثم فارقها ، فتزوجها أبو موسى الأشعري .

وقال الحافظ ابن عمر بن عبد البر :

ولد الفضل بن العباس أم كلثوم ولم يلد غيرها .

وصف المسجد : -

المسجد الموجود حاليا قد قامت ببنائه وزارة الأوقاف في القرن العشرين ، وقد بني المسجد على ضريح يُزعم أنه لمحمد بن الفضل بن العباس بن عبد المطلب ، وهو يشبه في تخطيطه العام المساجد التركية إذ أنه يتكون من مربعين أحدهما يشمل صحن الجامع وهو مكشوف ، وتحيط به الأروقة من جميع الجهات ، أما المربع الثاني فهو عبارة عن إيوان القبلة ويتكون من صفوف من الأعمدة موازية لحائط القبلة مغطاة بسقف مسطح وفى وسطه ثمانية أعمدة تقوم عليها رقبة ثمانية بكل ضلع منها فتحة للإضاءة وهى أشبه بالشخشيخة ، وفى الضلع الغربي من إيوان القبلة يوجد ضريح سيدي محمد بن شبل الأسود .

وتتكون واجهة المسجد من مدخلين رئيسيين أحدهما يؤدى إلى إيوان القبلة والثاني يؤدى إلى صحن الجامع ، ويتقدم الواجهة ردهة بطول الواجهة تقريبا صدرها محجوز بسور مزخرف وينتهي طرفاها بسلمين لارتفاع المسجد عن مستوى الشارع بمقدر سبعة أمتار .

مدينة ومركز الشهداء : -

مدينة الشهداء مركز الشهداء محافظة المنوفية ، هي مدينة بمحافظه المنوفية وأحد مراكزها ، سميت بذلك لأنه أثناء دخول الفتح الإسلامي إلي مصر أستشهد بها الكثير من المسلمين وعدداً من القادة والجنود العرب عند سيطرة المسلمين على مصر وانتصارهم على حكم الرومان أثناء الفتح الإسلامي لمصر ، منهم محمد شبل بن الفضل ابن العباس ، و يعتقد أن الضريح في مسجد سيدي محمد شبل الأسود له ، وسميت مدينة الشهداء تخليدا لذكرى استشهاده وأخواته رضي الله عنهم وأرضاهم جزاء ما قدموا للإسلام والمسلمين ، والمدينة تقع غرب مدينة شبين الكوم وهي مجاورة لمحافظة البحيرة ومركزي تلا ومنوف .

والجدير بالذكر أن مدينة الشهداء تحتوي على أكثر من 500 مقام وضريح بالمدينة وقراها ، ويعد ضريح محمد شبل بن الفضل بن العباس هو الأشهر بينهم ، وبجواره ضريح أخواته السبع ، والموجود بمسجد سيدي شبل بقلب المدينة ، التي تشكلت من ثلاث قرى وهي " سرسنا وميت شهالة والشهداء " . 

يقول على باشا مبارك في الخطط التوفيقية ج 13 ص 143 : -

الشهداء : قرية من مديرية المنوفية من أعمال منوف بحري كفر عشمى بنحو ألف وخمسمائة متر وقبلى وطندتا بنحو أربع ساعات وأبنيتها من اللبن كثيرا ومن الآجر قليلا وبخا جامع كبير شهير له منارتان وبه أعمدة كثيرة من الرخام وينسب للسيد محمد شبل بن الفضل بن العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وضريحه به مشهور ويزار ويعمل له مولد حافل كل عام وفيه أضرحة أخرى منها :

- ضريح السد على الطويل .

- ضريح السيد عبد الله الوزير خليفة وغيرهم وقد جدده المرحوم حسن بك شعير سنة 1266 وفى خلاصة الأثر للمحبي أن بجواره مشهد الشهداء بالمنوفية مسجد ابتناه الشيخ أحمد الأحمدي المصري العارف المرشد المعروف بالسيحي وقبره به ظاهر يزار وذكر أحمد العجمي في مشيخته ، وقال انه تلا القرآن على الشيخ أحمد بن عبد الحق البساطي وأخذ عن علماء عصره العلوم الشرعية وكان في طبقة المشايخ الكبار حالا ومقالا وارتحل من مصر فطاف البلاد على قدم التجريد ودخل بغداد والكوفة والبصرة ثم عاد إلى مصر وابتنى هذا المسجد وأقام فيه لإقراء الناس القرآن وانتفع به خلائق لا يحصون وكان يأتي مصر كل عام مرة يجلس أحيانا بالجامع الأزهر وأحيانا بمدرسة السيوفية ثم يعود إلى مسجده وهذا دأبه وكانت وفاته سنة 1043 .

والمسجد المعروف باسم جامع سيدي شبل أنه بني على ضريح سيدنا محمد بن الفضل بن العباس بن عبد المطلب وشهرته شبل لشجاعته فهو ذلك ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال أن سيدنا شبل ولد بالحبشة فقد كان والده الفضل بن العباس يتاجر بأمواله وأموال غيره من العرب في بلاد الحبشة وحدث أن خرج الفضل في السنة الثامنة للهجرة من المدينة المنورة ومعه تجارة كبيرة للعرب إلى بلاد الحبشة فلما باعها حدث بينه وبين حاكمها خلاف على الضريبة المقدرة عليه مما اقتضى بقاءه فترة لفض هذا الخلاف ولما تم الصلح بين الفضل وبين ملك الحبشة وهبه الملك جارية حبشية بكرا من سرارية اسمها ميمونة هدية له وقد تصادف عند عقده عليها أن حضر جماعة من الصحابة من المدينة المنورة إلى الحبشة يستطلعون سبب تغيبه تلك الفترة الطويلة خاصة وان معه تجارة لجماعة كبيرة من العرب فعقد له عليها المقداد بن الأسود ومعاذ بن جبل وعبد الله بن عمر وغيرهم وفى سنة 9 هـ ولدت له ميمونة ولده محمد شبل الأسود ولعله نعت بالأسود نسبة إلى سواد لونه الذي ورثه عن أمه الحبشية رضي الله تعالى عنهم .

تقول الدكتورة سعاد ماهر أستاذ الآثار الإسلامية في كتاب مساجد مصر وأولياؤها الصالحون في الجزء الأول ص 77 : -

المنوفية كما جاء في القاموس الجغرافي اسمها القبطي ( بانوفيس ) وقلبت الباء ميما في العربية فأصبحت ( مانوفيس ) ثم اختصرت إلى منوف ويقول عنها ابن حوقل أنها مدينة كبيرة وأهلها أهل فلاحة ويقول القلقشندى أنها مدينة أسلامية بنيت بدلا من مدينة قديمة كانت قد خربت وبقيت آثارها وظلت منوف عاصمة الأقاليم من الفتح الإسلامي حتى سنة 1826 م ، ثم صارت شبين الكوم العاصمة لتوسطها بين بلاد الأقاليم وشبين الكوم من القرى المصرية القديمة أسمها الأصلي شبين السري وعرفت باسمها الحالي في القرن التاسع عشر ومن المدن الشهيرة بها مدينة الشهداء ، وقد جاء في معجم البلدان لياقوت الحموي أن مقابر الشهداء موضع بأرض مصر وقعت فيه حروب بين مروان بن الحكم وجنودة وبين الزبيرية من أهل مصر سنة 65هـ وقتل من الفريقين عدد عظيم فدفن المصريون قتلاهم في هذا الموضع وسموه مقابر الشهداء .

وإذا تتبعنا الأحداث التاريخية وجدنا أن مصر كانت في القرن الأول الهجري تشارك مشاركة فعالة في مجرى الأحداث السياسية في الدول الإسلامية فقد اشترك بعض أفراد منها في مقتل الخليفة عثمان بن عفان كما ساهمت في الفتنة الكبرى التي وقعت بعد مقتل عثمان وفى الخلافة بين سيدنا على ومعاوية وحدث في عهد الدولة الأموية عندما توفى الخليفة يزيد بن معاوية بن أبى سفيان أن دعا عبد الله بن الزبير لنفسه بالخلافة فثار أنصاره بمصر واظهروا دعوته وسار إليه في المدينة المنورة جماعة منهم فأرسل عبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن عتبة بن حجدم واليا على مصر من قبله فوصلها سنة 64هـ في جمع كبير من أنصار ابن الزبير ومن أهل المدينة الناقمين على الأمويين لقتلهم وتمثيلهم بشهيد كربلاء سيدنا الحسين رضي الله عنه ، ولما بويع مروان بن الحكم الأموي بالخلافة جهز جيشا ارم عليه ابنه عبد العزيز بن مروان وأرسله إلى مصر وحارب ابن حجدم في عدة مواضع كان من بينها موضع بالمنوفية قتل فيه من الفريقين عدد عظيم وانتهت المعركة بانتصار مروان بن الحكم ودخوله الفسطاط سنة 65هـ ، وبعد انتهاء المعركة دفن أنصار ابن الزبير قتلاهم في ذلك الموضع بجوار قرية سرنا فاشتهرت بين الناس باسم مقابر الشهداء وكان يوجد بجوار تلك المقابر كفر صغير عرف منذ ذلك الوقت باسم الشهداء .

وتقول الرواية : -

حضر محمد بن شبل إلى مصر على رأس جيش لمحاربة الكفار وانه مات شهيدا سنة 40 هـ في المنوفية في المنطقة التي عرفت باسم الشهداء نسبة إلى من استشهد في تلك المعركة ، وتعلق الدكتورة سعاد ماهر أستاذ الآثار الإسلامية وتقول :

ولكننا لم نجد ما يؤيد هذه الرواية في مرجع من المراجع التاريخية أو في كتب السير وعلى أننا إذا ناقشنا هذه الرواية وفرضنا جدلا أن محمد شبل حضر إلى مصر محاربا على رأس جيش في أيام فتحها أي سنة 31هـ فمعنى ذلك انه كان عمره 12 سنة ، وبذلك يستبعد حضوره وقت الفتح ، أما ما يقال انه حضر مصر في وقت الفتنة التي أعقبت مقتل عثمان بن عفان فننا لم نجد ذكرا لحوادث وقعت في منطقة المنوفية بسببها على الإطلاق وبذلك يستبعد أيضا حضوره في ذلك الوقت ، وأما عن حدوث معركة في منطقة المنوفية بين أنصار عبد الله بن الزبير وبين جنود مروان بن الحكم فهذا ثابت في جميع المراجع التاريخية ، ولذلك فمن المرجح أن يكون حضور سيدي محمد شبل كان سنة 64هـ وانه استشهد في ذلك المعركة ومات سنة 65هـ ودفن في مقابر الشهداء ، ومن المرجح أيضا انه قد بني على مقبرة الشهداء التي يرجح أن يكون من بين شهدائها احد أفراد آل البيت رضوان الله عليهم أجمعين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .

السيد محمد شبل وتسميته لمدينة دمنهور : -

وكان مجيء السيد شبل الأسود مصر بمثابة اعتدال ميزان المعركة ثم انقلابها كلياً على الرومان في وجه بحري بعد أن استعصت عليهم مدينة دمنهور والتي قد كانت العقبة الوحيدة أمام الجيش لدخول عاصمة مصر آنذاك الإسكندرية ، وكان السيد محمد شبل الأسود رضي الله عنه قد حرر محافظة المنوفية بالكامل وتسلم مفاتحها وخزائنها ورد للنصارى المصرين فيها كل ما سلبه الرومان منهم وانزل فيها قريش فهي أول بلد نزلتها قبيلة النبي صلى الله عليه وسلم في مصر ولم يصدق النصارى أنفسهم أن هذه هي أخلاق السيد شبل الذي رفض أن يسكن قصر الحاكم ولم يخلع عن بدنه ثياب الحرب ولباس الفارس إلى أن استشهد رضي الله عنه فأسلم النصارى من أخلاق السيد شبل ، ولما جرت المعارك في مدينة دمنهور بين الصحابة والرومان اللذين كان يأتيهم المدد المتوالي لهم من كفر الدوار والكريون وكانت محل المعارك بين الصحابة والرومان هو ما يعرف الآن في دمنهور بحارة الترعة وجامع ناصر بطول هذا الشارع إلى نهاية نقطة شرطة النصر وهى كانت حدود دمنهور آنذاك وعندها أسوار المدينة فلما اشتدت المعارك ودافع الرومان بكل قوتهم أرسل سادتنا الصحابة لسيدي شبل يطلبون منه المدد فأرسل لهم ثلاثة ألاف من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أن وصل مدد السيد شبل إلى سادتنا الصحابة على مشارف دمنهور وأسوارها فتحوها في الليل ودخولها بالنهار وكانت الدماء تجرى فيها كالأنهار فكاتبوا السيد شبل رضي الله عنه يخبرونه بفتح دمنهور ونجاح سيدنا عمرو بن العاص في تجاوز قرية سنطيس واسر الحامية الرومانية هناك قبل فتح دمنهور وهو في لحظة كتابة الرسالة تلك كان قد وصل إلى الإسكندرية فقام الرومان واليهود هناك بإحراق المكتبة حتى لا يصل في يد سيدنا عمرو منها شيء أما ما يقال بأن سيدنا عمر أمر سيدنا عمرو بإحراقها فهو كذب وافتراء ، فلما أن وصل الكتاب للسيد شبل وقرأ جملة كانت الدماء فيها أنهاراً فأسماها السيد شبل الدمنهور فهو من اسمها بهذا الاسم ، ولا صحة لكل لمن ينسبها إلى الإله حور فلا علاقة لذلك بالواقع ولا بالحقيقة .

وسيرة السيد محمد شبل الأسود موجودة بدونة الأمير غانم بن عياض الأشعري : -

التي كتبها بيده وهو حفيد سيدنا أبى موسى الأشعري وقد عاصر السيد شبل ، فهذه المدونة هي أقدم سيرة وتراجم تحدثت عن الصحابة والفتح وهى بدار المخطوطات .

ويُذكر أن أول مسجد بالبرلس " ببرج البرلس ، وهي مدينة مصرية تتبع مركز البرلس ، في محافظة كفر الشيخ " هو مسجد سيدي الأمير غانم بن عياض الأشعري وهو  :الأمير غانم بن عياض الأشعري بن فاطر بن النذر بن قصي بن كلاب بن مرة ، ومن هنا تجمع نسبه الشريف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصوله وأنسابه وأهله حيث تتصل شجرتهما المباركة إلى أبيهما آدم عليه السلام .

وأمه هي : السيدة أسماء بنت سفانه بنت حاتم الطائي ، وكانت أمه مسلمه وقد دخلت جدته لأمه الإسلام علي يد رسول الله عليه السلام  بعد أن آسرتها جيوش المسلمين في احدي الغزوات ، وقد فر أخوها عدى بن حاتم إلي الشام ، ولما أطلق الرسول سراحها ذهبت خلف أخيها ، وقصت عليه ما لاقته ومن معها من الأسيرات من حسن معاملة الرسول وما أسداه لهن من معروف ثم وصفت له كريم صفاته وتواضعه ، وما أن انتهت سفانه من حديثها حتى نهض عدى ذاهبا إلي الرسول عليه السلام ليعلن إسلامه وانضمامه إلي جيوش المسلمين .

وزوجة الأمير غانم هي : السيدة آمنه بنت الحسين بن الحسن بن الإمام علي كرم الله وجهه وكان له منها ستة أولاد هم : غانم ، عياض ، عبد الله ، إبراهيم ، غريب ، كعب .

سيرته :

كان الأمير غانم أحد قواد العرب وجيوش المسلمين الذين  فتحوا ثغر البرلس وقد أقام بالبرلس  يعلم أبنائها الدين الإسلامي  ومن أبى الإسلام فرض عليه الجزية ، وفي أيامه الأخيرة ارتد أهلها عن الإسلام وتمردوا عليه ، ولكنه قاتلهم وأعادهم إلي الدين الحنيف ، وقد ظل بالبرلس حتى توفى بها ودفن بالقرب من شاطئ البحر في ضريح المسجد الذي يعرف باسمه الآن .

وكان الأمير غانم فارسا من فرسان العرب وقد اشترك في الفتوحات الإسلامية واظهر بطولة كبيرة بها .

ويذكر " الوافدي " في الجزء الثاني من كتابه ( فتوح الشام ) : 

أن عمرو بن العاص بعد أن فتح مصر اعد جيشا من المسلمين بقيادة خالد بن الوليد لفتح مدينتي اهناسيا والبهنسا ، واستدعى غانما وأمره علي خمسمائة فارس من أصحاب  رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وقد توجه غانم بإحدى هذه الحملات إلي الشمال من مصر حيث البرلس التي قام بفتحها ، وقد اشترك الأمير غانم في حروب : دهشور ، الجيرة ، ارض السباخ وببا الكبرى .

أما أبناؤه ومنهم غانم :

فقد قصدوا المدينة المنورة وأقام بها فترة من الزمن عاد بعدها إلي البرلس حيث تزوج فاطمة بنت حميد بن عبد القادر الشهير بالخواص ، وكان من الزهاد بالبرلس .. ومن أولاده أيضا : حسان بن الأشقر بن إبراهيم بن غانم بن عياض وكان فارسا مغوارا مثل جده ، وقد تمرد أهالي البرلس في زمنه وخرجوا عليه وعن طاعته وارتدوا مرة ثانية وطالبوا بجلاء العرب الفاتحين عن ديارهم فاشتبك معهم حسان وجماعة من المسلمين واسر زعماء التمرد وعذبهم ، فلما رأوا الموت قد أحاط بهم ندموا علي ما أثاروه من فتن وأعلنوا توبتهم وجددوا أسلامهم وكانت هذه هي المرة الثانية والأخيرة .