رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
أحمد المرشد

أحمد المرشد

"أخوان ليبيا" إلى تاريخ.. ولكن عن أي تاريخ نتحدث؟

السبت 04/مايو/2019 - 01:50 ص
طباعة

أجدني مضطرا اليوم إلى اقتباس مقدمة مقالي «برافو الجزائر» الذي كتبته بعد نجاح الشعب الجزائري في فرض إرادته على قيادة الدولة، وكتبت وقتها «إذا الشعب أراد يوماالحياة.. فلابد أن يستجيب القدر/‏ ولابد لليل أن ينجلي.. ولابد للقيد أن ينكسر».. وقد استعرضت في المقال كيف تحقق للجزائريين مرادهم بأسلوبهم الراقي بدون أي حوادث شغب ولا تكسير أو أعمال عنف وتخريب وتدمير متعمد للممتلكات العامة والخاصة. وتم كل هذا بمساعدة الجيش الجزائري الذي انتصر لإرادة شعبه وأيد مطالبه في التغيير، لأن هذه هي مواقف الجيوش الوطنية التي تنتصر لإرادة الشعوب ولا تقف حجر عثرة ضد طموحاتها، فهي من الشعب وإليه. وأذكّر القارئ بموقف الجيش المصري الذي حقق لشعبه في الثلاثين من يونيو مبتغاه بالإطاحة بالدولة الدينية الفاشية أو حكم «الأخوان المسلمين».. وكما فعل أيضا الجيش السوداني الذي ساند مطلب السودانيين بتغيير النظام السوداني الديني وليس مجرد الرئيس؛ لأنه مجرد ورقة ضمن أوراق كثيرة يتم التلاعب بها من قبل «التنظيم الدولي الذي يحكم سيطرته على لاعبيه في كافة البلدان العربية».

ومن هذه الجملة الأخيرة: «التنظيم الدولي الذي يحكم سيطرته على لاعبيه في كافة البلدان العربية» أبدا مقالي اليوم عن ليبيا، فالمعركة الدائرة في هذا البلد العربي هي معركة بين شعب وجيشه الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر من جهة، وبين جماعة الأخوان المسلمين بكافة لاعبيها من جهة أخرى- الميليشيات المسلحة المتعددة وحكومة فايز السراج المدعومة من دولة عربية وأخري آسيوية وأوروبية، وكلنا نعرفهما بالاسم، وبعض القبائل والعرقيات. فبعد سقوط الأخوان في مصر والسودان باتت ليبيا آخر معقل لهم ومركزًا لبث نشاطهم الإرهابي لكافة الدول العربية والعالمية، ولكن الجيش الليبي الوطني بقيادة حفتر وقرب سيطرته على طرابلس العاصمة قد أفشل لهم خططهم المستقبلية، وباتت الجماعة وكأنها تحارب معركتها الأخيرة للحفاظ لها على موقع قدم في المنطقة العربية، وطبيعي أن نرى «الأخوان» ينتفضون، فهم على وشك سقوط ورقتهم الأخيرة وتتشتت قواهم العسكرية والفكرية، فكل مواقعهم العسكرية انهارت ولم يبق سوى ليبيا، ولهذا نرى السراج ومعاونيه يبكون ليل نهار، ويشتكون قوات حفتر ويزعمون أنها تخالف الرؤية الدولية، في حين يعلم كل راصد للوضع الليبي كيف تتربح حكومة السراج وكل من يدور في فلكها من رصيد ليبيا النفطي الضخم الذي يذهب لجيوب البعض ليتركوا أبناء الشعب الليبي جائعا يعيشا وسط الإرهاب بصورة يومية. وربما نجح هؤلاء في تصدير صورة سلبية عن الشعب الليبي بأنه يرضى بما هو فيه، في حين تلقى قوات حفتر تأييد كل مدينة تدخلها وتعيدها الى وضعها الطبيعي.

فالحرب الدائرة في ليبيا حاليا هي حرب بين الشعب الليبي والإرهاب الذي يمثله تنظيم القاعدة من خلال الجماعة الليبية المقاتلة، وميليشيات مجلس شورى ثوار بنغازي، ومجلس شورى ثوار درنة، وكتيبة الفاروق، وكتيبة أبوسليم، بجانب تنظيمات أخرى هي غرفة ثوار ليبيا وصلاح بادي والجظران، بالإضافة الى مجموعات تابعة للاخوان المسلمين وتسمى «الدروع»، ومجموعة ثالثة من الميليشيات وهي الميليشيات الإجرامية، وهي مجموعات تحت إمرة افراد من المجرمين وخريجي السجون وسارقي المال العام.. وقد قام فايز السراج بدعم كافة هذه الميليشيات ومنحها الشرعية على غير رغبة الجيش والشعب.

ويخشى «الأخوان» خسارة المعركة التي تدور رحاها في ليبيا، ففي خسارتها نهاية التاريخ للإسلام السياسي، ولذلك نراهم يحشدون كافة قواهم للانتصار فيها وعدم تلقي هزيمة جديدة لهم على غرار ما حدث في مصر والسودان، ثم أن نجاح الجيش الليبي في القضاء على هذا التنظيم المتشدد والمتطرف يعني القضاء على ظاهرة التطرف الديني السياسي والاجتماعي، وهي الظاهرة التي انتشرت في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، وعانت منها مصر كثيرا في البداية حتى قبل مقتل الرئيس المصري أنور السادات. ولم يتخيل قادة الجماعة في أوروبا وتركيا وغيرهما أن تتسارع الأحداث في ليبيا وتأتي بعد هزيمتهم المدوية في السودان التي وقعوا فيها بالضربة القاضية، إذ رفض الشعب السوداني والمجلس العسكري الحاكم تمثيل أي حزب ينتمي للنظام السابق والأخوان في أي مفاوضات حالية تبحث في مستقبل السودان، فهم قد أصبحوا ماضيا، وهكذا سيكون مآلهم في ليبيا، أي تاريخ.

ودعونا هنا ندحض أقوال «الأخوان» بأن القضاء عليهم وعلى أنظمتهم في الدول الحاكمة يعني ظهور أنظمة عسكرية جديدة، فهذا الكلام هراء ومردود عليه بأن الشعب السوداني يتفاوض حاليا مع المجلس العسكري على صيغة حكم مشتركة ذات صبغة مدنية، وأن ما جرى في مصر كان ثورة شعبية هائلة ساندها الجيش، ويكفي المصريون فخرا الآن ما حققته بلادهم من تقدم وازدهار على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها.

ولكل من يتباكى على نظام «الأخوان» نقول له انظر خلفك، فكل الأنظمة الدينية لم تحقق نجاحا واغتصبت السلطة من شعوبها لتحول حياتهم إلى جحيم، ولن نعيد ذكرالمشهد الأخواني في مصر والسودان للأذهان، ولكن أمامنا الدولة الدينية الإيرانية التي استولت على السلطة في البلاد ليتأخر ترتيبها في معدل التنمية العالمية وتخضع للعقوبات الاقتصادية الدولية بسبب تصديرها للإرهاب. ومن إيران للعراق وكيف تحول هذا البلد العربي الغني الى فقير بحكم أحزابه الدينية التي تشبعت بالفكر الإيراني. فالتجربة السياسية تؤكد أن رجال الدين يفسدون الدول إذا حكموها، فهم يبعدون عن الشريعة ويستبدلونها بالمصلحة الذاتية للجماعة الحاكمة.

وعودة الى الوضع الحالي في ليبيا، فموقف الجماعات الإسلامية يتفق تماما مع كاريكاتير في صحيفة «الشرق الأوسط» عبارة عن شعب يحاول قطع جذع شجرة ضخمة وبالفعل تمكن من ذلك ولكنه – أي الشعب – لا يرى جذور الشجرة الكثيرة الممتدة تحت الأرض، الأمر الذي يعني أن المعركة صعبة وأن المستفيدين لن يستسلموا بسهولة لما يجري في ليبيا وسيقفون بكل قوتهم لتأخير إعلان انتصار الجيش الوطني، ويرى هؤلاء أن أي حديث عن انتقال سلس في البلاد هو ضرب من الخيال، خاصة وأن ليبيا استقبلت آلاف المقاتلين من «داعش» و«القاعدة» وغيرهما من الميليشيات الإسلامية، ونشر هؤلاء الإرهاب في ليبيا وغيرها من الدول الأفريقية ومصر تحديدا فكانت الحدود المشتركة مرتعا لتسلل الإرهابيين الى مصر لشن عملياتهم اللعينة هناك. وكانت موارد ليبيا النفطية فريسة للسلب والنهب علي يد كل الجماعات السياسية والدينية بدلا من أن تكون ثروة هذه البلد وسيلة لتقدم شعبها والرقي به ليعيش حياتا كانت تليق به لولا أطماع الأخوان وشركائهم في السلطة والحكم، فهم اختطفوا الدولة وحاولوا نشر الفوضي بها ليستمر حكمهم أطول فترة ممكنة.

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر

ads
ads