عربي وعالمي
من روما إلى بيروت: شجرة الزيتون ووحدة المصير في رسالة البابا ليون الرابع عشر.. تعليق خاص من إمام الجامع الكبير في روما
الإثنين 01/ديسمبر/2025 - 08:47 م
طباعة
sada-elarab.com/788722
تواجد اليوم فضيلة الامام الدكتور نادر العقاد، مستشار الشؤون الدينية والإفتاء لدى مسجد روما الكبير،على شاشة قناة "تيلي باتشي" (Telepace) التابعة للفاتيكان، حول الزيارة التاريخية لقداسة البابا ليون الرابع عشر إلى لبنان.
وقال الامام العقاد في تعليق خاص لصحيفتنا "إنها زيارة تتجاوز الأبعاد الدينية والكنسية لتصبح نداء عالمياً للسلام ومثالاً حياً على مسؤولية القادة الروحيين تجاه الشعوب، خاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تتوق إلى الاستقرار".
لقد كان اللقاء المسكوني والحوار بين الأديان في ساحة الشهداء في بيروت هو ذروة هذه الزيارة، وهو المكان الذي يحمل رمزية عميقة للتضحية وولادة الدولة اللبنانية. وعندما يقف قادة الطوائف والمذاهب المختلفة في هذا المكان، فإنهم يعلنون أنهم ورثة التاريخ وجزء من مستقبل موحد.
وقال الامام "لقد استمعنا إلى رسالة قداسة البابا، وهي رسالة غنية بالإشارات الروحية والتاريخية، وشدني منها بشكل خاص النقاط التالية التي تتفق مع رؤيتنا الإسلامية للحوار:
أن لبنان هي جزء من الأرض المباركة ومهد الأديان: فقد أشار البابا في كلمته إلى لبنان كـ "أرض مباركة" و"مهد الأديان الإبراهيمية"، حيث "صدى الكلمة لم يسقط أبداً في الصمت". هذا اعتراف بقيمة هذه الأرض المقدسة التي سار عليها الأنبياء، وهو ما نؤمن به جميعاً.
كما أكد البابا على أهمية الحوار، مستشهداً بسلفه البابا بندكتس السادس عشر، بأن الحوار بين المسيحيين والمسلمين "لا يمليه في المقام الأول الاعتبارات البراغماتية، بل يرتكز على أسس لاهوتية". وهذا هو جوهر ما ندعو إليه كمسلمين؛ فالحوار ليس مجرد ضرورة سياسية، بل هو أمر إيماني ينبع من فهمنا للآية الكريمة: وَجعلناكم شُعُوباً وَقَبَاَئِلَ لِتَعَارَفُوا (الحجرات: 13).
ثم وصف البابا ليون في كلمته حال المآذن والأجراس فقال هي لحن الإيمان الواحد و عبر عن المشهد الفريد في لبنان حيث "المآذن وأبراج الكنائس تقف جنباً إلى جنب"، متمنياً أن يندمج كل جرس وكل أذان في ترنيمة واحدة لتمجيد الخالق الرحيم و "للتضرع بصدق للحصول على هبة السلام الإلهية". هذه الصورة البديعة تلخص حقيقة التنوع الإيجابي.
كما ركز البابا ليون الرابع عشر في كلمته على أن لبنان، رغم الصعوبات، يمثل "مثالاً قوياً" للعالم وشدد على أن الخوف وعدم الثقة والتحيز "ليس لها الكلمة الأخيرة هنا"، وأن الوحدة والمصالحة والسلام ممكنة دائماً.
وذكر البابا أن مهمة لبنان هي ان يلهم الشعوب بالحقيقة الخالدة "بأن المسيحيين والمسلمين والدروز وغيرهم يمكنهم العيش معاً، وبناء بلد موحد بالاحترام والحوار". وهذا يمثل جوهر العقد الاجتماعي والسياسي في هذا البلد العزيز.
وقال الامام العقاد إن وجود كبار القادة المسلمين، وعلى رأسهم القيادات السنية والشيعية، إلى جانب البطريرك الماروني والبطريرك السرياني الكاثوليكي، هو التأكيد العملي على أن اللبنانيين هم من يختارون العيش المشترك.
وقال الامام العقاد "كان لفتة بالغة الأهمية ما اختتم به البابا خطابه حول شجرة الزيتون ثم قام مع القادة الدينيين بزرع شجرة الزيتون، مشيراً إلى أنها رمز للمصالحة والسلام ومُثنَى عليها في نصوصنا المقدسة. إنها شجرة تمثل "الصمود والأمل" وقدرتها على الازدهار في أصعب البيئات ترمز إلى التزامنا الدائم بتنشئة التعايش السلمي".
وفي ختام تعليقه على الزيارة قال الامام العقاد: "نحن نرحب بهذه الزيارة التاريخية وندعم بكل قوة الرسالة التي أطلقت من بيروت. إن الإسلام يعلّمنا أن الرحمة هي أساس المعاملة بين الناس، وأن الحوار هو وسيلة للتعارف لا للمغالبة. فلنجعل من شجرة الزيتون، التي غُرست اليوم، رمزاً لالتزامنا بأن نكون بُناة للسلام و نبراساً للنور في كل مكان. وعلى خطى ما أشار إليه البابا، يجب علينا نحن في العالم العربي وأوروبا أن نعمل على "مواجهة التعصب والتغلب على العنف ونبذ الإقصاء".
وأنهى الامام حديثه لصحيفتنا فقال "ندعو الله أن يبارك لبنان ويحفظه، وأن يجعلنا جميعاً، مسلمين ومسيحيين، شهوداً صادقين للعدل والمحبة، حتى يتدفق السلام والمصالحة 'مثل الجداول المتدفقة من لبنان' (كما جاء في نص البابا)، حاملاً الأمل والوحدة للجميع."














