طباعة
sada-elarab.com/788585
لست إلا واحداً من مجتمع دولي بأكمله يستقبل يومياً إعلانات خاصة تروج لعمليات الدفع بسهولة ويسر، ولم أجد - كفرد من هذا المجتمع - إعلاناً يتحدث عن «القبض».. فقط دفع ومدفوعات وادفع.
وبعد رصد سريع لم يستغرق دقيقتين، للظاهرة المجتمعية على الشبكة العنكبوتية، استطعت حصر هذه الإعلانات: «مع (؟؟؟) كل عملية دفع أسهل.. هدفنا أن نجعل الدفع الإلكتروني تجربة آمنة، سريعة، وسلسة في كل مرة»، وتشعر عندما تقرأ هذه الإعلان أن الحديث عن إجراء عملية جراحية والطبيب يحاول إقناعك بأنها «آمنة وسريعة.. وبدون ألم».
إعلان آخر يتحدث عن النية قائلاً: «تعمل خاصية «نية الدفع» على دمج جميع الطلبات في عرض موحد، وعرض عدد المحاولات التي قام بها العميل لتنفيذ عملية دفع محددة، وهذا يوفر بيانات أكثر دقة عن محاولات الدفع المرتبطة بكل طلب»، وفي هذا الإعلان يحاسبك على مجرد النية، ويحاول أن يصل إلى قلبك على اعتبار أن «النية محلها القلب» لكنه سيوقف قلبك بمجرد الوصول إليه.
إعلان ثالث يقول: «خياراتنا الإلكترونية واليدوية تتيح للشركات التعامل مع الأنواع المختلفة من المدفوعات بخطوات بسيطة للغاية.. حلول دفع موثوقة وفعالة.. خياراتنا الإلكترونية واليدوية لإمكانية تسديد أنواع متعددة من المدفوعات بسهولة... مدفوعات البطاقات.. تحويل الأموال والمدفوعات إلى حسابات بطاقات الائتمان».. ومن هذا الإعلان تدرك فعلياً أنك لن تهرب منهم أبداً فسيجدون أي شكل من أشكال المدفوعات الخاصة بك ويدخلون إليها ويحاصرونك.
إعلان رابع يقول: «دفع وتسديد الفواتير ومعالجة المدفوعات المحلية والدولية باستخدام نظام (x) لأنظمة المدفوعات الأسرع من الصوت.. تحويلات فردية وجماعية في معاملة واحدة».. المهم أن تدفع.والخامس يقول: «لأننا نهتم بك.. نوفر لكم جميع حلول الدفع الإلكتروني في الدول التالية.
ولا يقتصر الأمر على الفواتير، فقد صادفت إعلاناً يقول: نوفر طرق دفع متنوعة لخدمات مواقف تلبي كافة الاحتياجات، حتى نضمن لمتعاملينا تجربة سهلة ومريحة.
والعجيب في أمر معظم الإعلانات الخاصة بالدفع، أنها تتفق تقريباً في وضع صورة شخص يبتسم وهو يدفع.. ولا أعرف حقيقة ما هي فكرة مصمم الإعلان الذي استعان بالمبتسم أثناء إجراء «مؤلم» كهذا.ولا أعلم كيف تربح كل هذه الشركات التي تتخصص في هذا المجال المكروه من الناس جميعاً، ولكن لابد أنهم يحققون مكاسب من هذا الأمر.
وعلى النقيض فهناك طائفة أخرى من الشركات التي تركض خلفك في كل مكان لتقنعك بالحصول على تمويل بأي مبلغ وبأسرع وقت ممكن، وهؤلاء لهم قصة وخطة في تحويلك إلى مديون خلال أشهر معدودة، ومن ثم إدخالك السجن أو الانتهاء بك للتفكير في الانتحار.
تظل عمليات التداول دائماً مربحة لطائفة قليلة من البشر، وخاسرة للنسبة الأكبر المتبقية من سكان الكرة الأرضية، ولا ينجو منها إلا من رحم ربي، فاللهم ارحمنا برحمتك من أهل المدفوعات، وألحقنا اللهم بأهل المقبوضات.. آمين.
* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية















