اخبار
اللواء د. محمد الغباري: «أكتوبر مدرسة في الفكر الإستراتيجي… والعملية الشاملة بسيناء امتداد لروح النصر»
الأربعاء 01/أكتوبر/2025 - 10:24 ص

طباعة
sada-elarab.com/780390
الخبير العسكري ومدير كلية الدفاع الوطني الأسبق لـ( موقع صدى العرب ) «نطالب بغرس الوعي الإستراتيجي في المناهج التعليمية… والشباب هو الضمانة الحقيقية لاستمرار الانتصار»
في إطار الاحتفال بالذكرى الـ52 لانتصارات أكتوبر المجيدة، التي أعادت لمصر والأمة العربية عزتها ورسخت الثقة بين الشعب وجيشه، أجرت (اسم الجريدة) حوارًا خاصًا مع اللواء د. محمد الغباري – الخبير العسكري ومدير كلية الدفاع الوطني الأسبق بأكاديمية ناصر العسكرية – للحديث عن ذكرياته في المعركة ودلالات النصر وأهم الدروس المستفادة منها، ورؤيته للتطوير العسكري الحالي ورسائله للأجيال الجديدة.
كيف تستقبلون الذكرى الـ52 لانتصارات أكتوبر، وما دلالتها في وجدانكم؟
الاحتفال بأكتوبر ليس مجرد مناسبة وطنية، بل هو استعادة لقيم عظيمة مثل الانتماء والعطاء والانضباط. في كل عام أشعر أنني أعيش تلك الأيام من جديد. حرب أكتوبر لم تكن فقط معركة عسكرية لتحرير الأرض، بل كانت معركة وعي وإرادة وإدارة موارد بشرية واقتصادية وسياسية بحكمة. هذا هو ما جعلها مدرسة يتعلم منها العسكريون والسياسيون على حد سواء حتى اليوم.
ما أبرز المشاهد التي تتذكرونها عن مشاركتكم في الحرب وما سبقها؟
كنت أعمل عقب تخرجي عند المعدية رقم 6 وأشاهد العدو الإسرائيلي يعربد في مدن القناة بعد نكسة 1967، وكان ذلك مشهدًا مؤلمًا لكل جندي. لكن ما إن سنحت الفرصة حتى أثبت المقاتل المصري أنه خير أجناد الأرض بتحطيم خط بارليف المنيع وكسر أسطورة الجيش الذي لا يقهر. ولا يمكن أن أنسى دور حرب الاستنزاف في تهيئة المسرح للعبور بعمليات نوعية مثل رأس العش وإيلات وتفجير الحفار في المحيط الأطلسي وبناء حائط الصواريخ لقوات الدفاع الجوي، ما أجبر الطيران الإسرائيلي على الابتعاد عشرات الكيلومترات عن القناة.
كيف تصفون الفكر الإستراتيجي الذي بنيت عليه خطة أكتوبر؟
كان التخطيط للحرب يستند إلى فكر إستراتيجي مبتكر يواكب القدرات المتاحة ويعالج نقاط ضعف العدو. خطة الخداع الإستراتيجي كانت عبقرية؛ من إخفاء علامات الاستعداد للحرب واستيراد القمح لإشغال العدو، إلى إخلاء بعض المستشفيات عبر قصة التلوث المفبركة، إلى الإعلان المتكرر عن تدريبات تعبويّة لإيهام إسرائيل أن ما يجري مجرد نشاط روتيني، حتى جاء السادس من أكتوبر ففاجأنا العالم كله.
ما رسالتكم للشباب المصري والأجيال الجديدة اليوم؟
الشباب هم امتداد لجيل أكتوبر. يجب أن يعرفوا كيف تحقق النصر بدماء الشهداء وتضحيات المقاتلين. أدعو وزارة التربية والتعليم إلى غرس الوعي الإستراتيجي والوطني في المناهج الدراسية حتى يفهم الطلبة معنى التضحية والانتماء. الوطن لا يُبنى إلا بالعلم والعمل والوعي، تمامًا كما لم يُحرَّر إلا بالتخطيط والتضحيات.
كيف تقيّمون التطوير الحالي للقوات المسلحة المصرية وعلاقتها بروح أكتوبر؟
الجيش المصري اليوم يواصل بناء قدراته الشاملة على كل الاتجاهات الإستراتيجية. هناك تحديث للتسليح، وتدريبات مشتركة مع جيوش دولية، وتأهيل علمي وتكنولوجي للكوادر. هذه ليست مجرد إجراءات عسكرية، بل هي ترجمة عملية لروح أكتوبر التي علمتنا أن الاستعداد الدائم هو مفتاح النصر.
ذكرتُم في تصريحات سابقة نجاح العملية الشاملة في سيناء، كيف ترون ارتباطها بروح أكتوبر؟
ما جرى في سيناء من عملية شاملة لمكافحة الإرهاب هو معركة أسلحة مشتركة بكل معنى الكلمة، تشارك فيها كل أفرع القوات المسلحة وحرس الحدود والقوات الخاصة والشرطة المدنية. هذه التجربة تُعد امتدادًا لروح أكتوبر في التخطيط والتنفيذ المشترك، وستكون – بإذن الله – نهاية الإرهاب في سيناء. مصر أول دولة في العالم تنجح في معركة أسلحة شاملة ضد الإرهاب الداخلي على هذا النطاق.
كلمة أخيرة في هذه المناسبة الوطنية؟
أدعو الله أن يحفظ مصر وشعبها وجيشها، وأن يرحم شهداءنا الأبرار الذين سطروا بدمائهم أروع صفحات المجد. نصر أكتوبر سيظل مرجعًا للأجيال القادمة ودليلًا على أن مصر لا تُهزم إذا توحدت إرادة أبنائها. الجيش المصري سيبقى الدرع الواقي للوطن وسيفه، وستبقى روح أكتوبر حيّة في وجدان كل مصري شريف.