طباعة
sada-elarab.com/791582
عام يطل علينا بعد أيام قليلة، والكل يأمل الخير على الصعيد الشخصي وعلى الصعيد الوطني وعلى الصعيد العربي والإسلامي والأممي، قد يحمل العام الجديد تباشير الخير ويجدد الرغبة في التعاون والتكاتف وتجاوز السلبيات وهي لعمري كانت قاسية في بعض الأيام والشهور، ولكنها كانت مليئة أيضًا بالتفاؤل والتكاتف والمحبة والوفاء والولاء، وشعور الإنسان بالرضا قد يقابله بعض المنغصات؛ فقد آمن الأقدمون بالقول: «تفاءلوا بالخير تجدوه»، وكان الأجداد والآباء يؤمنون بأن النصيب اليومي التحضر له واجب وما يأتي بعده هو في حكم الغيب والدعاء من أجل تحقيقه واجب.. نعم إيقاع الحياة اليوم ليس كما عاشه الأجداد والآباء، ودخول التقنية الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي يشعرنا بأننا كنا أين، والجيل الجديد هو في أي موقع متقدم.. عند بداية عهد
الكمبيوتر كان مدرسونا يقولون إننا مقبلون على ما يحمله هذا الجهاز من تقنية متطورة وعلينا أن ننظر إلى موقع أقدامنا، فلعل الأمية التي كنا نعيشها أمية القراءة والكتابة ستكون في الأيام المقبلة هي أمية عدم فهم تقنية الكمبيوتر، وإذا بنا اليوم ونحن هذا الجيل القديم نسبيًا نشاهد أننا مع تعاطي أبنائنا وأحفادنا لوسائل التواصل اللجتماعي والذكاء الاصطناعي نعيش أمية حقيقية، وأنا أتابع نشاط الأبناء والأحفاد أجد نفسي حائرًا في النصيحة التي يمكن أن أسديها لهم، فهم حقيقة لا يأخذون بنصيحتنا إلا إذا خاطبتهم باللغة الجديدة والتقنية، فإن من يستمعون إليك قد يكون ما تبقى من وفاء لديهم وهم في قرارة أنفسهم يشعرون بأننا نعيش في عصر غير عصرهم وفي زمان غير زمانهم...
إذا كان القول: «اطلبوا العلم ولو في الصين» كنا نسمعه ونقتدي به، ففعلاً أصبح الأمر حقيقة، ولذلك فعلينا كما قال المربون الأوائل: «اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد»؛ لأن العلوم في تطور مذهل وعلينا أن نكون أكثر تفاؤلاً وبالمقابل يصاحب هذا التفاؤل العمل الجاد والمخلص، وشخصيًا أنا مؤمن بأننا نحتاج إلى دورات تدريبية من قبل المختصين في التقنية الحديثة لكي نعيش زماننا وزمان أبنائنا وأحفادنا...
إننا في عامنا الجديد ونحن نستعد لما هو قادم، وما يحمله في طياته من مفاجآت، نشعر بأننا معنيون أيضًا بالمساهمة في التطوير والبناء والنماء ولا يكون ذلك إلا بمواصلة العلوم وتقنياتها والحرص على أن نسابق الزمن من خلال ما يفرضه الآخرون على مجتمعات العالم، ليس في ذلك منقصة أو عيب أو مثلمة، ولكن العيب في أن نظل غير عابئين بالتقنية ومعطياتها ونجد أنفسنا والعياذ بالله على الهامش.. أتذكر تلك الأيام التي دخل علينا الكمبيوتر وكان معظم شبابنا في الإذاعة والتلفزيون يطبعون الأخبار على الآلة الكاتبة ليقدموها للمذيعين والمذيعات مكتوبة بما في ذلك من مشاق، خاصة في معالجة أخطاء الطباعة، فما كان
من المرحوم طارق بن عبدالرحمن المؤيد وزير الإعلام الأسبق (مثواه الجنة) إلا أن خصص لهم فصولاً في مبنى وزارة الإعلام لتعلم الكمبيوتر وتقنياته، وألزم المديرين والموظفين بضرورة التعامل مع الكمبيوتر في بداية نشأته، واستعان بخبراء من البحرين لتدريبنا وضرورة تعاملنا جميعًا مع هذه التقنية، وكانت التعليقات تأتي شمالاً وجنوبًا وشرقًا وغربًا، إلا أننا أدركنا في وقت ما إن هذه كانت نظرة بعيدة المدى وفيها رؤية مستنيرة... كما أصبحت بلادنا مملكة البحرين تتعامل بهذه التقنية بكل إصرار وتميز وتفوق، وبات من واجبنا مواصلة هذا الإنجاز في قيام المختصين بنقل الإمكانات التقنية الحديثة وبما يفيد مجتمعنا ويتعامل مع قيمة ومفاهيمه، وبما يتناسب مع التطور التقني الحادث في العالم...
العالم الجديد إن شاء الله يحمل في طياته وأيامه ولياليه كل الخير لوطننا وقيادته الحكيمة والرشيدة ولشعبنا الوفي، ونشعر بأن من واجبنا كآباء أن يتعلم أبناؤنا وأحفادنا كل ما فيه الخير والنماء لهم وللوطن الغالي... الحمد لله أن العلوم التي تضطلع بها وزارة التربية والتعليم تتماشى مع العديد من المناهج التي تقدمها المدارس الخاصة، وجامعة مملكة البحرين لا شك أنها مواكبة لتطورات العلوم، وبالذات بالجامعات الخاصة التي بدأت عملها بكل الدعم والإيمان بالله، كلما تعددت الخبرات والتجارب كان في ذلك تفاعل إيجابي بين دور العلم والرغبة الصادقة والأمينة في مملكة البحرين للتطوير والنماء والبناء، وبما يخدم الدارسين ومتلقي العلم والمعرفة بتعدد مناهجها، وبما تحققه من إنجازات تهدف لتطوير العلوم والمعارف.
عام يأتي إلينا وكلنا تفاؤل بالخير وبما يحقق النماء والبناء والتنمية المستدامة، وبما يجعل المواطن في طليعة من يستفيدون من هذه التقنية الحديثة والمتطورة، رغم ما قد يخالجنا من شعور بالمسؤولية المجتمعية، فإن التفاؤل بقدرات شبابنا يفرض علينا التكاتف مجتمعين لما فيه الخير والبناء والنماء للوطن الغالي.
كل عام وأنتم بخير، وليكن اهتمامنا بالعلوم والمعارف والتقنيه سبيلنا لتحقيق المنجزات العائد مردودها على المجتمع بالخير والمنفعة إن شاء الله.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..













