رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار

اخبار

منسق العلاقات الصينية المصرية يؤكد بعد كورونا.. سيولد عالم جديد تماماً

الأحد 29/مارس/2020 - 07:28 م
صدى العرب
طباعة
شيماء صلاح
يعيش العالم الآن في قلب أزمة طاحنة ليس من المبالغة القول انه لم يشهد مثيل لها في القرن العشرين بحُكم اتساع نطاقها الجُغرافي وأعداد البشر الذين يقعون ضحية لها. وتثقُل وطأتها بالنظر لعدم الوصول إلى مصل أو لقاح لمواجهة هذا الفيروس اللعين. ولا يستطيعُ باحث أو رئيس دولة الجزم بشأن موعد انتهاء هذه الأزمة أو الآثار التي سوف تخلفُها سواء على مُستوى العالم أو على مُستوى دولٍة بعينها. ناهيك عن التنبؤ بسياسات الدول والعلاقات والتوازنات بينها.
تتعددُ الإجابات على هذه الأسئلة، وخصوصًا السؤال بشأن العلاقات بين الدول وتوازن القوى والمصالح بينها وانماطُ التعاون والمُنافسة والعداء في العالم. ولكن الأرجح هو أن العالم لن يعود إلى سابق عهده وأوضاعه قبل يناير 2020 وأن هذا العام سوف يكون حلقة مفصلية في تطور السياسة بين الدول والسياسة بداخل كُل دولة. وسوف أٌركز في هذا المقال على العلاقات بين الدول.
أعتقدُ ان تأثير الازمة الراهنة سوف يكون من شأنه، في المقام الأول، الإسراع بعمليات وتطورات كانت حادثة في النظام العالمي وسوف تؤدي الازمة إلى تعميقها والتأكيد عليها. منها مثلًا، تدهور مكانة الولايات المتحدة الامريكية كقائدة للمُعسكر الغربي أو للنظام الدولي. وهو التطور الذي بدأ من عدة سنوات وجاءت الازمة لتؤكده، فقد أخفقت واشنطن في أن تُقدم نفسها للعالم ابان هذه الازمة في موقع القيادة السياسية أو النموذج الأخلاقي. اتسم سلوك القيادة الأمريكية في مواجهة الأزمة بالتردد والتأخُر في ردود الأفعال والقصور في مواجهة انتشار الوباء فيها بل وثبت عدم قُدرة نظامها الصحي على توفير مُستلزمات الوقاية والرعاية الطبية بكفاءة وفي الوقت المُناسب. وترتب على هذا القصور في الأداء والانجاز فشلها في صورة القيادة الأخلاقية للعالم بل وخضعت خُطة التحفيز الاقتصادي ومُساعدة المُتضررين بالأهواء السياسية والحزبية.
وبنفس المنطق، دعمت الأزمة عملية الصعود الصيني الاقتصادي والسياسي وانتقال مصادر القوة والنفوذ من الغرب إلى الشرق. فمع أن الصين كانت الدولة الأولى التي ظهر وانتشر فيها الفيروس إلا أنها استطاعت في فترة وجيزة من خلال إدارة سياسية حازمة وجهاز إداري كُفء أن تُسيطر على الموقف مُستخدمة مُختلف تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، وأن تعزل مناطق الوباء. وأثبت نظامها الصحي قُدرة كبيرة على التكيف مع حالة الطوارئ. وبعد شهرين، وتحديدًا في 10 مارس 2020، قام رئيس الجمهورية الصيني بزيارة مدينة "ووهان" مركز الوباء. وأعلنت الصين انتصارها على الفيروس وإن كان بعض المُحللين قد حذروا من احتمال انتشار موجة ثانية له في شكل جديد. بعد اثباتها الكفاءة التنظيمية والإدارية والطبية، سعت الصين لمُساعدة الدول الأُخرى التي تعرضت للوباء والتي كان منها في أوروبا إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وصربيا، وفي آسيا اليابان وماليزيا وكمبوديا. وترتب على ذلك إشادة عديد من حكومات هذه الدول بالموقف الأخلاقي للصين في هذه الأوقات العصيبة.
وفي ذات الاتجاه، استغلت روسيا الفُرصة لتأكيد دورها المُتصاعد في العالم فوقفت بحسم إلى جانب الجيش السوري ودعمته عسكريًا إزاء مُحاولات فصائل المُعارضة والتنظيمات المُتطرفة المدعومة من تركيا استعادة الأراضي التي كان قد حررها من سيطرتهم. وكان من شأن ذلك حسم الموقف لصالح الجيش السوري وقبول الرئيس أردوغان وقف إطلاق النار على أن تبقى القوات في أماكنها خلافًا لما كان يُصرح به من قبل. ورفضت موسكو المُقترحات السعودية في إطار "الأوبك" بشأن خفض انتاج النفط وتمسكت بالاستمرار في مُعدلات انتاجها وإن كانت قد حرصت على إعلان أن هذا الخلاف لا يؤثر على مشروعات وبرامج التعاون المُشترك بين البلدين. في هذا السياق، قامت روسيا بتقديم الدعم الطبي لكُل من إيطاليا وفرنسا وهي الدول الأكثر تضررًا بالوباء في أوروبا. ولم يقتصر دعمها على أدوات الوقاية مثل الكمامات والقفازات والبدل الواقية وإنما تضمن مائة من الأطباء العسكريين المُتخصصين في مُكافحة الأوبئة.
وتزداد الدلالة السياسية والمعنوية للدعم الصيني والروسي لإيطاليا في ضوء أن الحكومة الإيطالية دعت دول الاتحاد الأوروبي إلى مُساعدتها وتقدمت بطلب مماثل إلى مفوضية الاتحاد بهذا الشأن، والتي دعت دول الاتحاد إلى الاستجابة لطلب إيطاليا. وكان الرد أن قامت كُل من المانيا وفرنسا، لأسباب مفهومة، بفرض قيود على تصدير المُستلزمات الطبية ولم تستجب بقية الدول الأعضاء. آثار ذلك استياء قطاعات واسعة من الرأي العام الإيطالي وليس فقط في دوائر اليمين الشعبوي. ومن مظاهر هذا الاستياء، تصريح السفير الإيطالي لدى المفوضية في 23 مارس بأن الاتحاد الأوروبي لا ينبغي أن يترك إيطاليا وحيدة في هذه الأزمة كما تركها وحيدة في مواجهة ازمة تدفق اللاجئين. وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي فيديو يُصور عدد من الشباب الايطاليين يُنزلون علم الاتحاد الأوروبي من ساريته ويضعون بدلًا منه العلم الصيني.
وهكذا تبدو معالم الصورة التي ترتسم في العلاقات بين الدول الكبرى تراجع في المكانة السياسية والأخلاقية للولايات المُتحدة، وشعور بضعف روح التضامُن بين دول الاتحاد الأوروبي. وهُما الرمزان الرئيسيان للغرب ونظُم الديمُقراطية الليبرالية ولقيم العولمة والانفتاح على الآخرين. في مُقابل، صعود المكانة السياسية والمعنوية للصين وروسيا اللتين تُقدمان نموذجًا مُختلفًا للنظُم السياسية واللتين يربطهما تحالف استراتيجي عميق. فهل تكون هذه التطورات إيذانًا بتراجُع نموذج العولمة الغربي الذي تم تكريسه من مُنتصف تسعينيات القرن الماضي وأن تزداد أسهُم نموذج العولمة الذي تطرحه الصين في شكل استراتيجية الحزام والطريق والذي يكمله التصور الروسي عن "أوراسيا". وأيًا كان الامر، فإن العالم بعد أزمة فيروس كورونا سوف يكون مُختلفًا عن العالم قبلها.

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر