البيان العالي في عمود نسب الشيخ أبو الحسن الشاذلي ..

الشيخ الزاهد أحد أولياء الله الصالحين , قطب من أقطاب الصوفية , الضرير الزاهد نـزيل الإسكندرية رأس وشيخ الطَّائِفَةِ الشَّاذلِيَّةِ ومؤسسها ، نسبة إلى شَاذِلَة قرية من إفريقية ، قرب تونس سكنها ونسب إليها, واصله من غمارة بالغرب وبها مولده سنة 656هـ . 

قال تعالى : (( إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ )) الآنفال الآية 34.

قال البغوي في شرح السنة : قال معاذ بن جبل : لا يبلغ عبد ذرى الإيمان حتى تكون الضعة أحب إليه من الشرف ، وما قل من الدنيا أحب إليه مما كثر ، ويكون من أحب ومن أبغض عنده في الحق سواء  .

انتشرت طريقته في مشارق الأرض ومغاربها , وسيرته أشهر من أن تشهر فقد عمت بركته البلاد وانتفع بعلومه العباد .

كان الشيخ الإمام قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة كما في كتاب المفاخر العلية, يرى أنه في بركة الشيخ أبي الحسن الشاذلي في مصر، وكان يفتخر بصحبته  .

وقال الحافظ السيوطي في "حسن المحاضرة" عند ذكر من كان بمصر من الصلحاء والزهاد والصوفية ما نصه: الشيخ أبو الحسن الشاذلي شيخ الطائفة الشاذلية هو الشريف تقي الدين علي بن عبد الله عبد الجبار  .

قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد : ما رأيت أعرف بالله من الشاذلي .اهـ.

الخبر في نسب الشيخ أبو الحسن الشاذلي

وقد وقع في نسب السيد الخطأ عند بعض من ترجم له ونقلوه على علته , ولا شك في صحة نسبه فضلاً عن أنه صحيح النسبة الحسنية في فرعها الأدريسي , وقد شهد له قومه , وأهل بلاده بذلك , وكتب عنه المؤرخين الأمناء فجده الأعلى السيد : عمر بن إدريس الثاني ، أبو حفص , وكان يحكم بلاد غمارة ونواحيها في شمال المغرب على شاطئ البحر المتوسط , عينه أخوه السيد محمد عند توزيع المملكة على أخوانه وكانت وفاته سنة 221هـ ، وبقي عقبها بها وأنتشر , وأنتقل بعضهم إلى فاس , ثّم قبيلة المصامدة بسوس الأقصى وغيرها , ودفن بعد وفاته بجانب والده وأخيه محمد بفاس .

قال إبن طباطبا في منتقلته : في ذكر من ورد من ولد الحسن بن علي في (ملحاص لخانة) وهي موضع يجتمع فيه حاج طنجة  .

وقال أيضاً : ( بملحاص لخانة ) عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن عقبه من رجل واحد وهو ادريس وقيل علي  .

ويثبت النسابين الثقات وهو ما صح عندي أنه من ستة رجال: عبيد الله وجل نسابي أهل المشرق يسمونه عبد الله , والصحيح ما أثبتناه وله عقب في مصر يعرفون بالفواطم , ومن عقبه الشرفاء الحموديون ملوك الأندلس , ومحمّد ، وعلي ، وإدريس , وموسى , وعمران ومن نسله الشرفاء الحضريون أثبته الشباني في مصابيحه وتبعه الكتبي في منتقاه , وشيخنا الرجائي في معقبوه ، وسلطان في أنسابه .

أمّا إدريس بن عمر بن إدريس , فأعقب من ثلاث هما : عيسى الذي بنى جبل الكوكب وهي مدينة الزيتون , وياسين , ويحـيى الملك بالمغرب  .

أمّا عيسى بن إدريس بن عمر بن إدريس: فأعقب من ولديه وهما : محمد , وإدريس  .

أمّا محمد بن عيسى بن إدريس بن عمر بن إدريس : فمن عقبه القطب السيد القطب الإمام أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبّار بن تميم بن هرمز بن حاتم بن قصي بن يعقوب بن يوشع بن وردان بن علي بن أحمد بن محمد المذكور .

قال المؤرخ النويري في النهاية في حوادث سنة726هـ : وفيها في ثامن شهر ربيع الأول توفى الشيخ الصالح شرف الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ العارف القدوة السيد الشريف أبي الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار بن يوسف الشاذلي الحسني . 

قال النسابة العشماوي في سلسلته الوافية المتوفي بعد 1142هـ : وأما سيدي أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه وكرم وجهه فانه خلف ثلاثة أولاد وهم : محمد واحمد وعلي وهذا ما خلف رضي الله عنه ..... ثم ساق نسبه إلى أحمد بن محمد بن إدريس بن إدريس .

أقول: ورغم أن العامود الذي ذكره العشماوي فيه سقوط إلا أنه يؤكد أن الشيخ الشاذلي إدريسي النسب. 

قال النسابة الحجة الزبيدي في تاجه (29/ 252) : المتوفي في 1205هـ عند  مادة (ش د ل) : السَّيِّدُ القُطْبُ الإِمامُ  أَبُو الحَسَنِ عَلِيٌّ بْنُ عبدِ اللهِ بْنِ عبدِ الجَبَّارِ بْنِ تَمِيمِ بنِ هُرْمُزَ بنِ حاتِمِ بنِ قُصَيِّ بنِ يُونُسَ بنِ يُوشَعَ بنِ وَرْدِ بنِ أبي بَطَّالٍ عليِّ بنِ أحمدَ بنِ محمدِ بنِ عِيسَى بنِ إِدْرِيسَ بنِ عُمَرَ بنِ إِدْرِيسَ بنِ إِدْرِيسَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الحسنِ بن الحسنِ بن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ الْحَسَنِيُّ الإِدْرِيسِيُّ (الشادلي) قدس سره , وفال غيرَ أَنَّهُ ضَبَطَهُ بالدَّالِ المَهْمَلَةِ  .

أقول : وذكر الزبيدي عمود نسبه في تذييله على البحر(ص212) من طبعتنا وفيه يوسف بدل يونس وهو الأقرب ولعل يونس من التصحيف , والله العالم  .

وقال النسابة أبو عبد الله محمد الطالب السلمي المرداسي الفاسي في إشرافه المتوفي 1273هـ : ومن بني عمر بن إدريس القطب الشهير أبو الحسن الشاذلي بكسر الذال المعجمة نسبة غلى شاذلة قرية كان يتعبد بها قرب تونس , وليس هو منها كما توهمه صاحب القاموس إذ أصله غمارة المغرب .

قال ابن السكاك : وبنو عمه بغمارة السيد أبو عبد الله الغيث من أحفاد السيد محمد بن يوسف بن يحي بن إدريس , ( بن عمر بن إدريس ) ، ما بين القوسين هو من زيادتي لإكمال النسب إلى عمر بن إدريس بن إدريس .

وسرد النسابة المحقق أبو عبد الله محمد الطالب السلمي المرداسي الفاسي في إشرافه نسبه وحققه على أصول الصنعة فقال : هو أبو الحسن علي بن عبد الله بن الفرج عبد الجبار بن تميم بن هرمز بن حاتم بن قصي بن ثقيف بن يوشع بن ورد بن علي المكنى بأبي طالب بن أحمد بن محمد بن عيسى بن أحمد بن إدريس بن عمر المذكور , بينهما أربعة عشر أبا ومن عمر إلى الحسن السبط ستة فعدد آبائه عشرون  .

وقال : هكذا أورد هذه السلسلة سبطه الشيخ تقي الدين أبو عبد الله محمد الأسكندري في كتابه النبذة المختصرة المفيدة في ذكر طريقة الشيخ أبي الحسن علي الغماري المعروف  بالشاذلي الحسني السديدة , وقال هي كذلك على التحرير ونحوه للشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن حسن الأقصرائي الحنفي في كتابه نفحات الصفا , وقال انه الصحيح ورفعه ابن عطا الله في لطائف المنن والبوصيري في داليته وغيرهما إلى محمد بن الحسن السبط ، فقالوا بعد عيسى الأب الثالث عشر ما نصه : إبن محمد بن الحسن السبط , فعدد آبائه على هذا خمسة عشر إلا أنهم أبدلوا المكنى بأبي طالب ببطال , واستشكل ذلك الشيخ القصار وغيره بأن محمد بن الحسن السبط لم كما نص عليه ابن حزم وغيره على انه لم يعهد في غمارة محل ولادته واستيطانه غير الأدارسة , فالحق ما قاله سبطه من أنه من بني عمر بن إدريس إذ " أهل مكة أدرى بشعابها " . 

قال النسابة الشريف إدريس الفضيلي في درره : عند كلامه عن عقب عمر بن إدريس الأزهر , قال : ومنهم إمام الطريقة القطب الكامل أبو الحسن مولانا علي الشاذلي وهو ابن عبد الله بن عبد الجبار بن تميم بن هرمز بن حاتم بن قصي بن يعقوب ( يوسف ) بن يوشع بـن وردان ( ورد ) بن علي)  علي أبو بطال ) بن أحمد بن محمد بن عيسى بن إدريس بن عمر بن مولانا إدريس الأزهر رضي الله عنه , يلتقي مع الحموديين في عمر بن إدريس , ومع الغيثيين في إدريس بن عمر بن إدريس الأزهر , وقد أسقط في الأشراف من هذا العمود علياً وأحمد مع إبدال يعقوب بثقيف , هذا هو المعتمد في رفع نسبه خلافا لمن رفعه لمحمد بن الحسن بن علي بن أبي طالب , لتحقيق أن محمد بن الحسن لم يعقب حسبما أسلفنا .

أقول: يقصد الفضيلي كما فعل ابن عباد عندما نقل نسبه من كتاب اللطيفة المرضية في شرح دعاء الشاذلية للشيخ شرف الدين أبي سليمان داود السكندري , كما ذكر ذلك الشبلنجي. 

قال النسابة إبن حشلاف في سلسلته عند ذكر الفرع الثالث من فروع مولانا إدريس وهو السيد عمر .... حتى قال ومن هذا الفرع المبارك إمام الطريقة الشاذلية على الإطلاق مولانا أبو الحسن الشاذلي المتوفي سنة656 .  

وقد حاول الشيخ الشبلنجي في النور , التحقيق في نسب الشيخ ونسبه إلى محمد بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب .

أقول : وفي ذلك خطأ وهو غير جائز عند أرباب علوم النسب , لأن المشهور عند جمهور النسابين أن محمد بن الحسن المثنى لا عقب له والله العالم والشبلنجي بجلالة قدره ليس من أهل علوم النسب  .

أقول : ما بين القوسين من زيادتي للتوضيح والتحقيق , وقد وقع خلاف في بعض أسماء سلسلة نسب الشيخ أبو الحسن الشاذلي , ومن ذلك : يعقوب سماه في بحر الأنساب يوسف وعند الشبلنجي ، وأثبتنا قول الفضيلي ( يعقوب ) وأيده الشباني في مصابيحه , والشريف الكتبي في منتقاه, وأثبتناه قبل سنوات في مشجرنا المسمّى بـ (( مشجرالعترة )) .

أما وردان سماه في البحر ورد وعند الشبلنجي والكتبي في مشجرة العترة , وأثبتنا قول الفضيلي ( وردان ) ومن أيده كالشباني والكتبي في المنتقى , أما اسم جده علي سماه في البحر النسخة المدنية علي أبو بطال وفي نسخة دار الكتب المصرية أبو طالب , وعند الشبلنجي بطال دون علي  .

أقول : وقد تُوُفـِّيَ الشيخ أبو الحسن  بِصَحْرَاءِ عَيْذَابَ في "حُمَيْتَرَة" ويقال أَيضًا "حُمَيْتَرَا بالأَلف" من الصعيد ، قاصدا الحج فدفن هناك في شَهْرِ ذِي القَعْدَةِ سنة ست وخمسين وستمائة 656 هـ ، وقد خلف رضي الله عنه ثلاثة من الأولاد على الأشهر : السيد أحمد وكان من الأبدال , والسيد محمد وكان من الأقطاب , والسيد علي وكان من الأوتاد  , وزاد النسابة سلطان في أنسابه ابن رابع , ولم أقف على عقبهم , والله العالم  .

وأكد بعض النسابون كالفضيلي وسلطان أن لهم عقباً بمصر وغيرها , ولهم هناك شهرة حسبما تلقيناه من بعض الثقات ممن لقيناهم بتلك الديار  .

هذا ما قلناه في أمر نسب الشيخ السيد الشريف أبو الحسن علي الشاذلي الإدريسي الحسني وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .