رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
أحمد المرشد

أحمد المرشد

وحدتنا وقوتنا.. رسالتنا لترامب ونيتنياهو في عامنا الجديد

الجمعة 22/ديسمبر/2017 - 08:46 م
طباعة

 
لم أكن اتخيل كم التعليقات التي وصلتني علي مقالي الأسبوع الماضي عندما حذرت  من ضياع هويتنا ولغتنا العربية في خضم ما تشهده المنطقة من خلافات وأزمات ونزاعات هنا وهناك، حيث لم تستثني دولة عربية تقريبا من التوترات والإرهاب. والفكرة هي أن الكاتب يحلل ويرصد ثم يضع أفكاره في جملة من الكلمات التي يستطيع من خلالها ايصال ما يراه ويتوقعه الي القارئ، وبالتالي تأتي مرحلة التواصل بين الطرفين، فأحيانا اكتشف أن القراء في حاجة ماسة الي الموضوعات الإنسانية، في حين يميلون في فترة أخري الي ملاحقة التحليلات السياسية خاصة في الأوقات التي تتوالي فيها الأحداث بسرعة دون أن تمنح القراء الفرصة لالتقاط الأنفاس لتحليلها بأنفسهم.. واعتقد أن قضية القدس والمسجد الأقصي استحوذت علي ما عداها من قضايا في الفترة الأخيرة حتي باتت حديث رجل الشارع العربي والإسلامي الذي يتساءل بطبعه عما في جعبة العرب أن يفعلوه لانقاذ مدينتهم التي تحدث عنها القرآن وهو ما سنفصله لاحقا.
 
ولعل أول في ما جعبة العرب والمسلمين هو الاتحاد فيما بينهم، فالوحدة قوة والفرقة تهلكة، فقال تعالي في كتابه العزيز:" واعتصموا بحل الله جميعا ولا تفرقوا "، فالمسلمون خير أمة أخرجت للناس وكرمها الله وأظهر فضلها ومكانتها بين الأمم، وهي أمة صاحبة رسالة ومسؤولية، يقوله سبحانه "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"..كما أن المولي عز وجل منح الأمة الإسلامية الثقة بنفسها في مواجهة التحديات بقوله تعالي :"ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين".
 
ولعلي لا أكشف سرا أنني كنت استعد الكتابة عن العام الجديد ببشائره علينا في مملكة البحرين ومنطقتنا الخليجية ووطننا العربي الكبير وأمتنا الإسلامية، ولكن الأحداث تلاحقت، فوجدت أن أفضل أمنية للعام الجديد هي يتوحد المسلمون والعرب في مواجهة التحديات الخطيرة التي تحاول النيل من مقدساتنا، وهذا الأمر تحديدا يتطلب اصطفافا عربيا وإسلاميا من أجل التوصل الي صيغة نحمي بها مقدساتنا، خاصة وأن الاعتداء علي المقدسات اعتداء علي كل القيم الإنسانية والحضارية ولا يولد سوي العنف والكراهية.. فمن واجب العرب والمسلمين في وقتنا الراهن وحدة الصف وتوحيد الجهود ونبذ الخلافات، ليس هذه الأيام فقط ولكن في كافة الأوقات والأزمنة، الا أن  هذه الفترة حرحة كما نعلم لأننا أمام أزمة "وجود وكيان وضياع مقدسات"، مما يجب معها تجاوز الخلافات وأن نكون علي قلب رجل واحد، وذلك مصداقا لحديث سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم :"إن الله يرضي لكم ثلاثا ويكره ثلاثا، فيرضي لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، ويكره لكم: قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال".
 
كما ضرب رسولنا الكريم مثلا للأمة في تماسكها وتآزرها فقال : "مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكي عضوا تداعي له سائر جسده بالسهر والحمي"، وتروي حكاياتنا العربية القديمة أن إعرابيا أراد أن يعلم أبناءه معني الوحدة وأهميتها في الحياة وأنها قوة وصلابة وأن الفرقة مهانة ومذلة وفرقة وتهلكة، فجاء بحزمة من الحطب وطلب من أبنائه أن يكسروها بضربة أو ضربتين، فلم يفلح كل ابن علي حدة عندما هم بضرب الحزمة..فما كان من الإعرابي إلا أن فك الحزمة ووزعها علي أولاده عودا عودا، فتمكن كل ابن من كسر العود بضربة واحدة، فرد الإعرابي ببيت شعر رائع:
تأبي الرياح إذا اجتمعن تكسرا.. وإذا افترقن تكسرت أفرادا
 
فقوة الأمة الإسلامية والعربية  في الحفاظ علي وحدتها وثقافتها وهويتها، وهذا سر بقاء الأمم والسبيل الي نهضتها.. فأمة واحدة ودينها واحد وكتابها واحد وقبلتها واحدة ينبغي أن تكون يدا واحدة تطبيقا لقوله تعالي :"إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون"، فيد الله مع الجماعة كما قال  رسولنا الكريم.
 
ونحن علي أعتاب عام جديد، لن نتوقف عن التحذير من الفرقة والاختلاف، فهما من أسباب الهزيمة والتراجع والفشل والضعف في مواجهة أي تحديات، خاصة وأننا نواجه تحديا خطيرة يتمثل في صلف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي استخدمت بلاده حق النقض "الفيتو" ضد مشروع القرار المصري بشأن القدس، ويكفي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو وجه الشكر للرئيس الأمريكي لاستخدام "الفيتو" قائلا :" شكرا أيها الرئيس ترامب، لقد أشعلت شمعة الحقيقة وبددت الظلام"!! وهل نحن في مأزق أكثر من مطالبة نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس بعقد مؤتمر صحفي في قلب حرم حائط البراق بالمسجد الأقصي مدعيا أنه ملك الدولة الإسرائيلية وليس الفلسطينيين وأنه ليس مكانا إسلاميا مقدسا بل من المقدسات التوراتية!!.عموما نائب الرئيس الأمريكي طلب في نهاية الأمر تأجيل زيارته للمنطقة لأنه استشعر عدم رغبة الدول العربية في استقباله..ولكنه لم يدرك حتي وقتنا هذا أن حائط البراق مكانا إسلاميا مقدسا وليس من اللائق استغلاله في عالم السياسة. كما أنه لم يدرك بفعلته المشار إليها – عقد مؤتمر صحفي في منطقة حائط البراق -  سيؤجج المشاعر بما يؤدي الي تصعيد جديد في المواجهات في الحرم القدسي الشريف.
 
وربما نبني في مقامنا هذا علي وحدة رد الفعل العربي الرسمي والديني في عدم الرغبة في استقبال نائب الرئيس الأمريكي، ولنا أن ندرك حجم الغضب الشعبي إذا شاهدت الشعوب العربية هذا المسؤول "الأهوج" وهو ينزل مرحبا به في العواصم العربية بعد فعلته البغيضة في حائط البراق..فهنا يثبت العرب أن وحدتهم قوة تخيف الآخرين، ولكن إذا تهاوننا في حقوقنا سنصاب بالضعف، وهو ما حذرنا منه نبينا الكريم : ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السَّيل، ولينزعنَّ الله مِن صدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوَهَن. فقال قائل: يا رسول الله، وما الوَهْن؟ قال: حبُّ الدُّنيا، وكراهية الموت)).
 
إذن، تحالف أهل الشر واضح، ولذلك من واجب قوي الخير أن تقف صفا واحدا موحدا، فالخطر يتهدد الجميع بلا استثناء، وقوة أي دولة عربية من قوة الأمة العربية جمعاء، وقوة الأمة العربية من تماسك جميع بلدانها. وتقول الحكمة :" رجل فقير في دولة غنية أفضل من رجل غني في دولة فقيرة" لماذا؟..لأن الدولة الغنية تكفل أبناءها، أما الرجل الغني في دولة فقيرة فهو عرضة لكثير من المخاطر. وقياسا علي هذه الحكمة، فالدولة الفقيرة تصبح قوية في ظل وحدة عربية حقيقية، والدولة القوية تصير ضعيفة في أمة غير متماسكة ومشتتة.
 
فالاصطفاف الوطني والعربي والإسلامي ضرورة لبقاء الأمة الإسلامية والعربية وتحقيق عزتها، فالمسلمون والعرب في حاجة اليوم وغدا وفي عامنا الجديد  في أن يصطفوا جميعا في وقت يتكتل فيه العالم حولنا، حيث أدركت الدول أن الاحترام أصبح حصريا للأقوياء المتحدين فقط وليس غيرهم..وهذا يتطلب أيضا تكامل الجهود وتكاتف الطاقات والتعاون جميعا لاستئصال قوي الشر والإرهاب والتطرف، فاللبنة ضعيفة بمفردها ولكنها قوية بأخواتها في الجدار الواحد ولا يسهل تحطيمها.
 
ولعلي اختتم بما بدأت به الأسبوع الماضي وهو السوشيال ميديا، فثمة "بوست" يسخر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو من العرب بسبب ضعفهم ويتحداهم أن يسترجعوا القدس، فهم في أضعف حالاتهم. ويقول نيتانياهو:"القدس عاصمتنا رغم أنوفكم..ومن يظن أن العرب قادرون علي محاربتنا فأنظر لحال العرب الآن"..ثم ينتقل البوست الي نقل بعض المشاهد السيئة والمحزنة لشباب من دول عربية شتي، ليعود نيتانياهو الي المشهد ليقول :"هؤلاء هم العرب اليوم..انتهت رجولتهم ولن تعود  القدس لكم أبدا"..
 
ولكننا لن نيياس بسبب ما ذكره نيتانياهو ومن قبل حليفه ترامب، فالوحدة هي أملنا ومبعث قوتنا في عامنا الجديد ..اللهم وحد صفوفنا وألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا.. ولا تجعل لأعدائنا سبيلا.
 واجعل العام الجديد عام خير وأمن وأمان علي امتنا العربية والإسلامية وتحقيق الأماني والاهداف .

أحمد المرشد
كاتب ومحلل سياسي بحريني
[email protected]

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر

ads