رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
نوال الدوسري

نوال الدوسري

من قتل الشهامة والنخوة العربية

الأربعاء 13/سبتمبر/2017 - 11:48 ص
طباعة

في رسالة المتنبي الأخيرة إلى سيف الدولة

تأبى الرجولة أن تدنس سيفها   وقد يغلب المقدام ساعة يغلب

في الفجر تحتضن القفار رواحلي    والحر حين يرى الملالة يهرب

المجتمعات والعالم ككل تختلف بهم الطبائع والسلوكيات والصفات بنسب معينة من مجتمع الى آخر ويمتاز الكائن البشري بجمعه لكل الصفات داخل منظومته الشعورية والعقلية، وفي بعض الاحيان يظهر أحداهما على حساب الآخر، فمثلاً نجد إن صفه الإيثار موجودة لدى فرد وتتجلى في فرد آخر كصفة الأنانية، على حسب طبيعة بيئته والتربية الاجتماعية، والصفات الشخصية التي يكتسبها الفرد في ذاته وفي بيته ويعمل على تنميتها.

فنرى أن صفات السائدة على مجتمع يشتهر بصفة معينة مثل المجتمع الألماني بعمله ونشاطه والتزامه تجاه عمله ومجتمعه، ولكن لا يبتسم إلا نادرًا، بينما يشتهر الياباني بأخلاقه العالية تجاه عمله ومجتمعه، على بناء دولة عظيمة بعد الكارثة التي حلت باليابان التي كان من غير المتوقع أن تقوم بعدها دولة، فضلاً عن تقدمهم العمراني والتقنيات الحديثة لتماشي أخطار الزلازل والأعاصير والكوارث الطبيعية، فالياباني إنسان شغول طوال الوقت، والوقت عنده عظيم وكأنه ربورت الذي قد برمج على نظام معين والى يومنا هذا مازال الياباني هو نفسه.

هذا يعني إن الانسان يستمد الصفات والسلوكيات من مجتمعه وبيئته أي يستمد الموروث الموجود في مجتمعه، ومن ظروف معيشته ومعتقداته وما يمر به من تجارب تجعله يصوغ قوانينه.

لو تطرقنا عن العرب قديمًا، وأذكر أن أول درس في التاريخ يطرح علينا ونحن تلاميذ في المرحلة الابتدائية، ما هي صفات الرجل العربي البدوي  نقول مباشرة وبكل فخر نجاوب الكرم، الشهامة، النخوة، الشجاعة، والوفاء...

لقد حرص العرب قديمًا في مجتمعاتهم البدوية حيث عاشوا حياة صعبة جدًا، نسبة الى غيرهم من مجتمعات، تربت في مجتمعاتهم آنذاك الصفات كالشهامة والنخوة فظهرت نظرًا لصعوبة العيش، حيث لابد للإنسان العربي إلا أن يساعد أخاه فلربما ما حصل لغيره قد يحصل من مساعدة وغيرها، وهكذا حتى يستمر البقاء له ولغيره، لقد توارثت هذه العادات وأصبحت في دمائهم ممثلاً أي زائر غريب يأتي لمجتمع عربي يلاحظ هذا المجتمع بالحد الأدنى فهو يمتلك صفة النخوة، وهي عبارة أن يقدم المساعدة دون أي مقابل، ويقوم بنصرة المظلوم ولو على حساب نفسه، فهي تشبه صفة الإيثار والعطاء التي تحتوي على الشهامة في نفس الوقت، في ذاكرتي قصة قرأتها عن ذلك الرجل وجد رجلاً في الصحراء، فأركبه حصانه فما كان من الرجل إلا أن فرَّ بالحصان، فناداه صاحب الحصان قائلاً: بالله عليك لا تحدث أحدًا بما حصل بيننا لكي لا تنقطع النخوة بين الناس، فاستحى الرجل وأرجع الحصان واعتذر.

هل ما زالت الشهامة والنخوة العربية في مجتمعاتنا الى الآن، أم انقرضت أم تلبد الإحساس عند الكثيرين. ذلك المفهوم العربي الأصيل وتلك الصفة التي توارثناها من آبائنا وأجدادنا، هل أصبحت ضربًا من ضروب الخيال، أم أصبحنا في زمن القرود الثلاث وهي ما يقال عنها القرود الحكيمة وهي رموز نستعملها يوميًا ولا نعي ما هو معناها بالتحديد، ولكنها أصبحت مناسبة لوقتنا الحالي ولشعورنا في هذا الزمن، فنرى القرود الثلاثة في السناب شات والتوتير والفيس بوك لا أرى ولا أسمع ولا أتحدث، وهذه الرموز يقال إنها تحمل رجاحة في العقل والكلام وحسن التصرف، لا نرى شراً ولا نسمع شراً ولا نتكلم شراً رموز تعبيريه، ولكن نحن نرفضها ونرى الشر ونمنعه ما ستطعنا من قوة ونشهد له بالحق، ونسمع الشر فنصده وندحضه ونوقفه، ونتكلم بقول الحق ولا نخاف، ولكن العالم كله والمجتمعات التي انتشرت فيها هذه القرود وسيطرت على أدمغتهم؛ فانتشر الفساد في كل الإدارات ووقفت كلمة الحق وصارت الفتنة، وخرجت من دائرة الفرد الى مستوى الدول وحتى الدول المستقردة بل وفي الساحة العربية أيضًا.

نذكركم بالشهامة والنخوة، فإذا حصلت مصيبة قال فلان: أنا أعين أصحاب المصيبة على مصيبتهم فيجيبه رفيقه: والله إنك فعلاً رجل عندك نخوة، واذا تقاعس فلان آخر من مساعدة أناس وهو قادر على مساعدتهم قيل له: أليس عندك نخوة يا رجل.. عيب أن تقف مكتوف اليدين فلا تساعدهم وقد ذُكرت الشهامة في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة.

هل نحن قتلنا الشهامة والنخوة بأيدينا، وفي أنفسنا وفي أنفس أطفالنا، نعم إنها هي بالضبط حين تودع الأم طفلها ذاهبًا الى المدرسة تلقنه قوانين القرود فتقول له بصريح العبارة، لا تتدخل في أحد، احرص على أغراضك وإياك أن تعطي أحداً من أصدقائك، واذا حصلت أي مشكلة قل لا أعلم، لا أدري، ولم أرَ شيئًا، وهذه الوصية تكون مع الطفل الى أن يكبر ويصبح قردًا كبيرًا مجرداً من المسؤولية والرجولة ومازلنا نحن نقتل الشهامة والنخوة في أنفسنا وأنفس أجيالنا ولكن نحن قد نصبح أبطالاً الشهامة والنخوة في السوشل ميديا فقط  فقط... كلنا... وهاش تاق...  وما نقول إلا رحم الله الشهامة والنخوة.

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر

ads