رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
أحمد المرشد

أحمد المرشد

إعلاء قيمة روح المواطنة والتسامح في رمضان

الأربعاء 14/يونيو/2017 - 03:49 م
طباعة


تنتشر قصة على مواقع الانترنت تروي حكاية امرأة جاءت الى داود عليه السلام، فسألتهيا نبي الله.. أربك ظالم أم عادل؟. لم يتوقع داود السؤال فرد عليها ويحك يا امرأة إنه العدل الذي لا يجور».

 ثم قال لها:"ما قصتك؟". فسردت المرأة قصتها وقالت انها أرملة ولديها ثلاث بنات تصرف عليهن من غزل يديها. واستطردت فلما كان أمس شددت غزلي في خرقة حمراء، وأردت أن أذهب إلى السوق لأبيعه وأبلّغ به أطفالي، فإذا بطائر قد انقض عليّ وأخذ الخرقة والغزل وذهب، وبقيت حزينة لا أملك شيئاً أبلّغ به أطفالي» .

وبينما المرأة تحكي قصتها لداود عليه السلام، إذ بالباب يطرق على داود فأذن له بالدخول، وإذا بعشرة من التجار كل واحد بيده: مائة دينار.. فقالوا يا نبي الله أعطها لمستحقها. 

فقال لهم داود عليه السلام: «ما كان سبب حملكم هذا المال؟». فقالوا يا نبي الله، كنا في مركب فهاجت علينا الريح وأشرفنا على الغرق فإذا بطائر قد ألقى علينا خرقة حمراء وفيها غزل، فسدّدنا به عيب المركب فهانت علينا الريح وانسد العيب، ثم نذرنا لله أن يتصدّق كل واحد منا بمائة دينار، وهذا المال بين يديك فتصدق به على من أردت.

 فالتفت داود عليه السلام إلى المرأة وقال لها: «رب يتاجر لكِ في البر والبحر وتجعلينه ظالمًا».. وأعطاها الألف دينار لتنفقها على أطفالها. 

القصة جميلة وتحمل من المعاني والعبر والدروس الكثيرة، خاصة ونحن نستقبل شهر رمضان المعظم اعاده الله عز وجل على شعبنا وبلادنا وامتنا العربية والإسلامية بالخير والسعادة والهداية.

 فالمرأة التي فقدت الثقة بالمولى العلي القدير لمجرد ان خطف الطائر غزلها، لم تكن تعلم انها ستنقذ مركب كاد على الغرق، والاهم هو ما جاد به الله على المرأة واطفالها من خير وفير لم تكن تحلم به لو باعت انتاجها في السوق. 

واذا كانت المرأة قد عادت اليها ثقتها بالله بعد ثوان قليلة من بث شكواها الى نبي الله داود،، فنحن ايضا على اعتاب شهر مبارك يهدينا فيه الخالق إلى الخير واليمن والبركات في وعده الالهي اوله رحمة ونصفه مغفرة واخره عتق من النار- فالدروس كثيرة لمن يريد الهداية والتنور، فقط عليه ان يزرع الحب والسلام لتحقق له عدالة السماء كل مبتغاه وامانيه.

 فقد اختص الله هذا الشهر الكريم بالصيام، وأكرمنا فيه سبحانه بفضله وكرمه، فقسم شهره بالتساوي بين الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وضاعف لنا فيه الأجر والثواب في كل الأعمال، فحثنا ذلك كله على العبادة والطاعة، ليقبل المسلمون على الطاعات، وليكون البذل والجود والتواصل والتراحم سمة ظاهرة في المجتمع، وليكون هذا الشهر المبارك وسيلة لتهذيب النفس وتربيتها على الجوع والعطش في سبيل الله، وعلى اتخاذ الزهد منهج حياة، وعلى التسامح، ليسود الحب بين الجميع.

 ونحن قاب قوسين او ادنى من شهر رمضان المبارك، لن نكرر الكلمات القديمة التي نحفظها عن ظهر قلب، ولكن علينا بان نركزعلى فضيلة التسامح ونشرها بيننا ونبذ العصبية والتعصب والمذهبية والعرقية والعنصرية، فالتسامح يلغي الفوارق ليس فقط بين اتباع الدين الواحد وانما بين الاديان.

 وهذا التسامح مصيره العيش بوئام ومحبة. ان هذا من ضمن رسائل شهر رمضان العظيمة، فنتيجة التسامح المؤكدة هي الرفاهية والسعادة والتقدم والأمان، فهو يعمق روح الأخوة والمواطنة ويزيد من الثقة بين أبناء البلد ويعم خيره البشرية جميعا.

 ان مفهوم التسامح في القرآن والسنة يحمل معنى اليسر والسهولة، وتتبين مظاهره في المعاملات والعبادات، وتنعكس آثاره الايجابية فيما يسري في الانفس من طمأنينة وألفة ومحبة. 

واذا كانت المرأة التي سألت داود عليه السلامهل ربنا عادل ام ظالم!!» لم تكن تعلم بان الله يبعث التسامح وروح الامل والتفاؤل في نفوس المؤمنين، وذلك بايمان المؤمن بدعوة الله للتسامح الذي يحمي نفس المؤمن من وصول اليأس والقنوط، وعندما يشعر بأن الله يغفر ويسامح عما وقع فيه من ذنوب، ويبعد التسامح الانسان عن مرارة الحقد والغضب والثأر، فتسامحه يقوي في النفس قدرة التحكم في فورة الاعصاب، كما يؤدي الى انتشار الالفة والمحبة بين افراد المجتمع المسلم، ويعمل على تعديل سلوك المسلمين اتجاه بعضهم البعض، حينما يقابل احدهم إساءة اخيه المسلم بالتسامح معه.

 هذا التسامح السامي، هذا النوع من انواع الرضا، رضا النفس ورضا في التعامل مع الاخرين، ورضا مع محبة، بما يجعلنا نتغلب على الصعاب، خاصة اذا تركنا الضغائن وابتعدنا عنها، حتى نصل الى القناعة بأن نجاحنا كافراد وجماعات ومجتمع ينطلق من نقطة العمل بروح الفريق.

 نستطيع بالتسامح ونحن نقترب من شهر رمضان ان نصنع المعجزات، فالتسامح يمنحنا كل ما نتمناه، بعد ان نصفح عن الآخرين، فهذا اول خطوة نحو الصفح عن انفسنا، لأن التسامح هو اقصر طريق للاقتراب من المولى عز وجل. 

والتسامح هو العمل في مناخ متجانس يتحابب فيه الجميع، حتى يسود المجتمع المدني، خاصة وان الانسان مدني بطبعه ولا يعيش الا وسط مجتمع.

 ومن هنا يتضح لنا ان التسامح هو ضرورة حياتية مثل ضروريات الوجود نفسه، فاذا اردنا هذا، فعلينا بتكريس مبادئ التعارف والتعاون والتكامل والتعايش والحب، وليس التنكر للاخر او العمل على اقتتاله او التطاحن معه او التعارض مع كل ما يقتنع او يؤمن به.

 والتسامح هو قيمة عظيمة، تقتضي الاحترام المتبادل وتقبل التنوع.. كذلك يقدر التسامح كقيمة سامية المساواة في الحقوق، الحقوق الدينية والمعيشية والثقافية والاجتماعية.. ونخلص من كل هذا ونحن نشهد قدوم شهر رمضان المبارك، بان التسامح هو اللبنة الاساسة والأرضية الاولى نحو بناء المجتمع المدني وإرساء قواعده، عبر الاعتراف بحقوق الجميع وقبول الاختلاف في الرأي والفكر والثقافة وتقدير المواثيق الوطنية واحترام سيادة القانون، واحترام القيم الانسانية. 

فاسلامنا الحنيف يحثنا على البر والتقوى وفعل الخير واتباع الحق والصلاح وان تقوم تعاملاتنا على الحب والرحمة والاحسان، وان نتبنى مبدأ السلم ليعم الامن والسلام والاستقرار، لنتعايش في أجواء يلفها الحب والوئام.

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر

ads
ads