رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
أحمد المرشد

أحمد المرشد

رمضان الدين المعاملة.. التسامح نموذجًا

الثلاثاء 30/مايو/2017 - 02:33 م
طباعة

ونحن نعيش هذه الأيام المباركة من شهر رمضان المبارك تصاحبنا رحمات المولى عز وجل، ومغفرته ووعده بعتق عباده المؤمنين من النار وعذاب جهنم.. يجدر بنا بعد أن تحدثنا في موضوعات سابقة عن دور العلم في رمضان وأن هذا الشهر المبارك هو شهر الحركة والطاقة، وليس الخمول والكسل والنوم كما يدعي البعض، أن نستغل هذه الأيام، لنقول إن الإسلام عندما دعا الناس إلى المحبة وحب الخير ونبذ الشر، فإنما هو دعا إلى التسامح، فهذه ثقافة لو تعلمون مهمة للغاية. فثقافة نشر التسامح بين الناس والعيش والتعايش السلمي بين المسلمين على مستوى الحي والمدينة والدولة والمجتمع المسلم بأسره، تيسر لنا السعي للعمل من جديد والبناء. وكذلك، فإن ثقافة التسامح تقودنا إلى قبول الآخر بصدق وإخلاص، ونشر ثقافة التسامح تسير بنا إلى إبداء حسن النوايا لتوحيد الكلمة والعيش بحب واحترام وكرامة والدعوة إلى التعايش بين أبناء المسلمين، وحقن دمائهم وصون أعراضهم، وممتلكاتهم وحماية مقدساتهم وهويتهم الإسلامية جماعات وطوائف، أحزاب ومنظمات وجمعيات، طوائف ذات أفكار وأيديولوجيات مختلفة لكنها ضمن الهوية الإسلامية، مذاهب دينية وفكرية، دول عربية وإسلامية متجاورة بحدودها أو متباعدة، أجناس وأعراق وقبائل مختلفة.

ومن حسن حال المسلمين، أن ديننا السمح يأمرنا ويحثنا ويدعونا إلى التعايش والتسامح ونشر الحب بين الجميع، فكلنا سواسية في هذه الأرض لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، والتقوى في معناها الجامع هو التسامح وحب الخير والعمل على نشره والتأسي بأخلاق رسول الله، فالإسلام جعلنا جميعاً سواسية كأسنان المشط، لا فرق بين عربي وعجمي، وأبيض وأسود إلا بالتقوى، بعيداً عن العصبية والقبلية والحسب والنسب والمناصب والجاه والغنى والفقر.. فيقول تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات من الآية:10]، و{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات من الآية:13].

فثقافة التسامح تأتي من كلمة «السماحة» وهو معنى الدين، ولذا يحثنا ديننا السمح على إعلاء معنى التسامح وتفعيل ثقافته ومضمونه ومفهومه بمعناه الأشمل المحبة والحب والود والوئام بين الناس جميعاً بصدقٍ ونية صافية لنفعها الكبير علينا، كما يعود خيرها على المجتمعات العربية والإسلامية والبشرية جمعاء. ولعلنا نفترض جدلا أننا نعيش في عالم تغيب فيه ثقافة التسامح والعفو والمحبة والود بين الناس، فلن نجد احتراماً متبادلاً بيننا، وستتحول حياتنا إلى جحيم، لنعيش اكتئاباً مستمراً في ظل تغييب التسامح والعفو والمحبة. ولنا أن نتخيل أيضا كيف تكون حياتنا إذا غلبنا بيننا التسامح والمحبة والود، طبعاً سنعيش الحياة كما رسمها لنا الخالق عز وجل الذي أمرنا بالتسامح والعفو ونبذ العنف والفرقة والفتنة.

فالتسامح هو جل معانيه إذا طبقنا مفهومه، الاحترام المتبادل والتعايش السلمي بين الناس باختلاف أفكارهم ومشاربهم الفكرية والمذهبية. والتسامح هو الوئام والحياة الطيبة بين الأفراد والأسرة والمجتمع الواحد وكل المجتمعات. والتسامح يبدأ من نبذ العنف والقوة وتصفية الحسابات وإزهاق الأرواح بلا أدنى سبب أو شبهة. والتسامح يعني انتشار الأمن والأمان بين الناس حتى لو غاب الأمن بمفهومه الشرطي، والتسامح يترجم حياتنا إلى المنافع متبادلة. وإذا كان المثل يقول: «الحكمة ضالة المؤمن وإن وجدها فهو أحق بها»، فهكذا الحياة في ظل انتشار ثقافة التسامح والمحبة والود والعفو ونسيان الماضي وفتح صفحات جديدة مشرقة تعود علينا جميعاً بالنفع والفائدة والنمو والنهوض بالأمة.

وقدوتنا في التسامح والمحبة والود، ما قدمه للأمة الإسلامية والبشر جميعاً رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من أمثلة رائعة في التسامح والعفو عند المقدرة. كلنا يعلم ما لاقاه الرسول في الطائف حتى أن قدماه دميت من الألم، فما كان منه إلا أن عفا وسامح أهل الطائف الذين رجموه حتى أدموه، فقال صلى الله عليه وسلم لملك الجبال عندما أعلمه بقدرته على أن يطبق عليهم - أهل الطائف - الأخشدين، فرفض الرسول الكريم قائلا: «بل أرجو أن يُخرِج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً» (متفقٌ عليه). كذلك عفوه وتسامحه مع أهل مكة رغم معاناته فيها على يد كفار مكة الذين طردوه وصادروا حقه وممتلكاته فيها وآذوه في نفسه وأهله وأسرته وأصحابه، ولكن عاد في فتح مكة ليضرب أروع الأمثلة في التسامح والعفو عند المقدرة فقال لهم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء».

واليوم.. ما أحوجنا نحن أمة محمد النبي الأمي الصادق الوعد الأمين، إلى نشر ثقافة التسامح والعفو والتعايش السلمي بيننا، أفراداً وجماعات، وأن نبدأ بأنفسنا وأبنائنا، لنستلهم معاني البر والصلاح والعدل والعفو والتسامح ونبذ الخلافات والأحقاد والعمل على العيش الكريم للجميع والتعاون وعدم إيذاء الجيران، وأن نقابل الإساءة بالإحسان.

ونحن نتحدث عن التسامح، لا ننسى المضمون السياسي، ونعني البعد عن التحزب ونبذ مفهوم الحزبية والطائفية والمذهبية الضيقة والتعايش بين الناس ونشر ثقافة التسامح بينهم، ليكون التسامح والعفو نبراساً نعيشه ومثالاً رائداً في مجتمعنا، أي لا نفصل بين الدين والسياسة، فقد أخطأ من قال «ما لقيصر لقيصر وما لله لله».. فالحياة والدين أمر واحد، ولذلك لا نقول أن الحياة الحزبية لا تسامح فيها، فهذا خطأ بالغ، لأن السياسة من شأنها حسن تسيير حال المواطنين، ولهذا ما أحوجنا أن نعمم ثقافة التسامح في أمورنا الحياتية والدينية والسياسية، فلا تضاد بينهم.

 

وإذا كنا تحدثنا عن التسامح في الإسلام والقرآن وسماحته، فعلينا ونحن نعيش هذه الأيام المباركة أن نتوجه لكل الدول العربية والمسلمين جميعاً، فما أحوجنا في وقتنا الراهن الذي تشتد فيه الحروب والأزمات إلى العفو والتسامح، وإلى نسيان الماضي، وطي تلك الصفحة من حياة الأمة وخاصةً ما أنتجته كل الفترة الماضية من محن وحروب وأزمات ونزاعات نعيشها ونعاني منها حتى اليوم، فعلى كل طرف يتمسك بموقفه دون أن يتراجع عن تصلب آرائه. والتسامح هو الاقتراب من الآخر، في لغته ومواقفه. فما أفضل ما فعلته البحرين والكويت عندما قرر مواطنوهما المشاركة في صلاة الجمعة بمسجد الآخر، فما أحوجنا إلى تصفية الحسابات بالهدوء والصفح الجميع، وليس على حساب القيم والمبادئ والأخلاق، فإسلامنا الحنيف نهانا عن القتل وإزهاق الروح والنفس التي حرّم الله وتبرير ذلك كل حسب توجهه.

ولعلي أختم بما قاله أحد الشيوخ الأجلاء في خطبة الجمعة إن الإسلام هو دين التسامح والسلام، وكذلك قول رسول الله: «بعثت بالحنفية السمحة»، فالسماحة تعني الحرية والمساواة في غير تفوق جنسي أو تمييز عنصري، ولهذا حثنا ديننا الحنيف على الاعتقاد بجميع الديانات، لما في قول الله تعالى في سورة البقرة «..آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمومنون كل آمن بالله و ملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله». ويحقق التسامح العيش المشترك بين شعوب الأرض بطبائعها المتنوعة، ولنتأسى بقول الرسول الكريم: «الدين المعاملة». ولذلك قسم الفقهاء التسامح لأنواع، منه الديني، حيث التعايش بين الأديان، بمعنى حرية ممارسة الشعائر الدينية والتخلي عن التعصب الديني والتمييز العنصري. وكذلك التسامح الفكري، وينصب على أدب الحوار والتخاطب وعدم التعصب للأفكار الشخصية والحق في الإبداع والاجتهاد.

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر

ads
ads