رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار

الاشراف والقبائل العربية

الشعوبية حركة مضادة للعرب وللإسلام والتاريخ ..

الخميس 05/يناير/2017 - 10:22 م
صدى العرب
طباعة
بقلم .. دكتور أحمد حسين النمكى ..


ما زال الحديث موصولاً عن حركة الشعوبية التي ظهرت ـ وما زالت تظهر ـ في عالمنا العربي والإسلامي في أثواب كثيرة ولها مقاصد تخريبية هدامة ضد الإسلام والعروبة والتاريخ والثقافة الإسلامية ، فهي معارضة فكرياً ولكن متخفية خشية التعرف على حقيقتها أو نواياها ، فقد تعرض الشعوبيون لنقد الإسلام وهدم قواعده والطعن فيه ولكن بطريق غير مباشر ، مثل الطعن في الصحابة وهم نقلة الوحي ـ قرآناً وسنة ـ والطعن في ترتيب القرآن والناسخ والمنسوخ ، والهدف المراد الوصول إليه التشكيك في مصدر القرآن والسنة .

ولقد استهدفت حركة الشعوبية كل ما هو عربي وإسلامي وتصدت له بطريقة عمياء لا تنم إلا عن أحقاد وعصبية لا تعرف اللين والهوادة ، وأعلنت الحرب بغير نقاش ، وألبت الخصوم والأعداء ضد الإسلام في كل زمان ومكان ، ويهاجمون الإسلام بطريقة كلها خسة ولؤم وخبث ومكر ودهاء ، وذلك عن طريق التخفي والتستر ، فهم يلبسون ملابس أهل الإسلام ويدعون أنهم مسلمون ـ كالمنافقين كما قلنا في مقالات سابقة ـ حتى يعمون على المسلمين وتكون وسيلتهم سهلة والتصديق بهم أولى ولكي يدخلوا إلى الناس بلباس المسلم المستنير أو المتحرر أو الليبرالي أو العلماني أو اليساري ، فقد تنوعت الأشكال ولكن الهدف واحد ، وفى كل زمان استعان الشعوبيون بعناصر تنتمي إلى الإسلام شكلاً ولكن هدفهم نفس هدف الشعوبية مثل الشيعة الغلاة واليهود والنصارى والمستشرقين والمنافقين .

فقد كانت الشعوبية من وراء قتل سيدنا عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب والحسن بن على وغيرهم من خلفاء المسلمين حتى العصر الحديث ، وكما أشرنا سلفاً أن صورة الشعوبية قد ظهرت في العصر الأموي والعباسي بشكل واضح ولكن عادة التقية والتستر كانت تلازمهم ـ فأخلاقهم كأخلاق الشيعة تماماً حتى أن البعض أطلق على الشيعة الفرس لفظ الشعوبية ـ ولكنهم كانوا يظهرون الإسلام بيد أنهم كانوا يعارضون الحكم العربي فقط ، وهذه الروح الشعوبية ما زالت موجودة عند الشيعة ولكنهم يغلفون هذا الشعور بمظلوميات آل البيت التي صوروها هم كما يريدون ثم صدقوا تلك الصورة ، فقدموا المقدمات بأيديهم ثم عبدوا النتائج .

إن روح العداء التي ينتهجها الشعوبيون لا يقرها الإسلام ، لأن الإسلام ينظر إلى المسلمين على أنهم جسد واحد ، فلا يحقد بعضهم على بعض ، ويسلون سيوفهم على بعض ، فالوحدة الإسلامية التي لا يقرها الفرس المجوس من قديم ثم انتقلت تلك الأخلاقيات إلى الشيعة مخالفة للإسلام صراحة ، لأن الإسلام هو الرباط العالمي المقدس بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، فهم كما يقول القرآن أخوة " إنما المؤمنون أخوة " بينما الشعوبية تكره الإسلام وإن ادعت أنها على الإسلام ، وكما يقول العرب من كره شيئاً كره أهله ، فلما كره الشعوبيون الإسلام كرهوا أهله وهم العرب .

والواقع أن الشعوبيين قد شعروا ـ وهذا شعور كاذب منهم ـ بفوقية العرب باعتبار أنهم حملة الإسلام والفاتحين للبلاد ، ومن هؤلاء العرب الخلفاء والأمراء والحكام ، فضلاً عن افتخار العرب بجنسهم ، كذلك شعر الشعوبية بنوع من النرجسية بعد أن قامت الدولة العباسية على أيدي رجال كان غالبيتهم من الفرس ، الأمر الذي جعل الشعوبيين في حالة سباق وصراع مع العنصر العربي لإبراز التفوق الفارسي والعجمي ، فضلاً عن أن تلك الشعوب المغلوبة شعرت بفقدان سلطانها وعزها وأن دولهم قد محيت من التاريخ ، فكانت الحركات المضادة التي تهدف إلى ضرب العرب المسلمين في سلطانهم وقصدوا إلى تحرير بلادهم من السيطرة العربية

الجدير بالذكر أن الشعوبية ـ كالعلمانية والاستشراق واليسارية الشيوعية ـ ما نشأت إلا من أجل القضاء على الإسلام والمسلمين ، وهذا ما يضمره العنصر الفارسي ـ الشيعي ـ حتى اليوم ، فهم يرون أن العرب ـ أهل السنة ـ ألد أعدائهم ، ولا يتعاملون معهم في بلادهم ـ إيران ـ كما أمر الإسلام بالتعامل مع أهل الكتاب ، ويقتلونهم ويذبحونهم في إيران والعراق وسوريا اليوم ، ولعل القارئ يقول بأن الشعوبية كانت قاصرة على بلاد العراق وفارس وحسب ، بل انتقل هذا الداء إلى كافة البلاد التي فتحها المسلمون ، فقد تولدت في بلاد فارس والأندلس وغيرها .

لقد نشأت الشعوبية السياسية والعرقية وهى شعوبية من السهل كشفها والتعامل معها ولكن الشعوبية الأيدلوجية والفكرية من أخطر أنواع المعارضة التي عرفتها الدولة الإسلامية ، فقد كانت الشعوبية الفكرية تحث على احتقار العنصر العربي والتقليل من شأنهم واستغلوا في سبيل ذلك بعض العادات العربية التي كانت تحدث سائدة في الجاهلية . والحقيقة أن الفرس وغيرهم كانوا ينظرون للعرب في الإسلام نفس النظرة التي كانوا ينظرونها إليهم في الجاهلية ، نظر استعلاء وكبر والشعور بالفوقية على العنصر العربي .

إننا لا ننكر أن هناك مخلصين ممن دخلوا في الإسلام من أهل فارس والمغرب والأندلس ، فهؤلاء رأوا عدل الإسلام بخلاف ما رأوه في عصر الأكاسرة والقياصرة ، وظهر من هؤلاء العلماء والأدباء والشعراء والفقهاء والمحدثون النبغاء ممن حملوا راية الإسلام ولكن هناك من حقدوا على الإسلام ولم يرحبوا به ليخرجهم من الظلمات إلى النور ، وصعب عليهم أن تزول دولهم وممالكهم وأن تداس تحت أرجل خيل الإسلام .

لقد تخصصت الشعوبية في نقد العرب وإظهار عيوبهم والانتقاص من شأنهم ، فالشعوبيون لهم أهداف تنحصر في التشهير بالعرب وإظهار مثالبهم وقلب محاسنهم إلى عيوب ، وتشويه الإسلام وهدمه من الداخل باعتبار أنهم في ظاهر الأمر مسلمين ولكنهم في حقيقة الأمر أعداء للإسلام ، كذلك تشويه حضارة الإسلام .

كانت تلك النزعات دافعاً للانتقام من التراث العربي الإسلامي ، وكانت الثقافة وتدمير العقل العربي والإسلامي هدفاً للتخلص من السيطرة العربية ، ومن ثم لعبوا دورهم في تشكيل الوعي الثقافي في بلاد الإسلام عن طريق السيطرة على موارد الثقافة الأدبية والتاريخية والقصة والآداب ، فكانت الثقافة المكتوبة والمقروءة والمسموعة ـ كالخطابة والدروس ـ وسيلة للتأثير إلى تغيير ذاكرة العقل المسلم والتفرقة بين طوائف المجتمع المسلم فكانت الآداب وسيلة إلى زرع تلك الأحقاد في النفوس تجاه الإسلام

إن نظرة سريعة في دواوين الشعراء غير العرب والناطقين بغير العربية يتبين من خلالها أن دور الشعوبية كان متمركزاً في تأجيج الشعور العدائي ضد العرب والقصائد التي يمجد فيها الشعراء الفرس وحضارتهم والاستهزاء بالعرب والسخرية منهم ومن حضارتهم العربية والإسلامية ، فقد وضع الفردوسي الشاهنامة وجعلها متخصصة في شتم العرب وتحقيرهم وتحفيز غير العرب على أن يغذوا أبنائهم والأجيال القادمة بتلك القصائد والأشعار التي تنمى فيهم الشعور العدائي ، وهذا الإرث المرير هو الذي نراه حتى اليوم عند الشيعة الفرس وانتقل بمرور الزمن حتى أصبح عقيدة عند الشيعة العرب

لقد كان مصطلح الشعوبية في العصر العباسي جريمة كبيرة يتم بسببها القبض على صاحبها ، وذلك لأن غالبية الشعوبيين كانوا يتسترون ويتخفون ولكن فعالهم كانت غير مألوفة في المجتمع المسلم وعرفوا أحيانا باسم الزنادقة لكثرة اختلاطهم بهؤلاء ، لذا فكل شعوبي زنديق ، والحقيقة أن هذا التحول كان له أسبابه ، وهو إظهار الإيمان وإخفاء الإلحاد والكفر والمجوسية ، ولذلك لجأ هؤلاء الزنادقة إلى تحريف الأحاديث النبوية وانتحالها ووضعها ، ومن ثم ارتبطت الشعوبية بالفرق الباطنية كالشيعة والصوفية ارتباطاً وثيقاً .

والشيء الغريب الذي يدهشني أن الشعوبية وأمثالهم في كل عصر عادة ما يكونون مقربين من الحكام والسلاطين والخلفاء بشكل ملحوظ ، وتعج بهم ردهات البلاط السياسي ، ومن ذلك أنك ترى البرامكة وقد كان أجدادهم سدنة النار في عصر الساسانيين ثم أصبحوا أصحاب الكلمة في العصر العباسي وجمعوا بأيديهم أطراف السياسة التي تسير عليها الدولة العباسية وتبنوا العناصر المتطرفة في الثقافة والأدب والشعر ، وكان الوزير سهل بن هارون من أعلام الشعوبية المنساقين في حقدهم ضد العرب ، ولذلك عندما انتبه الخليفة هارون الرشيد إلى دورهم الشعوبي الخطير تخلص منهم ـ بما يعرف في التاريخ بنكبة البرامكة ـ 

كان سهل بن هارون يحاول تشوية صورة الرشيد وتلطيخ سيرته باختراع قصة العباسة ـ المزيفة ـ أخت هارون الرشيد التى تزوجت سراً دون علم الأسرة العباسية من أحد أمراء البرامكة ، وتجاهل هؤلاء الحمقى الشرف الهاشمي وشرف آل محمد صل الله عليه وسلم وأن هذا الكلام لا يؤذى العباسيين فقط بل يؤذى كل مسلم صادق في إيمانه .

كان الفضل بن سهل يعمد إلى تحويل الخلافة العباسية إلى ملك كسروى ، لذلك استطاع الفضل بن سهل أن يحيط بالخليفة المأمون وطوقه بإطار حديدي فلا يمكن أن يعرف المأمون شيئاً إلا بعد أن يعرض على الفضل بن سهل ، ومن ثم حجب عنه الأخبار وكان يخطط لحكم الدولة العباسية بمعاونة أخيه الحسن بن سهل من بلاد مرو وليس من عاصمة الخلافة بالعراق ، وأن يجعل المأمون مجرد صورة باهتة أو رمز للخلافة .

وفى عصر البرامكة وجدت أقلام الشعوبيين الفرصة سانحة لكي تركز هجومها وتزويرها للحضارة الإسلامية والعربية والتاريخ الإسلامي . وقد يظن ظان أن العرب كانوا في غفلة عن هؤلاء الشعوبيين أو أن العرب وضعوا رؤوسهم في الرمال .. كلا !! بل هناك من تنبه لهم وحذروا الخلفاء من شرهم وحقيقة أمرهم ، فقد نبه هرثمة بن أعين الخليفة المأمون بهذا الخطر الذي يهدد الخلافة نفسها ، ولكن الفضل بن سهل دبر حيلة لاغتيال هرثمة بن أعين . كذلك حذر منهم خازم بن خزيمة الخليفة المأمون ونبهه على أن البرامكة إنما يخدعونه عن دينه ودين آبائه إلى دينهم ودين آبائهم المجوسي

ومما سبق يتبين لنا أن الشعوبية كانوا يسعون إلى تجريد العرب من السلطة ، فالشعوبي الحق هو الذي يصغر شأن العرب ولا يرى لهم فضلاً على غيرهم ، ويجردهم من كل فضيلة ، ولذلك فقد دبر آل طاهر بن الحسين الفرس وسعوا لإقامة دولة ـ أو إمارة فارسية ـ باسمهم " الدولة الطاهرية " لكي تعمل على تمزيق قوات الأمين بن هارون الرشيد ، وكانت تلك الدولة مقدمة لظهور دول أو دويلات فارسية أخرى لا صلة لها بالدولة العباسية سوى السيادة الاسمية ، وكانت كل دولة تعمل على إحياء التراث والآداب الفارسية على حساب الآداب العربية والإسلامية ، أو قل إنهم تغافلوا عن عمد عن إحياء التراث والآداب الإسلامية أو قل العربية وأظهروا النزعات القومية الفارسية .

إن أخطر أنواع الشعوبية التي عرفها التاريخ الإسلامي هي شعوبية الفقهاء والخطباء والكتاب والأدباء ، لأن هؤلاء هم الذين يملكون لغة الخطاب والقدرة على التأثير على العامة والخاصة ، وهم صناع العقول ، والواقع أن الشعوبية وجدت تأييداً كبيراً من قبل العامة , ومن ثم انضم إلى الشعوبية خلق كثير من عامة الناس ساهمت في الحركات المتطرفة ضد العرب ، واستطاع الشعوبيون أن يجندوا الكثير من الأوباش والسفلة والحشوية والطغام من الناس لصالح شعوبيتهم وتأييد دعوتهم ، لأنهم يتميزون بالعصبية

كان للأدباء الفرس دور بارز في تدعيم موقف الآداب الفارسية على حساب الآداب العربية ، والتنكر للتراث العربي والإسلامي وكانوا أبواقاً للدعوة إلى إحياء التراث القديم والثقافات التي خلفها المجوس ، فكانت تلك الثقافات خليطاً من ثقافات دينية مجوسية (زرادشتية ـ مانوية ـ مزدكية) وهى دعوى إلى إحياء الديانات الفارسية القديمة البائدة

كذلك جاهد الأدباء الفرس من أجل صرف الناس إلى تعلم اللغات الأخرى بغرض الثقافة وإحياء الترجمة وترويج لغة الأجانب وتفضيلها على لغة العرب ، وللأسف ناصر تلك النزعات الفاسدة الخليفة المأمون حتى أنه كان يعطى وزن الكتاب المترجم ذهباً ظناً منه أنه أصبح رائد التغريب في عصره ، لذلك نجد العصر العباسي شهد حركة ترجمة واسعة بغرض نقل التراث الفارسي القديم وما خلفته النحل البالية لكي يحشروها حشراً في أذهاب العرب ولكي يصرفوهم عن الثقافة الإسلامية ، وقد تبنى الخلفاء هذه الحركة ـ بغفلة منهم أ قل بجهل ـ ولم ينظروا إلى الخطر الذي يحدق بهم ، فأحيوا كتب " مزدك " وكتاب " التاج في سيرة آنوشروان " وكتاب " كليلة ودمنة " وسيرة الفرس ، والتشكيك في الثقافة العربية ، بل إنهم شككوا في القرآن والسنة مصدري الوحي

بذل هؤلاء الشعوبيون كل جهد في نشر الثقافات الفارسية وكل ثقافة مناهضة للإسلام والعروبة ، لذلك نرى أن الحياة السياسية العامة في الدولة العباسية قد تأثرت بعادات ومراسيم ونظم فارسية الأصل

كان كتاب العصر العباسي من غير العرب قد بذلوا جهداً كبيراً في صبغ الحكم والإدارة العباسية بلون أعجمي وثقافة يغلب عليها الطابع غير العربي ، ومن الغريب أن يحدث هذا في ظل حكم دولة عربية إسلامية ، ولكن ما يحجب الغرابة أن غالبية الخلفاء العباسيين قد ولدوا من أمهات ـ سريات ـ غير عرب .

ولقد شارك الشعوبيين في حملتهم ضد الإسلام والحضارة الإسلامية جماعات ثقافية غير إسلامية ، كالمانوية الذين دخل كثير منهم في الإسلام ولكنهم كانوا معادين للإسلام ومبادئه ، وهؤلاء كانوا يرون أن الإسلام لابد وأن يهدم من الداخل عن طريق التأويل والتفسير المادي للنصوص الدينية بما يتفق مع ميولهم وأهوائهم ، وإثارة الشبهات حول الإسلام ، وهؤلاء عرفوا في التاريخ الإسلامي باسم الزنادقة ، وهؤلاء لهم نفس الأهداف التي يسعى إليها الشعوبيون وهى : معاداة الإسلام والعروبة ، ولذلك لا تجد فرقاً بين هؤلاء وهؤلاء ، فإذا خرج الشعوبي من باب الشعوبية دخل إلى باب الزندقة والعكس صحيح ، وقد أدرك الجاحظ الصلة الوثيقة بين الشعوبية والزندقة ، لأن عامة من ارتاب في الإسلام إنما جاء عن طريق الشعوبية .

في بلاد المشرق الإسلامي ـ وفى بلاد أوربا اليوم ـ كانوا يعتبرون أن كل من دخل في الإسلام في عربي وإن لم يتكلم العربية ، ومن ثم كان يلقى العداء والكراهية لمجرد أنه عربي ـ كما يحدث في أوربا أنهم يكرهون المسلم لمجرد أنه مسلم حتى وإن كان من بني جلدتهم ـ وكان الفرس المجوس يسمون الإسلام في العصر العباسي " الدين الأسود " ولعلهم من الشيعة الذين كرهوا وصول الخلافة إلى بني العباس الذين تقلدوا الخلافة ثم لبسوا شعار السواد ، وهؤلاء كانوا يحقدون على النبي وأصحابه الذين فتحوا بلاد فارس ، وما زال أحفاد هؤلاء يعرفون بالشيعة الغلاة .

يقول الجاحظ [ كتاب الحيوان جـ 7 ص 220] أن عامة من ارتاب بالإسلام كان أول ذلك رأى الشعوبية والتمادي فيه وطول الجدال المؤدى إلى القتال ، فإذ أبغض الشعوبي شيئاً (يقصد الإسلام) أبغض أهله (أي العرب) وأن أبغض تلك اللغة (أي العربية) . ويبدو أن الشعوبية كانوا ظاهرين ولكن ليس للعيان بل كان يدركهم أهل العلم والثقافة والمتبحرين في الفقه والعلم ، وكانوا من الكثرة حتى قال الجاحظ بأن لهم في البصرة رئيسا [ البيان والتبيين جـ 1 ص 395 ، 432 ] .

كان الشعوبيون على قدر كبير من الجرأة على النقد ـ كالعلمانية والملحدين واليساريين في عصرنا اليوم ـ حتى أنهم نقدوا الأنبياء والمرسلين وطعنوا على قضيب النبي محمد ثل الله عليه وسلم وطعنوا في عترته وعلى عصاته وطعنوا على عصاة موسى عليه السلام .

ومن تزويرهم للتاريخ العربي والإسلامي أنهم حاولوا أن يؤصلوا فكرة أن الشعب العربي حديث النشأة ـ أي ليس له تاريخ ـ وحاولوا قطع الصلة بين العرب وتاريخهم القديم وعزلهم عن جذورهم وماضيهم ، وطمس معالم الفترة السابقة على ظهور الإسلام ، ولكن تلك المحاولات باءت بالفشل ، فلم يعيرها العرب أدنى اهتمام ، لأن العرب يدركون قيمة تاريخهم ودورهم التاريخي وكيانه الموصول بالتاريخ العربي قبل الإسلام

ومها حاول هؤلاء الجهلاء أن يقللوا من شأن العرب فقد رفع الإسلام مكانتهم ، وجعل الرسول صل الله عليه وسلم حب العرب قريناً لحب الرسول فقال في الحديث الذي رواه ابن عباس " أحبوا العرب لثلاث لأني عربي والقرآن عربي وكلام أهل الجنة عربي " المستدرك على الصحيحين ج4 ص97 حديث رقم 6999 . والطبراني في المعجم الكبير ، جـ 11 ص 185 حديث رقم 11441 .

وحين قال القرآن الكريم {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح : 29]

فمن الذين كانوا مع رسول الله ؟ هل الفرس ؟ هل الروم ؟ هل الترك ؟ إنهم العرب !!! ألا يستحى من يقلد الشعوبية اليوم من التهجم على العرب الذين اصطفاهم الله بكلامه ورسالته وجعل لغة القرآن لغتهم !!! .



إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر