مشهد السيدة رقية بنت علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن سيدنا الحسين رضي الله عنهم بمصر - القاهرة ..

وقريبا جدا من مشهد السيدة سكينة الكبرى ، إلى الشمال الغربي منه ، يقع قبر السيدة رقية بنت علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن العابدين بن سيدنا الحسين رضي الله عنهم ، وكثير من الناس يظنونه للسيدة رقية بنت علي أخت زينب والحسين ، وهذه دفينة دمشق ، ومشهدها معروف هناك ، ويسمى مشهد السيدة رقية بنت الرضا بالقاهرة    " ببقيع مصر " لكثرة المدفونين حولها من كبار السلف الصالح .

وقد جدد هذا القبر السيدة  "علم الآمرية " زوجة الخليفة المستعلي بالله الفاطمي عام 527هـ ، ثم جدده عبد الرحمن كتخدا ، ثم عمره عباس الأول وزوجته ، ونقل إلى الضريح المقصورة المطعمة بالصدف التي كانت على قبر الحسين قبل عمل المقصورة النحاسية التي استبدل بها الآن المقصورة الفضية المكففة بالذهب والأحجار الكريمة ، والتي أهدتها طائفة ) البهرة ( إلى ضريح الحسين في خواتم القرن الرابع عشر الهجري .

وقد أخذ اسم رقية من:  الترقي والسمو والترفع والعلو، أو هو تصغير لطيف للفظ  )رقية ( بمعنى الدعاء والابتهال إلى الله في شأن أصحاب البلاء .

ولم يبق من المبنى الفاطمي على ضريح السيدة رقية بنت علي الرضا إلا الإيوان الذي به الضريح ، وما عداه فمستحدث ، وليس بالقبة إلا السيدة رقية وحدها ، ولكن بعضهم يقول:  إن معها في القبر جثمان العالم التركي  )محمد رضا(  وزوجته السيدة زبيدة ، وهما اللذان استضافا السيدة رقية منذ جاءت القاهرة حتّى توفيت بمنزلها الذي أصبح ضريحا للجميع، و ليس هذا بمستبعد ، والله أعلم .

ضيوف بقيع مصر ( مشهد رقية ) : -

وبجوار مشهد السيدة رقية:  قبر السيدة  )عاتكة(  بنت زيد بن عمرو بن نفيل القرشي زوجة سيدنا محمد بن أبي بكر الصديق ، الذي كان واليا على مصر تزوجها بعد الزبير بن العوام ، ودخلت معه مصر ، وماتت فيها بعد مقتله رضي الله عنه ، و يظن كثير من الناس أنها عاتكة عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وليس كذلك .

وبجوارها قبر السيد ( علي الجعفري ) الصوفي الجليل من سلسلة أبناء جعفر الطيار أخي علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وقد ترجمه الأزورقاني ، ووصفه بالصلاح والتقوى وطهارة الأنفاس ، وبعضهم يظن خطأ أنه علي بن جعفر الصادق أي شقيق السيدة عائشة وحفيد الإمام علي زين العابدين ، وليس كذلك .

وتؤرخ قبة مشهد السيدة عاتكة والسيد علي الجعفري بعام 514هـ / 1120م على عهد الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله .

وبهذا المشهد طائفة أخرى من الأشراف والعلماء منهم:  

العلامة المحقق النسابة اللغوي المحدث السيد  )أبو الفيض محمد مرتضى الزبيدي(  الحنفي الشريف الحسيني ، ومعه زوجته أم الفضل زبيدة التي سبقته إلى رحمة الله .

قبر رقية أخت الحسين ورقية بنت الرسول وأرض البقيع : -

وأما قبر رقية أخت الحسين بنت الإمام علي فهو الذي بدمشق .. 

وأما رقية بنت زيد الأبلج أخت السيدة نفيسة الكبرى ، فهو بالبقيع بالمدينة المنورة .. 

قريبا من قبر جدتها رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي كانت زوج عثمان بن عفان رضي الله عنه .

وفي كتاب " تحفة الراغب في سيرة جماعه من أعيان أهل البيت الأطائب " للعلامة شيخ الإسلام أحمد بن أحمد بن سلامة القليوبي المصري المعروف بالشافعي الصغير الصادر في جمادى الأولى سنة 1307هـ :

ماتت رضي الله عنها قبيل البلوغ ودفنت في المشهد القريب من دار الخليفة ومعها جماعة آخرون من أهل البيت رضي الله عنهم وهذا المشهد تجاه مسجد شجرة الدر ، أخبرني شيخنا ومولانا شيخ الإسلام برهان الدين على الحلبي أنه أحاط به هم وألم فأكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فما مضى أيام حتى رأى السيدة رقية رضي الله عنها فقالت يا على زرنا في محلنا والحاجة مقضيه وعرفتني مكان مشهدها المعروف المشهور فزراها ففرج الله عنه بأيسر وقت وكان لا ينقطع عن زيارتها وقد جرب ذلك كثير من إخواننا وأصحابنا فرأوا بركة ذلك والحمد لله رب العالمين .

أولياء لا نعرفهم داخل مسجد وحرم السيدة رقية بشارع الأشراف بالقاهرة : -

وأمام قبتي السيدة عاتكة والسيد على الجعفري ، وفى محيط هذه المقامات الشريفة أولياء لا نعرفهم ولا يظهرون للعامة منهم من هو تحت هذه الرمال التي قد كانت مشغولة من قبل وتحولت إلى خربة لا يدخلها أحد حتى شاء الله أن يتم ترميم المكان فبدئوا في الحفر بعد الهبوط الأرضي الذي حدث وبدأ يكشف عن مقامات وبنايات تحت الأرض وظلت هكذا لفترة حتى سارعوا في الردم الذي ترونه الآن فهذا المكان عامر بالأولياء الذي منهم على سبيل المثال :

السيد حسن بن أبى بكر الحسيني نقيب أشراف مصر ، والسيد أحمد الدميري الذي كان بيته ملاصقا لغرفة مقام السيدة رقية ، وأولاد السيد أحمد مدكور منهم السيد عبد القادر مدكور ، وغيرهم ، كل هؤلاء داخل حرم السيدة رقية ، والسيد على الجعفري ، والسيدة عاتكة رضي الله عنه .

وفى هذا المجمع والمسجد الشريف المتبقي من البناية القديمة للسيدة رقية ، يوجد أيضا السيد الفرغلي ، ومقام به أربعون ولياً

السيدة عاتكة بنت زيد ( زوجة الشهداء ) عاتكة بنت زيد العدوية القرشية عروس شارع الأشراف بحي الخليفة :-

هي : عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . 

السيدة عاتكة صحابية جليلة ، من المسلمات العابدات ، كانت حافظة للقرآن كما كانت شاعرة مجيدة ، عرفت بالبلاغة وفصاحة القول ، تتمتع بجمال باهر، ولكنها كانت حيية تقية ، حسبها من المكارم والفضائل إنها أخت سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وابنة عم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أما أبوها زيد بن عمرو فقد كان فريدا في عصره وزمانه قادته فطرته السليمة إلى مخالفة قريش في عبادتهم للأصنام وخرج من مكة يطلب دين سيدنا إبراهيم عليه السلام ، فبلغ الموصل والجزيرة ومنها إلى الشام كله يسأل رهبانهم وأحبارهم حتى قالوا له : قد أطل زمان نبي يخرج من بلادك التي خرجت منها يبعث بدين إبراهيم الحنيفية فالحق بها فإنه مبعوث الآن هذا زمانه ، وفى طريق عودة زيد بن عمرو إلى مكة أدركه عدو له فقتله .

يقول ابنه سعيد بن زيد : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم " أنستغفر لزيد بن عمرو ؟ قال نعم فإنه يبعث امة وحده " .

وعن أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنها قالت : ( رأيت زيد بن عمرو بن نفيل شيخا كبيرا مسندا ظهره إلى الكعبة وهو يقول : اللهم لو أنى اعلم أي الوجوه أحب إليك عبدتك به ولكنى لا اعلمه ، ثم يسجد على راحته ) .

كانت السيدة عاتكة بنت زيد من السابقين إلى الدخول في الإسلام عاصرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت شاعرة من شواعر العرب ذات جمال وكمال وخلق حسن ورجاحة عقل وجزالة رأى ، تعدد عليها أزواجها الذين انتهت حياتهم جميعا بمأساة حتى استحالت قصصا ومضرب أمثال في الحب والرثاء ..

تزوجها عبد الله ابن أبى بكر الصديق فشغلته بجمالها عن تجارته فمر عليه والده أبو بكر الصديق وهو في علية يناغيها وأبو بكر متوجه إلى صلاة الجمعة ، فصلى أبو بكر ثم رجع فوجده لا ينفك يناغيها فقال : يا عبد الله أجمعت - أي صليت الجمعة ؟ قال او صلى الناس ؟ قال : نعم ، قال أبو بكر : قد شغلتك عاتكة عن المعاش والتجارة وقد الهتك عن فرائض الصلاة طلقها ، فطلقها عبد الله تطليقه ، وبينا أبو بكر يصلى على سطح له في الليل إذ سمعه وهو يقول : 

أعاتك قلبي كل يوم وليلة .. لديك بما تخفى النفوس معلق

لها خلق جزل ورأى ومنطق .. وخلق سوى في حياء مصدق

فلم أرى مثلي طلق اليوم مثلها .. ولا مثلها في غير شيء تطلق

فسمع أبو بكر قوله فرق له وقال له : يا عبد الله راجع عاتكة ، فقال : أشهدك أنى قد راجعتها ، ونظر إلى غلام له يقال له أيمن وقال له : يا أيمن انت حر لوجه الله تعالى أشهدك أنى راجعت عاتكة ، ثم خرج إليها يجرى إلى مؤخر الدار وهو يقول  :

أعاتك قد طلقت في غير ريبة .. ورجعت للأمر الذي هو كائن

كذلك أمر الله غاد ورائح .. على الناس فيه ألفة وتباين

فإنك ممن زين الله وجهه .. وليس لوجه زانه الله شائن

وقد بلغ حب عبد الله لعاتكة أن أعطاها حديقة له حين راجعها واشترط عليها أن لا تتزوج بعده ، إلا انه لم يسعد طويلا بعاتكة الجميلة إذ خرج في سرية إلى الطائف فأصيب بسهم فكان فيه هلاكه فمات بالمدينة .

وظلت عاتكة بعد وفاة زوجها عبد الله بدون زواج لمدة ثلاث سنوات حتى أرسل إليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : انك قد حرمت عليك ما أحل الله لك ، فقالت عاتكة : قد كان عبد الله بن أبى بكر قد أعطاني حديقة على أن لا أتزوج بعده ، فقال لها عمر : استفتى ، فاستفتت على بن أبى طالب رضي الله عنه ، فقال لها على : ردى الحديقة إلى أهله وتزوجي ، فتزوجت عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 12هـ وأعقبت منه ولدا اسمه عياض ، يذكر ابن سعد في الطبقات الكبرى ( كانت عاتكة بنت زيد امرأة عمر بن الخطاب تستأذنه إلى المسجد فكان عمر يقول لها إذا استأذنته إلى المسجد : قد عرفت هواي في الجلوس بالمنزل ، فتقول : لا ادع استئذانك . وكان عمر لا يحبسها إذا استأذنته فلقد طعن عمر وهى في المسجد .

وبعد مقتل عمر رضي الله عنه بخنجر أبى لؤلؤة المجوسي تزوجت عاتكة بعده بحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام احد العشرة المبشرين بالجنة ، فكان الزبير يغار عليها لفرط جمالها فكان يمنعها من الخروج إلى المسجد فتقول له : يا بن العوام أتريد أن ادع لغيرتك مصلى صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر فيه ؟ فقال الزبير : لا أمنعك ، فلما سمع الزبير النداء لصلاة الصبح توضأ وخرج وتنكر في مكان مظلم فلما مرت به ضرب بيده على عجيزتها فرجعت إلى بيتها وامتنعت عن الخروج إلى المسجد ، فلما رجع الزبير بن العوام من المسجد قال لها : يا عاتكة مالي لم أراك في مصلاك ؟ فقالت : كنت اخرج والناس ناس وأما إذا فسد الناس فبيتي أوسع لي ، كان سوء الحظ دائما بالمرصاد للسيدة عاتكة إذ قتل زوجها الزبير بن العوام بوادي السباع بقرب البصرة عام 36هـ حين اعتزل الناس يتقاتلون في واقعة الجمل قائلا : مالي في هذا الأمر من بصيرة .

تذكر د. سعاد ماهر في مساجد مصر وأولياؤها الصالحون أن السيدة عاتكة تزوجت بعد الزبير بمحمد بن أبى بكر ابن الخليفة أبى بكر الصديق رضي الله عنه الذي حضر إلى مصر في النصف من شهر رمضان سنة 37هـ واليا عليها من قبل الخليفة على بن أبى طالب ، لم تمكث ولاية محمد بن أبى بكر على مصر سوى خمسة أشهر حيث قتل رابع عشر شهر صفر سنة 38هـ على يد قائد الجيش الأموي معاوية بن حديج الذي ادخل جثته في جوف حمار وأحرقه ودفن بمسجده الحالي بشارع باب الوداع بمصر القديمة ورثت عاتكة زوجها محمد بن أبى بكر بأبيات حزينة منها  :

أن تقتلوا وتمثلوا بمحمد .. فما كان من اجل النساء ولا الخمر

وتستكمل د. سعاد ماهر في مساجد مصر ( ثم خطبها على بن أبى طالب رضي الله عنه وهو يومئذ خليفة على المسلمين ولكنها رفضت قائلة : إني اضن بك يا بن عم رسول الله على القتل ، إذ كان المسلمون يتندرون عليها ويقولون : من أحب الشهادة فليتزوج عاتكة ) ..

فَبَعَثَ إِلَيْهَا علي بن أبي طالب يخطبها فقالت : إِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ أَنْ تُقْتَلَ ، فَأَبَتْ أَنْ تتزوجه ولو تزوجته لقتل عنها أيضاً ، مما دفع علي بن أبي طالب إلى القول : ( من أحب الشهادة الحاضرة فليتزوج عاتكة ) ..

ثم تزوجها ( الحسين بن علي ) وأحبته ( وشهدت مصرعه في كربلاء ) ، فلما قتل رثته بقولها :

واحسنا فلا نسيت حسينا .. أقصدته أسنة الأعداء

ورحلت مع زينب إلى مصر ولم تتزوج بعد ذلك حتى لقيت ربها ( وكانت كلما كبرت سنها ازدادت جمالاً ) .

كذا قيل إنها تزوجت بالحسن بن على ، ومات عنها مسمومًا وكان آخر أزواجها ، وقيل تقدم لخطبتها مروان بن الحكم بعد الحسن فقالت : ما كنت متخذة حما بعد رسول الله  .

وفى عام 41هـ فاضت روح سيدتنا عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل القرشية إلى بارئها فرضي الله عنها وجعل جنة الفردوس مثواها ، وكان ذلك في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان .

يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم : ( خير نساء ركبن الإبل نساء قريش ) .

وتزعم بعض العامة نسبة هذا المشهد إلى عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم السيدة عاتكة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي تزوجها في الجاهلية أبو أمية بن المغيرة ثم أسلمت عاتكة بنت عبد المطلب بمكة وهاجرت إلى المدينة ولم تشر أي المصادر التاريخية إلى حضورها إلى مصر .