فن وثقافة
خبير أثرى يرصد قصة أعظم اكتشاف أعاد تأريخ سيناء
الخميس 09/أغسطس/2018 - 06:55 م

الدكتور عبد الرحيم ريحان
طباعة
sada-elarab.com/109053
يرصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بوجه بحرى وسيناء إنجازات الآثار بسيناء منذ استردادها .
ويشير الدكتور ريحان إلى أن منطقة آثار سيناء للآثار الإسلامية والقبطية بدأت العمل فعليًا بسيناء منذ عام 1985 بأعمال مسح أثرى شامل كشفت عن تلال أثرية وبقايا شواهد أثرية فى عدة مناطق بشمال ووسط وجنوب سيناء وبدأت فى وضع خطة للحفائر بهذه التلال بناءً على دراسات تاريخية وأثرية لهذه المواقع وشكلت فريق عمل علمى لهذا من مفتشى آثار المنطقة.
الاكتشافات الأثرية
يشير الدكتور ريحان إلى أن الفريق العلمى بدأ بتقسيم نفسه إلى مجموعات عمل فى مواقع مختلفة تحت قيادة الآثارى عبد الحفيظ دياب مدير آثار سيناء كلها ثم مدير عام آثار جنوب سيناء بعد تقسيمهما إلى جنوب وشمال وتحددت خطة عمل الفريق الخاص بقلعة صلاح الدين الأيوبى بجزيرة فرعون بطابا فى الكشف عن ملامح العناصر المعمارية للقلعة ومن حسن الحظ أن سلطات الاحتلال الإسرائيلى لم تقم بأعمال حفائر داخل القلعة بل اكتفت بحفائر فى المياه حول القلعة وزورت من خلالها تاريخ القلعة من خلال ما نشر بالدوريات العلمية لعلماء إسرائيليون.
ويتابع الدكتور ريحان بأن الفريق العلمى بالقلعة كان عليه عبئ إضافى وهو تكذيب التقارير العلمية الإسرائيلية بأدلة مادية ملموسة من خلال الحفائر وتجهيز الموقع لأعمال ترميم ضرورية وعاجلة ووضع أسس الترميم من خلال أعمال الحفائر والدراسات الأثرية وقد تم هذا بالفعل فى أول مشروع لترميم قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا وقد استخدمت نفس الأحجار المتساقطة والتى بنيت بها القلعة والمأخوذة من محجر القلعة من التل التى بنيت عليه ووضعت أساسات العناصر المعمارية المختلفة بناءً على الأساسات المكتشفة بالحفائر واستخدمت أخشاب من أشجار النخيل طبقًا لما كشف عنه فى تسقيف القلعة وتم أول مشروع ترميم لأثر فى سيناء وكان له مغزى تاريخى وثقافى وسياحى وقومى قبل كل شئ حيث استعين بالكتاب التى أصدرته هيئة الآثار وقتها عن مشروع ترميم القلعة كوثيقة تاريخية وأثرية لإثبات أحقية مصر فى طابا.
ويوضح الدكتور ريحان أنه من حسن الحظ وأثناء أعمال حفائر موسم 1989 تم أعظم كشف فى تاريخ القلعة فى الحفائر الذى شارك بها الدكتور عبد الرحيم ريحان والذى أسعده الحظ بأن يكون هو مفتش الآثار المتواجد بموقع الحفائر فى هذا اليوم العظيم حيث يروى أنه لاحظ أثناء الحفر على بعد 20سم فقط من سطح الأرض وجود لوح حجرى مقلوب على ظهره وهم أحد العمال بالتعامل معه بعنف حيث كان العمال غير فنيون أو متخصصون فى أعمال الحفر لقلة الأجر المخصص لهم فى منطقة نائية فصرخ الدكتور ريحان فجأة بوقف كل أعمال الحفر وترك أدوات الحفر فورًا واقترب من اللوح الحجرى وقام بعدله على الوجه وفوجئ بنص كتابى قام بأول قراءة له وتأكد أنه نص يؤكد بناء القلعة فى العصر الإسلامى على يد القائد صلاح الدين الأيوبى وتاريخ 583هـ وأن اللوحة خاصة بفرن تصنيع الأسلحة داخل القلعة وقد قام الدكتور فهمى عبد العليم رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية فى ذلك الوقت بنشر خبر هذا الكشف العظيم فى الصفحة الأولى فى الأهرام بعد إرسال التقرير العلمى الأولى عن الاكتشاف .
ويتابع الدكتور ريحان أخبار الاكتشافات الأثرية حيث كشفت بعثة آثار منطقة جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية عن دير هام مكتمل العناصر المعمارية بقرية الوادى التى تبعد 5كم شمال مدينة طور سيناء يعود إلى القرن السادس الميلادى أنشئ فى نفس تاريخ بناء دير سانت كاترين وكذلك الكشف عن ميناء للأنباط يشرف على خليج العقبة يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد والقرن الأول الميلادى بمدينة دهب وتوالت الاكتشافات لبعثة آثار منطقة جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية بكشف قلايا المتوحدين الأوائل بسيناء التى تعود إلى القرن الرابع الميلادى بوادى الأعوج بسيناء ومساكن عباس بمنطقة سانت كاترين.
وعن دور البعثات الأجنبية بجنوب سيناء يوضح الدكتور ريحان أن هناك بعثتين عملتا بمنطقة جنوب سيناء تحت إشراف المنطقة منها بعثة يابانية بطور سيناء برئاسة الدكتور مؤتسو كاواتوكو كشفت عن ميناء سيناء فى العصر المملوكى بمنطقة تل الكيلانى بطور سيناء علاوة على النقوش الصخرية المختلفة منها نقوش جبل الناقوس بطور سيناء الذى نقش عليه المسلمون والمسيحيون كتاباتهم وأدعيتهم والتى تعد وثائق على التعايش الحضارى على أرض سيناء وكذلك بعثة ألمانية عملت بمنطقة وادى فيران برئاسة الدكتور بيتر جروسمان والتى كشفت عن مدينة بيزنطية متكاملة كانت مقرًا لكاتدرائية سيناء قبل إنشاء دير سانت كاترين وبعثة فرنسية لموسمين فقط كشفت عن بعض الملامح المعمارية بقلعة الجندى برأس سدر.
تسجيل دير سانت كاترين تراث عالمى
يوضح الدكتور ريحان بأن هناك شخصية آثارية محورية فى تاريخ سيناء يعد المؤسس الحقيقى لمناطق الآثار الإسلامية والقبطية بسيناء كما كان السبب الرئيسى بمجهوداته ومجهودات الآثاريين بسيناء فى الدخول إلى دير سانت كاترين وتوطيد العلاقة مع الرهبان مما أزال كل المخاوف لديهم والتى أسهمت فى البداية فى تسجيل دير سانت كاترين كأثر من آثار مصر فى العصر البيزنطى الخاص بطائفة الروم الأرثوذكس عام 1993 بعدها تحمل مسئولية تسجيل الدير تراث عالمى بالمساهمة العلمية والإدارية محليًا ودوليًا مع إدارة الدير ومطران دير سانت كاترين قداسة الأب داميانوس حتى تم تسجيل الدير ضمن قائمة التراث العالمى (يونسكو) عام 2002.
دراسات أثرية
ويشير الدكتور ريحان إلى أن معظم الأعمال الأثرية بسيناء تم ترجمتها إلى أبحاث ودراسات علمية يستفيد منها الباحثون ومشاريع الترميم لهذه الآثار والمستثمرون والإعلاميون وهواة الآثار ومنها دراسة للدكتور عبد الرحيم ريحان نشرها بكتاب الاتحاد العام للآثاريين العرب عام 2002 كذب فيها ادعاءات العلماء الإسرائيليون التى نشرت بالدوريات العلمية تنزع عن سيناء وقلعة صلاح الدين بطابا هويتها المصرية ومنها بحث العالم الإسرائيلى ألكسندر فلندر الذى نشره عام 1977 فى إحدى الدوريات الخاصة بالاكتشافات الأثرية تحت الماء وحاول مع مجموعة علماء شاركوا فى الحفر تزوير تاريخ القلعة ونسب بنائها إلى أيام نبى الله سليمان وقدموا أدلة واهية قام الدكتور ريحان بتفنيدها كلها وتأكيد هوية القلعة المصرية وبنائها فى عصر صلاح الدين من خلال اللوحة التأسيسية المكتشفة بها لفرن تصنيع الأسلحة .
كما قام الدكتور ريحان بنشر عدة أبحاث كذبت أبحاث سلطة الاحتلال بخصوص وجود طريق للحج اليهودى بسيناء وأكد من خلال بحث نشره بكتاب الاتحاد العام للآثاريين العرب عام 2004 أن الطريق هو طريق حج للمسيحيين منذ القرن الرابع الميلادى ولا علاقة له باليهود والذين حاولوا تأكيد ذلك بتزويرهم لنقوش الطريق بوضع نقش حديث لرسم المينورا المشهورة فى الفنون اليهودية.
مشاريع تطوير
قدم الدكتور عبد الرحيم ريحان إلى المجلس الأعلى للآثار مشاريع لتطوير المواقع الأثرية بسيناء ومنها استغلال الطرق التاريخية الدينية بسيناء لإحياء السياحة الدينية حيث تمتلك سيناء ثلاثة طرق دينية لا مثيل لها فى العالم وهى طريق خروج بنى إسرائيل بسيناء وقد قام الدكتور ريحان بتحقيق هذا الطريق من خلال الشواهد الأثرية الباقية وهو طريق يهم كل الأديان فالأديرة الشهيرة بسيناء مثل دير سانت كاترين وغيرها أنشئت فى مواقع الخروج تبركًا بهذه المناطق والمسلمون فى العصر الفاطمى أنشئوا جامعًا داخل دير سانت كاترين آيام الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله عام 500هـ 1106م لتلتقى الأديان فى بقعة واحدة عند شجرة العليقة المقدسة وجبل الشريعة.
وكذلك طريق الحج المسيحى بسيناء منذ زيارة القديسة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين لهذا الطريق وبناء كنيسة فى أحضان العليقة المقدسة وبرج يحتمى به الرهبان فى القرن الرابع الميلادى وقد تم الكشف عن محطات هذا الطريق بشرق وغرب سيناء وطول هذا الطريق بسيناء وحدها 700كم، وكذلك درب الحج المصرى القديم عبر وسط سيناء والذى شهد قمة ازدهاره فى العصر المملوكى.
وقدم الدكتور ريحان رؤية مكتملة لكيفية تطوير محطات هذه الطرق وكيفية استغلال القواسم الحضارية المشتركة مع الدول المجاورة لتطوير الطريق مثل درب الحج المصرى القديم ووجود محطات له فى مصر والأردن والسعودية وطريق الحج المسيحى ووجود حجاج مشهورين كانوا يأتون لهذا الطريق مثل الحجاج الأرمن والروس.
وطالب بربط هذا الطريق القديم للحج المسيحى بمسار العائلة المقدسة الذى بدأ من سيناء من رفح إلى الفرما وعادت العائلة المقدسة أيضا من سيناء من الفرما إلى رفح.


