رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
القبطان محمود المحمود

القبطان محمود المحمود

ناري ونار الجار واحدة

الأحد 02/يوليو/2017 - 08:46 م
طباعة


أحب تربية الكلاب في بيتي ولي عشق خاص مع أنواع منها، ولقد كان لي مع جاري قصة تمحورت حول كلب اشتريته بسعر كبير نسبيًا ووضعت فيه هذا المبلغ لأنه كلب مميز، فقد وجدته بعد بحث طويل عن تلك النوعية النادرة من الكلاب، خاصة وأنه لا يتوفر بسهولة في البحرين.

وعدت به البيت ووضعته في كوخ خصصته له في الحديقة، ولم أكن أدري أن موقع الكوخ سيكون سببا في فقداني هذا الكلب، فبعد أيام من وجوده بالبيت ونباحه المتواصل «كأي كلب»، جاءتني شكوى من جاري، الذي قال لي إن الكلب الذي اشتريته مؤخرًا يتسبب في إزعاج كبير لنا بنباحه المتواصل، كما أن أطفاله يخشون الكلاب ويشعرون بوجل وبأن نباحه يزعجهم ولا ينامون، ولقد كان الرجل خلوقًا في حديثه ولم يطلب مني التخلص من الكلب، ولكن سألني أن أبعده عن الحائط القريب من بيته حتى لا يصل صوته لأطفاله.

واحترامًا لجاري وأطفاله لم أفكر سوى في التخلص من الكلب وبأي طريقة وحتى بدون مقابل، وبالفعل عرضته على بعض الأصدقاء، حيث منحته لصديق علم مني أني أريد التخلص من الكلب، لكن وبعد فترة جاء لي جاري وسألني قائلا: لم نعد نسمع نباح الكلب هذه الايام.. أين هو؟ فأجبته بأني تخلصت منه حتى لا يتسبب في إزعاجه، فقال لي إنه لم يرغب في أن أتخلص من الكلب تمامًا، ولكن إبعاده فقط عن محيط بيته، ولكن كان الجار عندي أهم من الكلب ومن شغفي بحب الكلاب.

هذه القصة القصيرة ربما يعتبرها البعض ملحمية قصيرة، وآخرون سيعتبرونها شيئا طبيعيا، وبين هذا الرأي وذاك، لا أجد فيها سوى اتباعا لقوله تعالى «واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب»، وتأسيًا بالرسول الكريم حين قال «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه»، وكذلك حديثه القائل فيه «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره»، وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت يا رسول الله: «إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: إلى أقربهما منك بابا».

كما لا أجد في قصتي وما فعلته مع جاري سوى الأمر المفترض بين جميع الجيران سواء على المستوى الشخصي أو المجتمعي، وما يستوجب عليَّ فعله مع جاري، يجب أن ينسحب أثره العكسي على الجار، فيبادل جاره السكن الحسن والجيرة الطيبة والحرص على مشاعره وعدم افتعال أمور تزعجه، وهي أمور عربية وإسلامية أصيلة، حيث قال احد الشعراء: «ناري ونار الجار واحدة        وإليه قبلي تنزل القدر،ما ضر جار لي أجاوره أن لا يكون لبابه ستر».

ويتسع مفهوم حسن الجوار ليشمل الإطار العام للمجتمعات، وعلاقات الجيرة بينهما، فقد كانت العرب قديمًا تحمي جيرانها وتتعاضد فيما بينهما حماية للأرض ووفقًا للعرف الذي يحتم على الجار حماية جاره وحسن معاملته، ولا بد أن يتبادل أيضا هذا الجار معي نفس الأفعال وألا تبقى تلك المعاملة ذات اتجاه واحد، فالمفترض أنها علاقة تبادلية ينتفع منها الطرفان، فهل يفهم الجار ما أضحي به من أجله وما أتغاضى عنه من أذى ليبقى حسن الجوار؟ أم أن نفترق ويرحل كل منا إلى طريق؟ وإذا لم يكن هناك وسيلة لرحيل أي منا، فلا بد من إيجاد تفاهمات ملزمة لحسن الجوار.

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر

ads