اقتصاد
"ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بين الواقع وأحلام الشباب"
الثلاثاء 17/أبريل/2018 - 02:49 م

طباعة
sada-elarab.com/93095
عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية ندوة بعنوان "ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بين الواقع وأحلام الشباب" وذلك يومي 15 و16 إبريل بمحافظة أسيوط بهدف التعريف ببيئة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة في محافظات الصعيد.
شهدت الندوة حضورا كثيفا من شباب محافظات الصعيد المختلفة، وشارك فيها محافظي أسيوط "المضيفة"، وسوهاج، وعدد من كبار ممثلي الجهات الحكومية والمتعاملة بمنظومة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من بينها البنك المركزي والبنك الأهلي، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وهيئة التنمية الصناعية، ووزارة التنمية المحلية "مشروعك"، وجهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة بوزارة التجارة، فضلا عن عدد من الخبراء والمستثمرين ورواد الأعمال.
وصرحت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، أنه من حق الصعيد أن يتم تناول مشاكله في مكانه وليس في القاهرة، لافتة إلى أن هدف الندوة بالأساس هو نشر والتعريف بثقافة وتفاصيل بيئة الأعمال الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة في محافظات الصعيد، وهي معرفة غائبة عن شباب الصعيد، من خلال شرح المنظومة وفتح حوارات مباشرة مع المسئولين المعنيين بها والخبراء في المجال. وأوضحت عبد اللطيف أن هناك فارقا كبيرا بين أن تكون صاحب مشروع صغير وأن تكون رائد أعمال، فهناك خلط كبير يحدث في هذا الموضوع؛ حيث إن ريادة الأعمال تتمثل في أن يتضمن مشروعك فكرة رائدة وليس مجرد مشروعا تقليديا.
وقال الدكتور زياد بهاء الدين رئيس الوزراء الأسبق، أن العامين الماضيين شهدا طفرة تشريعية بالقوانين الميسرة لبيئة الأعمال في مصر، والتي لا تقتصر على قانون الاستثمار الجديد الذي اعتبره الأقل تأثيرا في هذه المنظومة، وإنما أيضا صدور تعديل قانون الشركات، تحديدا الخاصة بشركة الشخص الواحد وقانون الضمانات المنقولة الجديد، وقانون التراخيص الصناعية، وقانون التمويل متناهي الصغر، مطالبا بإشراك وتفعيل دور المنظمات الأهلية وجمعيات رجال الأعمال في المنظومة.
ودعا الدكتور مصطفى عبد القادر رئيس مصلحة الضرائب الأسبق، إلى ضرورة الانتهاء من نظام ضريبي خاص بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال فرض ضريبة قطعية على أساس رقم الأعمال وهو النظام المعمول به عالميا.
وأكد الدكتور رضا فرحات محافظ القليوبية السابق والإسكندرية الأسبق أن البيروقراطية والمركزية الشديدة هما أكثر ما يعرقل الشباب في تأسيس مشروعاتهم الصغيرة وأنه لمس ذلك بشكل كبير في جهوده لدعم الشباب عندما كان محافظا، موضحا أنه يمكن تخطي العراقيل البيروقراطية في بعض الأحيان من خلال إجراءات على مسئولية المحافظ، وكثيرا ما يتردد المحافظين في اتخاذها، ولكن الأصل يكمن في وجود منظومة سلسة ومحفزه للجميع.
ومن جانبه قال الأستاذ محمد عبد الملك ممثل جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إن الجهاز منح تمويلات للمشروعات بما قيمته 23 مليار جنيه على مدار الـ26 عاما الماضية، مرجعا عدم شعور المجتمع بالعائد من هذه الاستثمارات الكبيرة إلى أن 70% منها يتركز في المشروعات الخدمية والتجارية، ولكن من المقرر أن يكون التوجه الأكبر نحو تمويل المشروعات الصناعية خلال الفترة المقبلة.
وتساءل الدكتور خالد اسماعيل مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة كيانجل، عما تم في المشروعات الصغيرة التي حصلت على قروض من جهاز المشروعات – الصندوق الاجتماعي سابقا – بهذه القيمة الكبيرة (23 مليار جنيه) والذي يعد مبلغا ضخما في ظل اقتصاد يعاني.
وقالت السيدة زينب عبد الله، ممثل "مشروعك" بوزارة التنمية المحلية، إن البرنامج قدم تمويلات قيمتها 5.9 مليار جنيه حتى الآن، استفاد منها حوالي 95 ألف مشروع، 64% منها أنشطة تجارية، و15% منها زراعية، و11% منها خدمية، وجاءت المشروعات الصناعية في نهاية القائمة بحوالي 10% فقط من القروض الممنوحة.
وشهدت جلسات الندوة المختلفة انتقادا كبيرا من الشباب المشاركين، ومستثمري الصعيد، لشروط وضمانات التمويل المتشددة من البنوك والتي يصعب على أي مشروع ناشئ الالتزام بها. وأكدت الدكتورة عبلة من جانبها على أن التوجه العالمي في هذا الاتجاه يعتمد على تقييم البنوك ضمانات لقروض المشروعات الصغيرة بناء على قدرتها على الإنتاج والسداد، وهي ثقافة غير سائدة في مصر، ويجب أن يُجرى مزيد من الحوارات حول المنظومة، ضاربة مثل بمشروع "وظيفتك جنب بيتك" والذي موله البنك الأهلي بقروض حتى مليون جنيه للمشروع بدون ضمان مالي، وذلك لوجود عقد بين المشروع الصغير ومصنع كبير يشترى بموجبه الإنتاج لمدة 3 سنوات.
وشرح الدكتور شريف سامي، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية السابق، أن التمويل البنكي ليس هو الطريقة الوحيدة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فهناك عدد من وسائل التمويل غير المصرفية مثل التأجير التمويلي، ورأس المال المخاطر، والتمويل متناهي الصغر الذي يقدمه عدد ضخم من الجمعيات.
ومن ناحيته أشار الأستاذ مصطفى منير، رئيس قسم قطاع التطوير المصرفي بالبنك المركزي، أن البنك المركزي وافق مؤخرا على إصدار ضمانة لشركة ضمان مخاطر الائتمان CGC بقيمة 2 مليار جنيه، والتي ستمكن الشركة من إصدار ضمانات للبنوك بنحو 20 مليار جنيه مخصصة لشريحة الشركات الصغيرة والمتوسطة، مع التركيز على قطاعات الصناعة والزراعة والطاقة الجديدة والمتجددة وتكنولوجيا المعلومات، مما يساهم في توسع البنوك في تمويل تلك المشروعات.
وقال منير إن إجمالي ما تم منحه من قروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة منذ إطلاق مبادرة البنك المركزي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في 2016 وحتى نهاية 2017 بلغ 67.7 مليار جنيه، استفاد منها 61.508 ألف عميل، لافتا إلى أن البنك المركزي أنشأ إدارة خاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة لتحسين أداء البنوك وتقديم خدمات غير ماليه إضافية تحسن من كفاءة المنظومة البنكية.
وأكد الأستاذ كريم حمدي، رئيس قطاع سجل الضمانات المنقولة بالشركة المصرية للاستعلام الائتماني I score، أن عدد الضمانات المنقولة التي تم تسجيلها منذ فتح باب التسجيل لأول مرة في 11 مارس الماضي بلغ 180 ضمانة بقيمة 1.4 مليار جنيه حتى الآن. ويسمح قانون الضمانات المنقولة للمستثمر بالحصول على تمويل لشراء الآلات والمعدات، بموجب إشهارها في سجل الضمانات المنقولة، دون أن تنتقل من حوزته مما يمكنه من الحصول على تمويل دون التأثير على عملية الإنتاج، حيث تعاقدت شركته مع 35 بنكا بالإضافة إلى شركات التأجير التمويلي وجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، للاشتراك في سجل الضمانات المنقولة.
وشهدت الندوة جلسة ساخنة تتعلق بمشاكل تخصيص الأراضي والتعثر في محافظات الصعيد، شارك بها الأستاذ على حمزة، رئيس جمعية مستثمري المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمحافظة أسيوط، والأستاذ محمود الشندويلي، رئيس جمعية مستثمري سوهاج، وحضرها السيد ياسر الهوارى، محافظ أسيوط، وعدد من مستثمري أسيوط وقنا وسوهاج.
وجاءت الشكوى الرئيسية من بطء وعدم استجابة هيئة التنمية الصناعية إلى مطالب المستثمرين بتخصيص أراضي صناعية لإقامة مشروعات عليها بعد تعديل قانون الأراضي الصناعية رقم 62 لسنة 2016، والذي نقل جهة ولاية الأراضي الصناعية من المحافظات إلى هيئة التنمية الصناعية وحدها، مما أدى إلى مركزية شديدة، وهو ما أكد عليه أيضا محافظ أسيوط الذي شكا بدوره من عدم استجابة الهيئة لطلبات تخصيص الأراضي للمستثمرين مما يعطل عملية التنمية بمحافظات الصعيد.
وردت السيدة أماني مؤمن، مساعد رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية للاستراتيجيات والتعاون الدولي، أن نقل جهة ولاية الأراضي لهيئة التنمية الصناعية هدفه تنظيم عملية تخطيط المدن الصناعية، حيث تسبب تعدد جهات الولاية في السابق بوجود مدن صناعية عشوائية مما يهدر الموارد المالية للدولة في الترفيق العشوائي، لافتة إلى وجود 135 منطقة صناعية بمصر. وأضافت أن العديد من طلبات التخصيص التي تتلقاها الهيئة غير مكتملة، وتكون بعض دراسات الجدوى غير واضحة أو ناقصة، وهو ما يصعب معه تخصيص الأراضي، ولكنها وعدت بالإسراع في دراسة الحالات والبت بطلبات التخصيص، حيث يجرى الآن إعداد قاعدة بيانات بالأراضي الصناعية الشاغرة، لأنه لا يوجد قاعدة بيانات مكتملة حتى الآن ويتم الاعتماد على ما تقدمه المحافظات من معلومات.
وفي جلسة رأس المال المخاطر والمستثمر الملاك، شرح الأستاذ شريف سامي كيف أن كل مرحلة من المشروع تتطلب نوعا مختلفا من التمويل، داعيا الشباب للاستفادة من فرص التمويل غير المصرفي المتاحة مثل التأجير التمويلي والتخصيم والفرق بين المستثمر الملاك ورأس المال المخاطر.
واستعرض عدد من الشباب رواد الأعمال تجاربهم الرائدة، ودارت مناقشات حول الصعوبات التي تواجههم والتي تمثل أبرزها في التمويل وتخصيص الأراضي الصناعية.
وشرح الدكتور خالد اسماعيل كيف يجب أن يفكر رائد الأعمال بداية من فكرة المشروع وحتى التنفيذ، ونصح الشباب بالبحث عن التميز في أي فكرة حتى يمكنه تسويقها، مؤكدا أن الشاب إذا آمن بفكرته سيتخطى كل الصعاب، موضحا أن دور المستثمر الملاك هو دعم الشاب في هذه المرحلة ولكن بعد أن يكون قد اجتهد في تطوير فكرته إلى أقصي قدر ممكن.