عميد أكاديمية الشارقة للعلوم الشرطية يستعرض دور الإعلام الأسري الرقمي في تعزيز الأمن المجتمعي والوقاية من الجرائم الألكترونية الأسرية

استعرض عميد دكتور / جمال الشحي عميد  أكاديمية الشارقة للعلوم الشرطية  ورقه عمل  خلال المؤتمر الدولي الخامس عشر للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة و بمشاركة عربية واسعة بمناسبة مرور ١٦ عام على إنشاء الاتحاد  وعقد مؤتمره الدولي بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية حول دور الإعلام الأسري الرقمي في تعزيز الأمن المجتمعي والوقاية من الجرائم الألكترونية الأسرية

وقال الشحي  يشهد العالم اليوم نقلة رقمية واسعة أثّرت على تشكيل العلاقات داخل الأسرة العربية وعلى طرق تلقي المعلومات، وأساليب التربية، وأنماط التواصل، وفي ظل هذا المشهد المتغير، أصبح الإعلام الأسري الرقمي ركناً أساسياً من أركان بناء الوعي الأمني المجتمعي، خصوصاً في ظل تزايد معدلات الجرائم الإلكترونية التي تستهدف الأطفال، واليافعين، والأسر ككل،ولأن الأسرة هي اللبنة الأولى للأمن المجتمعي، فإن تعزيز وعيها الرقمي يمثل أحد أهم عناصر الوقاية الأمنية الشاملة

وسأتحدث في هذه الكلمة من خلال ثمانية نقاط رئيسية مترابطة هي علي الترتيب :

أولاً: التحول الرقمي وتغير منظومة الأسرة العربية

لقد أحدث التحول الرقمي تغيرات عميقة في الأسرة، أبرزها :

1.     انتقال كثير من أنشطة الأبناء إلى الفضاء الرقمي، كالترفيه، والتعلم، والتواصل

2.     دخول تطبيقات الذكاء الاصطناعي التفاعلية إلى حياة الأطفال

3.     غياب الرقابة التقليدية التي كانت تعتمد على الوجود الجسدي

4.     ازدياد ظاهرة تشتت الانتباه وضعف التواصل بين أفراد الأسرة بسبب انشغال كل فرد بجهازه الخاص

5.     ظهور تحديات جديدة مثل المحتوى المضلل، وانتحال الهوية، والاستغلال عبر الإنترنت

ثانياً: مفهوم الإعلام الأسري الرقمي وأدواره الأمنية

الإعلام الأسري الرقمي هو المحتوى الإلكتروني الهادف الذي يصل إلى الأسرة عبرمنصات التواصل الاجتماعي التطبيقات التربوية - القنوات التعليمية الرقمية - المواقع التوعوية - البودكاست والفيديوهات القصيرة وتكمن أهميته في دوره الأمني عبر:

1.     نشر الوعي بمخاطر الإنترنت والجرائم الإلكترونية

2.     تقديم إرشادات تربوية عملية للأهل حول حماية الأبناء

3.     بناء ثقافة المواطنة الرقمية داخل الأسرة

4.     تعزيز القيم المجتمعية والأمنية

5.     دعم جهود المؤسسات الشرطية والأمنية عبر توسيع نطاق التوعية الرقمية

ثالثاً: الجرائم الإلكترونية الأسرية – توسع وتهديد

تشهد المنطقة العربية زيادة ملحوظة في الجرائم الإلكترونية المرتبطة بالأسرة، ومنها :

1.     الابتزاز الإلكتروني للأبناء بسبب مشاركة الصور أو المعلومات

2.     التنمر الإلكتروني داخل محيط المدرسة والعائلة

3.     الاستدراج الإلكتروني للأطفال عبر الألعاب ومواقع التواصل

4.     جرائم استغلال الأطفال جنسياً باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي

5.     إدمان الإنترنت وتأثيره على الصحة النفسية والسلوك الاجتماعي

6.     نشر الشائعات العائلية داخل مجموعات الواتساب والفضاءات الرقمية

7.     اختراق الخصوصية الأسرية عبر التطبيقات غير الآمنة

رابعاً: دور الإعلام الأسري الرقمي في تعزيز الأمن المجتمعي

 يساهم الإعلام الأسري في بناء مجتمع أكثر أمناً من خلال:

1.     تقديم محتوى توعوي مبسط حول حماية الأجهزة، كلمات المرور، ومخاطر الروابط المشبوهة

2.     تدريب الأسرة على إدارة وقت الشاشة، ومراقبة الاستخدام دون انتهاك خصوصية الأبناء

3.     تعزيز ثقافة الحوار الأسري لكشف أي سلوك رقمي غير مألوف

4.     إنتاج محتوى موجّه للأطفال يعلّمهم الوعي الرقمي بطريقة ممتعة

5.     إنشاء حملات إلكترونية تحفّز الأسر على استخدام وسائل الحماية الحديثة

6.     دعم المدارس والجهات الشرطية في إيصال رسائل التوعية المجتمعية

7.     توعية الأسر بمخاطر المحتوى المزيف وتقنيات التلاعب الذكي

خامساً: الذكاء الاصطناعي وتحديات الإعلام الأسري

تطور الذكاء الاصطناعي فتح باباً واسعاً لمخاطر جديدة، أبرزها :

1.     المحتوى المزيف  الذي قد يستغل صور الأطفال أو النساء

2.     روبوتات المحادثة التي تتفاعل مع الأطفال وقد تُوجّههم لسلوك خطر

3.     الخوارزميات التي تعرض محتوى غير مناسب بحسب نشاط الطفل

4.     استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات الاحتيال الصوتي أو المرئي

سادساً: دور الأجهزة الشرطية والأمنية في دعم الوعي الإعلامي الأسري

1.     تلعب المؤسسات الأمنية دوراً محورياً في تعزيز الوعي الأسري الرقمي عبر إصدار أدلة توعوية منظمة للوقاية من الجرائم الإلكترونية

2.     التعاون مع الإعلام الرقمي لإنتاج برامج هادفة

3.     إنشاء منصات تفاعلية للإبلاغ عن الجرائم الإلكترونية الأسرية

4.     تنظيم دورات تدريبية للوالدين حول الحماية الرقمية

5.     دعم حملات المجتمع والمدارس لنشر ثقافة الأمن الرقمي

سابعاً: نماذج ومبادرات عملية لتعزيز الأمن الرقمي الأسري

من المبادرات المقترحة :

1.     إطلاق حملة وطنية شهرية بعنوان: "أسرة آمنة رقمياً"

2.     إنتاج سلسلة فيديوهات قصيرة للوالدين حول مخاطر الألعاب الإلكترونية

3.     إعداد تطبيق ذكي لمراقبة المحتوى غير المناسب تلقائياً

4.     إنشاء منصة استشارة أسرية رقمية تابعة لإحدى الجهات الشرطية

5.     إصدار دليل تدريبي للمدارس حول حماية الأطفال من الجرائم الإلكترونية

6.     تنظيم ملتقيات تجمع الأسر بخبراء الأمن السيبراني

7.     تحفيز المحتوى العربي الإيجابي الموجّه للأطفال

ثامناً: توصيات لتعزيز دور الإعلام الأسري الرقمي

1.     ربط الإعلام الأسري بالاستراتيجيات الوطنية للأمن الرقمي

2.     تعزيز التعاون بين الإعلام والشرطة والمدرسة

3.     دعم إنتاج محتوى عربي عالي الجودة ينافس المحتوى العالمي

4.     تدريب الإعلاميين على مهارات الوعي الأمني الرقمي

5.     إشراك الأطفال أنفسهم في تصميم محتوى توعوي موجّه لأقرانهم

6.     تعزيز حملات التحقق من الأخبار والشائعات داخل محيط الأسرة

خاتمة

إن الإعلام الأسري الرقمي أصبح شريكاً أساسياً في تحقيق الأمن المجتمعي والوقاية من الجرائم الإلكترونية، فهو يعزز الوعي، ويرسخ المواطنة الرقمية، ويقوي مناعة الأسرة في  مواجهة التحديات الرقمية.

ومع تسارع التحول التكنولوجي، تصبح مسؤولية الأسرة، والمؤسسات الإعلامية     والجهات الشرطية تكاملية لضمان مجتمع رقمي آمن ومتوازن، قادر على حماية أفراده وبناء مستقبل مستدام للأجيال القادمة