عربي وعالمي
الخليلي تستعرض دور الإعلام الأسري والتحول الرقمي نحو وعي وأمن مستدام في فلسطين
الإثنين 08/ديسمبر/2025 - 09:58 ص
طباعة
sada-elarab.com/789531
استعرضت. سلآم الخليلي باحثة وكاتبة في قضايا المراة والطفل فلسطين
دور الإعلام الأسري والتحول الرقمي نحو وعي وأمن مستدام في فلسطين جاء ذلك خلال انطلاق أعمال الدولي الخامس عشر للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، افتتح أعمال المؤتمر بالكلمة الرئيسية للوزير مفوض الدكتور رائد الجبوري - مدير إدارة المنظمات والإتحادات العربية بجامعة الدول العربية.
وبرئاسة الدكتور أشرف عبد العزيز، الأمين العام للاتحاد، وذلك تحت عنوان: "التنمية المستدامة ومستقبل الأجيال"،
وبمشاركة واسعة من خبراء ومسؤولين ومؤسسات عربية معنية بقضايا البيئة والتنمية.
وقالت الخليلي يعتبر الإعلام الأسري والرقمي أحد الركائز الأساسية في عملية التنشئة الاجتماعية بعد حالة الانفجار المعلوماتي والتطور التكنولوجي في السياق العام الدولي وجعل العالم قرية صغيرة يسهل التواصل بين المجتمعات سواء افراد او جماعات، حيث يساهم بشكل واضح في نشر القيم والمعارف وتشكيل الوعي الجمعي ضمن بيئة اجتماعية آمنة. ومع تسارع التحول الرقمي ودخول تقنيات الاتصال الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي المتطورة، أصبح الإعلام الرقمي مكوّناً أساسياً من مكونات الحياة اليومية للأسرة الفلسطينية. هذا التحول لم يكن مجرد نقلة تقنية، بل حمل معه تحديات عميقة تتصل بالأمن القيمي والثقافي والاجتماعي، في ظل واقع فلسطيني مثقل بالاحتلال وتحديات داخلية مرتبطة بواقع اجتماعي من عادات وتقاليد ومشاكل وقضايا ثقافية واقتصادية أخرى تهدد التماسك المجتمعي من موروث ثقافي بحاجة الى تغيير واختراق للأجيال لكي يكون أكثر ووعياً ونضجاً بقضايا اجتماعية وثقافية مرتبطة بالتطور التكنولوجي والمعرفة العلمية، والضغوط السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية. من هنا تأتي الحاجة الملحة تسليط الضوء على الإعلام الأسري والتحول الرقمي لتسهم في بناء وعي وأمن مستدام للأسرة الفلسطينية والمجتمع ككل.
أولا: الإعلام الأسري – كمفهوم
الإعلام الأسري هو مجموعة من الأنشطة والوسائط الاتصالية التي تُعنى بتعزيز الروابط الأسرية، ونقل المعرفة، وبناء منظومة القيم داخل الأسرة.
وهو ايضاً استخدام وسائل وأدوات الإعلام لنشر المعلومات والتوجيه داخل نطاق الأسرة، بهدف دعم دورها في التنشئة الاجتماعية، وتعزيز قيمها، والحفاظ على روابطها القوية وصحتها النفسية، مع مراعاة التحديات التي تفرضها وسائل الإعلام الحديثة وتأثيراتها المتغيرة على القيم الأسرية. وتبرز أدواره الأساسية في:
1. التنشئة الاجتماعية: غرس القيم الثقافية والوطنية وتعزيز الهوية الفلسطينية في ظل تحديات تواجه الاسرة الفلسطينية من غزو لقيم المجتمع بهدف تفكيكيه وتغير القيم والمبادئ التي غرست في الاسرة الفلسطينية.
2. الدعم النفسي والاجتماعي: توفير فضاء تواصلي يحقق التماسك الأسري.
3. التثقيف والحماية: تزويد الأسرة بالمعرفة اللازمة لمواجهة التحديات الصحية والاجتماعية والتربوية.
في السياق الفلسطيني، يتخذ الإعلام الأسري بعداً إضافياً يتمثل في تعزيز ثقافة الصمود ومواجهة محاولات الاحتلال طمس الهوية والتراث، ما يجعل الإعلام أداة استراتيجية للدفاع عن الوعي الجمعي وحماية الذاكرة الوطنية، وتماسك الاسرة والحفاظ على قدرة الاسرة والمجتمع مواجهة التحديات الداخلية والخارجية
ثانياً: التحول الرقمي في فلسطين – نقطة انطلاق
أدى انتشار الإنترنت والهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي إلى تغيير جذري في أنماط التواصل الأسري والاستهلاك الإعلامي. وبالرغم من محدودية البنية التحتية الرقمية بفعل الاحتلال، فإن المجتمع الفلسطيني بات جزءاً من الفضاء الرقمي العالمي واستطاع ان ينشر محتوى لنشر الرواية والسردية الفلسطينية وظهر هذا بشكل واضح خلال حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني رغم تواطء الشركات التكنولوجيا بتغير الخوارزميات لصالح الاحتلال الإسرائيلي مثل جوجل وميكروسوفت.
لذلك كان هذا بمثابة فرص للشعب الفلسطيني من اجل إبراز دوره وان يكون منصة نحو العالم
- توسيع نطاق المعرفة: إتاحة مصادر متعددة للمعلومات.
- تمكين المرأة والشباب: فتح مجالات للتعبير والمشاركة.
- تعزيز الوعي الوطني: عبر المنصات الرقمية المقاومة للرواية الإسرائيلية.
بالإضافة لكي يكون جهد إضافي للشعب الفلسطيني لكي يواكب التطور وابراز الهوية الوطنية الفلسطينية في مواجهة التهديدات الأمنية: كالتجسس الإلكتروني والاختراقات التي يتعرض لها الفلسطينيون باستمرار واظهر ذلك بشكل اكثر وضوحاً خلال هذه الحرب العدوانية على الشعب الفلسطيني، وكذلك محاولة من الاحتلال ليعمل على الاستلاب الثقافي: محاولة فرض روايات مضادة وقيم دخيلة على المجتمع وباعتقادي فشلت كل هذه المحاولات التي قام بها وكان الحفاظ على الثقافة الفلسطينية احدى أدوات الرد المضاد لكل هذه المحاولات رغم فارق الإمكانيات، وكذلك المخاطر الاجتماعية: مثل الإدمان الرقمي، والعزلة الاجتماعية، والتفكك الأسري والتي يعتقد تشكل من التحديات الجدية التي تواجه الاسرة الفلسطينية لكي تحافظ على وعي مستدام في المجتمع الفلسطيني.
ثالثاً: الإعلام الأسري وبناء الوعي
إن الإعلام الأسري الرقمي شكل أداة مهمة في تعزيز ثقافة الحوار داخل الأسرة الفلسطينية، ويسهم في توجيه الأبناء نحو الاستخدام الواعي للتكنولوجيا. ويتجلى دوره في:
1. ترسيخ الانتماء الوطني: من خلال إنتاج محتوى أسري رقمي يعزز الهوية الفلسطينية وباعتقادي إقرار الحكومة الفلسطينية مبادئ من اجل تأصيل الوعي ساهم في الحفاظ على الوعي الاسري والمجتمعي وتجاوز كافة المخاطر التي تتربص في تماسك المجتمع الفلسطيني من خلال تطوير الاستراتيجية الوطنية للوعي والمعلومات في فلسطين.
2. التربية الإعلامية الرقمية: عبر تعليم الأبناء مهارات التفكير النقدي والتمييز بين الحقيقة والدعاية وهذا شكل ورشة عمل مفتوحة ما بين التربويين والإعلاميين والمؤسسات الحكومية والأهلية لكي تحافظ على المهارات التربوية بين مكونات المجتمع.
3. دعم الصحة النفسية: باستثمار الإعلام الرقمي في الترفيه الإيجابي والتواصل البنّاء بين أفراد الأسرة. وفي ظل استهداف الاحتلال المتواصل للرواية الفلسطينية، يصبح الإعلام الأسري الرقمي خط الدفاع الأول في حماية الوعي الجمعي للأبناء من التشويه والتزييف.
رابعاً: الأمن المستدام في البيئة الرقمية
يتجاوز مفهوم الأمن المستدام الجانب العسكري ليشمل الأمن الاجتماعي والثقافي والقيمي. وفي السياق الرقمي، يتطلب هذا الأمن:
- مكافحة المخاطر الرقمية: مثل التنمر الإلكتروني والاستغلال الجنسي والاختراقات الأمنية.
- تطوير السياسات الوطنية: بدمج الإعلام الأسري الرقمي في استراتيجيات التعليم والثقافة والإعلام.
وان الأمن المستدام في فلسطين يعني أيضاً حماية الهوية الوطنية في الفضاء الرقمي، وضمان أن تكون التكنولوجيا أداة لتعزيز الصمود لا وسيلة للاختراق والتفكك.
خامساً: استراتيجية فلسطينية للإعلام الأسري الرقمي
لتحقيق التوازن بين التحول الرقمي وحماية الأسرة، هناك حاجة إلى استراتيجية وطنية شاملة، تقوم على:
1. التكامل المؤسسي: إشراك وزارات التربية والتعليم، الاتصالات، الثقافة، والإعلام في برامج التوعية الأسرية الرقمية، وباعتقادي الحكومة الفلسطينية شملت وتضمن في برنامجها ومخططاتها كيفية التعاون في هذا السياق.
2. المجتمع المدني: تفعيل دور الاتحادات والمبادرات الشبابية والطلابية في إنتاج محتوى توعوي هادف، وشكل هذا تحدي كبير لدى قطاع الشباب اثناء الحرب على قطاع غزة ونشاهد المنصات الشبابية التي شكلت جسر للتواصل مع نظراءهم في المجتمعات المختلفة.
3. الشراكات التقنية: التعاون مع شركات التكنولوجيا لتطوير تطبيقات ومنصات آمنة للأسرة الفلسطينية.
الخاتمة
إن الإعلام الأسري في ظل التحول الرقمي لم يعد مجرد وسيلة للتواصل، بل تحوّل إلى أداة استراتيجية لبناء وعي وطني وحماية أمن الأسرة الفلسطينية من التهديدات الداخلية والخارجية.
وبينما تفرض البيئة الرقمية مخاطر جمّة على القيم والتماسك الأسري، فإنها في الوقت نفسه تتيح فرصاً كبيرة لتعزيز ثقافة الصمود والوعي المستدام وعليه، فإن الاستثمار في الإعلام الأسري الرقمي، من خلال سياسات وطنية وتعاون مجتمعي واسع، يشكل ضرورة لحماية الأمن المستدام في فلسطين وضمان انتقال الأجيال إلى المستقبل بوعي راسخ وانتماء قوي.
وعليه يعتبر الاعلام الاسري وتطوره في سياق هذا التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي كأداة لها دور واتجاهات ومسؤوليات اجتماعية، تنطلق منها لخدمة المجتمع الذي تنتمي إليه سياسياٌ واجتماعياً واقتصادياً، باعتبار أن هذه الوسائل هي المرآة العاكسة لواجهة المجتمع حضارياً. ويشكل مسؤولية حثيثة في الحفاظ على التراث المادي، والثقافي، والأدبي، والفني، والموسيقي الفلسطيني، خوفاً من التحريف والسرقة والضياع، في ظل الهجمة الشرسة عليه من قبل الاحتلال الإسرائيلي وايضاً لمواجهة كافة التحديات لكي نحافظ على الاسرة الفلسطينية بوجه خاص والشعب الفلسطيني بشكل مستدام امام جملة من التحديات والصعاب تعلب في الاعلام دور بارز ومحوري للأجيال القادمة.













