رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار

اقتصاد

الإقتصادية شيماء القصاص : المتحف المصري الكبير.. مشروع القرن الثقافي والاقتصادي لمصر

الخميس 30/أكتوبر/2025 - 07:09 م
صدى العرب
طباعة
خالد عرفة
مع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير رسميًا يوم السبت القادم، تتجه أنظار العالم إلى هضبة الجيزة حيث يقف أحد أضخم المشاريع الثقافية في التاريخ الحديث، مشروع لا يجسّد فقط عبقرية المصري القديم، بل يعبّر أيضًا عن رؤية الدولة الحديثة في تحويل الإرث الحضاري إلى قوة اقتصادية ناعمة. يقع المتحف على مساحة تتجاوز نصف مليون متر مربع، عند بوابة الأهرامات مباشرة، في موقع يربط بين الماضي المجيد والمستقبل الواعد. ويضم أكثر من مائة ألف قطعة أثرية تمثل مختلف مراحل التاريخ المصري، من أبرزها المجموعة الكاملة لكنوز توت عنخ آمون، التي تُعرض لأول مرة مجتمعة منذ اكتشافها قبل قرن، في تجربة عرض متكاملة تعتمد على أحدث تقنيات الإضاءة والتفاعل الرقمي.

تكلفة إنشاء هذا الصرح تجاوزت 1.2 مليار دولار، بتمويل مشترك بين الحكومة المصرية وقروض ميسّرة من اليابان عبر الوكالة اليابانية للتعاون الدولي. ورغم ضخامة الرقم، فإن المشروع يُعد استثمارًا طويل المدى في البنية السياحية والثقافية، إذ تشير التقديرات إلى أن العائد السنوي المتوقع من السياحة والأنشطة المحيطة بالمتحف قد يتجاوز 300 مليون دولار عند التشغيل الكامل. ويُنتظر أن يستقبل المتحف أكثر من خمسة ملايين زائر سنويًا، ما يجعله أحد أهم المحركات المحتملة للنمو في قطاع السياحة، ويساهم في تنشيط الاستثمارات الفندقية والتجارية بمنطقة الجيزة، التي تشهد في الوقت نفسه تطويرًا شاملًا للبنية التحتية ووسائل النقل.

الأهمية الاقتصادية للمتحف لا تقتصر على كونه مقصدًا سياحيًا، بل تمتد لتشمل دوره كمحرك رئيسي لخلق فرص العمل وتعزيز الناتج المحلي. فوفقًا لتقديرات وزارة السياحة، من المتوقع أن تسجل مصر نحو 18 مليون سائح بنهاية عام 2025، بزيادة تتجاوز 20% عن العام السابق، ومن المنتظر أن يساهم افتتاح المتحف في رفع الطاقة الاستيعابية اليومية للزوار من 6 آلاف إلى أكثر من 15 ألف زائر. هذا التدفق الكبير يعزز الطلب على الخدمات السياحية والإيواء والنقل، ما يؤدي إلى تنشيط قطاعات اقتصادية متعددة وتشغيل آلاف العمال بشكل مباشر وغير مباشر.

وتؤكد دراسات الجدوى أن المتحف سيخلق ما لا يقل عن 15 ألف فرصة عمل مباشرة، إلى جانب عشرات الآلاف من الوظائف غير المباشرة في سلاسل الإمداد والخدمات المحيطة. كما يُتوقع أن يُحدث المشروع أثرًا مضاعفًا على الصناعات الصغيرة والمتوسطة العاملة في مجالات الهدايا التذكارية، الحرف اليدوية، النقل السياحي، والمطاعم، مما يعزز الدخل المحلي ويحفّز الاستثمارات الصغيرة حول منطقة الأهرامات. وإلى جانب السياحة الترفيهية، يستهدف المتحف أيضًا استقطاب سياحة المؤتمرات والفعاليات، بفضل قاعاته الحديثة ومرافقه متعددة الاستخدامات، وهو ما يمثل نقلة نوعية في تنويع مصادر الإيرادات السياحية ورفع إنفاق السائح.

ومن الناحية التمويلية والإدارية، تم إعداد خطة تشغيل تضمن استدامة العائد الاقتصادي، حيث أُبرمت اتفاقيات مع شركات إدارة متخصصة لتطوير منظومة التشغيل والتسويق وجذب الرعاة الدوليين. ويُنتظر أن يعتمد المتحف على مزيج من إيرادات التذاكر، والفعاليات الثقافية، والرعاية التجارية، ليغطي تكاليف التشغيل ويحقق فائضًا يمكن إعادة استثماره في التطوير المستمر. هذه الآلية تجعل المشروع نموذجًا لإدارة الأصول الثقافية بمنهج اقتصادي حديث قائم على الكفاءة والاستدامة.

إلى جانب ذلك، يُعد المتحف أحد ركائز رؤية مصر 2030، التي تهدف إلى تحويل الثقافة والسياحة إلى رافدين رئيسيين للنمو الاقتصادي وتعزيز القوة الناعمة للدولة. فهو لا يقدم التاريخ فقط، بل يرويه بأسلوب معاصر يجعل من الحضارة المصرية منصة للحوار والتفاهم بين الثقافات. وبذلك يصبح المتحف المصري الكبير مشروعًا وطنيًا جامعًا، يرسخ مكانة مصر كدولة تجمع بين الأصالة والحداثة، وتثبت أن الاستثمار في التراث يمكن أن يكون استثمارًا في المستقبل.

إن افتتاح المتحف المصري الكبير ليس مجرد احتفال أثري أو حدث سياحي، بل إعلان عن مرحلة جديدة في الإدارة الوطنية للهوية والتراث، وعن قدرة مصر على تحويل تاريخها إلى أصل اقتصادي وثقافي مستدام. فالمتحف ليس نهاية مشروع، بل بداية عهد جديد تتقاطع فيه الثقافة مع الاقتصاد، ويتحوّل فيه التاريخ إلى طاقة إنتاجية تُعيد لمصر موقعها الطبيعي في صدارة الحضارة والإنجاز الإنساني.

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تتوقع خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة اليوم؟

هل تتوقع خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة اليوم؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر

ads
ads
ads
ads