طباعة
sada-elarab.com/783033
خلال أيام قليلة، يبدأ تطبيق القرار رقم (4) لسنة 2025 الصادر عن المجلس الأعلى للبيئة لتنظيم ترخيص الصياد البحريني لممارسة الصيد البحري التجاري، والذي يشترط وجود نوخذة بحريني على كل قارب.
وما إن أعلنت تفاصيل القرار حتى بدت ملامح التحول واضحة بين البحارة أنفسهم، إذ أعاد القرار الحياة إلى مهنة بحرينية كادت تندثر تحت وطأة الإيجار والتنازل.
لقد كانت رخص الصيد في السنوات الماضية تُدار من خلف ستار، بعدما آثر كثير من الصيادين الجلوس في المنازل وتأجير رخصهم لعمال وافدين مقابل مبالغ رمزية، بينما كانت الثروات السمكية تُستنزف لحساب فئة قليلة تتحكم في السوق وتصدّر الأسماك كما تشاء.
وما لفت نظري في هذا الموضوع ما نشرته صحيفة الوطن الغراء، عن قصص بعض البحارة الذين أعادوا اكتشاف مهنتهم من جديد بعد أن تركوها للعمالة الآسيوية تنخر بها خير البحر وتلقي لهم الفتات، فقد حكى أحد البحارة، تجاوز الستين من عمره، قرر العودة إلى البحر بعد سنوات من تركه للآخرين يصيدون باسمه. وعندما عاد، اكتشف أن عائدات البحر تفوق ما كان يتقاضاه من الإيجار عشرة أضعاف، وأن البحر مازال كريماً لكنه يحتاج إلى من يعرفه.
بل إن بعض العمالة الأجنبية تحولت إلى تجار كبار، كما في حال أحدهم الذي سيطر على أكثر من 46 رخصة صيد، يتحكم في السوق وفي الموردين، بينما أصحاب الرخص الأصليون يقفون متفرجين، فاقدي السيطرة والحقوق.
اليوم يأتي القرار رقم (4) ليضع حداً لتلك الفوضى، وليعيد الثروة السمكية لأهلها الحقيقيين، في تأكيد لمبدأ العدالة وحماية الموارد الوطنية للأجيال القادمة.
إن إشراك النوخذة البحريني على كل قارب ليس مجرد إجراء إداري، بل خطوة إصلاحية تُعيد المهنة إلى مسارها، وتمنح البحّار البحريني مكانته ودوره في الاقتصاد المحلي.
وما نراه من عودة البحارة إلى البحر ووفرة تدريجية في الأسماك هو بداية مبشرة لمرحلة جديدة عنوانها البحر البحريني للبحرينيين.
فالقرار ليس قانوناً تنظيمياً فقط، بل إصلاح وطنيّ يعيد كرامة البحر، وهيبة المهنة، والحق لأصحابه.
* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية