طباعة
sada-elarab.com/782983
في كل أكتوبر، لا نستعيد فقط ذكرى النصر العسكري، بل نستحضر معها روحًا مصرية خالدة أثبتت أن الإرادة حين تتسلح بالإيمان والوطنية تصنع المستحيل. واليوم، ونحن نتابع فعاليات الندوة التثقيفية رقم (42) التي نظمتها القوات المسلحة احتفالًا بالذكرى الثانية والخمسين لانتصارات أكتوبر المجيدة، نجد أنفسنا أمام مشهد وطني بليغ المعاني، جمع بين ذاكرة البطولة وعهد البناء، وبين التاريخ المجيد والحاضر المشرق.
لقد جسدت الندوة التي شرفها الرئيس عبد الفتاح السيسي حضورًا ومشاركةً، رسالة متجددة بأن مصر لا تنسى أبناءها الذين صنعوا النصر، ولا تنفصل عن القيم التي أنارت دربها في لحظات التحدي. جاءت كلمة الرئيس واضحة وصريحة، تؤكد أن معركة أكتوبر لم تكن مجرد عبور لقناة السويس، بل عبور نحو المستقبل، وأن معركة البناء والتنمية اليوم امتداد لمعركة السلاح بالأمس. فكما عبرت مصر خط النار في 1973، فهي اليوم تعبر إلى غدٍ جديد بسواعد أبنائها الذين يخوضون معركة البناء على أرض الوطن.
وخلال الاحتفال، كان لتكريم أبطال حرب أكتوبر وقدامى المحاربين مشهدٌ خاص لا يُنسى؛ لحظات امتزجت فيها الدموع بالفخر، حيث تقدمت الدولة المصرية لتقول لأبنائها الأوفياء: إن بطولاتكم لا تسقط بالتقادم، وإن الوطن لا ينسى من كتبوا بدمائهم صفحات المجد والكرامة، ولا يغيب عن ذاكرته من حملوا رايته في لحظات النصر والعبور.
وقدم الحفل اللواء ياسر وهبة، نائب مدير إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة، بكلمات وطنية مفعمة بالفخر عن أم الدنيا، عبّر فيها عن اعتزاز المؤسسة العسكرية ببطولات جيل أكتوبر، مؤكدًا أن رجال القوات المسلحة ما زالوا يسيرون على النهج ذاته من الفداء والعطاء في سبيل رفعة الوطن وصون أمنه القومي. جاءت كلمته معبّرة عن روح الانضباط والوعي، ومقدمةً لفعالياتٍ اتسمت بالتوثيق والإلهام.
وقد جاء تنظيم الندوة في أبهى صورة بفضل الجهد المبهر لإدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة، التي أثبتت مجددًا أنها لا تنظم حدثًا فحسب، بل تصنع حالة وطنية متكاملة. لقد أعدت الإدارة فقرات الحفل بعناية بالغة، تنوعت بين الأفلام الوثائقية المؤثرة، والعروض الفنية التي عبّرت عن روح النصر، والفقرات الإنسانية التي أعادت للأذهان قيم التضحية والعطاء. كان الإعداد دقيقًا، والرسالة واضحة: أن الجيش المصري ليس فقط مؤسسة قتال، بل هو مدرسة وعي وذاكرة أمة تحفظ تاريخها وتنقله للأجيال القادمة.
الندوة التثقيفية لم تكن مجرد احتفال، بل كانت درسًا في الوعي الوطني، ورسالة بأن الانتصار الحقيقي لا يُقاس فقط بما تحقق في الميدان، بل بما نزرعه اليوم في وجدان شبابنا من قيم الانتماء والإيمان بالوطن.
وتحية تقدير واجبة لإدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة، التي أثبتت مرة أخرى أنها العقل الإعلامي والوطني الواعي الذي يترجم روح القوات المسلحة في كل ما تقدمه، ويجعل من الاحتفالات الوطنية لحظات تجمع المصريين على كلمة واحدة:
أن مصر باقية ما دامت تمتلك رجالًا يعرفون معنى النصر، ويحفظون معنى الوطن.