اخبار
الحقوق الرقمية في عصر المخاطر التكنولوجية.. تشريعات ومبادرات
الإثنين 07/يوليو/2025 - 10:40 ص

طباعة
sada-elarab.com/770203
تُعد حقوق الإنسان الرقمية انعكاسًا مباشرًا لاحتياجات الإنسان الأساسية في ظل الانفتاح الرقمي المتسارع الذي يشهده العالم، خاصة في مجالات الاتصالات وتقنية المعلومات. ومع توسّع نطاق الفضاء الإلكتروني، أصبحت الحقوق الرقمية من أبرز المطالب التي فرضها الواقع الجديد، ولا سيّما منذ عام 2020، حيث دخلت كبريات المنصات العالمية في مواجهة حادة مع المستخدمين على خلفية تصاعد مخاطر انتهاك الخصوصية، وارتفاع الأصوات المطالِبة بضرورة وضع حماية قانونية صارمة تمنع استغلال بيانات الأفراد لصالح الشركات والمعلنين. هذا الواقع يحتم على الدول توفير ضمانات قانونية وفنية تكفل حماية المستخدمين من تلك الانتهاكات.
وفي هذا السياق، جاءت إرادة المُشرّع الدستوري المصري واضحة في تأكيدها على أهمية حماية وسائل الاتصال بشكل عام، ووسائل الاتصال الإلكترونية بشكل خاص، حيث نصّت المادة (57) من الدستور المصري على صون حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وعدم جواز الاطلاع عليها أو مراقبتها إلا بناءً على أمر قضائي مسبب، وهو ما يشكل قاعدة دستورية لحماية الخصوصية الرقمية.
وتستند هذه الحماية إلى مجموعة من التشريعات الوطنية المهمة، أبرزها قانون حماية البيانات الشخصية، الذي يُلزم الشركات ومزودي خدمات الإنترنت بعدم تخزين أو مشاركة بيانات العملاء دون موافقة صريحة منهم، بما يعزز من مبدأ الخصوصية الرقمية ويحد من سوء استخدام البيانات. كما يُعد قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، المعروف إعلاميًا بـ”قانون جرائم الإنترنت”، أحد أبرز الأدوات التشريعية في هذا المجال، إذ يهدف إلى مكافحة جرائم إلكترونية متعددة مثل سرقة البريد الإلكتروني، والاختراق، والانتحال، ويوفّر حماية قانونية للأفراد الذين يتعرضون لتلك الجرائم أثناء استخدامهم للإنترنت.
ورغم هذا التقدم الملحوظ على الصعيد التشريعي، فإن هناك تحديات لا تزال تعرقل التطبيق الكامل لحماية الحقوق الرقمية، من أبرزها هيمنة شبكات التواصل الاجتماعي على حركة الاتصالات الإلكترونية، وغياب الشفافية في السياسات المتعلقة باستخدام البيانات الشخصية. كما يشكّل ضعف الوعي المجتمعي العام بحقوق الإنسان الرقمية عائقًا حقيقيًا أمام تمكين الأفراد من الدفاع عن بياناتهم وفهم حقوقهم داخل البيئة الرقمية.
ولتحقيق حماية شاملة وفعالة، بات من الضروري تبني عدد من الآليات والإجراءات، منها نشر الثقافة الرقمية وزيادة الوعي التكنولوجي لدى كافة فئات المجتمع، وتضمين مفاهيم الحقوق الرقمية ضمن المناهج التعليمية، بما يساعد الأجيال الجديدة على حماية أنفسهم رقميًا. كما يمكن أن تساهم المبادرات الإعلامية والندوات التوعوية في تعزيز الوعي المجتمعي، إلى جانب ضرورة بناء جسور تواصل فعّالة بين مؤسسات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام، لخلق رأي عام واعٍ بمخاطر الفضاء الإلكتروني. ومن الأهمية بمكان التأكيد على احترام حقوق الإنسان داخل الإنترنت كما هو خارجه، باعتبارها امتدادًا طبيعيًا للحريات الأساسية التي يجب أن يتمتع بها كل فرد.
وفي إطار دعم هذه الجهود، قامت وزارة الداخلية بإنشاء قطاع متخصص لتكنولوجيا المعلومات يتولى متابعة الجرائم الإلكترونية واتخاذ الإجراءات القانونية بحق مرتكبيها، بما يسهم في تعزيز الأمن الرقمي وتحقيق الاستقرار المجتمعي في ظل عالم متغير وتحديات رقمية متسارعة.