اخبار
انطلاق القمة المصرفية العربية الدولية لعام 2025 بباريس
الجمعة 20/يونيو/2025 - 12:53 م

طباعة
sada-elarab.com/768501
شهدت العاصمة الفرنسية باريس انطلاق أعمال القمة المصرفية العربية الدولية لعام 2025، التي نظمها اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع الفيدراليات المصرفية الفرنسية والاوروبية والدولية، في فندق فور سيزون جورج الخامس، وذلك تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية السيد إيمانويل ماكرون، وبمشاركة رفيعة من وزراء ومحافظي بنوك مركزية ورؤساء اتحادات مصرفية وخبراء دوليين.
انعقدت القمة تحت عنوان "الصمود الاقتصادي في ظل المتغيرات الجيوسياسية"، في توقيت بالغ الحساسية تزامن مع تحولات اقتصادية عالمية وتحديات طارئة أثرت على سلاسل الإمداد العالمية، وأسواق الطاقة، والتوازنات التجارية. وافتتحت أعمال القمة بكلمة ألقاها رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية، الأستاذ محمد الأتربي، حيث أكد أن تعزيز الشراكة العربية الأوروبية لم يعد ترفاً، بل ضرورة تفرضها تعقيدات المرحلة، مشيراً إلى أن العلاقات الاقتصادية بين الطرفين "شكّلت عبر العقود ركيزة للاستقرار والنمو، واليوم نحن أمام منعطف جديد يتطلّب رؤية شاملة وآليات أكثر مرونة وابتكاراً". كما شدد على أهمية القطاع المصرفي في لعب دور محوري في تسريع الاستثمارات المستدامة، لا سيما في مجالات الاقتصاد الأخضر والتحول الرقمي والطاقة المتجددة، لافتاً إلى أن "الاستثمارات المتبادلة بين الطرفين بلغت عام 2024 أكثر من 24 مليار دولار".
من جهته، ألقى الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، الدكتور وسام فتوح، كلمة مؤثرة خلال حفل تكريم محافظ البنك المركزي المصري معالي الأستاذ حسن عبد الله بجائزة "محافظ العام 2025"، حيث قال: "لقد تخطى معايير المحافظ الناجح، وارتقى بفكره ورؤيته، وحكمته وشجاعته إلى نموذج المحافظ الذي قهر الصعاب، وقاده حسّه الوطني إلى إرساء أسس الاستقرار النقدي في مصر". واعتبر فتوح أن السياسات النقدية التي اعتمدها المحافظ أسهمت في القضاء على السوق السوداء وتعزيز احتياطي النقد الأجنبي، في إنجاز وصفه بأنه "وليد رؤية استراتيجية وشجاعة إدارية استثنائية".
وشهدت القمة أيضًا تكريم صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز آل سعود، بمنحه "جائزة الرؤية القيادية"، تقديراً لإسهاماته الرائدة في مجال التنمية المستدامة والعمل الاجتماعي، من خلال رئاسته لبرنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) ومجلس أمناء الجامعة العربية المفتوحة، إضافة إلى دوره المحوري في تعزيز أهداف التنمية على المستويين الإقليمي والدولي.
وقد شهدت الجلسة الافتتاحية للقمة كلمات رئيسية لعدد من الشخصيات الدولية البارزة، عكست التزاماً جماعياً بتعزيز التعاون العربي الأوروبي في مواجهة التحديات الاقتصادية والجيوسياسية المتصاعدة. فقد أعربت السيدة مايا أتيغ، المديرة العامة لاتحاد المصارف الفرنسية، عن اعتزازها باستضافة باريس لهذا الحدث، مؤكدة أن العلاقات العربية الفرنسية تتجاوز البعد الاقتصادي لتشمل عمقاً ثقافياً وإنسانياً، ودعت إلى اعتماد أدوات تمويل مبتكرة تدعم التحول الرقمي والطاقة النظيفة كجزء من شراكة استراتيجية مستدامة. أما سعادة السيد فنسنت رينا، رئيس غرفة التجارة الفرنسية العربية، فقد شدد على أن الشراكة بين العالمين العربي والأوروبي لم تعد خياراً، بل ضرورة استراتيجية لمواجهة الأزمات، مشيراً إلى أهمية الاستثمار في القطاعات الحيوية وتعزيز الثقة بين المؤسسات لدعم المشاريع المشتركة. من جهته، أكد السيد لودوفيك بويي، مدير الدبلوماسية الاقتصادية في وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، على أن السلام والاستثمار يشكلان ركيزتين لا تنفصلان في بناء مستقبل آمن، لافتاً إلى أهمية تعزيز الحوار السياسي والاقتصادي بين ضفتي المتوسط، وسعي بلاده إلى تحقيق سلام شامل في المنطقة بالتعاون مع الشركاء الإقليميين. وفي السياق ذاته، أوضح سعادة الدكتور محمد معيط، المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي – واشنطن، ورئيس المجموعة العربية وجزر المالديف، أن المرونة الاقتصادية أصبحت ضرورة لا غنى عنها، داعياً إلى إصلاحات هيكلية واستثمارات في رأس المال البشري والبنية التحتية، ومؤكداً على أهمية الشراكة العربية الأوروبية في تحقيق الاستقرار والنمو المستدام عبر سياسات مالية مرنة وتكامل الموارد والخبرات.
واشتملت فعاليات القمة على ثلاث جلسات رئيسية ناقشت قضايا حيوية. الجلسة الأولى تناولت سبل تسريع التعاون الاقتصادي بين أوروبا، الشرق الأوسط، وأفريقيا، من خلال تعزيز التجارة الثلاثية وتدفقات رأس المال، والتوسع في الاستثمارات المرتبطة بالتحول الطاقي، كما تم تسليط الضوء على الابتكار المصرفي ومخاطر الأمن السيبراني. الجلسة الثانية ركزت على المبادرات العربية الأوروبية المشتركة، وناقشت سبل بناء تحالف اقتصادي عربي أوروبي فعّال في عالم منقسم، إضافة إلى مناقشة التحديات الجديدة للتجارة العالمية، والصمود الاقتصادي في أوروبا في ظل الأزمات الدولية. أما الجلسة الثالثة فخصّصت لبحث آليات إنعاش وإعادة هيكلة القطاعات المصرفية في الدول العربية المتأثرة بالنزاعات، مثل لبنان، سوريا، العراق، اليمن، والسودان، حيث ناقش الخبراء سبل تحديث الأنظمة المصرفية في هذه الدول، وتوفير بيئة دولية مؤاتية للتعافي، وتعزيز الأطر القانونية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي ختام القمة، صدرت مجموعة من التوصيات ركزت على أهمية توسيع مجالات التعاون المصرفي العربي الأوروبي، وتفعيل قنوات التمويل المشترك، وإطلاق صناديق استثمار استراتيجية، إلى جانب توجيه الجهود نحو تعزيز التعليم، وتبادل الخبرات، وبناء شراكات طويلة الأمد تدعم الاستقرار المالي والتنموي للمنطقة بأسرها.
ويُشار إلى أن اتحاد المصارف العربية، ومقره الرئيسي في بيروت، هو منظمة إقليمية عربية وعضو في لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك في جامعة الدول العربية، ويضم في عضويته أكثر من 360 مؤسسة مالية ومصرفية تعمل في 20 دولة عربية، إضافة إلى أوروبا وأفريقيا وتركيا، كما يضم 16 مصرفا مركزيًا بصفة مراقب، ويتمتع بصفة استشارية خاصة لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة.