رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
العميد محمد نبيل

العميد محمد نبيل

الذات الدمثة والذات المتبجحة

الثلاثاء 22/نوفمبر/2022 - 11:06 ص
طباعة
تطور الانسان من مجرد كائن مثله مثل بقية الكائمات ليكون انسانا, ولم يكن هذا التطور الا تحضرا وانتقالا من حياة الدونية الى السمو والرقى, وادرك الانسان الاول ان لا استمرار لوجوده ضمن سلسلة الكائنات ما لم يمارس حياة الانسانية التى تختلف جوهرا ومظهرا عن سواه من الكائنات طيرا كانت او حيوانا او نباتا, المكتملة البناء منها وحتى وحيدة الخلية, اللحمية والعشبية, والفقاريات والزواحف, واصحاب الدم البارد والساخن, والثدييات واحادية المسلك التى تبيض, والكاسر المفترس منها والوديع المطيع, وتلك التى بلغت تصنيقاتها الى أكثر من 5700 نوع لـ 1229 جنس و 153 فصيلة بها 29 رتبة وفقا لكتاب انواع الثدييات فى العالم, والإحصاء هنا لزمرة الحيوانات فقط ولم نتطرق لقبائل الحشرات وجماعات الطيور والوان النباتات التى يصعب حصرها - الان - وجميع الكائنات التى خلقت منذ الحقب والعصور الأولى مثل الكربونى والباليوجين والنيوجين لحقبة السينوزى, وجميعها يحكمها قانون الطبيعة التى فُطر عليه كل منها, أما الانسان الذى هو اساس التطور والارتقاء فى الحياة بوجه عام اعتمد وجوده فى الاساس على حقيقة الاخلاق وكنهها, فمتى استطاع الانسان الاعلان عن حزمة اخلاق تصون وجوده من خلال إحكام وتنظيم علاقاته بذاته اولا, وبغيره من بنى جنسه ثانيا, وببقية المخلوقات فى النهاية, وهنا يبدأ تأريخ الحضارة الانسانية التى لا اساس لها بدون انساق الاخلاق, وهى التى تعد مرحلة ما بعد الانسان البدائى الذى هجر حياة وقانون الغاب املا فى تعايش انسانى حقيقى, ولا شك – علميا – فى انتساب هذا التطور والبدء الحضارى للمصرى الاول الذى صاغ اول نسق أخلاقى فى الوجود ولعل نقوش المسلات ورسوم الجدران وكتابات البرديات التى ورثناها عن اجدادنا المصريين الأولين هى الدليل الدامغ علميا على ان المصرى الاول هو صاحب السبق الحضارى فإذا اردت ان تقرأ عن اخلاق المصرى الأول فعليك البدء بـ (ترنيمة اتون) وهى التى صاغها اخناتون لاله الشمس اتون والتى تم اكتشافها بمقبرة آى بتل العمارنة والتى وصلت ترجمتها من الهيروغليفية الينا عبر النص الالمانى للعالمة كريستين المهدى, أو(وصايا امنمحات الاول) لابنه سنوسرت الاول التى تصدرت الدولة المصرية الوسطى وتدور حول نصح من روح الاب لابنه فى اتباع الحكمة من خلال قالب شعرى باللغة الهيراطيقية, و(تعاليم بتاح حتب) وزير الفرعون جد كا رع من ملوك الاسرة الخامسة والتى تم ترجمتها بعد اكتشاف بردية بريسى لبتاح حتب وزوجته خامرر نبتى بمقبرة سقارة, وهى – بردية بريسى - معروضة فى المكتبة الوطنية بفرنسا, ونقلا عن الترجمة الفرنسية لباتيسكومب جن 1906 ضمن مجموعة مؤلفات "حكمة الشرق", وتتضمن التعاليم (.. فضائل السلوك السوى بين الناس, ومنها الصدق والعدل والرفق بالآخرين وضبط النفس, و.. , وتجنب الصراعات ولا ينبغى ان يعتبر ذلك ضعفا, و.. , وان الطمع هو اساس كل شر, وان الكرم مع الاهل والاصدقاء امر جدير بالثناء, وقبول السمو فى المقام الاجتماعى باعتباره منحة الهية) وربما كانت ابرز تلك التعاليم ( الكلمة الحسنة مدفونة اعمق من الحجر الكريم, وهى موجودة بجانب الخدم العاملين فى الطاحونة) و( لا تتفاخر بما تعرفه واستشر الجاهل والحكيم) و( السلوك السليم تعرفه من الطريق السليم فى التعامل) اى اخلاق تلك التى تحضر بها اجدادنا الاوائل وهى بلا شك التى اوجدت مناخا صالحا للابداع وبيئة سوية للانتاج العلمى والعملى فبرع الاجداد فى الهندسة والعمارة العبقرية التى اذهلت الانسانية تباعا, واستهل الاجداد قواعد ونظم الرى, وكانوا اول من اسسوا النظريات الطبية وطرائق العلاج حتى انهم صنعوا الاعضاء التعويضية والاطراف الإصطناعية وانتجوا الدواء بعد تجارب عديدة لتعميمه وينسب لهم علم الفلك والاجرام السماوية وغيرها من علوم الصناعات الحربية والمدنية, حتى صدق قول محمد حافظ ابراهيم شاعر الشعب ورائد المدرسة الكلاسيكية فى الشعر فى العصرالحديث وهو من لقبوه بشاعر النيل ربما لسكنه فى مركبة راسية على احد شاطىء النيل, وبعد عودة دولة رئيس الوزراء عدلى يكن من اوربا تاركا مفاوضات الاستقلال المجحفة ضد المصريين من جانب انجلترا 1921 (وارفعوا دولتى على العلم والاخلاق فالعلم وحده ليس يجدى) فهو من علِم ان المصريين أسسوا الحضارة على الاخلاق اولا, ولا يغيب عن باحث فى علوم الدين  والشرائع ان القرآن به 6236 آية من ضمنها فقط 110 آية عن العبادات بينما 1504 آية عن الاخلاق اى ضعف ايات العبادات 15 مرة, وفى اناجيل (متى ومرقس ولوقا ويوحنا) المتعارف والمتفق عليها وغيرها مثل اناجيل (برنابا ويهوذا وتوماس) والتلمودين (البابلى والاورشليمى) جميعهم يدعون الى حسن الخلق اولا بين الانسان وذاته ومع غيره من الناس وسواهم من الكائنات الآخرى, وربما كانت فلسفة القوانين الوضعية هى تهذيب الذات الانسانية والحفاظ على تحضرها, من هنا كانت الذات الدمثة هى اساس التطور الانسانى وارتقائه اما تلك الذات المتبجحة التى تسلك مسالك الشذوذ الباطن والظاهر والمعلنة جهارا عيانا عن تدنيها الاخلاقى سواء باللفظ او بالزى او بالتعامل البينى مع الآخرين او حتى فى الاعتقاد وانماط التفكير فتلك الذات تتحرك صوب اتجاهات رجعية لاسفل بهدف التدنى, وللوراء بغية التخلف والعودة الى ما قبل الانسان الاول, وعلى كل متحضر يرغب فى تحقيق وجوده والانتفاع بالتراكم الاخلاقى الانسانى تحديد موضع ذاته من بين هذه الدمثة او تلك المتبجحة ليتحقق من تصنيف وجوده بين الخلائق والكائنات.  
وسيأتى الحديث عن الذات العارفة والذات الظلامية, والاخريات البناءة والهدامة, وغيرها العادلة والباطشة, ونستكمل فى القادم ان شاء الله لنبنى أركانا جديدة فى المصرى الجديد بعد اكتشافه لذاته وادراكه لامكاناته فى التغيير, وعلى الانسان ان يعيد تقيم ذاته ليرسم بيده ملامحه ليست الشكلية قط وانما الباطنة أيضا, ويعود كما كان اجداده الأصل واصحاب الفعل وليس الشبه والمفعول به!.

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر

ads