رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
أحمد المرشد

أحمد المرشد

الحوثيون.. أصحاب الفيل للبيت رب يحميه

الأحد 06/نوفمبر/2016 - 12:57 م
طباعة

 

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِى تَضْلِيلٍ* وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ* تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ* فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾.. قطعا كلنا يعرف سورة الفيل، التى تؤكد لنا فى هذا العصر أن من يدعون أنهم مسلمون هم ليسوا مسلمين، فهم إرهابيون، فما ناله الحوثيون فى وقتنا هذا ناله من قبلهم أصحاب الفيل، ولكنهم لا يعلمون، فهم فى غيهم مستمرون.. قصة أصحاب الفيل التى نعرفها ونحن أطفال كما ترويها كتب التاريخ تتلخص فى أن أبرهة الأشرم ملك الحبشة– النصرانى- أراد أن يبنى فى صنعاء (عاصمة ملكه) كعبة كالتى فى مكة المكرمة، ليأتى الناس إليها، ويصرفهم عن كعبة مكة، فجهز جيشا ضخما قوامه الأفيال، وتوجه نحو مكة المكرمة، وتقدم فيل ضخم جدا الجيش بقصد غزو الكعبة وهدمها، فوجئ بطير أبابيل ترميهم بحجارة فأبادتهم عن بكرة أبيهم. ليس هذا فقط، فالفيل الضخم الذى تقدم الجيش أبى أن يتقدم نحو الكعبة، وعاد إلى صنعاء، وحينما كان قادة الجيش يحاولون توجيهه إلى مكة يرفض بينما يوافق السير فقط نحو صنعاء يمشى.. والحكمة معروفة ذكرها لنا المولى عز وجل: للبيت رب يحميه.

ربما أصيب البعض بالدهشة بسبب إطلاق الحوثيين صاروخا باليستيا نحو مكة المكرمة، فهذا من طباع اللئام، خاصة إذا علمنا من هى الجهة التى تدعم الحوثيين عسكريا وماليا واقتصاديا ولوجستيا، إنها إيران، وما أدراك إذا دخل الإيرانيون لدعم أى طرف فى أى بقعة من بقاع العالم، النتيجة معروفة سلفا، وهى الخراب والدمار لهذا الشعب. وهذا ما رأيناه فى لبنان وسوريا والعراق واليمن.

والآن تريد إيران وذراعها فى اليمن– المتمردون الحوثيون- النيل من أطهر بقعة على الأرض، مكة المكرمة التى كرمها الخالق فى كتابه الكريم واعتبرها رسول الأنام أحب أرض الله إلى قلبه ووجدانه.. فعندما يستهدف الحوثيون مكة المكرمة ليس علينا سوى تكذيبهم وتنبيه البشر من زيفهم، فهم عندما يدعون فى شعارهم "الموت لإسرائيل والموت لأمريكا" فهم كاذبون ومخادعون، فما العلاقة بين مكة المكرمة وإسرائيل وأمريكا، فمن يريد محاربة هؤلاء فليحاربهم مباشرة وفى أراضيهم، ولكن ما علاقة غرضهم الشرير بتدمير مكة المكرمة بهذا الشعار الزائف. فكل شعاراتهم زائفة، وكل ما يقولونه إفك، وكل ما

يتفوهون به ضلال وباطل.. وإذا كان الحوثيون ومن ورائهم أهل فارس يريدون مواجهة إسرائيل وأمريكا، فلماذا استهدفوا البلد الحرام، منبت الإسلام ومهبط وحى القرآن الكريم وقبلة المسلمين، أى قبلة نحو مليار ونصف المليار مسلم فى العالم.

فأى دين هو دين هؤلاء الفجرة الكفرة٬ وما الهدف من استفزاز مشاعر كل مسلمى الأرض٬ والاستخفاف بأطهر المقدسات الإسلامية٬ فهؤلاء لا دين لهم وإنما ديدنهم هو التخريب والتدمير، فمن يفعل هذا هو مجرم خبيث ليس فى قلبه مثقال ذرة من الإيمان، وإنما كل قلبه مملوء بالحقد والضغينة.

لقد قاد أبرهة الأشرم جيشه من صنعاء، وأطلق الحوثيون صاروخهم نحو مكة المكرمة من صعدة، وهو أمر يؤكد لنا قرب نجاح قوات التحالف العربى من تحقيق النصر المبين فى اليمن، فواقعة الصاروخ تشير إلى يأس الحوثيين والإيرانيين من الانتصار على الشرعية فى اليمن، فسولت لهم أنفسهم المريضة استهداف مكة المكرمة، فهم يعيشون فى صراع داخلى بعد انقلابهم الفاشل، وإذا كان مقدمة جيش أبرهة الأشرم الفيل الضخم وروعته طير أبابيل، فقد تحطم الصاورخ الإيرانى إلى قطع متناثرة بعد اعتراض الباتريوت له.

وبخلاف فشلهم فى اليمن، فشلوا أيضا فى تحقيق أى مكسب إعلامى من صاروخهم الفاشل٬ فهم يعانون من خسائر فادحة ألحقها بها الجيش اليمنى المسنود بالتحالف الذى تقوده السعودية.. خسائر على مستوى العسكرى والبشرى والاستراتيجى، وهذا بالطبع أفقدهم حلم السيطرة على أرض اليمن الأبية٬ فلجأوا إلى حيلة فاشلة لعلهم يستفيدون منها فى رفع الروح المعنوية لأنصارهم فى الداخل.

وقد نشير هنا إلى نقطة مهمة، فما فشل فيه الحوثيون فى توصيل صاروخهم إلى أرض مكة المباركة، يعنى فشلا آخر للصناعة العسكرية الإيرانية التى صدعت بها أدمغتنا بتطور هذه الصناعة فى بلاد فارس، فلم يكن هذا الصاروخ الأول الذى تعترضه مضادات الصواريخ السعودية، لكن الأهم فى هذا المقال أن إيران سبق وأعلنت أن الصواريخ التى يستخدمها الحوثيون هى صناعة إيرانية٬ وبالتالى هذا يعنى فشلا ذريعا لمنتج هذه الصواريخ ولغيرها من الأسلحة التى يصنعونها.

لقد ظلت إيران تدعم الحوثيين بشحنات ضخمة من الأسلحة والمتفجرات والصواريخ علاوة على تدريبهم داخل الأراضى الإيرانية منذ عام 2009 وفق تقرير سرى لفريق خبراء من الأمم المتحدة.. كما نجحت القوات المسلحة السعودية وقوات التحالف العربى فى وقف شحنات أسلحة إيرانية كانت تتجه إلى أيادى حلفاء طهران فى اليمن٬ بهدف استخدامها فى حربها ضد القوات الشرعية.. وكان إحكام السيطرة قويا على منطقة مضيق باب المندب والبحر الأحمر الذى تشرف عليه قوات التحالف بشكل كامل لمنع إرسال هذه الأسلحة المتنوعة إلى الحوثيين، فى الوقت الذى ترى فيه إيران الحوثى مكونا أساسيا فى الخريطة السياسية اليمنية٬ وسبق لها أن أعلنت على لسان اللواء نائب قائاني٬ نائب قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيراني٬ دعمها وتقديمها استشارات للمتمردين الحوثيين: "ندعم بقوة كل من يقاتل تحت راية الجمهورية الإسلامية.. ومدافعو اليمن (الحوثى) تربوا على يد الجمهورية الإسلامية ولن يستطيع الأعداء مواجهتهم".

ويحضرنى هنا ما أكده الأمير محمد بن نواف السفير السعودى لدى بريطانيا خلال كلمته بمؤتمر معهد لندن الاستراتيجى العالمى: "حالة عدم الاستقرار التى تعيشها منطقة الشرق الأوسط حاليا تشكل تهديدا حقيقيا للأمن عالميا.. وفى الوقت الذى يتلاشى فيه التدخل الغربى فى العالم العربى٬ تحمل دول صديقة للغرب وطامحة لتحقيق السلام٬ كالمملكة العربية السعودية٬ على عاتقها مسئولية دفع المنطقة إلى طريق الاستقرار والأمان". وقد طرح السفير السعودى تصورا استراتيجيا للوضع الراهن٬ مفاده أن السعودية هى الأكثر استهدافا من الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة لمكانتها الدينية ووجود الحرمين الشريفين بها. وكشف أن بلاده تعرضت لأكثر من 63 هجوما إرهابيا نفذه (داعش) و(القاعدة)٬ 26 منها نفذت فى السنتين الأخيرتين٬ وأودت تلك الهجمات بأرواح أكثر من مائتى مدنى وشرطى.

ولعل تصريحات السفير السعودى للموقف فى المنطقة، هى نفسها دوافع الحوثيين والإيرانيين لبلوغ مسلك ضرب مكة المكرمة، فهذا آخر أوراقهم، الأرض المحروقة تحت طائلة اليأس من الانتصار فى الحرب، حتى إن كانت أرض كل مسلمى العالم.. ليس هذا فحسب، فنشير هنا أيضا إلى أن الحوثيين وهم يقتربون من الهزيمة يتعمدون الحاق أقصى دمار بالبنى التحتية باليمن، وتتسم ردود فعلهم بالمزيد من العصبية٬ خصوصا إزاء المدنيين٬ بعد نجاح قوات التحالف العربى فى قطع إمداداتهم بالأسلحة الإيرانية٬ وهم يركزون حاليا على توجيه مدافعهم وأسلحتهم صوب التجمعات السكانية فى عدد من مناطق اليمن٬ خصوصا تلك المناطق المحررة من قبضتهم والمدن التى استعصت على السيطرة عليها.. ناهيك على انتهاك المعالم والمزارات الدينية العتيقة فى بعض مناطق تعز والحديدة والمكلا وغيرها٬ باستهدافها وهدمها وتفجيرها٬ فى تطور جديد يمارسه الحوثى وقوات على عبدالله صالح لإطالة أمد الأزمة اليمنية.

 

نعلم أن الصاروخ الحوثى– الإيرانى فشل فى اختراق أرض مكة المكرمة، لكن إلى متى يقف العالم مكتوفا أمام انتهاكات هؤلاء، ألم يحن الوقت لضربهم بيد من حديد وأن تعلن الأمم المتحدة إجراءات فعلية لعدم تكرار مثل هذه الانتهاكات الخطيرة لأهم مقدسات المسلمين وأقدس مكان فى العالم. وربما كان تعرض مكة المكرمة للصاروخ الحوثى– الإيرانى ليس أول اعتداء، لكنه الأخطر فى العصر الحديث، رغم أننا نعلم علم اليقين أن للبيت ربا يحميه كما تؤكد سورة الفيل التى بدأنا بها المقال، فالطير الأبابيل كانت برهان المولى عز وجل لأبرهة الأشرم.. والتاريخ يقول إنه منذ بناء الكعبة على يد سيدنا إبراهيم وابنه سيدنا إسماعيل عليهما السلام حتى اليوم هدمت الكعبة وأعيد بناؤها أربع مرات: الأولى قبل النبوة وتحديدا فى السنة الخامسة قبل البعثة حين قامت قريش بهدم الكعبة حتى تجدد بناؤها، حيث كانت السيول قد أثّرت كثيرا فيها فرغب سادة قريش فى تجديدها وتم ذلك بالفعل إلا انهم اختصموا فيمن يضع الحجر الأسود إلى أن وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك فى الرواية المعروفة.. والمرة الثانية عام 64 هجريا فى عهد يزيد بن معاوية وذلك على يد قائد جيوشه "الحصين بن النمير الكندى" الذى كان يسعى خلف عبدالله بن الزبير الذى احتمى ومن معه بالبيت الحرام طلبا للحماية، فما كان من الحصين إلا أن رمى الكعبة بالمنجنيق فاحترق جزء منها وتهدّم.. فقام ابن الزبير بإعادة بنائها وأضاف إليها ستة أذرع وجعل لها بابين وأدخل فيها الحِجر الأسود. والمرة الثالثة عام 73 هجريا، حينما غزا مكة "الحجاج بن يوسف الثقفى" فى عهد هشام بن عبدالملك الذى كان ينازعه الولاية حينها عبدالله بن الزبير أيضا وتكرر الأمر حيث احتمى الزبير بالكعبة مجددا فنصب الحجاج المنجنيق وقذفها فتهدم حائطها الشمالى وتمكن الحجاج من أسر عبدالله بن الزبير فقتله فيها وصلبه عليها.. والمرة الرابعة، حين أغرقت السيول مكة سنة 1040 للهجرة، ما أثّر كثيرا على الكعبة المشرفة فتم تجديد بنائها وتقوية أساسها.. هذا علاوة على أعمال الشغب الإيرانية فى الأماكن المقدسة فى بعض مواسم الحج، ناهيك عن محاولة المدعو جهيمان العتيبى السيطرة على كامل منطقة الحرم المكى الشريف أثناء موسم حج عام 1979، لكن قوات الأمن السعودية نجحت فى احكام سيطرتها على الموقف رغم ما أسفر عنه الاقتحام من قتلى واصابات.

حقا.. للبيت رب يحميه، فلن يستطيع غازٍ أو معتد النيل من الحرم المكى الشريف ولا أرض مكة المباركة التى ذكرت فى القرآن الشريف مرارا، وليعلم كل المعتدين هذا، لكنهم مثل العمى الصم البكم، لا يتعلمون من التاريخ.

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر

ads