فن وثقافة
الصالون الثقافي العربي يناقش تحديات التعليم وإعداد المعلم

عقد الصالون الثقافي العربي جلسة حوارية بعنوان "تحديات التعليم في الوطن العربي واعداد المعلم" وذلك بحضور نخبة من الوزراء والسفراء والمفكرين وخبراء التربية والتعليم ونجوم الفن والثقافة والاعلام العربي .
افتتح المناقشات الامين العام للصالون السفير قيس العزاوي بكلمة عن اهمية التعليم والتحديات التي يمر بها الوطن العربي واشار الى
ان الصالون سبق ان ناقش في جلسات عدة موضوعات تربوية وتعليمية اساسية منها اصلاح الكتب
المدرسية التي ما زالت في دول عربية عديدة تحتوي على توجهات تحريضية دينية وطائفية
وعنصرية وتحث على الكراهية مما يؤدي الى تقوية الميول العنفية، كما ناقش الصالون قضية
المناهج الدراسية لكونها المحور الذي تدور في فلكه عناصر العمليات التربوية والتعليمية
كافة، ويعد تطوير المناهج الدراسية مهمة اساسية في العملية التربوية.. وأكد على ضرورة
اعداد مناهج دراسية عصرية جديدة تأخذ بنظر الاعتبار التقدم الحادث في المجالات التربوية
وتدعو للتعددية الفكرية وتنوع الثقافات وتكون بعيدة عن التطرف، وفي جلسة رابعة ناقش
الصالون التربية الثقافية في المدارس وكونها مفتاح الحل لكل الازمات فلا يمكن محاربة
التطرف والارهاب عسكرياً وأمنياً دون محاربته ثقافياً.. ونعتزم في الصالون جمع كل هذه
الموضاعات مع جلسة اعداد وتهيئة المعلم لكي تخرج في كتاب جامع. إن اعداد المعلم وحسن
تدريبه وتاهيله يعد الحلقة الاساسية في العملية التربوية.
واضاف العزاوي ان تراجع العملية التعلمية في الوطن العربي اصبح ظاهرة لا يمكن
السكوت عليها فهي مؤشر على انحطاط الامم لذلك صرخ الامريكان حين تراجع التعليم لديهم
واصدروا التقرير المشهور" امة في خطر" ان التردي التربوي والتعليمي وبخاصة
الجامعي اصاب افضل الانظمة التعليمية في العراق ومصر وسوريا ومن جديد انتشرت الامية
بعد ان شهدت السبعينات والثمانينات افولها ...
من جانبه قال رئيس الصالون المنتخب الدكتور مصطفى الفقي ان مشكلتنا في الوطن
العربي تكمن اولا واخرا في التعليم ، فنهوض
الامم في مقدرتها على الادارة الناجحة للعملية التربوية، ومما يؤسف له ان التراخي في
هذا الشان جعل التعليم في عالمنا العربي في ادنى حالات التردي، وقد باتت المدارس عبارة
عن ملئ استمارة الامتحان وبعض الارقام، ولاحظ الفقي ان مدارسنا اليوم في اغلبها خالية
من ممارسة الهوايات كالرسم والموسيقى وغيرها مبينا بان قضية اعادة التظر بمستوى التعليم
قضية محورية ولابد من الالتفاف حولها .
من جانبها قالت الفنانة الهام شاهين التي تحرص على حضور الصالون الثقافي العربي
في اغلب جلساته ان هروب الطلبة من المدارس في الوقت الحالي يجعلنا نقف عنده ، حيث اننا
في السابق عندما يراد معاقبة شخص يحرم من المدرسة لان المدرسة ليست مكان للتعليم المنهجي
فقط بل لممارسة كافة الهوايات والفنون ونحن ندرس الرياضة والدراما مشيرة الى ان الطالب
اذا اراد تطوير ملكاته المهنية والفنية فلا مكان سوى المدرسة ليس فقط من اجل العلم
بل لممارسة الهوايات الاخرى، ولابد ان نوفر له كل انواع النشاطات وان يكون المشرف على
الدراسة ليس فقط وزارة التربية والتعليم مع وزارة الشباب والثقافة ومنالمفضل اشراك
وزارات اخرى.. فانا حبيت التمثيل والمسرح من خلال المدرسة وتعلمت الموسيقى والالعاب
الرياضية فيها والمدارس توفر الثقافة العامة وهي اهم برامج التعليم .
وفي بحث قيم اعدته الخبيرة التربوية الدكتورة اماني فؤاد عن استراتيجية لاعادة
تاهيل المعلم ثقافيا تحدثت عن أضلاع مثلث العملية
التعليمية : الطالب، المدرس، المادة التعليمية، يظل المدرس الضلع الأهم والأكثر فاعلية
لتوصيل المادة العلمية بأيسر الطرق وأكثرها جذبا للتلاميذ، و مهما تطورت الكتب والوسائط
، واستخدمت أحدث الوسائل التكنولوجية المتجددة لتوصيل المناهج الدراسية ، يبقى المدرس
وحده قادرا على تشكيل ذهن الطالب والتحكم في درجة تقبله للمواد الدراسية ، وفتح آفاقه
الفكرية .. وانتقدت الخبيرة المدرس المصري الذي اصبح في نظرها ذو عقلية ثقافية جامدة
تقليدية ، وطبيعة انتهازية عشوائية التكوين داخليا وخارجيا ، تكالب على الدروس الخاصة
وإهمل حركة التعليم بالمدارس ، انتماءات فكرية وعقائدية متطرفة باتت لا تتسق وطبيعة
الشخصية المصرية التي بدأت مشروع نهضتها التحديثي منذ أواخر القرن التاسع عشر، وقد
نوهت الخبيرة الى ان من اسباب تردي التعليم في مصر مثلا شيوع التيارات المتأسلمة والمتطرفة
بينهم وكذلك هجرة المدرسين وخاصة الاكفاء منهم بسبب الظروف السياسية والاقتصادية الى
دول الخليج والسعودية خاصة وتأثرهم بالاجواء المتزمة التي ادت الى انتشار الافكار الوهابية
عندهم وبدأت ثقافة وافكار مغلقة تنخر في نفوسهم ويبتعدوا شيئاً فشيئاً عن الانفتاح
والتطور والتلاقح الحضاري..
وفي مداخلة مهمة وجد رئيس الوزراء المصري الاسبق الدكتور عصام شرف ان محنة التعليم
وتدهوره ظاهرة عربية عامة .. ولابد من التفكير باسلوب مختلف، فالتعليم والتعلم هما
فكرة فلسفية وترتبط فكرة التعلم بوجود التقنيات الحديثة التي تقلل الفجوة ، وقد اعتبر
شرف ان التعلم يشكل الدعامة الاولى للمشروع التنويري اما الدعامة الثانية فهي الاعلام
والثالثة هي الفنون وفي النهاية سنصل الى اعتاب المواطنة الحقيقية ونحقق الهوية الوطنية..
فالتعلم في كل مراحله جزء اساسي من مشروع التنوير الذي نبتغيه .
من جهته قال خبير الامم المتحدة في الاعلام الموسوعي الاستاذ محمد الخولي ان
التفكير في اصلاح التعليم ياتي من خلال اصلاح المنظومة التربوية بشكل عام ، وهي عملية
ذات ابعاد عدة ربما تكون زيادة رواتب المدرسين في المرحلة الحالية من اهمها، وهي ليست
كافية اذ لابد من رفع مكانة المعلم ايضا واعداده مشيرا الى ان الطالب الذي لا يستطيع
ان يدخل الكليات المهمة بنظره يدخل كلية التربية التي يعتبرها سقط متاع، وقد نوه الخولي
الى كل الابعاد التربوية التي ينبغي اصلاحها ومن بينها الاهتمام بتأهيل المعلم لغويا
فقد شاع تردي في مستويات التأهيل اللغوي واصبح المعلم والتمليذ في حالة يرثى لها .
.
وفي الوقت الذي تشهد فيه الساحة التربوية العربية كل انواع التردي فإن المستوى
التربوي في فلسطين افضل بكثير من غيره لذلك طلب العزاوي من السيد السفير الفسطيني الاستاذ
بركات الفرا توضيح ذلك وقد نوه الفرا الى وجود تحديات كبيرة تواجه التعليم في الوطن
العربي وفي فلسطين وهي سياسية واقتصادية واجتماعية وفنية، فلابد من التركيز على إذكاء
المواهب لدى الطفل منذ البداية وتوجيهه على هذا الاساس اهتمام.. وبعد سنوات تعليمه
يجري تحديد ما يريدهه الطفل وهذا ما يحدث في الخارج، ولكن في وطننا العربي منظومة التعليم
غير جيدة ونحن في فلسطين نركز على الاقتداء بما حصل من تقدم علمي في العالم من خلال
الاطلاع الميداني الذي يتعلمه طلابنا الذين يستفيدون من البعثات والزمالات التعليمية
التي يحصلون عليها من التعاون الدولي معنا ومن خلال منظمة الاونروا التي تهتم بالتعليم
المختصر المفيد وليس الحشو، وكذلك تهتم بالتقنيات الحديثة والتي يستخدمها الطالب في
سن مبكرة للتعرف على قدراته وكذلك الامر بالنسبة للاستفادة من التدريب والتأهيل بالنسبة
للمدرس نفسه فهو يحظى باستمرار على دورات تدريبة ولا يترقى الا ان اجتاز هذه الدورات .
وقد ساهم العديد من الباحثين والاعلامين العرب في النقاش والتركيز على اهمية
اعادة تاهيل التعليم ليواجه التحديات الراهنة التي يمر بها وطننا العربي وخاصة تحدي
الارهاب الذي لايد ان يتم التصدي له من خلال عدة امور اولها اصلاح جذري لمنظومتي التربية
و التعليم، واشار بعض المشاركين من جديد الى هجرة المعلمين المصريين الى الدول الصحراوية
الذين عادوا الى البلاد لكي يخلقوا ازدواجية تخلفية تماثل ما حدث للازهر الشريف الذي
عرف عظمة انفتاحه في زمن الطهطاوي ومحمد عبده لكي يصبح اليوم منغلقا على نفسه .