رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار

حوارات

المستشار محمد سمير: التيار الإسلامي استخدم النساء كأدوات للإرتفاع على الساحة السياسية بطريقة فظيعة

الأربعاء 12/يونيو/2019 - 10:29 ص
صدى العرب
طباعة
محمود عبدالرحمن

أكد المستشار، الدكتور محمد سمير: إنّ التيار الإسلامي استثمر المرأة في السياسة بطريقة فظيعة، فالمرأة كانت، فيما يتعلق إليهم، كوبري للوصول إلى مقاعد المجلس المنتخب، وهي لحظة تاريخية طال انتظارها، خاصة من جماعة الإخوان الإرهابية، فعالية قانون التحرش تستلزم الشغل على جبهتين؛ المجتمع الذي يدرك ماهية التحرش وآليات مكافحته، والسلطة التنفيذية التي تنفذ القانون.


وأوضح  نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، والمتحدث الرسمي باسمها، أثناء حوار مع "صدي العرب" أنّ "تيارات الإسلام السياسي، استخدمت النساء كأدوات للارتفاع على الساحة السياسية، دون أيّ اعتراف، حتى ولو ضمني، بفعالية المشاركة النسائية، وأهمية وجود المرأة على الساحة السياسية، خاصة في أعقاب التضحيات التي قدمتها النساء في عملية الحراك آنذاك".


ويشغل الدكتور محمد سمير منصب أستاذ النظم السياسية بجامعة "دراك" بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو باحث في القانون الدستوري المقارن، مثلما يشغل مركز وظيفي أستاذ زائر لقسم العلاقات العالمية، ومحاضر في التشريع الدستوري لقضايا النوع الاجتماعي في الكثير من الجامعات المصرية والدولية.



وإلي نص الحوار..


هل تري أنّ ثورة 25يناير فتحت أبواب المشاركة للنساء في الحياة السياسية أم العكس؟

طبعا نعم، وذلك خلال عام 2011 شاهدنا انفراجة عظيمة في المساهمة السياسية للنساء، ونتيجة لمشاركة المرأة بغزارة، وحضورها داخل عملية الحراك، باختلاف الطبقات الحاضرة، سواء على المستوى الاجتماعي أو الطبقي، بدت الصورة مثالية للوهلة الأولى، ومنحت هذه الصورة لمسة تقدمية لحراك المصريات في شهر يناير، ومنه أدركت القيادات الحزبية أنّ هناك لاعباً جديداً في الساحة السياسية، يمكن الاستفادة منه، وتولدت نزعات براغماتية، كان على رأسها ما شوهد من قبل تيارات الإسلام السياسي، التي استغلت النساء بشكل ملحوظ، للاستحواز على أصوات إضافية.

 
حسناً، كيف كانت مشاهداتك لمشاركات السيدات سواء الناخبات أم المرشحات، وكيف كانت آلياتها؟

لنبدأ الحديث عن المرشحات، فقبل 2011 كانت الانتخابات تجري على حسب التشريعات الخاصة بكتلة المرأة على الكشوف الانتخابية، أو بالتعيين المباشر، لكن بدأت مظاهر جديدة لناخبات ما بعد الثورة، فبدأنا في بصيرة لافتات تنادي: انتخبوا زوجة فلان، مرفقة بصورة امرأة منقبة، أو صورة زهور، وفي بعض الحالات وضعت صورة الزوج، وهو ما كان جديداً على الشارع السياسي المصري، والذي ضد تقبّل مثل هذا الإجراء من قبل تيارات الإسلام السياسي على مضض؛ فالمرأة كانت، بالنسبة إليهم، جسر  للوصول إلى مقاعد مجلس النواب، وهي لحظة تاريخية طال انتظارها، خاصة  من جماعة الإخوان المسلمين، وهو ايضاً انعكاس لامتهان النساء، باعتبارهنّ إنساناً غير كامل المواطنة، ولكن الضرورات تبيح المحظورات، فمن دون هؤلاء المرشحات، لن تُقبل القائمة، ولن يتحقق الشكل القانوني المطلوب، وكان هذا من جانب التيارات السلفية، والأكثر أصولية، أما جماعة الإخوان الارهابية، فلديها من القياديات، كوادر تمّ إعدادهنّ خصيصاً لتلك اللحظة، ودفع الإخوان بالعديد من المرشحات لهذه المهمة، ولم يكن يملكون ذلك الشكل الغريب من التحفظ على صور السيدات، أو أسمائهن، نظراً لخضوع تلك القيادات النسائية لسلطة مكتب الإرشاد، والذي ينفذ طلب منه على الجميع، دون الاستناد إلى ضرورات الواقع، والظروف الموضوعية للحظة الراهنة.


أمّا الناخبات فالأغلبية الساحقة منهن كن خاضعات لتوجيهات الإعلام، ولن نستطيع الجزم بأنّ الخيارات الانتخابية تمّت عن وعي، وقد سمعت من داخل اللجان آنذاك مبررات واهية ومتشابهة من ناخبات كثيرات صوّتن بنعم، امتثالاً لتوجيهات الإسلام السياسي، الذي يتمنون مكسبه بالانتخابات، ليحلّ حكم الشريعة، وهذه كانت بضاعتهم الرائجة، التي أجادوا تسويقها للبسطاء من أبناء مصر، وهم الأغلبية بدون شكّ.

 

في2012 دخلت السيدات  إلى مجلس النواب في خضمّ الحراك السياسي المصري، هل مثّل هذا فارقاً وانعكاساً بالإيجاب على قضايا المرأة التي طال تهميشها؟

بالتأكيد لا، فقضايا المرأة كانت، وما تزال، آخر مصالح النظم السياسية، سواء كانت إسلامية أو غير، وفي مجتمعاتنا العربية خير شاهد ودليل على هذا، فالعبرة ليست بدخول السيدات معترك السياسة، لكنّ التساؤل يظل مطروحاً: كم امرأة من هؤلاء نستطيع الجزم بأنّها تملك ما يكفي من الإدراك لقضايا النوع الاجتماعي، وتمثل الصوت الحقيقي للأغلبية الساحقة من سيدات جمهورية مصر العربية المهمشات؟ بل على الضد؛ فهؤلاء المتوّجات على عرش البرلمان، كنّ الأكثر راديكالية، ولم يتعدَّ دورهنّ أكثر من  المحافظة على الطابع الأبوي الذكوري للنظام السياسي، سواء سيدات التيار الإسلامي، أو غيرهنّ.

 

 

وماذا عن عملية بلورة الدستور؟ هل شاركت البرلمانيات في أيّة قوانين تدعم حقوق النساء، أو مناقشات لهيكلة القوانين العائقة لعملية المساواة؟

نأتي لعملية صياغة الدستور، والتي تشبث الإخوان للرمق الأخير فيها، بالحرص على صياغته لخدمة مصالحهم السياسية، وتنفيذ رؤاهم الاجتماعية، هنا تشكلت الجمعية التأسيسية الأولى، ثم انحلت بحكم قضائي؛ بسبب أنّ أعضاءها كانوا نواباً برلمانيين، ثم تشكلت الجمعية التأسيسية الثانية لصياغة دستور جديد للبلاد، وهنا تمكن الإخوان من المراوغة، بعدما قدّم بعض الأعضاء استقالتهم لمجلس الشعب، والتحقوا بالجمعية التأسيسية، وفي تلك الجمعية تجلى منهج النسوية داخل المفهوم الأيديولوجي لتيارات الإسلام السياسي، وهنا وجب استدعاء التجربة الإيرانية، لما فيها من تشابه مع تجربتنا آنذاك؛ حيث بدأت الثورة في إيران كانتفاضة احتجاجية، ساهم بها كافة أطياف الشعب، وبمجرد انقضاض الإسلامويين عليها، ثم شروعهم في إدارة حوار سياسي خاص بالحريات والحقوق الاجتماعية الخاصة بالنساء والأقليات، ضرب الخميني وأتباعه بكلام الثوار عرض الحائط، محتجين بأنّه ليس وقتاً مناسباً لنقاش مثل تلك القضايا الفرعية، وهو دائماً ما يأتي ذلك؛ أن تضحّي النساء ويقدّم كل غالٍ ونفيس في خضمّ العملية الثورية، وبمجرد نجاح الحراك تهمش المرأة بحقوقها جانباً، وهو ما سمعتُه بنفسي من واحد من برلمانيي الإخوان، حين دارت مناقشة حول التشريعات المخصصة بحقوق النساء بقوانين الأوضاع الشخصية، قائلاً: ليس وقته، يستتب لنا الحكم ثُمّ فانلة عثمان، والحقيقة أنّ كلّ التيارات السياسية الإسلامية وغيرها، تشاركت في هذا الإثم العظيم، وهو إغفال تشريعات منصفة للنساء، فالمرأة بالنسبة إليهم جميعاً؛ أداة للوصول إلى المبتغى، وهو سدة الحكم، فجميعهم يعدّون نزول المرأة للعمل والمشاركة في الميدان العام، منافسة لا يستطيع المساهمة فيها، إذاً فالحلّ أن يصبح دور المرأة تربية النشء لا غير.

 

 

من تلك المباحثات التي دارت، ألم تكن هناك ردود من البرلمانيات عليها، خاصة أنّ دورهنّ الأول في المجلس المنتخب هو تمثيل السيدات والبحث عن تشريعات تدعم حياة أفضل لهنّ؟

هذا مفترض، أمّا الواقع فمختلف، وأذكر لكِ واقعة دارت فيها الكثير من السجالات، وهي مختصة بالمادة العاشرة من الدستور، والتي تنصّ على حماية مبادئ وتقاليد العائلة المصرية، وقد صيغت بعبارات فضفاضة، تجعل القارئ يتساءل عن ماهية تقاليد الأسرة المصرية، فالأسر لا تتشابه من بيئة لأخرى ومن طبقة لأخرى؛ لهذا فإنّ مثل هذا التشريع لا يوضح أيّة أخلاق يستهدف الحفاظ عليها، ولا أيّة عائلة تحديداً يستهدفها، ودعيني أذكر واقعة أخرى دارت حين فُتح مناقشة خاص بمادة الحقّ في حرية الجسم، لتعترض نائبة شهيرة من تيارات الإسلام السياسي آنذاك، مصرحةً: بأنّها ترغب في إلغاء تجريم ختان الإناث، فكيف توافق على الحقّ في حرية الجسد؟! تكررت مرة أخرى أثناء مناقشة المادة المخصصة بحظر الاتجار بالبشر، لتعترض النائبة نفسها، مطالبة بصياغة وتحديد المادة لـ "منع تجارة الجنس"، وهذا لأنّ واحد من بنود الاتجار بالبشر، طبقاً لتعريف المنظمة الدولية للهجرة، يشتمل على زواج القاصرات، وهو ما اعترض بشأنه كلّ ممثلي تيارات الإسلام السياسي، بدون استثناء، مبرهنين بأحاديث وآيات، وقصة النبي محمد، صلى الله عليه وسلّم، مع أم المؤمنين، عائشة، قائلين: "أتريدون حرمة ما أحلّه الله!"،  في انعكاس واضح بأنّ هؤلاء الأناس، يغطون في غياهب التاريخ، متغيبين عن اللحظة التاريخية التي تعيشها مصر آنذاك.

 

 

إذاً، ماذا كان مصير التشريعات التي أقرتها سوزان مبارك في تحديثات 2007، والتي اعترف العديد بأنّها كانت الأكثر تقدمية؟

من وجهة نظري؛ قوانين المرأة التي أقرتها سوزان مبارك، فضلا على ذلك مشروع القراءة للجميع، كانا أهم إنجازين على نطاق 30 عاماً، ولكن تذمّرت كلّ النائبات من هذه القوانين، لأنّها صدرت من زوجة الرئيس المخلوع، ولنضرب مثالاً آخر خلال عصري دار لمناقشة قوانين عمل المرأة؛ حيث صرّح واحد من النواب علناً، في مواجهة الجميع قائلاً: "الست لما نزلت الشغل مبقاش حاجز عارف يلمها"، وهو خطاب ليس بغريب على مجتمعنا، فالرجل يطمح لإحكام القبضة على المرأة من خلال تبعيتها الاقتصادية له، ودون هذه التبعية ستصبح الزوجة نداً لزوجها، وهو ما يتنافى مع مبدأ طاعة الزوجة لزوجها في الإٍسلام، أو حتى مفهوم الرجولة بطابعها التابع للشرق، وهذه كانت مبرراتهم الواهية، وهو ما قيل صراحة داخل الجمعية التأسيسية، وأراه خزياً وعاراً اجتماعياً، ووصماً على جبين الثورة التي جاءت بهؤلاء إلى سدة الحكم؛ بل إنّ السيدات الإسلاميات وقتها، عمدن إلى تشويه قيادات الحركة النسوية من الأيسر والتيار المدني، من خلال اتهامهم باتباع الولايات المتحدة الامريكية الأمريكية والغرب، والمفارقة العجيبة؛ أنّ أول من استنجد بهم الإسلامويون، عقب الإطاحة بالرئيس مرسي في 2013، كانت أمريكا التي يتبعونها فيما يطابق أهواءهم ومصالحهم الشخصية فقط، ويتراشقون تهمة الخيانة مع كلّ المختلفين معهم.

 

 

على أوضح شهر يوليو 2013، وقد أمضت جمهورية مصر العربية عاماً كاملاً في فترة انتقالية صعبة في أعقاب خروجها من ثورتين؛ هل يمكن القول إنّه ثمّة مكتسبات تشريعية للنساء، وإذا وجدت فهل تعززت أم تقهقرت؟

بعد تسلم رئيس المحكمة الدستورية العليا، المستشار عدلي منصور، زمام السلطة، تم تعطيل الشغل بالقانون الأساسي، ثم أتى، للمرة الأولى في تاريخ التشريع المصري، توصيف ملحوظ لقانون التحرش؛ ففي الماضي، تم إدراج واقعة التحرش في سياق جرائم هتك العرض، في حين صدر القانون المخصص بتفعيل أيّ سلوك ينتهك خصوصية الأنثى، سواء بالكلمة، أو بالنظرة، أو الإيماءة، وما شابه هذا، يندرج تحت فقرة التحرش الذي يعاقب عليه التشريع، وبالطبعً إذا ذُكِرَ التحرُش في مصر، فحدّث ولا حرج؛ حيث ترتفع المعدلات بشكل كبير، وقد أدرك المجتمع فداحة هذه الظاهرة، في النكبات المتتالية التي وقعت في ميدان التحرير، أشهرها كانت فتاة التحرير، التي زارها الرئيس السيسي في المستشفي، وكانت هذه الوقعة، سبباً رئيساً في تفعيل هذا القانون.

 

 

بالانتقال إلى دستور 2014، نتساءل: كيف حضرت قوانين المرأة في هذه الفترة، خاصة في وجودّ وجود معطيات عززت حضور السيدات على المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية؟

قدّمت التحديثات الدستورية، عام 2014، عطية للنساء في مصر، تمثلت في تفعيل المادة 11، والتي تقتضي بتجريم التمييز ضدّ النساء، وتقضي بمساواتهن في مختلَف المجالات جنباً إلى جنب مع الرجال، اشتملت تلك المساواة على حقّ النساء في الترشح للوظائف القضائية، وهو ما بدأ بالتفعيل، خاصة في أعقاب التعديلات الدستورية الأخيرة، مثلما تم تعطيل العديد من البنود القانونية، التي تمتهن المرأة وتضع على عاتقها تحمل مسؤولية ما يسمى بمنظومة أخلاق الأسرة المصرية، وكلّ تلك الخطوات هي إرهاصات لحقوق قانونية أكبر يتم الشغل عليها، مستقبلاً للنساء.

 

 

وفي النهاية.. «التحرش وما أدراك بالتحرش».. إلا أن، حتى الآن لم نرَ تراجعاً واضحاً في نسب التحرش، أو حتى نسبة أضخم من النساء في المناصب القضائية، هل يرجع ذلك إلى عدم فاعلية القوانين الموضوعة؟

سنّ القوانين والتشريعات هي عملية تحويل فوقي، تفرض نوعاً من القوة لإنفاذ التشريع حتى لو تعارض مع العرف الاجتماعي السائد، وهو ما ينتج ذلك الآن مع كلا التشريعَيْن، ودعينا نتحدث عن التحرش؛ لأنّ فعالية قانون التحرش تستلزم الشغل على جبهتين؛ المجتمع الذي يعي ماهية التحرش وآليات مكافحته، والسلطة التنفيذية التي تفرد مساحات آمنة ومتاحة وسهلة الوصول حتى يتم إنفاذ التشريع بواسطتها، الشأن نفسه مع قضية تفعيل تمكين النساء من مناصب القضاء، الذي يتطلب شجاعة من المرأة ذاتها، التي تؤمن بقدرتها على ممارسة حقها في الحصول على مركز وظيفي قضائي، دون وضعها في قوالب اجتماعية تسخر من عملها الذي يغلب عليه الطابع الذكوري، وهو واحد من أكثر أهمية الأسباب لعزوف الكثيرات عن اقتحام مجال القضاء؛ لذلك بإمكاني القول: إنّنا نعمل هذه اللحظة، عقب التحديثات الأخيرة، في وجودّ حراسة الأرضية القانونية، وإن طال الزمان أو قصر، فإنّ القانون سينتصر، ويفرض نفسه على المجتمع الذي بدوره يتغيّر في ظل التقلبات المحلية والإقليمية والعالمية.

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر