رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار

الاشراف والقبائل العربية

الطالبيون سادات الحِجَاز وأشرافه ..

الجمعة 16/ديسمبر/2016 - 12:33 ص
صدى العرب
طباعة
نسابة المدينة المنورة - الشريف أنس بن يعقوب الكتبي

                                     


إنّ تاريخ الطّالبيين أبناء الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام يعود مرتبطاً بإقليم الحجاز, فقريش هذه القبيلة العربية التي اصطفى الله منها النّبي الأعظم سيّدنا محمّد بن عبد الله الهاشمي القرشي ,  كان لها الجذور الحقيقية والثابتة في أرض الحجاز الأقدس الشريف , وكان لهذه الشّجرة الثابتة الأصل وفرعها في السماء الارتباط الأساسي بالدعوة المحمّدية خاتمة الأديان السماوية حتى يرث الله الأرض ومن عليها .


قال الإمام الترمذي في جامعه :حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مِلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - قَالَ : (( إِنَّ الدِّينَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْحِجَازِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا وَلَيَعْقِلَنَّ الدِّينُ مِنَ الْحِجَازِ مَعْقِلَ الأُرْوِيَّةِ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا وَيَرْجِعُ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِى مِنْ سُنَّتِي )). قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .


أقول :  يأرز أي  يجتمع وينضم  بين المسجدين .


والحجاز الأقدس الشريف ضم أعظم البقاع مكة المكرمة بيت الله الحرام وكعبته المشرفة التي تطوف بها الملائكة في كل وقت وحين ويطوف بها المسلمين من كل بقاع الأرض وبها مقام إبراهيم ومصلاه وزمزم والحطيم ومسعى هاجر ام إسماعيل حيمنا اتاها سيدنا إبراهيم الخليل بأمر ربه ووضع زوجه وإبنه إسماعيل في وادٍ غير ذي زرع وهي مولد المصطفى النبي الاعظم ومبدأ رسالته وغير ذلك من معلوم الفضائل التي وضعها العزيز الباري وبالحجاز المدينة المنورة مهاجر سيد المرسلين ومثواه وحضرته الشريفة وبه روضته الغراء والتي هي قطعة وروضة من رياض الجنة , هذا الحجاز وهذا عظمته حيث قلوب المسلمين وإفادتهم تعلقت به .

    

قال المباركفوري في التحفة : والحِجَاز هُوَ اسْم مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَحَوَالَيْهِمَا فِي الْبِلادِ وَسُمِّيَتْ حِجَازاً لأَنَّها حَجَزَتْ أَيْ مَنَعَتْ وَفَصَلَتْ بَيْنَ بِلادِ نَجْدٍ وَالْغَوْرِ .


أقول : الحِجَاز هو الإقليم الغربي في شبه الجزيرة العربية وتمتد حدوده الغربية على شاطئ البحر الأحمر من مدينة القنفذة الساحلية على الشواطئ الجنوبية لساحل البحـر الأحمر إلى خليج العقبة . كما يمتـد شـمالاً بمحاذاة البحـر الأحمر من المدينة المنورة مـاراً بخيبر والعُلا ومدائن صالح , وتيماء وتبوك إلى معان , وهي آخر حدود الحجاز مع الشام ؛  لقد عَرَف الناس الحِجَاز بقدسيته بالمدينتين المقدستين مكة المكرمة ,  والمدينة المنورة والتي تهوي إليها قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ,  فقدّمه باسمه الذي كان على الخريطة رغم كل التغيرات, فمع مرور الدول عليه على مرّ الأزمان لم يتغير المسمّى التاريخي لأرض الحِجَاز , فالدين حِجَازي , ومحمّد صلى الله عليه وآله وسلّم حِجَازي , والكعبة حِجَازيه , وأُحُد حِجَازي, وأهل الحِجَاز حِجَازيون, والطّالبيون حِجَازيون , والحِجَاز هو المنبع لنهر العلم وأهل البيت هم المصبّ العذب , فهم معدن الحكمة والرسالة .


قال الجاحظ في رسائله : وخص آل أبي طالب من الغرائب والعجائب والفضائل، ما لم نجده في أحد سواهم : وذلك أن أول هاشمي هاشمي الأبوين كان في الدنيا ولد لأبي طالب، لأن أباهم عبد مناف. وهو أبو طالب بن شيبة وهو عبد المطلب بن هاشم ,  وهو عمرو وهو أبو شيبة , وشيبة هو عبد المطلب , وهو أبو الحارث وسيد الوادي غير مدافع ، بن عمرو، وهو هاشم بن المغيرة، وهو عبد مناف .


ثم الذي تهيأ لبني أبي طالب الأربعة : أن أربعة إخوة كان بين كل واحد منهم وبين أخيه في الميلاد عشر سنين سواء، وهذا عجب .


وقال أيضاً : فلما حصلوا كل مئناث وكل مذكار , فوجدوا آل أبي طالب قد برعوا على الناس وفضلوهم، عرف الناس موضع الفضيلة له والخصوصية .


وفي ولد أبي طالب - أيضاً - أعجوبة أخرى ؛ وذلك أنه لم يوجد قط في أطفالهم طفل يحبو، بل يزحف زحفاً لئلا ينكشف منه عن شيء يسوءه، ليكون أوفر لبهائه ، وأدل على ما خصوا به.اهـ


فكان ولد نزار بن معد من نسل إسماعيل المستوطنون مكة المكرمة فتكاثروا وأنتشروا فيها فكانت قريش من ذراريهم التي انتظروا في بطاحها وظاهرها ولما كان للعدنايّين من فخر وشرف باختيار الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم منهم، وما لهذا الرسول من شرف في النسب ورفعة بين القوم والأجناس، فقد جعل الله الناس شعوباً وقبائل ليتعارفوا، وعلّم المخلق المعقّبين الأنساب إلى الأوائل ليتألّفوا , وفضّل أولاد إسماعيل على العجم والعربان، وفضّل كنانة على بقيّة نسل الذبيح الذي فداه الرحمن، وقد اصطفى الله كنانة من عدنان، واصطفى قريشاً من عدنان، واصطفى قرشاً من كنانة، واصطفى هاشم من قريش، واصطفى محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم من بني هاشم، فيا له من نسب عالي الأقدار، وساطع الأنوار .


ولأمر قدّره الله عزّ وجل نزلت على أهل البيت الطالبيين المصائب والفتن وسفكت دمائهم بلا رحمة ولا هوادة فقُتِلوا وشُرِّدوا وطُرِدوا وهم أبرياء , فهذا الإمام علي بن أبي طالب خرج من المدينة إلى الكوفة , وقُتِل في محراب عبادته, وهذا ابنه الإمام الحَسَن المجتبى الشهيد المسموم لقي ما لقي من الأعداء حتى ضربوه على فخذه المبارك, ثم صاغوا له مؤامرة الغدر والخيانة ودسُّوا له السُّم, فلقي وجه ربه بعد أربعين يوماً كان فيها ضجيع الفراش, وهذا أخيه الإمام الحُسين الشهيد المقتول, لقي من الأعداء ومن أقرب الناس ما لقي, حتى شهد كربلاء دفاعاً عن الحق وجهاداً في سبيل الله فأدموه وقتلوه شرّ قتلة وملأوا الأرض بدمه الشريف, واستمـرت مقاتل أهل البيت قـروناً وقرون من شهيد مقتول وآخـر مسموم, وقد أسرف خصوهم في محاربتهم ونصّبوا أنفسهم لأمـر خابـوا فيه ولم يفلحوا فقد خاب من حمل ظلماً, وأصبحت مقاتل الطّالبيين من أهل البيت حديثاً يُروى وخبراً يُتَناقل وتواريهم سُنّة يُعْمل بها, وتغيبهم فرض مسلّم من الحـاكم السّياسي وانخراطهم في غير أهلهم إجباراً, والأرض تشهد على دمائهم المسفوكة وهذا كله حقداً على مكانتهم فمن هوان الدنيا ودناءتها وخستها أن يُفعل بذرية الرسول أبناء البضعة البتول هكذا, ولو أردنا أن نكتب عن سيرة أهل البيت المحزونة لملئت الطّوامير بتاريخ أسود يأسف القلم لكتابته, وتملأ الأوراق بدمعات من الدم كيف لا وهم من الشجرة المباركة التي أُحكمت عروقها وكثرت أفنانها وأينعت ثمارها ثمرة الدوحة الهاشمية وفرع الذرية الطاهرة ونتيجة أهل بيت النبوة ومعدن الحكمة والرسالة ,  وقد مرّت الأزمان وذهب من ذهب وبقي التاريخ وظلت هذه الأحداث مناراً للأزمان فإن تفرقهم وطلبهم في الأمصار له حكمة حسب علمي القاصر تكمن في أمرين هامين :


أولهما : ليزداد فضلهم وأجرهم وثوابهم عند الله عزّ وجلّ .  


ثانيهما : ليخرج من بحر الحِجَاز فيوضات ربانية في شتى الأمصار يتولاها الطّالبيين سادات أهل البيت .


  قال الأمام الترمذي: حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُنْذِرِ الكُوفِيٌّ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ وَالأَعْمَشُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أرْقَمَ رضي اللَّهُ عَنْهُمَا قَالاَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم : (( إِنِّى تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِى أَحَدُهُمَـا أَعْظَمُ مِنَ الآخَرِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَىَّ الْحَوْضَ )) . وقال : هذا حديث حسن غريب .


ورغم كل هذه المقاتل إلا أن الله قد بارك في هذه الذرية فقد أعقب الإمامين الحَسَن والحسين ابني الإمام علي بن أبي طالب العدد الكثير من الأبناء ولكن أكثرهم توفى في وقعة كربلاء ,  فلم يبقى للإمام الحُسين إلا ولده الإمام علي زين العابدين , كما أنه لم يبقى لأخيه الإمام الحَسَن إلا ولديه, إلا زيد , وأخيه الحَسَن المثنى .


وليعلم أن كلّ الأشراف الحَسَينيون ينتهون إلى  الإمام علي زين العابدين مع اختلاف طبقاتهم , فقد كانت الإمارة في المدينة المنورة صراع بين الحَسَنيين , والجعافرة , والحُسينين , فقد كان على عهد بني العباس إمارة لبعض الحُسينين من أبناء موسى الكاظم ابن جعفر الصادق , وقد شاركهم فيها زيد بن الحسن وبنوه ,  ولم تكن هذه الإمارة إلا بصفة الإمارة التّشريفية التّقليدية على عهد بني العباس ,  إلا أن الرّياسة والسّيادة كانت لبني عمومتهم من أبناء جعفر الحجة بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر ,  وفي بنيه الإمارة بالمدينة المنورة , وقد استقرت فيهم  بعد صراع طويل تتوارث بأيديهم ثم انتقلت في بني عمّ أبيهم أبناء القاسم بن عبيد الله بن طاهر , حتى وصلت إلى الأمير شيحة بن هاشم وبقيته ابنيه جماز بن شيحة ,  وفي عقبه الجمامزة الإمارة, وهو وارث الحكم بعد أبيه وأخيه عيسى بن شيحة , وصارت إلى عقبه العياسا الوجاهة والسيادة , إلا أنّ العياسا اتخذوا قرية السّوارقية المشهورة على طريق المهد سكنـاً لهم وتداخـلوا مع الباديـة , وقد بقي بعض الجمامزة في المدينة المنورة واختـلطت بعض فروعهم مع بني عمومتهم من العياسا وبالمدينة من الحُسينين بني الحُسين الأصغر الحياريين أبناء الشّريف حيار بن حنتوش , والحمزات لهم من السّيادة والوجاهة ما لبني عمومتهم العياسا والجمامزة, ولم يقتصر الأشراف الحسينيين على تلك الفروع بل إن ابناء عمهم من الموسويين والذين نعتوا بالمواسا أبناء موسى بن علي بن الحسن بن جعفر الخواري بن موسى الكاظم  سكنوا وادي الفرع من نواحي المدينة هم وبني عمهم من الجعافرة ,  ولا تزال لهم بقية هناك , والعياسا أكثر بني حُسين فروعاً وعدداً في زمننا , وللحُسينيين أشراف الحجاز القاطنيين المدينة المنورة  هجرات عديدة إلى الهند وبلاد فارس ,  فصّلها نسّابة بني حُسين في عصره السّيد ضامن بن شدقم الحُسيني في كتابه تحفة الأزهار وزلال الأنهار في نسب الأئمة الأطهار, وقد حوى كتابه تاريخهم وفروعهم وهو خلاصة ما كتبه أبيه وجَدّه وتبعاً لهم , ولم يبقى من الحُسينين في السّوارقية ووادي الفرع إلا القليل , فغالبيتهم استوطنوا المدينة المنورة , ويسكنون محلة العوالي ونواحيها , وليس الأشراف الحُسينيين مقصورين على هؤلاء الموجودين في الحجاز, بل إن هناك فروع كثيرة متواتر ومقطوع بصحّة نسبتهم هاجر أجدادهم إلى كثير من أنحاء العالم الإسلامي مثبتين في جرائد النّسب والمشجّرات, وهم بطون متّسعة كثّرهم الله وجعل فيهم النّفع والبركة .


أما الإمام الحَسَن المجتبى بن الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام ,  فعقبه لا يصح إلا من بقيته زيد  والحَسَن المثنى , فكُلّ الحَسَنيين في العالم ينتهون إلى أحد العقبين, وبقية زيد بن الحَسَن انتهى إلى ملوك طبرستان وبلاد الدّيلمان, وعقب زيد منتشر في كثير من بلاد العجم وإلى الحَسَن المثنى ينتهي الرّسّيون, وهم أبناء القاسم الرّسّي وهم بطون وأفخاذ وينتشرون في جنوب الحِجَاز وخاصة بلاد اليمن ونواحيها وصعدة ونواحيها وكان منهم ملوك اليمن .


هذه لمحة تأريخية عن الطالبيين في الحجاز ساداته وأشرافه وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .   


إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر