رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار

تحقيقات

هنا "دمشق الصغيرة".. من القاهرة

الخميس 24/يناير/2019 - 12:50 ص
صدى العرب
طباعة
محمودعبدالرحمن

أثناء مرورك في بعض شوارع مدينة السادس من أكتوبر المصرية، تشعر لأول وهلة وكأنّك تتجوّل في سوريا. فقد جاء آلاف السوريين بعد فرارهم من جحيم الحرب في بلادهم وعاشوا واستقروا وبدأوا بتنفيذ مشاريعهم التجارية.  

واشتهر السوريون على مر التاريخ بمهارتهم في التجارة، ففتحوا المطاعم والمحال التي حملت أسماءا وطابعا دمشقيا وجلبوا الحياة لأحياء المدينة الهادئة وحملوا إليها أكلاتهم السورية الشهيرة التي تعوّد المصريون على تناولها في مطاعمهم.

"صدى العرب" جلست معهم وحادثتهم حول بدايات دخولهم مصر حتى النهاية التى وصلوا إليها..

أيام وليالى مأساوية تتحول الى إستثمار ونجاح، فخمسة سنوات مرّت على مجيء السوري إبراهيم فهد إلى القاهرة حيث ضاقت به سُبل العَيش في وطنه، جراء المشاحنة الدموي الدائر فيها، فحمل أهله وما تيسر له من متاع وما تبقّى يملك من ذكريات، تاركًا خلفه وطنه، وسلسلة مطاعم، كانت مصدر رزقه، أتى إلى جمهورية مصر العربية، وبدأ سفرية حديثة، أقام فيها مشروعًا ساعده على الثبات بها، وتخلّى عن فكرة الرجوع إلى الجمهورية السورية "بلغت إلى فترة من الثبات الجوهري والمعنوي والأسري يصعب معها الخروج من جمهورية مصر العربية".

من دمشق بسوريا خرج إبراهيم وأسرته، كانت في مواجهته اختيارات عدّة للذهاب إلى لبنان أو مملكة الأردن، فضّل القدوم إلى جمهورية مصر العربية، اتّخذها وطنًا ثانيًا، وجد فيها اختلافًا عن البلاد والمدن الأخرى، أقام مطعمًا للمأكولات السورية في حي المهندسين بالجيزة "أهل مصر لم يسمونا نازحين وإنما اعتبرونا ضيوفا ومن أهل البلد"، وبينما يسترجع بفخر ذكرياته في سوريا، وطنه الأم، تاريخها، عراقتها، يرجع ويؤكد أن "الإنسان في الآخر بيعيش في الموضع اللي فيه استقرار وأمان قبل أي شيء آخر".

في وجود عدم حضور أي حلّ قريب للصراع الدائر في سورية الذي دخل عامه الثامن؛ تواترت من حين لآخر أنباء عن رجوع الثبات إلى أنحاء عديدة في الشام السورية عقب هيمنة الإطار عليها، والجديد عن إرجاع إعمار الشام السورية، كذا رجوع بعض السوريين من لبنان ودول أجنبية أخرى إلى الجمهورية السورية، وفق الترتيب التابع لروسيا لاستقبال وتوزيع وتسكين النازحين السوريين، ودعوة الخارجية السورية النازحين السوريين للعودة إلى بلادهم قبل شهور.

ومؤخرًا أفادت الشعوب الموحدّة، إن 1/4 مليون نازح سوري سوف يكون بإمكانهم الرجوع إلى ديارهم العام القادم رغم العقبات الكبيرة التي تجابه العائدين، ودعت إلى مساندة الملايين الذين لا يزالون في الدول المتاخمة لسوريا.

فيما صرّح مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الموضع الأساسي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون المشردين بأنه من المتوقّع أن يرجع نحو 250 ألف سوري إلى بلادهم في 2019. وأوضحت المفوضية في مرة سابقة، أن 117 ألف مشرد عادوا إلى سورية منذ 2015، من بينهم 37 ألفًا عادوا ذلك العام من أصل ما يقارب 6 مليون نازح خارج سوريا.

في رأي إبراهيم فإن الجديد عن رجوع الثبات وإعمار الشام السورية "شائعات"، وحتى إن كانت هناك نيّة لهذا فهي تبقى حبيسة لسياسات وتوافقات محددة "احنا كشعب بعيدين عنها"، وحسب الأنباء التي ترده من أقاربه في سورية، لا ينصحونه بالعودة جاريًا، بحسب قوله فإنه لم يتغيّر شيء على أرض الواقع إلا يسير من الثبات "لا يسمح إنك تعود وتفتح مشروعك هناك مرة تانية".

أثناء سنين معيشته؛ أحبّ أنس حمزة، 24 عامًا، العيش في جمهورية مصر العربية "الشعب هنا كتير حلو"، إلا أنّ ألم الغُربة لا يفارقه، يترقب أي إمكانية للعودة إلى بلده، الغوطة الشرقية، التي شهدت معارك ضارية بين مقاتلوا النظام والفصائل المسلّحة "عندي أموت بقذيفة أو بطلقة نارية في بلدي أحسن من الغربة".

كان العام 2012 حين خرج الشاب من دمشق عاصمة سوريا، كان ميعاد تجنيده لأداء التجنيد "لقيت نفسي هكون مخيّر أقتل الطرف ده أو الطرف التاني، وأنا مش عايز كده فطلعت من سورية"، توجه إلى بيروت ومنها إلى جمهورية مصر العربية وعمل بمجال المطاعم والمأكولات، يترقب أن ينهي مِقدار 8 آلاف دولار يسدده حتى يسقط عنه الخدمة العسكرية الإلزامي، ويستطيع الرجوع إلى الشام السورية.

رغم أن أبوه فارق الحياة جراء الحرب، وتفرّقت به وإخوته السبل في الشتات، سوى أنه يأمل الرجوع إلى سورية، حتى ينهي دراسته ويبدأ حياته مرة أخرى في بلده، "الأنحاء التي عمت عليها السلطات بات بها خدمة وفي فرص شغل كتير، والعيشة في سورية أحسن كتير من جمهورية مصر العربية، ومستقبلي ضروري أسسه في بلدي".

منذ 7 سنوات ومصر تحتضن نحو 1/2 مليون سوري، أصبحوا يمثلون واحدة من أضخم الجاليات بها، وفق تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون المشردين. 

ويقيم السوريون في مصر  في محافظات عدّة منها: العاصمة المصرية القاهرة والإسكندرية والجيزة وبعض محافظات شمال مصر. وتحظى مدينة 6أكتوبر بغزارة سكانية هائلة من السوريين.

في أعقاب أنس بعام، جاء إياد محمد إلى القاهرة عاصمة مصر، آتًٍا من دمشق بسوريا، فرًا من الخدمة العسكرية الإلزامي والمشاركة في الحرب الضارية الدائرة في الشام السورية، لا يشاهد صاحب الـ24 عامًا أفقًا للعودة إلى سورية جاريًا، يقول إن عددا من أصدقائه ذهبوا في زيارة قبل أسابيع وأخبروه بأن الحال ثبتّ من الناحية الطموح لاغير، إلا أن "مفيش شغل وآثار الحرب ما زالت حاضرة"، في حين يفكّر في زيارة وطنه  متى ما أتاحت له الأحوال أثناء السنين القادمة.

إياد يعمل في محل مفروشات سوري بحي المهندسين بالجيزة؛ غير أن السنين التي قضاها بمصر تركت في ذاته أثرًا طيبًا "هي سنوات تكويني كشاب من عمر 18 إلى 24 سنة، وحتى لو رحت الشام السورية ضروري هرجع لمصر".

بعكس أصحاب المشروعات في جمهورية مصر العربية؛ فإن باقي السوريين بمصر يفضّلون الرجوع، وفق رأي "أنس"، في حين يقول "إبراهيم" إن الرجوع ليست مطروحة فيما يتعلق له ولعائلته "عندنا في جمهورية مصر العربية رؤوس نقود ومشاريع وأولادنا دخلوا المدارس". ويضيف أن أكثرية السوريين العائدين جازفوا بالعودة وتسرّعوا دون وعي صعوبة الحال هناك "اللي راح مقدرش يكمّل حتى 10 أيام وبيحاول يعود على جمهورية مصر العربية تاني"، فيما يوميء إلى أنه قد يفكّر وأهله في زيارة الشام السورية كل مرحلة، بعدما تستقرّ أوضاعها.

بحسب توثيق للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، صدر في شهر مايو 2017، فإن السوري يُعد هو المستثمر الأول في جمهورية مصر العربية أثناء الأعوام الست من 2011 إلى تاريخ صدور التقرير، ونجح السوريون في تأسيس مشاريع تجارية واستثمارات تقدر بـ800 مليون دولار في مكان البيع والشراء المصرية.

التقرير الذي حمل عنوان "إدخار فرص الشغل يصدر الأثر المنشود"، نوه حتّى السوريين استطاعوا الدخول إلى الاستثمار المصري، والمشاركة برأس مال قدر بالملايين أثناء الأعوام الفائتة، رغم أن عددا كبيرا من الصعوبات التي واجهتهم مثل الاستحواذ على تراخيص الشغل، وإن كان ربما أن يكون ذلك التقييم أدنى من العدد الفعلي، لأن عددًا هائلًا من المشاريع التجارية السورية لا تكون مقيدة أو تسجل تحت اسم مصري.

وتدخل الاستثمارات السورية في الكثير من القطاعات مثل النسيج والمطاعم والأسواق المحلية، وشركات تقنية البيانات، ويعمل بها الكثير من المواطنين المصريين، إضافة إلى ذلك أن المؤسسات السورية توفر التمرين للمصريين، وتضخ الورقة النقدية الأجنبية، وتعزز الصادرات، وفق التقرير.

على ضد "إبراهيم"، يتمنّى محمد سامي، صاحب محل عطور في وسط البلد، أن يرجع إلى سورية، التي خرج منها مُجبرًا عام 2013، لا يعتقد أن الحال بات مستقرًا بما يتيح له بالعودة إلى جمهورية سوريا، يخشى أن يتم إعتقاله من مهبط الطائرات "حصل كده مع ناس كتير رغم إنهم ليس لهم رابطة بأي طرف"، على حسب ما يقول.

رغم امتلاكه لرأس مال ساعده في معيشة مشروعه بمصر، لكن التفكير في الرجوع يلاحق دومًا صاحب الـ29 عامًا "في الآخر هرجع بيتي، وممكن أتابع مشروعي من هناك وآجي جمهورية مصر العربية من وقت للتاني"، فالفارق عظيم، برأي الشاب، بين أن تقطن في جمهورية مصر العربية مخيّرًا وأن تقطن فيها مُجبرًا.

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر