رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
أحمد المرشد

أحمد المرشد

فات الميعاد.. وبعيد عنك: رحلة طرب وإبداع بين أم كلثوم وبليغ حمدي

الأحد 12/أغسطس/2018 - 02:05 م
طباعة
أعود بعد فترة غياب لأكتب عن سيدة الغناء العربي أم كلثوم، والعودة هذه أسبابها كثيرة بعضها يرجع لي والآخر للأصدقاء الذين تحدثوا معي للكتابة عنها، ربما لتذكيرهم بروائعها وهي كثيرة ومهما كتبنا عنها لن تنضب أبدا، وإذا كنت كتبت عن هذه المطربة العظيمة التي لن تتكرر في زماننا فهذا لعشقي لها ولما تغنيه، فقد كبرنا علي أغانيها وقصائدها وحفظنا كل ما تتغني به وكتبناه في قصاصات ورق  لنهديها لمن نحب ونعشق. غابت أم كلثوم عنا بجسدها فقط وبقت روحها وذكراها معنا، وإذا كنت قد كتبت سابقا كثيرا عنها فاليوم أتحدث عن الظاهرة الموسيقية المسماة  "بليغ حمدي"، هذه الظاهرة التي هزت مصر عندما بدأ حياته الموسيقية ليتربع علي عرش عالم الموسيقي والتلحين وليكون أسطورة بذاته نظرا لموهبته، ويقول شقيقه مرسي سعد الدين الذي تولي أرفع المناصب الإعلامية في مصر أن بليغ وهو طفل طلب من والده شراء عود ليتعلم عليه الموسيقي، فتعجب الأب من طلب ابنه الغريب وخاصة وأنه لا يوجد في العائلة أحد برع في الموسيقي أو امتهنها، إلا أن الوالد رضخ في النهاية لرغبة ابنه ليشتري له عودا، لتبدأ أسطورة بليغ مع عالم الموسيقي حيث لم يترك العود قط إلا أوقات نومه وذهابه للمدرسة واستذكاره دروسه.

نعلم أن كثيرا من الملحنين والكتاب اشتهروا بأعمالهم مع أم كلثوم، ومن هؤلاء بليغ حمدي الذي لحن لها وهو شاب صغير حتي يتردد عنها قولها :"هل هذا الشاب أبو شعر بيعرف مزيكا وبيعرف يلحن؟"..لتكون موسيقي بليغ لسيدة الغناء العربي في أغنية "فات الميعاد" بداية لعالم جديد من التعاون بينهما، لنستمتع نحن بالكلمة واللحن والطرب، فكانت "فات الميعاد" أو موعد بينهما مع كلمات الشاعر الكبير مرسي جميل عزيز صاحب أحلي 1000 أغنية في عالم الأغاني المصرية والعربية، فكتب لنا كلمات كلها شجن وحزن من لوعة الفراق ولحظات الندم، وإذا كنا قلنا  إن الأغنية مثل الحبكة الدرامية تبدأ بهجر وأحزان لتنتهي بفرح وعودة الحب بين قلبين عطشي للعشق، فإن "فات الميعاد" ابتعدت عن هذا الأسلوب واستمرت علي نفس المنوال من فرقة ولوعة وحزن ورماد حتي آخر الأغنية، ومع ذلك حققت نجاحا منقطع النظير، ليظهر نجم جديد في حياة أم كلثوم  ليضاف الي القصبجي ورياض السنباطي ومحمد عبد الوهاب ومحمود الشريف، لتقتنع بموهبة بليغ حمدي الموسيقية الفذة وليتعاون معها في أغاني أخري منها رائعتهما "بعيد عنك" التي سنتحدث عنها لاحقا، ومن قبلها "حب إيه".

وتقول الروايات أن بليغ حمدي الذي كان صديقا للشاعرين مرسي جميل عزيز وعبد الوهاب محمد شريكه في أغنية "حب إيه"  لم يغادر شقته بالإسكندرية بمجرد سماع "فات الميعاد" من مرسي جميل عزيز لمدة ثلاثة أسابيع متواصلة حيث اعتكف تماما لتلحينها، ولم يقطع خلوته هذه سوي اتصالاته مع أم كلثوم ليطمئنها علي مسار التلحين، حتي فرغ من ولادة اللحن ليتصل بعازف القانون الأول محمد  صالح قائد  فرقة أم كلثوم حتي تستعد الفرقة بمجرد كتابة النوتة الموسيقية.. وما هي سوي ساعات قليلة من لقاء أم كلثوم ببليغ لتستمع منه علي مقدمة الأغنية حتي يشعر بانبهارها  بالكلمات والموسيقي معا، خاصة مع المقطع المؤثر جدا :" تفيد بإيه يا ندم .. تعمل إيه يا عتاب.. طالت ليالى الألم .. وإتفرقوا الأحباب.. وكفاية بقى تعذيب وشقى .. ودموع فى فراق ودموع فى لقي"..وتبدأ فات الميعاد بالنار والرماد والبعاد الندم والفراق :"فات الميعاد..وبقينا بعاد بعاد..والنار بقت دخان ورماد..فات الميعاد..تفيد بإيه يا ندم يا ندم..وتعمل إيه يا عتاب..طالت ليالي ليالي الألم..وتفرقوا الأحباب..كفايه بأه تعذيب وشقى..ودموع في فراق..ودموع في لقى..تعتب عليا ليه..أنا بإيديا إيه..فات الميعاد فات الميعاد".

لم تنقطع  اللقاءات بين أم كلثوم وبليغ حمدى فبعد ساعات طويلة في الأستديو للتدريب مع الفرقة الموسيقية لإجراء البروفات يذهبان الي فيلتها ليغني لها بعض المقاطع التى ترغب فى أن تغنيها معه حتي فوجئت بحسن غناه للكلمات وأعجبت بصوته لتمتد اللقاءات حتي الليل لتستوعب غناء المقاطع بالكامل، لتهل شمس اليوم التالي حتي يذهبان للأستديو لاستكمال البروفات مع الفرقة، وهى عادة أم كلثوم التي لم تتغير أبدا لإتقان الإلقاء مع اللحن بحضور الملحن ليسجل أي انطباعات لديه..ويبدأ المقطع الثاني مع "ياما كنت أتمنى أقابلك بابتسامة..أو بنظرة حب أو كلمة ملامة..بس أنا نسيت الابتسام..زي ما نسيت الألام..والزمن بينسي حزني وفرحي ياما..إن كان على الحب القديم..إن كان على الجرح الأليم..ستائر النسيان نزلت بقالها زمان..إن كان على الحب القديم وآساه..أنا نسيتوا أنا..يا ريت كمان تنساه ".

وبمناسبة أن بليغ حمدي كان أصغر من لحن لأم كلثوم تقريبا، فقد فاجئها بتحفة فنية  أخري وهي عازف الساكسفون سمير سرور الذي اشترك في الفرقة الموسيقية لأول مرة ليشارك مع آلات الجيتار والكمان والقانون والأكورديون لأول مرة في ابتكار جديد ليضيف للحن مذاقا خاصة  خلف أسطورة الغناء آنذاك لتبدأ الأغنية وتصل أم كلثوم لقمة الأداء والاندماج  فى المقطع ""ستاير النسيان.. نزلت بقى لها زمان.. وإن كان على الحب القديم وآساه.. أنا نسيته أنا يا ريت كمان تنساه" حتي  يتراقص معها الجمهور الحاضر في الحفل ويطلب  إعادة هذا المقطع أكثر من مرة،  وتستجيب أم كلثوم وتعيده بالفعل حتي كادت تصل الأغنية لنهايتها لتبدع أم كلثوم مع لحن بليغ وكلمات مرسى جميل عزيز وتردد  المقطع :" بينى وبينك هجر وغدر وجرح فى قلب داريته .. بينى وبينك ليل وفراق وطريق أنت اللى بديته.. تفيد بإيه يا ندم وتعمل إيه يا عتاب ..طالت ليالى الألم وإتفرقوا الأحباب"، وهو المقطع الذي أرهق أم كلثوم فعلا لأن الجمهور طلب إعادته كثيرا جدا.. وبمجرد إذاعة "فات الميعاد" كشف عبد الحليم حافظ الصديق الصدوق لبليغ حمدي أن إبداع اللحن كان نتيجة قصة حب فاشلة لبليغ جعلته يضع كل همومه في اللحن حتي خرج لنا بهذه الروعة.

لقد صاغ بليغ حمدى أجمل جمله الموسيقية لأم كلثوم حسب رأى نقاد الموسيقى فكان شديد الذكاء عندما نافس الموسيقار محمد عبد الوهاب واستخدم نفس أسلحته في تلحينه لأم كلثوم حيث اهتم هو الآخر بالمقدمة الموسيقية ومنها أغنية "بعيد عنك" التي لم تترك قلبا محبا إلا ومسته بالمشاعر والأحاسيس والذكريات.. ففيها وإن تراقصت أم كلثوم وتمايلت خلافا لعادتها وهي تغني ثابتة، كان الشوق يتراقص هو الآخر والقلوب المحبة تتمايل حتي تصل لنهاية الأغنية :" بخاف عليك و بخاف تنساني والشوق إليك على طول صحاني ..غلبني الشوق وغلّبني وليل البعد دوبني .. ومهما السهد حيرني ومهما الشوق يسهرني ..لا طول بعدك يغيرني ولا الأيام بتبعدني ..بعيد عنك.

ولعلي اعترف بأن "بعيد عنك" هي من أقرب الأغنيات لقلبي، لا لشئ محدد سوي لكونها حبلي بكلمات الحب والشوق والسهد والدموع والبعد و الحيرة والعذاب والآلام والخوف والأوهام، فهي تحمل كل مشاعر الحب من وجد وغرام وعشق وفراق وهجران، حتي إن بدايتها صعبة علي قلب أي عاشق خاصة ولو مهاجره حبيبه :"نسيت النوم وأحلامه.. نسيت لياليه وأيامه..بعيد عنك حياتي عذاب متبعدنيش بعيد عنك ماليش غير الدموع أحباب.. معاها بعيش بعيد عنك..غلبني الشوق وغلّبني وليل البعد دوبني ..ومهما السهد حيرني ومهما الشوق يسهرني ..لا طول بعدك يغيرني ولا الأيام بتبعدني بعيد عنك". وأحلي ما في  "بعيد عنك" أن الحب ينتصر في النهاية حتي وإن طال بعاد الحبيب، فلا تزال أم كلثوم تنتظره ولم تتغير ببعاده.

قبل الأخير..

اهتز المجتمع البحريني بسبب الجريمة البشعة بمقتل إمام مسجد بن شده بالمحرق الأسبوع الماضي، هذا الشيخ المسالم الذي يشهد له الجميع بحسن الخلق والمعشر، ووفقا لما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي فإن الجاني هو مؤذن المسجد – بنغالي – وقد قام بجريمته بعد علمه بأن الإمام المغدور به  أخطر إدارة الأوقاف بتجاوزاته، وهو سبب لا يرقي بالطبع الي قيام المؤذن بقتله..وأنا هنا أتضامن مع كل الذي أصابهم هذا التصرف العنيف بالاستياء وأشارك الجميع تساؤلاتهم ومنها:

·       كيف يعود هذا الشخص الي المملكة باسم آخر وقد  سبق طرده من البلاد؟.

·       لماذا الإصرار علي توظيف أسيويين كمؤذنين وقيمين علي المساجد؟..خاصة أن ببعضها "زوايا"  لتحفيظ القرآن للبنات والأولاد  وكم من قصص تحرش سمعنا بها من قبل هؤلاء الأجانب!

·       لماذا لا يتم تعديل سلم رواتب المؤذنين والأئمة ليقبل المواطنون ممن تنطبق عليهم شروط شغل هذه الوظائف الدينية؟.. وبالتالي  يشغل خريجو المعهد الديني تلك الوظائف.

·       لماذا لا يطبق الآذان الموحد - ونحن في قمة استخدامات التكنولوجيا الحديقة  - أسوة بما هو مطبق في عدد من الدول ليضاف رفع الآذان الي مسؤوليات  الإمام. 

·       واذا كان هناك عزوف عن هذا أو ذاك كما يتردد،  فلماذا لا يستعاض عن العمالة الأسيوية بإخواننا المصريين؟. 

 

مجرد أسئلة تشغل بال المواطنين بالبحرين بعد هذه الجريمة النكراء  التي يجب أن ينال مرتكبوها أشد القصاص ليكونوا عبرة لمن توسوس له نفسه أن يروع الأبرياء.. فهل من جواب؟



إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر

ads
ads