اقتصاد
مكافحة الفساد بين الواقع والمأمول
الأربعاء 06/يونيو/2018 - 03:30 م

طباعة
sada-elarab.com/101128
تعانى كافة الدول والمجتمعات من آفة الفساد والذى تم تسميته منذ سنوات من قبل مدير البنك الدولي بــأنه سرطان الأمـم ، لـكن أضـراره وآثـاره الكارثيـة تبـدو جـليــة فى الدول النامية أكثر منها فى الدول المتقدمة.
إن أهم تطور طرأ على محاربة الفساد فى الـدول خـلال العـقد الأخـير هـو إنتـقال الدولة مـن مـرحلـة التشكيك والإنكار الى حالة الإقـرار بـوجـود الفـساد.
كمـا أن كافة الدول تعترف الآن بأن الفساد ليس فقط موجود ، بـل إنـه يشكل أَحـد أهـم مـعـوقات التنـمية المـستدامـة ، ومحاربة الفـقـر، وتخفيض نسب البـطـالة ، وزيـــادة تـحــصيل الـضـرائب، وتـشـجـيع الإستـثمار الــداخلـى والــخارجــى ، والـوقـايـة مـن غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
هذه حقائق لا يجادل فيها عاقل. وهناك أيضأ العديد من الحقائق، منها :
( 1) أن الإرادة السياسية ، على أهميتها ، لا تكفى وحدها لمحاربة الفساد ، ولكنها هى أحد أهم المكونات الأساسية للإستراتيجية الوطنية لمحاربته .
( 2 ) أن الإرادة السياسية ، وفى أغلب الأحيان ، تمثل سياسة عامة تحتاج ترجمتها إلى قرارات إدارية وبما يتفق مع علم الادارة فى هذا السياق .
( 3 ) أن القرار لا يسمى قراراً إلا إذا إقترن بفعل وتقييم لنتائج الفعل مع تحمل متخذ القرار المسؤولية عن قراره والمحاسبة على النتائج وفق الأصول الإدارية والقانونية الثابتة .
( 4 ) إن مكافحة الفساد لا يمكن أن تصل إلى غاياتها إذا لم تتوفر العناصر البشرية المؤهلة علمياً ومهنياً ، لأن فاقد الشىء لا يعطيه .
( 5 ) أن عملية مكافحة الفساد يجب أن تكون علمية ومنهجية وموضوعية، لذلك فلا بد من قياس موضوعى وكمى للفساد كما هو الآن ، وقياسه دورياً للوقوف على مدى فعالية الاستراتيجيات والبرامج التى تم تنفيذها لمكافحة الفساد .
-2-
( 6 ) أن مكافحة الفساد تمثل عملية تغيير اجتماعى واقتصادى وسياسى تدريجى ، وبالتالي فإنه من الطبيعي وجود مقاومة من أصحاب المصالح لكافة جهود مكافحة الفساد .
( 7 ) أن مسؤولية مكافحة الفساد تقع على كاهل كافة القطاعات الاقتصادية ، والمجتمع المدنى ، وكل مواطن منتمى حقاً لوطنه ، الا أن كافة الدول تقع عليها المسؤولية الكبرى .
( 8 ) لا يمكن أن تحقق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد أهدافها ، إلا فى ظل نظام قضائى مؤهل ونشط وفعال ، ويتمتع أفراده بالحد الأدنى من المعرفة والمهارات اللازمة للوقاية من الفساد ، مع التأكيد أن التأهيل المهنى لأعضاء النيابة العامة والمحامين يعتبر ضرورياً لتعزيز فرص نجاح جهود الدولة فى الوقاية من ومكافحة الفساد.
( 9 ) أن الجامعات والتى تعتبر مصانع الرجال وقادة المستقبل يقع على عاتقها توفير كافة الفرص الأكاديمية والمهنية للطلبة والكادر التعليمى لتوفير مدخلات مؤهلة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد .
(10) أن مكافحة الفساد لم تعد ترفاً أو خياراً للدول ، لا سيما دول العالم النامى، لأن المانحين الدوليين للقروض والمساعدات أصبحوا يشترطو وجود مأسسة لمكافحة الفساد فى كافة القطاعات ، وهذا ينطبق على البنك الدولى ، وصندوق النقد الدولى ، وبرامج الامم المتحدة ، والعديد من الدول المانحة.
(11) أن أهم هدف لمأسسة مكافحة الفساد هو رفاهية المواطن وتعزيز ثقته بكافة أجهزة الدولة .
-3-
ولا يخفى على الدولة المصرية وأجهزتها أن الفساد هو أحد أدوات العابثين باستقرار مصر وإقتصادها وأمنها . فالفاسدون هم أعداء مصر ، لكن الإرادة السياسية للدولة المصرية ممثلة بقرارات سيادة الرئيس / عبد الفتاح السيسى ذات الصلة لا تدع مجالاً للشك بأنه لا تهاون مع الفاسدين والمفسدين، وأنه لا أحد فوق القانون كائناً من كان .
ولقد كان لقرار سيادة الرئيس / عبد الفتاح السيسى بدعم جهاز مكافحة الفساد الأول فى مصر (الرقابة الإدارية ) ، وبإنشاء الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد بالغ الأثر على المستوى المحلى والاقليمى والدولى .
لكن الطريق لمكافحة ليس معبدا وملئ بالتحديات ، وهناك فرق بين التحديات والأوهام .
إن مكافحة الفساد لم تعد وجهة نظر، بل سياسة عامة للدولة المصرية التى يقع على عاتقها قيادة عملية مكافحة الفساد اعتماداً على الحقائق وبعيداً عن الأوهام .
مايك مسعود
مدير المعهد الامريكى لمكافحة الفساد فى الشرق الأوسط وافريقيا
Mike @THEAACI.com
المستشار / عبد الفتاح سليمان
مستشار المعهد الأمريكى لمكافحة الفساد فى الشرق الأوسط وأفريقيا