طباعة
sada-elarab.com/785192
تاريخ الأمة جزء من كينونتها التي من حقها أن تفخر به، والحضارة المصرية في مختلف عصورها شاهدة على عمق هذا الوطن الذي شهد معالم من الحضارة نادرة وكان تواصلها مع الحضارات القديمة قائمًا أعطت وأخذت وتفاعلت وشواهد ذلك في المواقع الأثرية المتعددة في مختلف مدنها وبقاعها وأراضيها وأهرامات الجيزة والمعالم في الأقصر وأسوان ومختلف المناطق دليل واضح على عمق حضارة وادي النيل، توافدت وفود العالم لتحتفل مع مصر في الأول من نوفمبر2025م بافتتاح المتحف المصري الكبير في يوم اعتبرته مصر عطلة رسمية ابتهاجًا بهذا الحدث العظيم.
وكالعهد بمملكة البحرين وقيادتها الرشيدة الحكيمة بالوقوف مع مصر في إنجازاتها، فقد أناب حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله لحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير في جمهورية مصر العربية الشقيقة، حيث كان في استقبال سموه حفظه الله لدى وصوله فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية. وقد نقل سموه تهاني حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم إلى أخيه فخامة رئيس جمهورية مصر العربية بمناسبة افتتاح المتحف المصري الكبير، كما أعرب سموه، كما أوردته الأخبار في وسائل الإعلام البحرينية، «عن تهانيه لفخامة رئيس جمهورية مصر العربية والحكومة والشعب المصري الشقيق بمناسبة افتتاح هذا الصرح التاريخي الشامخ الذي يقدم للعالم صورة حية عن تاريخ الحضارة المصرية العريقة وإرثها الإنساني الزاخر» وأكد سموه حفظه الله «إن المتحف المصري الكبير يوثق مسيرة الحضارة المصرية، ويبرز أهمية الثقافة بوصفها ركيزة لتعزيز التقارب الإنساني وترسيخ قيم الحوار والتفاهم بين الأمم»، معربًا سموه عن تقديره لما تبذله جمهورية مصر العربية من جهود رائدة في صون التراث الإنساني المشترك وتعزيز دوره في بناء جسور التواصل بين الشعوب والحضارات«، وأشار صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله إلى المكانة الحضارية والثقافية التي تتمتع بها جمهورية مصر العربية الشقيقة عبر التاريخ، مؤكدًا سموه إن مصر منارة للعلم والثقافة والإبداع الإنساني ومهدًا للحضارات التي أسهمت في صياغة ملامح التاريخ الإنساني عبر العصور»، ولفت سموه «إلى أن ما تزخر به مصر من إرث حضاري متجذّر يمتد لآلاف السنين، وما تحتضنه من معالم أثرية وثقافية فريدة يجسد إسهامها الفاعل في مسيرة الإنسانية ويعبر عن العمق الحضاري الذي ميزها عبر التاريخ وجعل منها مركزًا للإشعاع الفكري والثقافي في المنطقة والعالم».
إن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل نقلة حضارية رائدة، فقد عودتنا الحضارة المصرية على أن تمد جذورها إلى الحضارات وكانت شواهد ذلك واضحة في الأختام الفرعونية والتي كانت على شكل «جعران» وجدت في مقابر حضارة دلمون العريقة في مملكة البحرين فكانت الصلات التجارية والحضارية شاهدة على التواصل الحضاري بين دلمون والحضارة الفرعونية.
وفي أثناء الاستعداد لافتتاح متحف البحرين الوطني في 15 ديسمبر 1988م برعاية المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البلاد مثواه الجنة ورضوان النعيم تم تكليفي من قبل المرحوم طارق عبدالرحمن المؤيد وزير الإعلام الأسبق يرحمه الله والشيخة نيلة بنت على آل خليفة مديرة المتحف بزيارة إلى وزارة الثقافة المصرية ومقابلة سعادة الفنان فاروق حسني وزير الثقافة وكذلك مقابلة مدير المتحف المصري بميدان التحرير للتحدث معهم بشأن إمكانية استعارة قطع من الآثار المصرية لمدة ستة شهور بمناسبة افتتاح متحف البحرين الوطني، وكذلك إقامة معرض للفن التشكيلي للفنان الوزير فاروق حسني وتم ذلك وخصصت قاعة للآثار المصرية، وكذلك قاعة للآثار العراقية من حضارة وادي الرافدين بعد الاتفاق مع الدكتور مؤيد سعيد يرحمه الله لما لهذه الحضارات، دلمون وحضارة وادي النيل وحضارة بلاد الرافدين من تواصل على مر التاريخ.
إن التاريخ يشهد أن الحضارات عندما تتواصل مع بعضها يكون في ذلك إثراء وأهم مقومات السياحة في عصرنا الحاضر ما تزخر به المتاحف من كنوز في الشرق والغرب والشمال والجنوب، وكنت كل يوم وأنا أباشر عملي السابق في جامعة الدول العربية أرى هذه الأفواج السياحية من كل أقطار العالم وهم يزورون المتحف المصري في مبناه القديم في ميدان التحرير، بالإضافة إلى تلك الأفواج السياحية التي تزور مواقع آثارية متعددة ومن بينها في الأقصر وأسوان.
سيظل المتحف المصري الكبير الجديد معلمًا مهمًا لمصر وتاريخها مذكرًا بمكانة مصر وشعبها في التاريخ الإنساني، وحسب ما قال عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس بهذه المناسبة: «إن المتحف المصري الكبير يمثل معلمًا دوليًا للحضارات العريقة وهو مصدر اعتزاز وفخر لمصر والعالم».
إن الآثار والمتاحف معالم راسخة في حضارة الأمم والشعوب والعناية بها وتطويرها واجب وطني والتعاون مطلوب بين متاحفنا وخبرائنا والتواصل وإبراز الحضارة العريقة التي تزخر بها بلادنا، دعمًا للسياحة وإثراء الثقافة والفكر.
وعلى الخير والمحبة نلتقي
