طباعة
sada-elarab.com/781433
هل السنون تمضي بسرعة، أم نحن الغافلون ولا نحسب للأيام سرعتها فنفاجأ بتغير الأحوال والظروف، وتمضي الأيام سريعة ونحسب أننا نقدر عطاءها إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر وفي محكم التنزيل «إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ، وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ، وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ» سورة آل عمران الآية 140.
إذاً مطلوب منا العمل بإخلاص نية للخير وبذل الجهود التي تضمن سير الحياة بوتيرة فيها الخير والصلاح لنا ولمجتمعنا، بالأمس كنا نترقب الصيف واليوم نترقب الشتاء وأطفالنا بالأمس كانوا يترقبون العطلة الصيفية واليوم هم مقبلين على بدء العام الدراسي الجديد وما يحمل في مضامينه من جهود لتحصيل العلم والتفوق فيه وأولياء الأمور يستعدون لما تحمله هذه الأيام من مسؤوليات توفير البيئة التي تساعد الأبناء على التحصيل.
كنا نتحدث مع بعض الزملاء عن سرعة إيقاع السنين وعندما نستذكر بداية عملنا نفاجأ بأننا قضينا ردحًا من الزمن وكأنه اليوم..
كان الأقدمون من الأجداد والآباء عندما يذكرون ذلك رغم أن إيقاع الحياة عندهم ليس كما هو عندنا اليوم، يقولون «يا الله حسن الخاتمة» أي أن يستر الله على ما بقي من الحياة وتكون فاتحة عملهم أو مهنتهم أو ما سعوا إليه أن تكون الخاتمة طيبة تحمل في مضامينها كل علامات الستر والعافية.
كان أحد المتقاعدين وهو يتحدث إلى الزملاء عن ما مر به من ظروف عمل وكيف كان وأصبح فسألوه كم سنة من تقاعدت فكان جوابه حوالي ثلاثة عشرة سنة فذهل من كان يستمع إليه: «معقولة» كنت أحسبها سنتين أو ثلاث فما كان جواب من أحيل إلى التقاعد الحمد لله أنني لا زلت في أذهان البعض ولم تتقادم بي الأيام فربما ينسون ما قدمت وما بذلت، ولكن المرء منا عليه واجب احترام شعور الآخرين، فالحياة تمضي سريعًا وعلينا أن نقتنص الفرص للتلاقي وتبادل المنافع والاستفادة من خبرات الآخرين ولا تمضي الأيام ونحن لا نستذكر ما مر بنا.
كنا منذ أسبوعين أو أكثر قليلاً في دار المنار بمدينة عيسى للمتقاعدين (كبار المواطنين)، واستحسنت إدارة الدار فكرة أن نستمع إلى تجربة من تقلدوا مناصب أيام شبابهم في الحكومة أو في الشركات أو الأعمال الحرة وينقلوا تجربتهم وما مروا به من ظروف وتجارب فيها عظة وعبرة وفائدة للأجيال وحتى من عاصروهم واشتركوا معهم في نفس الظروف وكيف كان عطاؤهم وبذلهم.. وكنا قد بدأنا في طرح هذه الفكرة في بعض مجالس أهل مملكة البحرين واستحسنوها وبالفعل تم تسجيل بعض الأحاديث لرجال البحرين الخيرين الذين خدموا مجتمعهم وبلادهم بالخير وأفنوا شبابهم بالعمل لما فيه الخير والصلاح للمجتمع وانعكاس ذلك على مردود التنمية في بلادنا والحمد لله وكان من بين من أدلوا بأحاديث رجل الأعمال حسن
جناحي بوصلاح والمربي الفاضل المرحوم خليفة البنخليل الذي خدم في سلك التدريس، وفي دار المنار بمدينة عيسى عرض السيد مبارك بن عبدالله المغربي أمين السر للدار شريطًا تحدث فيه عن تجربته في مجال الأعمال الوظيفية والمجال الرياضي والشبابي والعمل التطوعي والخيري، فكانت تجربة جديرة بالاهتمام والتذكير بها؛ لأنه ذكر أسماء كثيرة من آبائنا البحرينيين وكيف كان التعامل معم وما بذلوه من جهود مقدرة هي موضع إهتمام واعتزاز من عائلاتهم ومعارفهم وأصدقائهم وقد وعدت إدارة دار المنار بمدينة عيسى مواصلة هذا التوجه المحمود لكي يستفيد الرواد من عطاء
الآخرين ويكون لهم حافزًا للحديث أيضًا عن تجربتهم ونتطلع لأن يقوم هؤلاء الرواد بدعوة أبنائهم وأحفادهم ليستفيدوا من عطاء الأجداد والآباء بروح فيها عزة وفخر، فالوطن يبنى بسواعد أبنائه وبذلهم وتفانيهم ومواجهة مصاعب الحياة بتفاؤل وخير لما يفيد الوطن والمواطنين.. وإذا كانت مملكة البحرين ولله الحمد بفضل دعم القيادة الرشيدة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه قد أولت اهتمامًا لعطاء الأجداد والآباء وبدعم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله فإن من واجبنا إلقاء الضوء على جهود من يمكن أن نطلق عليهم شهود العصر للمراحل المتعددة من تاريخ الوطن العزيز.
رغم تقادم الزمن تظل الذكريات الجميلة والمؤثرة رمزًا لعطاء أبناء الوطن الأوفياء لما فيه الخير والصلاح وبما يعود على الجميع إن شاء الله بالخير والمنفعة العامة.. فتجارب الحياة مليئة بما يضيف الخير لمن يعمل ويجتهد في زمان نحن بأمس الحاجة إلى تكاتف وتضافر الجهود لخير الوطن والمواطنين.
وعلى الخير والمحبة نلتقي
