عربي وعالمي
الدكتور قيس العزاوي يلقي محاضرة عن الدبلوماسية الثقافية ودورها في عقد قمة بغداد 2013 على باحثي وطلبة اكاديمية التميز في الهند
الخميس 03/ديسمبر/2020 - 02:50 م
طباعة
sada-elarab.com/555231
القى د.قيس العزاوي الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية ورئيس قطاع الاعلام والاتصال محاضرة عبر تقنية "الفيديو" على باحثي وطلبة اكاديمية التميز في الهند عن اهمية الدبلوماسية الثقافية في نجاح انعقاد مؤتمر القمة العربية في بغداد عام 2013.
تناولت المحاضرة الدبلوماسية باعتبارها فن ادارة العلاقات الدولية وكونها وسيلة لتحقيق اهداف السياسة الخارجية والانواع الاخرى المستحدثة للدبلوماسية مثل الدبلوماسية الثقافية والاكاديمية والشعبية والرياضية.. وتوقف عند الدبلوماسية الثقافية على وجه التحديد ليضع بعض المحطات التاريخية لها.
الدبلوماسية الثقافية تعني استخدام النشاطات الادبية والفنية والموسيقية والحضارية لتحقيق اهداف السياسة الخارجية لاي بلد، وتجسيداتها نجدها في سفراء اليونسكو وسفراء المنظمات الانسانية والاممية.. ولقد عرفت حضارتنا العراقية القديمة وحضارتنا العربية الاسلامية صور مشرقة لها، فالرحالة العرب من ابن بطوطة والادريسي والاندلسي كانوا سفراء الحضارة الاسلامية وافادوها بدراسة الشعوب والحضارات الاخرى.
واعطى العزاوي مثالاً من اخر دولة اسلامية وهي الدولة العثمانية التي كانت تقسم العالم الى منطقتين : دار السلام ودار الحرب فديار الاسلام هي دار سلام وكل ما عداها دار حرب، ولكن العثمانيون وصلوا في القرن الثامن عشر الى قناعة باهمية المنطقة الرمادية اي الوسط وهنا برزت اهمية الدبلوماسية لذلك بدأوا بارسال السفراء الى الخارج وبالذات الى فرنسا عام 1720 التي قالوا عنها دار صلح .
واورد العزاوي امثلة عن دبلوماسية الرياضة حينما تقارب عدوان سياسيان هما: امريكا والصين عام 1971 في مباراة بين الطرفين بكرة المنضدة.. وكانت ابرز ثمار هذه المباراة تهيئة الاجواء السياسية لزيارة الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون الى الصين عام 1972 ، وقد حدث مثيل لذلك عندما تقاربت العدوتان كوريا الشمالية مع كوريا الجنوبية عام 1991 بتشكيل فريق لكرة المنضدة موحد.
وبعد ذلك جاء على ذكر اهمية وفعالية الدبلوماسية الثقافية في التاريخ السياسي العراقي، ذلك ان ابداع هذه الدبلوماسية السياسية جاء على يد مثقفيها من سفراء ووزراء مثل المرحوم الدكتور عبد الرحمن البزاز الذي وضع مؤلفات بلغت أكثر من عشرين مؤلفا وكتابا في القضايا القانونية والسياسية والاجتماعية والفكرية، ولعب دورا هاما عند توليه منصب سفير ثم وزير ثم رئيسا للوزراء فنائبا لرئيس الجمهورية. وبعد ان اشار العزاوي الى الوزير عدنان الباجه جي وعبد الجبار الجومرد اعطى مثالاُ مهماً عن الدكتور محمد فاضل الجمالي.
سمعة الجمالي تجاوزت الحدود الوطنية والعربية لتصبح دولية، فالجمالي كان عضوا مؤسسا لمنظمة الامم المتحدة، وهو الى جانب كونه مثقفاً سياسياً مرموقا فهو كاتب سياسي ومفكر مبدع، فقد وضع 22 كتاباً وكان مناضلاً عربياً لأنه كان احد اسباب استقلال تونس، فهو الذي سمح بدخول الحبيب بورقيبه الى داخل مبنى الامم المتحدة عام 1954بعد ان منعوه، فقد ادخله الجمالي باعتباره عضو في الوفد العراقي ووضع على صدره البطاقة الدبلوماسية العراقية وقدمه باعتباره ممثلاً لتونس الحرة والقى بورقيبة كلمته الداعية لتحرر بلاده من الاستعمار الفرنسي.
ولم ينس بورقيبة فضل الجمالي لذلك توسط له عندما حكمته محكمة الثورة في العراق عام 1958 بالاعدام وتمكن من اخلاء سبيله واستقباله في تونس.
جاء العزاوي على ذكر تجربته الدبلوماسية في القاهرة كسفير لبلاده في الجامعة العربية من 2010 الى منتصف 2014 وهنا بين فعالية الدبلوماسية الثقافية. فقد كان العراق وقتذاك يعاني من الاحتدامات الداخلية والصراع الاقليمي والدولي على اراضيه الذي يؤثر بنحو سلبي على اوضاعه الامنية والسياسية وينعكس ذلك على مكانته في جامعة الدول العربية.
كان الوضع في العراق بند دائم على جدول اعمال الجامعة ويناقش مجلس الجامعة بمستوياته الثلاثة اوضاعه، وكانت مواقف الدول العربية سلبية ازاء العراق وما يحدث فيه من احتدامات داخلية وتدخلات اقليمية ودولية. وفي ظل ظروف كهذه بدأ العزاوي العمل معتمداً على مبدأ ان السياسة تفرق والثقافة توحد. وكانت اولى الخطوات هي اعطاء اولوية للنشاطات الثقافية والفنية لكي ينجذب العراقيين بشتى انتماءاتهم السياسية وكذلك المسؤولين العرب نحوها..
لقد نظم في حديقة السفارة خيمة الشعر الشعبي العربي وحضرها شعراء من دول عربية عدة كما حضرها الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى وعدد من السفراء ثم نظم احتفالية فكرية عن معوقات عمل الجامعة العربية بحضور وزراء وسفراء ومفكرين وتوالت النشاطات الثقافية حتى تشكل الصالون الثقافي العربي الذي ضم خيرة المفكرين العرب فاصبح العزاوي امينا عاما له، واصبح الصالون كثير الانعقاد ويتنافس على حضوره ابرز المثقفين العرب وتتناقل جلساته التلفزيونات المصرية والعربية ونظم ندواته حول موضوعات حيوية مثل المرأة العربية والتحولات الجارية التي حضرتها 8 وزيرات عربيات لشؤون المرأة وعن الابداعات الفكرية والادبية والحضارية والموسيقية والسينمائية. وكانت الجلسات على قدر كبير من الاهمية تجمع وتحرر وتصدر محاضرها بكتب بلغت 19 كتاباً حتى اصبح الصالون معلماً حضاريا يشار اليه .
وعند اندلاع الثورة المصرية ضد الرئيس مبارك وبسبب استمرار المتظاهرين في ميدان التحرير حيث توجد الجامعة العربية لم يعد مجلس الجامعة قادر على الانعقاد ، لذلك اخذ العزاوي على عاتقه جمع السفراء العرب في السفارة العراقية، وكانت هناك معارضة كبيرة، فالدول العربية تتخذ مسافة سياسية مما يحدث في العراق، ولكن شبكة علاقات العزاوي وتمكنه من اقناع الامين العام للجامعة العربية والمعترضين من السفراء العرب جعل لقاء الغذاء في سفارة العراق يتحول الى انعقاد مجلس الجامعة وهي المرة الاولى التي ينعقد فيها المجلس في سفارة.
تلى ذلك عمل ثقافي وسياسي دؤوب للتحضير لعقد القمة العربية في بغداد والسفراء العرب كانوا صناع قرار في ميادينهم وكذلك سفراء الجامعة العربية وهم يتوافدون على نشاطات ولقاءات ومحاضرات ممثلية العراق في الجامعة حتى اصبحت مكان لقاءاتهم.. لقد ساهم كل هؤلاء وعلى الرغم من معارضة قلة قليلة في نجاح قمة بغداد التي كان للصالون الثقافي حصة فيها .. كما كان لعلاقة العزاوي بالرئيس التونسي سبباً بحضوره القمة وكذلك كانت مهمة العزاوي اقناع المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس ليبيا لحضور قمة بغداد التي افتتحها (العضو المؤسس للصالون الثقافي العربي ) الموسيقار نصير شمه بمقطوعة وطني حبيبي الوطن الاكبر .
واثناء رئاسة العراق للقمة العربية التي تستمر سنة، قام العزاوي بتنظيم عدد من المؤتمرات العربية و الدولية مثل "كتابة الدساتير في دول الربيع العربي" في القاهرة وتفعيل النظام الاساسي للبرلمان العربي" في بغداد و"مؤتمر الاسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الاسرائيلي" في بغداد. كما ترأس العراق القمة العربية اللاتينية في بيرو.
