رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار

الاشراف والقبائل العربية

القول الفصل في حقيقة نسب الخلفاء الفَاطِمِيَّيُن ..

الجمعة 10/فبراير/2017 - 12:49 ص
صدى العرب
طباعة
نسابة المدينة المنورة - الشريف أنس بن يعقوب الكتبي


الدَّوْلَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الخِلَاْفَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الدَّوْلَةُ العُبَيْدِيَّةُ هي إحدى دُولُ الخِلافةُ الإسلاميَّة ، والتي أقامها الخلفاء العُبَيْدِيّن الفَاطِمِيَّيُن والذين ينتهي نسبهم إلى السيد عبيد الله المهدي بن محمّد بن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وقد كثر فيهم الطعن من غير أهل النسب ، والحقيقة أن الكثير يخلط اليوم بين مسألة حقيقة انتسابهم إلى البيت النبوي , وأصل دولتهم القائمة بمذهبهم الشيعي الإسماعيلي وهذا أمر لا يرتبط بالنسب وصحته لاسيما أنه لكل زمان دولة ورجال فهذا التاريخ تكتبه دالت الأيام , ونحن هنا نتكلم عن حقيقة نسب الخلفاء الفَاطِمِيَّيُن , وهذا لا يعني أننا معهم أو ضدهم , ولكننا نتبع الحق والحق أحق أن يتبع , والحقيقة أن مسألة الطعن تعد من الأخبار الواهية وإتباع الهوى , وكل ذلك كان بسعي الحاكم السياسي آنذاك , وقد جرى على أهل البيت ذلك بلا رحمة ولا هوادة بالتشريد والتطريد وسفك الدماء , حتى تطور الأمر بالنفي عن أهل البيت

فاعلم أنّ قضيّة الطعن في النسب الفاطميّين قضيّة سياسية بحتة، فقد نشبت معهم منذ يومهم الأوّل، بما يعتمدون عليه بأحاديث قد لفّقت على الفَاطِمِيَّيُن من أعدائهم خلفاء بني العبّاس حينما علموا استعداهم للخلافة , وتناولها الخاصّة والعامّة والجهلاء والعقلاء، وقد كثر الخلاف والجدال في ذلك، ومع هذا كلّه تظلّ الحقيقة هي نهاية المطاف وميزان العدل الصارم.
قال ابن الطقطقي في أصيله : فهذا نسب الإسماعيلية من بني إسماعيل بن جعفر الصادق , ولم يتعرض أهل النسب أحد منهم لهم بغمز ولا طعن

قال ابن خلدون : ومن الأخبار الواهية ما يذهب إليه الكثير من المؤرخين والإثبات في العبيديين خلفاء الشيعة بالقيروان والقاهرة من نفيهم عن أهل البيت صلوات الله عليهم والطعن في نسبهم إلى إسماعيل الإمام ابن جعفر الصادق يعتمدون في ذلك على أحاديث لفقت للمستضعفين من خلفاء بني العباس تزلفا إليهم بالقدح فيمن ناصبهم وتفننا في الشمات بعدوهم حسبما نذكر بعض هذه الأحاديث في أخبارهم ويغفلون عن التفطن لشواهد الواقعات وأدلة الأحوال التي اقتضت خلاف ذلك من تكذيب دعواهم والرد عليهم فإنهم متفقون في حديثهم عن مبدأ دولة الشيعة .

قال ابن عنبة في عمدته : وقد تأملت بعض ما حكي من الطعن فيهم فوجدته لا يتمشى لكونه بناءا على أن المهدي أولهم منسوب إلى أنه محمد بن إسماعيل بن الصادق لصلبه، وزمانه لا يحتمل ذلك والشريف الرضي الموسوي مع جلالة قدره صحح في شعره نسبهم حيث يقول

ما مقامي على الهوان وعندي * مقول صارم وأنف حمى

أحمل الضيم في بلاد الأعادي * وبمصر الخليفة العلوي

من أبوه أبى ومن جده جد * ى إذا ضامني البعيد القصي

فهذا الشريف الرضي نقيب النقباء في ذلك العصر في بغداد يشهد لهم بصحّة نسبهم ، ودافع عنهم  ,وكان احد الذين امتنعوا بأن يشهد في محضر القادر العبّاسي ، ومدحهم بهذه القصيدة والتي تؤكد لنا موقف أحد كبار الطالبيين في ذلك العصر بما أشار فيها أنّهم من أب واحد وجدّ واحد

كانت شمال أفريقيا أرضًا صالحةً لنصرة المذهب الإسماعيلي، ذلك أنَّ التشيُّع العَلَويّ تركَّز مُنذ نشأته في المشرق ، وظهر في بيئة الكوفة مُتعددة الأجناس والقوميَّات، وانتشر بين ، ثُمَّ انتقل غربًا بعد المُلاحقات التي تعرَّض لها شيعة أهل البيت من قبل العبَّاسيين، وتمركزوا في شمال أفريقيا حيثُ ضعُفت السيطرة العبَّاسيَّة لبُعد المسافة عن مركز اتخاذ القرار في بغداد، ولصُعوبة المُواصلات، ونشروا التعاليم المُشتركة للمذهب الشيعيّ ومآثر العَلَويين ممَّا أدّى إلى انتشار المناصرين ولا شك أن  العطف على آل بيت الرسول ، والاعتقادُ بفضائلهم ، كبيرًا في المغرب من أيِّ مكانٍ آخر، وهو ما أتاح للأدارسة السَّيطرة على المغرب الأقصى بدون مشقَّة وتأسيس دولتهم المُستقلَّة .

أقول: فنسبهم لا غبار عليه، وهو من أصرح الأنساب العلويّة بإجماع كبار النسّابين، فأهل النسب لم يتعرّضوا لهم بغمز ولا طعن، ولكن القادر الخليفة العبّاسي هو أوّل من تبنّى هذه الفكرة بالطعن في نسبهم، ليدخل بذلك الوهن عليهم، ويدفعهم عن النسب العلوي الهاشمي، ليسقط استعدادهم للخلافة، فأنشأ محضراً مسجّلاً من قضاة بغداد ينفيهم عن هذا النسب، وجمع كثيراً من أعيان بني علي عليه السلام، بأن يشهدوا بصحّة ذلك المحضر، فمنهم من وافقه، ومنهم من امتنع، وأغلب الذين وافقوه هم بعض ضعفاء النفوس بما قدّم من دراهم بخس معدودة، وتوعّدهم بطغيانه إذا لم يؤيدوه

وبدأ بنفوذه بالإيحاء وإعلام الناس جهراً أنّ الفاطميّين ليسوا من أهل البيت، فالجهلاء لم يصدقوا أن يجدوا قضيّة ليتكلّموا فيها، والناس أيضاً جعلوا ذلك حديثهم، وبثّ أناس في المجالس يثيرون هذا الموضوع، ويجعلون حديث المجالس هو الطعن في نسب الفاطميّين من غير معرفة ولا فهم، وكان أجرهم أن تدفع لهم الأموال ليشهروا بذلك موضوع الفاطميّين.
وهذا يؤكّد لنا أنّ ما فعله القادر العبّاسي، من دفع أموال وطغيانه كحاكم على تلك المنطقة، يؤكّد لنا صحّة نسبة الفاطميّين، فهو يعلم كلّ العلم أنّ مكانتهم عالية، ونسبتهم صحيحة، ولولا هذا ما طعن، وقد علم أن الخلافة مؤيّدة لهم وهم قادمون لها

قال ابن الطقطقي في أصيله : ولكن القادر الخليفة العباسي كان في بلاده كأسمه ، وأحب أن يدخل الوهن عليهم , ويدفعهم عن النسب , ليسقط بذلك استعدادهم للخلافة

فانشأ الرسالة القادرية , والمحضر المتضمن للطعن في نسبهم ، وكلف أعيان بني علي وغيرهم أن يشهدوا بذلك , وتوعدهم أن لم يفعلوا , فنهم من أجاب ومن من أمتنع .

وممن أمتنع السيد الرضي , فيقال : أنه لما عاتبه القادر على لسان أبيه لأجل امتناعه , خلا به وقال له : يا أمير المؤمنين أنت في بلادك مطاع , ويمكنك أن تكتب محضراً بالطعن في نسبهم , ويشهد لك فيه كل من تحت يدك , وهم أيضاً خلفاء مطاعون في بلادهم , فما الذي يؤمنك أن يكتبوا محضراً بأن محمد بن علي بن العباس لم يعقب , فتصير شبهة , فيقال أن القادر كفّ لما سمع كلامه . ا.ه 


قال ابن خلدون : فقد اتصلت دولتهم نحواً من مائتين وستين سنة وملكوا مقام إبراهيم عليه السلام ومصلاه وموطن الرسول صلى الله عليه وسلم ومدفنه وموقف الحجيج ومهبط الملائكة ثم انقرض أمرهم وشيعتهم في ذلك كله على أتم ما كانوا عليه من الطاعة لهم والحب فيهم واعتقادهم بنسب الإمام إسماعيل بن جعفر الصادق

شكَّل العصر الفاطمي امتدادًا للعصر الذهبي للإسلام , وكان الجامع الأزهر ودار الحكمة مركزين كبيرين لنشر العلم وتعليم أُصول اللُغة والدين , وقد عمروا بيوت الله وأقاموا الشرائع في دولتهم وما نراه اليوم في قاهرة المعز وغيرها من الآثار الإسلامية الضخمة شاهد على أعمالهم , وكانت مدة حكمهم منذ قيام المهدي إلى أن قبض على العاضد مائتا وإحدى وسبعين سنة , منها بمصر مائتا وست سنين , وكل هذه النعم قد أكرمهم الله بها، وهذا لا يحدث لرجل دعيّ أو من أصل خبيث

ومن المؤرّخين، من تطاول ونسبهم إلى اليهود، وهذا في حدّ ذاته إطلاق في القول يؤثم عليه قائله؛ لأنّه أخرجهم من النسب العلوي الشرف وأدخلهم في ذريّة اليهود، فهذا طعن في ذريّة الرسول وبضعته البتول صلّى الله عليه وآله وسلّم

فابن كثير والذهبي مع جلالة قدرهم وابن النديم وغيرهم ممّن تطاول ليسوا من أهل النسب، وقولهم لا يعتدّ به ولا يؤخذ به في أمر النسب ؛ لأنّ هذا الأمر يؤخذ من ذوي علم النسب، وقد رجّح سيادتهم وشرافتهم كثيراً من النسّابين والمؤرخّين، كالعبيدلي في تهذيبه , والازورقاني في فخريه , والرازي في شجرته , والعمري في مجديه , وابن الطقطقي في أصيله،  والسويدي في سبائكه، وابن عنبة في عمدته وابن عميد الدين النجفي في مشجّره، والمقريزي في خططه، وابن الجوزي، وابن شدقم في تحفته , وابن زهرة الحسيني في بيوتاته، وابن الأثير في كامله، وابن خلدون في مقدّمته وتاريخه ، والزبيدي في بحره ، والسمرقندي في تحفته، والاعرجي في أساسه , وشيخنا الرجائي في معقبوه , وشيخنا الرفاعي في أنسابه , وغيرهم من متقدّمين ومتأخّرين

أقول : اتّفق الجمع الغفير من أهل النسب وغيرهم على صحّة نسبهم ، وأنّ الطعن فيه لا يجوز ، فالمؤمنون مؤتمنون على أنسابهم ، وخاب من حمل ظلماً وطعن فيهم ، فالحقيقية هي الحقيقة مهما حاول بعض الناس إغفالها أو تجاهلها أو تشويها

وخلاصة القول أنّ النسب الفاطمي صحيح صريح، وأنّ الطعن فيه لا يقبل لاسيّما أنّهم من ذرّية أهل البيت الشريف ، وما دفعني لهذا إلا غيرتي على هذا النسب دون أتباع الهوى ، والله من وراء القصد ، وبالله التوفيق , وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلت وإليه أنيب .

القول الفصل في حقيقة نسب الخلفاء الفَاطِمِيَّيُن ..
القول الفصل في حقيقة نسب الخلفاء الفَاطِمِيَّيُن ..

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر