رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
"أفريقية النواب" ترحب بإعلان وقف إطلاق النار في غزة: يعكس الدور المحوري لمصر في إقرار السلم والأمن في المنطقة خبير : بكل فخر قطاع الزراعة يشهد نقلة كبيرة فى مصر تحقق التنمية المستدامة حازم الشاذلي : يجب العمل على زيادة الصادرات المنتجات الأكثر طلبا في الأسواق الخارجية الأهلي يختتم تدريباته استعدادًا لمباراة الاتحاد السكندري طبيب الأهلي: الأشعة تثبت إصابة السولية بشد في العضلة الضامة أبوالغيط يطالب مجلس الأمن ‬⁩ و⁧‫الولايات المتحدة‬⁩ والدول الغربية الداعمة لاسرائيل بتحمل مسؤولياتها وكبح جماح قوة الاحتلال نقيب محامي شمال القاهرة يشيد بالجهود المصرية في الوصول لهدنة إنسانية لوقف العدوان على فلسطين الكرواتي يورتشيتش مدرب بيراميدز سعيد بالفوز أمام فيوتشر الرئيس السيسى: أتابع عن كثب التطورات الإيجابية بمفاوضات التوصل لهدنة شاملة في غزة احتفالاً بأعياد الربيع إقبال كبير من المواطنين على الشواطئ والمتنزهات ببورسعيد

الاشراف والقبائل العربية

أخطاء المؤرخين وتزوير التاريخ ..

الخميس 22/ديسمبر/2016 - 05:31 م
صدى العرب
طباعة
بقلم .. دكتور أحمد حسين النمكى ..


قد لا يكون العيب التأريخ نفسه وحسب بل هناك خطأ من المؤرخ نفسه ، وهذا الخطأ ليس منشأه العمد والقصد ولكن قد يكون حسن النية أو سوء الفهم والتقدير من المؤرخ سبباً في الإساءة إلى الإسلام من حيث لا يعلم أو يدرى ، ومن ذلك نجد مؤرخاً كبيراً مثل ابن جرير الطبري فهو على جلالة قدره في عالم التأريخ ـ حتى أن البعض اعتبره عمدة المؤرخين في التاريخ الإسلامي ـ إلا أنه روى روايات أسئ فهما فيما بعد ، فهم لم يكن يعلم أن تلك الروايات التي شحن بها كتبه ، ولم يدر بخلده أن هناك مستشرقين سيستغلون كتابه وما ورد فيه من روايات ساذجة ليس فيها أدنى فكر أو تمحيص منه ، ولعله لم يعمل حساباً للشيعة الذين روجوا لكل الروايات الخاطئة في كتبه وينزلوها منزلة الحقائق التاريخية ، وعلى الرغم أنه برأ نفسه في مقدمة كتابه " تاريخ الرسل والملوك " أو " تاريخ الرسل والأمم " بأن ما أورده من روايات إنما نقلها عن الآخرين ، فهو أداها كما أديت إليه .

لم ينظر الطبري ـ رحمه الله ـ إلى تلك الروايات نظرة الناقد البصير ، فينتقد هذه الروايات ويقارنها بغيرها ويدرس حياة رواتها ، لم يكلف خاطره بهذا ، فهو ينقل إلينا ما وقعت عليه يده ـ الغث والسمين ـ تاركاً هذا العمل للقارئ ، ولعله أيضاً كان يعتبر أن كل قارئ من القراء وصل إلى مرتبة الاجتهاد بحيث يستطيع أن يحكم على الروايات أن ضعيفة أو صحيحة أو مكذوبة وموضوعة أو صادقة ومرفوعة .

إن الخطأ الذي وقع فيه الطبري أنه نقل إلينا التاريخ ملوثاً أو قل ملئ بالقمامات الفكرية التي دسها أعداء الإسلام في صورة روايات ، وبدون شك فإن الطبري خدع القارئ البسيط بتدوين أسانيد لكل الروايات ، وهو ليس خائناً أو مزوراً في تدوين هذه الأسانيد ، ولكنه ترك الفرصة تلعب دورها في خداع القارئ غير المتخصص ، هذا فضلاً عن أن كثيرا من الناس يقدسون الروايات التاريخية لقداستهم للمؤرخ نفسه ، فقداسة الموضوع من قداسة الواضع ، وقداسة التأريخ من قداسة المؤرخ .

إن الطبري وغيره من المؤرخين القدامى ليس لديهم نية خبيثة لتزوير التاريخ ولكن كان لديهم ضيق أفق ، فهم يروون في كتبهم روايات استغلت اليوم ضد الإسلام ، فقد روى الطبري ـ عدداً كبيراً من الروايات عن الذبيح ، هل هو إسحاق عليه السلام أم إسماعيل عليه السلام ، وانتهى به البحث أن الذبيح هو إسحاق ، وفعل نفس الفعل في أن إسحاق عليه السلام شارك إسماعيل في بناء الكعبة ، وهذا مخالف للواقع التاريخ الملموس والروايات التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونسى الطبري أن هذا يخدم التاريخ اليهودي وليس التاريخ الإسلامي ، ولا أدرى على أي أساس رجح الطبري أن الذبيح هو إسحاق وليس إسماعيل ، على الرغم أن القرآن الكريم يقول لنا بأن الذبيح هو إسماعيل وليس إسحاق ، فترجيح الطبري مخالف لنص القرآن .

إن المستشرقين اليوم يستغلون روايات الطبري وأمثاله من المؤرخين الإسلاميين ويضربون بها الإسلام ، ومن تلك الروايات الساذجة التي أتى بها الطبري ، ضارباً بعقله عرض الحائط أنه صدق بعض الروايات الكاذبة ، فقد روى حكاية الغرانيق التي استغلها أعداء الإسلام على أنها حقائق رواها عالم مسلم ، وتجاهل أن تلك الرواية لا تمس الرسول نفسه بل إنها تضرب الوحي القرآني في الصميم ، ومن ثم استغلها رجل مجنون ـ ملحد ـ مثل سليمان رشد وألف كتابه آيات شيطانية ، وكان الأحرى بالطبري ومن نقلوا عنه لو دققوا النظر في تلك الروايات فلم ينشروا أو على الأقل ينقدوها ليبينوا أنها لا تتفق مع سياق الإسلام ، أو أن يظهروها للناس على أنها أخبار غير صحيحة .

كذلك تكلم الطبري بإسهاب غير مسبوق عن زواج النبي عليه السلام من السيدة عائشة على أن النبي تزوجها وعندها من العمر تسع سنوات وقيل سبع سنوات ، ولو دقق الطبري قليلاً لكان أصوب أن يبين أنها تزوجت وكان عندها من العمر تسعة عشر عاماً ، ولكن المستشرقين والعلمانيين والملحدين من أعداء الإسلام استغلوا تلك الروايات أسوأ استغلال ، فقد بينوا أن النبي تزوج من طفلة ـ وهى السيدة عائشة ـ وأن الإسلام يغتصب الأطفال ، بينما الحقيقة بخلاف هذا ، والسبب أن المؤرخين ألغوا عقولهم نسوا أن تلك الروايات ستكون شوكة في ظهر الإسلام .

ولا يتصور القارئ ماذا كتب الطبري ـ بحسن نية ـ عن زواج النبي عليه السلام من السيدة زينب بنت جحش ـ أم المؤمنين ـ فقد وردت الروايات وكأن النبي عليه السلام شاب متصابي وقع في غرام فتاة جميلة خرجت من خدرها بقميص النوم الذي لا يستر شيئاً فظهر منها ما أغراه بحبها والوقوع في غرامها .

وها هي رواية من روايات الطبري وهى تصف النبي وصفاً فاضحاً ولم  يدرك الطبري أنه أساء للنبي بتلك الروايات دون قصد منه ، فيقول : حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : كان النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قد زوج زيد بن حارثة زينب بنت جحش ، ابنة عمته ، فخرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يومًا يريده وعلى الباب ستر من شعر ، فرفعت الريح الستر فانكشف ـ أي السيدة زينب ـ وهي في حجرتها حاسرة ، فوقع إعجابها في قلب النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فلما وقع ذلك كرِّهت إلى الآخر، فجاء فقال : يا رسول الله إني أريد أن أفارق صاحبتي ، قال : ما ذاك ، أرابك منها شيء؟ "قال: لا والله ما رابني منها شيء يا رسول الله ، ولا رأيت إلا خيرًا ، فقال له رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أمسك عليك زوجك واتق الله، فذلك قول الله تعالى (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) تخفي في نفسك إن فارقها تزوجتها. [ تفسير الطبري ، جـ 20 ص 274] .

ولقد قرأت كتاباً وهو بعنوان " الرسول حياة محمد " لمؤلف غربي ( ر . ف . بودلى) فأخذا هذا المؤلف روايات الطبري وغيره وصاغها في أسلوب روائي مستغلاً أنها وردت في كتب علماء الإسلام ،  وقد صور هذا المؤلف النبي عليه السلام وكأنه أحد أبطال فيلم غراميات يمثله أحد المراهقين والمراهقات وليس عن رسول يأتيه الخبر من السماء ، ناهيك عمن استغل تلك الروايات من المستشرقين للطعن في حياة الرسول واتهامه بأنه عاشق للجنس حتى أنه طلق بنت ابنه وتزوجها هو .

الجدير بالذكر أن السيدة زينب رضي الله عنها لم تكن على قدر من الجمال في الشكل ولا في الجسم حتى يفتن بها النبي عليه السلام ، ولم تكن صعبة المنال على رسول الله لو أرادها ، فهي ابنة عمته وهو الذي زوجها لزيد بن حارثة ، ألم يرها النبي من قبل ؟ ولكن رواية الطبري تصور النبي عليه السلام وكأنه لم ير السيدة زينب إلا في هذه اللحظات ، ولو أجهد الطبري نفسه قليلاً وقرأ عن حياة السيدة زينب لكان هو أولى بالرد على تلك الروايات ، وهكذا من الروايات التي أخذناها من الطبري وغيره مأخذ المسلمات ، ولذلك يجب أن ندقق النظر طويلاً في كتب مؤرخي الإسلام أكثر مما ندقق النظر في كتب أعداء الإسلام ، فالمؤرخون المسلمون زوروا تاريخ الإسلام بغير قصد أو بحسن نية ، بينما أعداء الإسلام زوروا تاريخ الإسلام عن عمد وعن قصد .

ولعل أحد القراء يقول إن الطبري اعتمد على كتب سابقة عليه من كتب السيرة كابن إسحاق وغيره ، فلم نلوم الطبري ؟ نقول بأن اللوم من الموجبات لأنه كرر رواية هذه الأخبار غير الصحية ، ولم يتعرض لها بالنفي أو النقد ، وليس من مقصودنا أن نصادر تلك المؤلفات أو نمحوها من قائمة تراثنا ، ولكن يجب أن نأخذ منها وبحذر شديد متحاكمين إلى الأصول الصحيحة من الإسلام .

وسوف يكون لنا وقفات كثيرة مع أحداث تاريخية كان للمؤرخين ـ الرواة ـ دور في تنميقها وتلفيقها وإلباسها ثوب الحقائق التاريخية ، ونماها التكرار الأحمق حتى صارت من المسلمات في عمق العقل الإسلامي .

وقد نكون غير منصفين إذا قلنا أن هذه الكتب والموسوعات لم تنمى الوعي الأدبي والفلسفي في كثير من الأحيان ، ولكنها لم تنمى الوعي التاريخي المدرك لأهمية الحقائق التاريخية التي ينبغي تداولها بين الأجيال ، فما تركه لنا هؤلاء المؤرخون هو تراث حوى فنون عديدة ، والفرق بين هذا التراث والفكر التاريخي كالفرق بين الأرض والبيت ، فالأرض شيء والبيت شيء آخر ، فلولا الأرض ما كان البيت ، ولولا التراث ما كان التاريخ ، ونحن لا ندعو إلى حرق الأرض أو حذفها وإلا كانت الدعوة خاطئة فلو محونا الأرض محونا معها البيت .

وكان أول من دون المغازي والسير هو أبان بن عثمان بن عفان المتوفى سنة 105هـ وكان رجلاً ثقة ، كذلك كان عروة بن الزبير المتوفى سنة 93هـ وهذان الرجلان على الرغم من علاقتهما بخلفاء الدولة الأموية إلا أنهما لم ينساقا في مصاف الخلفاء بحيث يصبحان مؤرخا السلطان أو الخليفة ، أو ينساقا إلى عالم السياسة ، فقد شهد لهما من سبقهما من المؤرخين كابن إسحاق والواقدي والطبري بالصدق والأمانة ، ولكن كتابتهما كانت لا تخلو من سذاجة في النقل .

وفى العصر العباسي نجد أن كتاب التاريخ قد تأثروا بعلاقتهم بالقصور الملوكية ودونوا الأحداث لا من واقع الأحداث ـ أو كما نقول اليوم من خلال الوثائق ـ ولكن تأثروا بشخصية الخلفاء ، فرفعوا أقواماً ووضعوا آخرين .

إن ابن إسحاق مؤرخ السيرة النبوية قيل أنه تشيع ، ولكن في عصر بن إسحاق لم يكن التشيع دافعاً إلى التزوير للأحداث التاريخية ، لأن العباسيين كانوا يطوقون هؤلاء الشيعة بالمراقبة المستمرة بحيث لا يدعونهم يفعلون شيئاً لا يقفون عليه .

كذلك كان وهب بن منبه وهو رجل طيب القلب صدوق ولكن يؤخذ عليه أن كان أكثر من ساذج ، فقد جمع كتب أهل الكتاب (اليهود والنصارى) من أهل اليمن وبدأ يكتب التاريخ من خلال كتبهم وكأن تلك الكتب لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، لذلك كان وهب بن منبه من أول من رخص في الاعتماد على الاسرائليات والنصرانيات وأدخلها في كتب وتواريخ أهل الإسلام ، ومرجع هذا أن وهب بن منبه كان كثير الثقة في كتب أهل الكتاب وكان جل اعتماد ثقافته على تلك الكتب . ومن ثم نقل المؤرخون عن وهب ـ على أنه رجل مسلم ـ وما ورد عنه من روايات تمثل الفكر الإسلامي ، والحقيقة غير ذلك .

ومن الممكن أن نقول بأن ظاهرة الوضع والتزييف لم تكن واضحة المعالم طوال عصري أبى بكر وعمر وعثمان ، ولكن عندما ظهرت الفتنة في عصر الخليفة عثمان وفى عصر على بن أبى طالب والتي أسفرت عن مقتل الخلفاء الثلاثة الأول وبدأت تظهر فكرة الأحزاب والجماعات والفرق ، ودخول كثير من الأعاجم في الإسلام ، وكان فيهم المغرض وغير المتوائم مع الإسلام ، كابن سبأ وأحفاده من الشيعة الذين فتحوا باب الكذب والتزوير على مصراعيه ، بل واعتبروه عقيدة يتعبد بها لله تعالى طالما أن هذا الكذب يخدم عقيدتهم .

إن ظهور ابن سبأ في عصر الخليفة عثمان ليس وحده سبب الفتنة ولكن ـ بلا شك ـ هناك أسباب كثيرة ومتضافرة أدت إلى نشوب الفتنة ، وما يهمنا أن ذلك الرجل قد أظهر أشياء ـ كالرجعة والتقية والوصية والإمامة ـ بما لا يتفق مع الفكر الإسلامي في عصره ، الأمر الذي حمله على الكذب وتدوين هذا الكذب على أنه ـ كما صار لدى الشيعة فيما بعد ـ تاريخ .

إن منظومة الكذب التي ظهرت في عصر الخليفة عثمان وعلى بن أبى طالب لم تكن أسبق من عجلة الزمن ، فأدخل المؤرخون أحداثاً من الذاكرة لا صلة لها بالواقع ، أو تفسيراً غير مطابق للواقع كتعليل للحدث ، بينما لا صلة الواقع التاريخي والتعليل التاريخي ، كما حدث في الخطاب الذي اتهم بوضعه مروان بن الحكم على عثمان يطلب فيه من والى مصر قتل الثوار المصريين الذين جاءوا لحصار عثمان وعزله عن الخلافة ، فالواقع يكذب وجود هذا الخطاب ، كما أن بنى أمية ليسوا في حاجة إلى صناعة هذه القصة المكذوبة والملفقة ، ولكنها من وضع المؤرخين الشيعة الذين دسوا كثيرا من الروايات التي تنتهي في ظاهرها وتأويلها إلى اتهام الصحابة بالخيانة واتهام عثمان بن عفان بالضعف ، ومن شديد الأسف أن كثيرا من مؤرخي أهل السنة نقلوا عن مؤرخي الشيعة بغير تعقل  .

إن غالبية مصادر التاريخ الإسلامي ـ شيعة وسنة على السواء إلا قليلاً ـ قد وقفت من بنى أمية موقفاً عدائياً وتناسى المؤرخون الدور العظيم الذي قام به بنو أمية في الفتوحات وخدمة الإسلام ولم يتذكروا إلا أنهم سلبوا أهل البيت حقهم في الإمامة ، وهذا بلا شك قد تلقفه مؤرخو الشيعة ووظفوه توظيفاً جيداً ضد بنى أمية بل وضد الإسلام وعلماء السنة ، ومن الغريب حقاً أنك تجد مؤرخين من أهل السنة قد انساقوا وراء مؤرخي الشيعة ـ كالمسعودي واليعقوبي وابن أعثم الكوفي والأصفهاني وغيرهم ـ ورددوا ما جاء في كتبهم بحسن نية أو بغير تنبه منهم ، وقد صورت المصادر الشيعية بنى أمية ـ بما لا يجعل مصادرهم محل ثقة لي المؤرخ الذي يتحرى الصدق في الكتابة ـ على أنهم ظالمون وفاسقون ، وبلغ بالبعض منهم أن جعلوهم كفاراً ، وتأثر غالبيه مؤرخي أهل السنة تأثراً عاطفياً مع الشيعة وانتحوا منحاهم وركبوا متن الهوى والشطط .

كذلك كانت معركة صفين وأحداث الفتنة في عصر عثمان وعلى فقد اضطربت المصادر التاريخية فلا تكاد تظفر لدى المؤرخين بخط مستقيم في القضية بحيث تتوصل إلى خيوط بداية ونهاية للمعركة ولكنك لا تظفر إلا بخطب إنشائية وفقرات بلاغية ونثر مسجوع وشعر مصنوع فلا تشعر أنك تقرأ عن معركة أو معارك غيرت وجه التاريخ الإسلامي . وتجد رجلاً كالطبري يعتمد على مؤرخين ليسوا ذي ثقة مثل السري بن يحيى ، وشعيب بن إبراهيم الكوفي ، وسيف بن عمر الأسدي ، فهؤلاء متهمون في رواياتهم ولا يعتد بهم .

وأنا أشكك في غالبية مصادر التاريخ الإسلامي وفى أكثر ما كتبوه عن بنى أمية وعن الحجاج بن يوسف الثقفي ، هذا الرجل ظلموه حياً وميتاً ، ويرجع السبب إلى مؤرخي الشيعة الذين صوروه على أنه أكبر عدو لمحمد وآل محمد ، بينما كان الرجل على عكس ما يقولون تماماً ، فإن له حسنات كثيرة بجانب سيئاته ولكن غفل عنها الحاقدون لاسيما الفرس الذين اكتووا بفتوحات كان الدافع الأول لها الحجاج بن يوسف الثقفي ، ولكن المؤرخين رووا عنه خرافات ما أنزل الله بها من سلطان وصوروه وكأنه شيطان ، كان الحجاج رجل دولة ورجل سياسة لا يتهاون مع الخارجين على الدولة ، ولا يرحم في سبيل ذلك أخاً أو أباً ، فقد قتل أباه في الحرب ضد بنى أمية فما اهتم لذلك ، ولكنه كان رجلاً مسلماً مصلياً عابداً تالياً للقرآن له دور كبير في نشر الإسلام ولكن الشيعة لم يقبلوا منه كل هذه الأعمال لأنه استطاع أن يلبس بنى أمية ثوب الخلافة في الوقت الذي كان يسعى فيه الشيعة أن تصير الخلافة لواحد من آل البيت ، وكم من أناس ضاع تاريخهم الحقيقي بسبب حقد وجهل المؤرخين الشيعة وسذاجة المؤرخين من أهل السنة الذين كانوا ينقلون عن هؤلاء وهم ليسوا مصدر ثقة .

كانت القصص والأخبار المزورة على بنى أمية لا ترمى إلى تشويه صورة الحجاج بل ترمى إلى تشويه صورة بنى أمية وإظهارهم في مظهر الغاشم الظالم ، وكيف لرجال فتحوا بلاد العالم ونشروا الإسلام أن يكونوا بهذا الظلم المبين الذي أظهرته كتب ومصادر التاريخ الساذجة .

ونكمل إن شاء الله .

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر