رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار

الاشراف والقبائل العربية

نقابات الأشراف على مر التاريخ ..

الجمعة 18/نوفمبر/2016 - 04:07 م
صدى العرب
طباعة
نسابة المدينة المنورة. الشريف أنس بن يعقوب الكتبي

لم تكن نقابة السادة الأشراف وليدة العصر الحديث ، فهي حاجة ملحة على مر الأزمان تجلت حاجتها في لم شعث السادة العلويين " الحسنيين والحسينيين والطالبيين " من آل هاشم وتأكيد نسبهم المتأصل في الدوحة الهاشمية المباركة بعد تفرقهم في الأمصار فهي إذن تضم بين دفتيها السادة الأشراف وتكون البداية مع المستعين العباسي الذي مات سنة 252 وهو أول من أسس النقابة وجعل الحسين ابن أبى الغنائم أول نقيب ، وأمره بنصب نقباء البلاد وهو ابن عمر أمير الحاج ابن يحيي المحدث ابن الحسين ذي الدمعة ابن زيد الشهيد" , وكانت النقابة في بداية تشكيلها كانت عامة للأشراف من بنى هاشم تشمل أحكامها العباسي والعلوي وغيرهما ، ثم أُفرد الطالبيون بنقابة خاصة بهم ، كما أن المعتضد بالله العباسي والذي تولي الخلافة من سنة 279 إلي سنة 289 ، هو أول من سنّ النقابة للعلويين ، وقيل انه فعل ذلك بسبب رؤيا رآها ، ذكرها الطبري في تأريخه والمسعودي في مروجه , قال الطبري : (( إن المعتضد قال لبدر : رأيت في النوم كأني خارج من بغداد أريد ناحية النهروان في جيشي وقد تشوّف الناس إلى إذ مررت برجل واقف علي تل يصلى لا يلتفت إلى ، فعجبت منه ومن قلّة اكتراثه بعسكري مع تشوّف الناس إلي العسكر ، فأقبلت إليه حتى وقفت بين يديه فلما فرغ من صلاته قال لي أقبل فأقبلت إليه فقال : أتعرفني ؟ قلت : لا . قال أنا على بن أبى طالب خذ هذه المسحاة واضرب بها الأرض ـ لمسحاة بين يديه ـ فأخذتها فضربت بها ضربات فقال لي : انه سيلي من ولدك هذا الأمر بقدر ما ضربت بها ، فأوصهم بولدي خيراً .

وبذلك يعود تاريخ نقابة الأشراف إلى العصر العباسي فكان الشريف الرضي وأخيه الشريف المرتضى هما أول نقباء للطالبيين حينما آنشئت نقابة الطالبيين في العراق , واستمرت نقابة الطالبيين في العراق حتى نهاية الدولة العباسية حيث نقلها الخلفاء الفاطميون إلى مصر محل عاصمتهم في قاهرة المعز , وهي لا تزال حتى اليوم باقية بها قائمة في مبناها الشامخ بمنطقة الدراسة , وقد تتبعت ذلك وثبت لدي أن السجلات التاريخية التي كانت بنقابة بغداد نقلت إلى مصر وحفظت بها .

ويعود الهدف من إنشاء النقابة : هي تولية شؤون الأشراف وتدبير أمورهم والدفع عما ينالهم من عدوان وصيانة ذوى الأنساب الشريفة عن ولاية من لا يكافئهم في النسب ولا يساويهم في الشرف وهى علي ضربين : خاصّة وعامة , أما الخاصة  فهي أن يقتصر بنظره علي مجرد النقابة من غير تجاوز لها إلي حكم وإقامة حد ، فلا يكون العلم ـ الاجتهاد ـ معتبرا في   شروطها .

 

ومن وظائفه :

حفظ أنسابهم من دخول الأغيار وخروج الأفراد منهم , تمييز بطونهم ومعرفة أنسابهم , معرفة من ولد منهم من ذكر وأنثي فيثبته , أن ينزههم من المكاسب الدنيئة ويمنعهم من المطالب الخبيثة , أن يكون لهم عونا في استيفاء حقوقهم حتى لا يضعفوا عنها , أن ينوب عنهم في مطالبة حقوقهم العامة , أن يمنع أياماهم أن يتزوجن إلاّ من أكفاء ,مراعاة الموقوفات المختصة بهم فيحفظ أصولها وينمى فروعها ويشرف علي الجباة والقسمة فيميز المستحق من غيره , ووظائف أخري ذكرت في الكتب المفصلة لهذه المسألة .

وأما النقابة العامة :                                                

فيضاف إلي أحكامها علاوة علي ما تقدم خمسة أشياء :

الحكم بينهم فيما تنازعوا فيه ,الولاية علي أيتامهم فيما ملكوه , إقامة الحدود عليهم فيما ارتكبوه , تزويج الأيامي اللاتي لا يتعين أوليائهن أو قد تعينوا فعضلوهن , إيقاع الحجر علي من عته منهم أو سفه ، وفكّه إذا أفاق ورشد .

فيصير بهذه الخمسة نقيباً عاماً يعتبر في صحة نقابته أن يكون من أهل العلم والاجتهاد ليصح حكمه وينفذ قضاؤه , فالنقابة تضم أشخاص العلويين وتنظم شؤونهم وتجمع شملهم وتعزز نفوذهم وتصون امتيازاتهم ولهم نقيب يرأس هذه النقابة .

 

النقيب مصطلحه ودوره :

النقيب للسادة هو الباحث عن أنسابهم حتى يستخرجها والفطن لما غاب من صحة الأنساب وفسادها ويبحث عنها , والنقيب أنه صاحب الفضل والمنقبة وهو ذو رأي في إصابة هو الكفيل للسادة الأمين في حفظ أنسابهم حتى لا يخرج منهم من كان منهم ولا يدخل فيهم من ليس منهم‏ , ولا يتوقف دوره على ذلك فحسب بل ا، النقيب له الدور الكبير في القرار الحكيم السياسي والمصلح الاجتماعي لتوحيد الصفوف وجمع الشمل وحل القضايا المتعسرة , وكان للحكام على مر التاريخ تقدير ظاهر في تقديم نقيب الأشراف في الاحتفالات والمناسبات الرسمية للدولة .

قال أبو حاتم الرازي‏:‏ يقال نقيب ونقباء والنقباء الكفلاء والأمناء قال الله تعالى عز وجل ‏"‏ وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً ‏"‏ يعني ‏:‏ كل رجل كان كفيلاً أميناً على سبط‏ , وفي الحديث ‏:‏ إن النبي صلى الله عليه وآله قال ليلة العقبة للأنصار وكانوا سبعين رجلاً‏ :‏ أخرجوا منكم اثنا عشر نقيباً هم كفلاء على قومكم ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم وأنا كفيل على قومي قالوا ‏:‏ نعم‏ , وقال أبو عبد الله في قوله ‏"‏ اثني عشر نقيباً ‏"‏ قال ‏:‏ النقيب أيضاً من الكفيل الأمير على   القوم ‏.‏

النقيب مأخوذ من قولهم رجل نقيب ونقاب إذا كان فطناً يستخرج الأمور والأسرار‏
قال الخليل الفراهيدى في العين: النقيب : "شاهد القوم يكون مع عريفهم أو قبيلهم ، يسمع قوله ويصدق والنقباء الذين ينقبون الأخبار والأمور" .

وقال الجوهري :"النقيب العريف ،وهو شاهد القوم وضمينهم ، والجمع النقباء" .

وقال ابن منظور : النقيب عريف القوم والجمع نقباء . والنقيب العريف وهو شاهد القوم وضمينهم .                                                                                

قال أبو اسحق : " النقيب في اللغة كالأمين والكفيل". وهو الذي يتعرف أخبارهم وينقب عن أحوالهم .                                              

وقال الطريحى : " نقيب القوم ، كالكفيل والضمين : ينقب عن الأسرار ومكنون الإضمار ، وإنما قيل نقيب لأنه يعلم دخيلة أمر القوم ويعرف الطريق إلي معرفة أمورهم" .

فنقابة السادة الأشراف ظهرت في مطلع القرن الرابع الهجري في العهد العباسي , وتوسعت هذه النقابة وامتدت في العالم الإسلامي وأخذت تعمل على مر العصور والعهود حتى توقفت وانحصر العمل فيها في الكثير من البلدان بنهاية العهد العثماني وكان السلاطين العثمانيون يصدرون الفرمانات بتعين النقباء في الأمصار , وهناك سجلات تحفظ أسمائهم , وفي خزانتي صورة حصلت عليها من آخر دفتر لنقباء الأشراف الذين عينتهم السلطنة العثمانية في الأمصار ففي المدينة المنورة عين السيد حسن بافقيه في غرة جماد الآخر سنة 1295هـ , وفي مكة المكرمة السيد إسماعيل أفندي عين في 22 ذو القعدة 1299هـ  , وفي حمص السيد يحي أفندي عين في 21ذو الحجة 1306هـ , وعلى ذلك من التعينات في كل البلدان التي تخضع للدولة العثمانية , ففي العراق انحصر العمل بها في العهد الملكي حتى توقفت ثم أعيدت تحت مظلة اجتماعية بموافقة الدولة , إما في الحجاز فكان العمل بها مستمر حتى بعد نهاية وسقوط الحكم العثماني ففي عهد حكومة الأشراف والذي لم يستمر طويلاً كان هناك مسمى وظيفة رسمية لنقيب الأشراف , ويعين النقيب أو شيخ السادة بموافقة الحاكم , ويكون التعين ضمن مراسم وبرتوكولات رسمية ويعلن تعيينه رسمياً في الصحف ووسائل الإعلام آنذاك , ففي عام 1334هـ توفي السيد علوي السقاف وكان يشغل منصب نقيب السادة الأشراف بمكة المكرمة , وبعد وفاته اصدر الملك الحسين بن علي مرسومه  يوم 17 محرم عام 1335هـ بتعيين ابن النقيب السابق وهو السيد محمد بن علوي السقاف نقيباً للسادة الأشراف , وكان ذلك ضمن مراسم , فقد استقبله انذاك الحاكم السياسي في ديوانه والبسه وشاح التنصيب ضمن وفود الدولة وأعيانها , وفي المدينة المنورة كانت نقيب الأشراف يمارس دوره من خلال توثيق الأنساب ومن أشهر النقباء الذين وقفنا على الصكوك الشرعية والتي تنعته بنقيب أشراف المدينة السيد أحمد بن سعد الحسيني المتوفي 988هـ , ثم كانت النقابة في غيره من السادة آل باعلوي والذين يمثلون شيوخ السادة في الحجاز , ومن أشهر من اطلعت على نقابتهم السادة آل جمل الليل وكانت فيهم النقابة فترة من الزمن ووجدت لهم مصادقات على بعض الأنساب ومن أشهر نقباء المدينة السيد محمد بن زين العابدين جمل الليل وينعته المؤرخين بقولهم رئيس من رؤساء أهل المدينة المنورة، ونقيب الأشراف بها , وكان دوره لم يقتصر على النقابة فقط بل أن كان له قرار سياسي في المدينة يوازي قرار الحاكم كل ذلك مما يؤكد مدى أهمية دور نقيب الأشراف , وقد وقفت على وثيقة آصيلة حررت بالمدينة المنورة في عام 1320هـ موقعة من سبعة عشر رجلاً من الأشراف تثبت نسب احد الأشراف لكونه سوف يهاجر من ارض الحجاز وقد حررت هذه الوثيقة بعناية نقيب الأشراف بالمدينة المنورة السيد علوي بن السيد أحمد بافقيه العلوي الحسيني لتحفظ بيد أبناءه وذريته في فترة غيابه , وهذه الوثيقة حملت الكثير من المعاني الدقيقة والتي تثبت في مضمونها أن هنالك سجلات ودفاتر بالمدينة المنورة تحفظ انساب الأشراف إلا أنني لم أجد فعلياً هذه السجلات ولا اعلم أين حفظت , وقد تقلص دور نقيب الأشراف على مر التاريخ , ففي الحجاز وغيرها أصبح منصب نقيب الأشراف دور تقليدي , وأصبح نقيب الأشراف بدور توثيق الأنساب ليس بشكل رسمي ضمن سجلات محفوظة , وفي العراق اليوم  كذلك عاودت نقابة السادة الأشراف آل البيت عملها بناء على موافقة ديوان رئاسة مجلس الوزراء ضمن المؤسسات الاجتماعية , وكذلك في بلاد المغرب هناك نقابة للأشراف حتى اليوم , ونقباء متعددين يتم تعيينهم بظهير ملكي , إلا أن دورهم يظل في دور النقيب التقليدي التابع للمؤسسات الاجتماعية .

 

نقابة السادة الأشراف اليوم :

تعد اليوم نقابة الأشراف في جمهورية مصر العربية هي النقابة الأصيلة الثابتة لها شرعيتها و كيانها , وهي امتداد لتاريخها المجيد وقد بدأت نقابة الأشراف في مصر تخطو خطواتها الأولى في ظل الحكم الطولوني بعد أن غلب عليها الطابع العلوي واضمحل فيها العنصر العباسي ، وتشير المصادر التاريخية إلى أن منصب نقيب الأشراف في مصر في العصر الطولوني قد انحصر في أسرة تدعى السادة آل طباطبا ، ومن أشهر نقباء هذه الأسرة على بن الحسين بن طباطبا الذي تولى أمر النقابة في عهد خمارويه بن احمد بن طولون , وبقيام الدولة الفاطمية في مصر ازدهرت نقابة الأشراف و تألقت لاسيما أن الخلفاء الفاطميين كانوا من الأشراف , وعندما تولى المعز لدين الله الفاطمي الخلافة عين نفسه نقيبأ للأشراف , ثم قامت الدولة الأيوبية و الدولة المملوكية في مصر واستمرت النقابة تمارس دورها الزاهر ، واستمر الوضع على ذلك حتى جاء العهد العثماني , و بدأ تعيين كبير للأشراف أو نقيب لهم. وكان النقيب يشترك في ديوان الباشا ويشرف على أملاك النقابة ويدير أوقافها و يصرف المرتبات و الخيرات لمستحقيها , واستمرت حتى عند هجوم الحملة الفرنسية 1798 لغزو مصر , وعندما تولى محمد على باشا , واستمر هذا المنصب حتى 1920 ثم تولى السيد محمد الببلاوي نقابة الأشراف واستمر حتى 1953م أي حتى وفاته ولم يعين أحد بعد ذلك وأصبح هذا المنصب شاغراً وقد تعطلت نقابة الأشراف في مصر فترة من الزمن في عهد الرئيس جمال عبد الناصر , وأصبحت تمارس دورها تقلدياً , حتى أعيدت بشكل رسمي فأصدر قرارا جمهوريا في فبراير 1991 بإعادة نقابة الأشراف في مصر , وكانت هذه من الخطوات التي تحسب وتسجل لرئيس مصر السابق محمد حسني مبارك , وبذلك فأن نقابة أشراف مصر تعد اليوم هي النقابة الرسمية التي تمثل امتداد نقابة الطالبين وهي الكيان الرسمي المعترف به ضمن إطار النظام العالمي الدولي فهي كيان ضمن منظومة دوله ضمن قيادتها فالنقيب في مصر يعين بقرار جمهوري صادر من رئيس الدولة وتمثل نقابة الأشراف في مصر الدور الفعال ضمن قرارات الدولة فيما يصب في مصلحة البلاد وهذا في حد ذاته مسألة تؤكد امتداد دورها كنقابة على مر العصور بقوتها ومكانتها التاريخية , وسعيها في جمع الشمل وتوحيد الكلمة ونقيبها اليوم سماحة الشريف السيد بن محمود الشريف حفظه الله صاحب الخلق ولنا به علاقة حميمة وقد فتح أبواب النقابة لجميع الأشراف وارتقى بها بإسهامات ظاهرة وفعاله في جمع الشمل وجهوده كريمة في ذلك فنقابة مصر هي البيت الكبير الجامع .


غياب نقابة أشراف الحجاز :

غياب نقابة الأشراف من أرض الحجاز بشكل رسمي وفاعل ، أنّ وجود نقابة لأنساب السادة الأشراف وبجانبها مراكز البحوث والدراسات بشكل رسمي وبموافقة من الجهات الرسمية يحلّ كثيراً من المسائل فأنه أصبح بغيابها ليس لهم دور ظاهر، ومن أهم الأسباب هو عدم وجود نقابة تعنى بشؤون الأشراف ؛ فالمسألة تحتاج إلى توجيه من الجهات المختصة ، وأن ضرورة إعادة النقابة لتعنى بشؤون الأشراف تحت مظلة الدولة" لاسيما أنّ للأشراف حقاً أصيل في النقابة باعتبارها كياناً يحفظ أنسابهم، ويحدّ من الفوضى القائمة اليوم فيها، فنقابة أشراف الحجاز مسألة ليست حديثة فهي منذ زمن قديم، وكانت قائمة على مرّ العصور ولعل من أسباب غيابها في العهود الماضية نتيجة الظروف السياسية , ولنا فيما حدث بمصر مثال حي حينما إعادة الدولة النظر وأمرت بإعادتها ، وبعودتها يكون لها الدور الكبير بمجلس حكماءها من السعي في حل القضايا المتعسرة في البلاد الإسلامية وتوحيد الشمل ونبذ الفرقة لوحدة البلاد والعباد .

إن الحديث عن نقابات الأشراف حديث ذو شجون اسأل الله أن أكون وفقت للتعريف عن نقابات الأشراف على مر التاريخ وما توفيقي إلا بالله .

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر