طباعة
sada-elarab.com/775895
مع بداية الشهر القادم يعود أبناؤنا إلى مدارسهم وجامعاتهم بعد عطلة صيفية طويلة كانت للبعض منهم حصادًا لسنوات، ينتقلون منها إلى الجامعات، ومن أنهى دراسته الجامعية يبحث عن وظيفة مناسبة لتخصصه لكي يُبدع في المجال العملي كما أبدع في مجاله الدراسي.
تذكرت عندما انتقلنا من المرحلة الابتدائية المبكرة وأصبحنا على مقربة من السادس الابتدائي كان من اللازم أن نقتني «المحبرة» وقلم «الحبر» ونمني النفس بشراء الوالد قلم حبر لنا، ويا ريت يكون من ماركة «الباركر» المشهورة ففي هذا القلم مرحلة جديدة من النضج العلمي، وكانت محافظتنا على هذا القلم تمثل بالنسبة لنا الشيء الكثير، فهو العنوان والرمز.
وفي مقال سابق منذ سنوات تكلَّمت عن سرقة قلمي الحبر ماركة «باركر» من صفي الابتدائي رغم حرصي على الاهتمام به والمحافظة عليه غير أن أحد الأشقياء آثر أن يسبب لي إحراجًا مع الوالد في سرقة هذا القلم الذي بذل يرحمه الله جهدًا كبيرًا في الحصول عليه، غير أن إرادة الله شاءت أن أعثر على هذا القلم بعد أن تخيل السارق أن نسيت شكله، وبعد مصارحتي له أقر أنه في ضعف إنساني امتدت يده لتسرق قلمي الحبر المفضل، وندم وأعاد إليّ القلم وهو يأمل أن لا تتغير صحبتنا في هذا الفصل، وطبعًا «المسامح كريم» وقدرت أنه كان محرومًا من اقتناء قلم الحبر، وأبديت له استعدادي لمشاركته لي في هذا القلم لحين يقدر ولي أمره إلى اقتناء قلم حبر ومحبرة له مستقبلاً، وتمت هذه التسوية كوننا أبناء مدرسة واحدة وصف دراسي واحد.
اليوم لم تعد هذه الأداة الكتابية في مدارسنا معمول بها، وأصبحت تقنيات العصر تفرض علينا معطيات جديدة ويوم كان الكمبيوتر نادرًا، أصبح الهاتف النقال بما فيه من تقنية متطورة بديلاً ناجحًا عن المحبرة وقلم الحبر، وأصبحنا في زمن غير الزمن الذي فيه نحسن خطوطنا ونتميز بتدوين عبارات من تلقاء أنفسنا فيها العلم والثقافة والاطلاع، وبتنا في مجتمع عالمي الهوى وباستخدام أدوات عديدة تفرض علينا العيش في ما يسمى القرية الكونية الذكية الجامعة.. وهذه هي الحياة لا تستقيم على وتيرة واحدة، فالتغييرات تفرض علينا أن نعيش عصرنا وتقنياته ومعطياته، وقطعًا نحتاج إلى التوجيه من أشخاص متميزين ويعرفون الغث من السمين، وعلينا أن نستفيد من خبراتهم وعلمهم وتجاربهم لكي لا نخرج عن الصراط المستقيم الذي يحفظ علينا مجتمعنا ولا يشعرنا أننا ننتمي إلى ثقافة وعلم بعيد كل البعد عن حاضرنا وماضينا ومستقبلنا حمانا الله من الشرور، وتظل مسؤولية المربين والموجهين حتمية في التنبيه والتحذير واتخاذ الأساليب المناسبة لكي نعيش في عصرنا دون عوائق ومصاعب وربما إلى كوارث.
نهنئ طلبتنا بالعام الدراسي الجديد، والله يعين أولياء الأمور في تلبية طلبات أبنائهم والوقوف معهم من أجل نيل العلوم النافعة، إذ لم تعد تكاليف التعليم كما كانت سابقًا، فبالإضافة إلى جهود الدولة في تسهيل الدراسة بكل مراحلها لأبنائنا الطلبة، إلا أن التنوع في التعليم والمدارس الخاصة والجامعات الخاصة المتعددة تفرض تحمل تكاليف باهظة، بالإضافة إلى ما تفرضه التقنية من التزامات ودروس خصوصية يضطلع بها مدرسون نذروا أنفسهم لتحسين مستواهم المادي في القيام بإعداد دروس خاصة ولكل ثمنه، وعلى أولياء الأمور تحمل تبعات هذه الدروس وإن ظهرت أحيانًا من خلال التقنية الضرورية لمواكبة تقنيات العصر الضرورية، نحتاج إلى التعاون والتكاتف لنيل أبنائنا العلوم النافعة فهم المستقبل وهم الأساس في النماء والبناء والتعمير، والتسلح بالعلم النافع طريق المستقبل للازدهار، ولكي يلعب الأبناء أدوراهم في حياتنا المستقبلية، فالكل يحتاج إلى الآخر ولا يمكن أن نعيش منفردين فظروف الحياة وتبعاتها تفرض علينا التعاون والبذل والعطاء والمصارحة في كل شئوننا المشتركة.
وأحيي تلك الجهود التي تبذل في إعلامنا المقروء والمسموع والمرئي باستضافة شبابنا من الجنسين واكتشاف مواهبهم وقدراتهم والتحاور الناضج معهم واكتشاف قدراتهم ومواهبهم، وفي ذلك تشجيع ودعم لهم، فجزاء الزملاء الإعلاميين خيرًا أن بدأوا في اكتشاف هذه المواهب، والوقوف معهم وعرض النماذج المشرفة منهم، فهذه مسؤولية المجتمع ومسؤولية الإعلام الذي لا غنى لنا عنه.
وعلى الخير والمحبة نلتقي