رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار

حوارات

د.هاني نسيره في حوار مطول : العرب ضحايا مؤامراتهم على أنفسهم

الإثنين 07/نوفمبر/2016 - 04:11 م
صدى العرب
طباعة
محمد عصمت

 يعد الدكتور هاني نسيره الخبير في شئون الجماعات المتطرفة والرئيس السابق لمركز قناة العربية للدراسات، واحداً من أوائل المفكرين العرب الذين توقعوا سيل الأزمات الذي يضرب المنطقة حالياً، بتقديمه وصفاً تشريحياً لايدلوجية جماعات التطرف العنيف و طرق سعيها لاحداث ردة حضارية في كتبه " القاعدة والسلفية الجهادية " و " أزمة النهضة العربية وحرب الأفكار" و " متاهة الحاكمية وأخطاء الجهاديين في فهم أبن تيمية" وغيرها من الدراسات التي طرحت منهجاً مغايراً يهدف لاستعادة الثقافة العربية المختطفة وأنسنة الفكر الإسلامي، " صدى العرب " طرحت المخاوف والتساؤلات الحالية وإلى نص الحوار .

 

1.   في البداية، كيف وصلنا للوضع السريالي الحالي  بسقوط دول عربية بفعل تنظيمات مسلحة وهل هناك ثمة اتحاد غير معلن بين ايدلوجية الكيانات المتطرفة عبر التاريخ الأسلامي و رغبة غربية في تحويل المنطقة لساحة اقتتال داخلي ؟

 

لنجعل الوصف وضعا مأساوياً حتى نعطى بعض الأمل في إصلاحه، و في البداية لا يمكن تجاوز الاحداث الفاصلة إلتي مرت بها المنطقة بداية من الزلزال العربي بغزو العراق للكويت سنة 1990 وصولا للزلزال الأكبر الذي انفجر بعد الانتفاضات العربية سنة 2011، إلي جانب غياب عقل ونسق استراتيجي عربي يدرك ويعي علمياً التعاطي مع التقلبات والتغيرات ويضع تصوراً لتحديات ما بعدها .

 ولا شك أن التطرف الإسلامي والعربي  شكل إعاقة دائمة لجميع محاولات التقدم والنهوض في مختلف حقب تاريخنا العربي والإسلامي، واليوم نجد دعاوى استرداد خلافة العثمانيين بعد سقوطها، وسعي كل تنظيم متطرف للتوسع ونشر فروعه، ومن هنا كان إصرار الخميني وخلفائه على تصدير الثورة وإنشاء فروع حزب الله في المنطقة، كما سعت جماعات التطرف العنيف السنية كالقاعدة وداعش وقبلها آخرون لإنشاء فروع لها تناهض مقومات الدول وترفض نهضة المجتمع تحت مزاعم الهوية ورفض التغريب و الحداثة والعودة بالتاريخ لصورته المثالية .

 لست مؤمنا كثيرا بالتفكير التآمري العشوائي، الذي يهرب من المسئولية، ولكني أرى مؤامرتنا على أنفسنا، الكراهية البينية الطائفية العربية والإسلامية، والكراهية الأيدلوجية العربية – العربية، وطموح السلطة العميق لدى التيارات  الأصولية، أما الغرب فربما في لحظات معينة استغل لحظات ضعفنا، ولكن ظني في العقد الأخير تركنا لمؤامرتنا على بعضنا البعض، وتوسلنا اليه ليوقف إيران ولم يتدخل، ونرجوه الأن أن يضرب داعش والقاعدة، وهو يعلم أننا في كل الحالات سنظل نلعنه .

    

2.    لماذا وجدت تلك التنظيمات أرضية لها في الشرق الأوسط وأفريقيا دونا عن العالم واختبأت خلف هوية دينية مرتبطة بالاسلام الدين الاكثر سماحة ، هل يمكن فهم هذا في ضوء بروباجندا دولية تروج لفوبيا الاسلام وتشيطن المسلمين ؟

 

تلك التنظيمات وجدت مساحة لأن هناك سياقات وإكراهات اقتصادية واجتماعية وسياسية، وضعف  مقومات الدولة نفسها فمفهوم الدولة مترهل في تكوينه عربياً وأفريقياً أيضا، ، فضلا عن أزمات هذه الدول، ما بين الفساد والاستبداد والمراوحة بين التقليد والتحديث، وغيرها من أمور.

 

لكن فكريا المسألة واردة في سياقات أخرى، فهناك 1500 أمريكي في داعش، من سياق مختلف، وهناك جهاديون ومسلحون ومتطرفون داخل كل طائفة وداخل كل دين وثقافة، هذه الأيدولوجية بكل التطرف الديني تشكل طابع عالمي، وليست مقصورة على الارتباط بالاسلام، فكل كراهية مقدسة ترى الآخر جحيماً، وترى الغير عدواً، وترى المختلف خطراً.

 

 بالطبع هناك تناسب وعلاقة طردية بين تصاعد الإرهاب من جهة وتصاعد الإسلاموفوبيا من جهة أخرى، وكلما صعد هذا صعدت تلك والعكس صحيح، وقد توقعت هذا مبكرا بعد صعود النصرة وداعش عام 2013 في كتابي " سرداب الدم: نصوص داعش دراسة نقدية وتحليلية" وكتابنا الآخر: " من بوعزيزي إلى داعش: إخفاقات الوعي والربيع العربي" الصادر عن مركز الأهرام للترجمة والنشر.

 

3.  هل تعتقد أن الحملة الحالية على داعش في الموصل وربما في الرقة مستقبلاً ستؤتي ثمارها وكيف نتوقع المستقبل بعدها اذا كان من يقومون بالحملة يجهلونه وما تعليقك على ارتباط الحملة بداعش في حين هناك عشرات التنظيمات غيرها لا تصنف غربياً كمنظمات إرهابية ؟

 أعتقد أن  الحملة العسكرية على داعش في الموصل ستؤتي ثمارها وستذهب للرقة، ولكن الخطورة أن التطرف فكر قبل أن يكون تنظيما أو إمارة، وبقاء الأزمات التي تولد عنها ووظفت سياقاته في سوريا والعراق لا زالت موجودة، عدم إنفاذ الحل السياسي في سوريا وبقاء المشكلة ورأسها يعني بقاء نتائجها، وكذلك بقاء التمييز الطائفي ومتطرفين شيعة في العراق ضد السنة يعني بقاء إمكانية لبيئة حاضنة للتطرف المضاد والعكس صحيح كذلك.

 أما ارتباط الحملة بـ "داعش" فذلك طبيعي لأنه الخطر الأكبر، وكما يسمى نفسه" تنظيم الدولة" فالفارق أن الزرقاوي وخليفته البغدادي يختلفان عن غيرهما من التنظيمات كالقاعدة وفروعها بأن الأولوية لديهم هي الدولة، ويسعون لشكل الدولة، وهم التطبيق الأبرز لـ " إدارة التوحش" الذي كتبه الراحل أبو بكر ناجي، كما سحبوا البساط من التنظيمات المتطرفة الأخرى – الأقل تطرفا منهم- كالقاعدة وفروعها، والتي يتوقع لها العودة لقيادة الجهاد العالمي متى اندثرت داعش فقط!.

 

لكن الخطورة هو عدم انتباه الكثير من الباحثين والمراقبين الغربيين والمنظمات الدولية لخطورة التطرف المضاد الشيعي المرتبط بالولي الفقيه، والمبايع لأميره كذلك، فتنظيمات كالحشد الشعبي وعصائب الحق ولواء فاطميون الأفغاني والحوثيين في اليمن، وسرايا الأشتر في البحرين وغيرها يؤمن بنفس المقولات، ولا يؤمن إلا بإمامه ودولته المتخيلة ويعادي الدول الوطنية والاستقرار المعاصر ويمارس الكراهية لآخريه من المواطنين وكذلك لآخره الحضاري والثقافي المتمثل في الغرب والولايات المتحدة، ولا يزالون يهتفون جميعا بالموت لها!

 

4. كيف وصلنا إلى هذا المشهد المعقد في سوريا وما مدي التهديد المحتمل مستقبلا على كيان الدولة السورية، هل  تعتقد انها ستبقي موحدة بعد أن تضع الحرب اوزارها ؟

 ليس ثمة مشروع واضح لمستقبل سوريا، هل سيرحل الأسد وتطبق جنيف 1 بحكومة انتقالية توافقية او فيدرالية أو كونفيدرالية، أم ستبقى سوريا معضلة، كنت مع قلة من الباحثين تتخوف من اندلاع ثورة فيها، ولكن الأسد استطاع توظيف كل الأوراق، استدعي الولاء الطائفي داخليا وخارجيا، سارع حليفه الإيراني ممثلة في نظام الولي الفقيه لنجدته، وكذلك الحليف الروسي وحزب الله اللبناني .

 بشار دفع ثورة مدنية لا عنفية ولدت في درعا للعسكرة واستطاع مراوغة الشرعية الدولية الضعيفة والمرتبكة مع أوباما وإدارته، وكان الزمن في صالحه، كل ذلك هو ما أبقى الأسد، الذي ساعدته في البداية حركات شيعية طائفية ساهمت في ظهور حركات سنية مضادة مثل جبهة النصرة التي نشأت فرعا لداعش ، ثم ظهرت داعش بعد خلافهما، وغيرهم .

 لكن لا شك أنها ستظل مرحلة لا بد من حسمها، فبقاء الأسد وبقاء الحل عالقا في سوريا، يعني بقاء كل النتائج التي ترتبت عليها، والتحفت نيرانها دول عديدة مثل  لبنان والأردن والعراق وتركيا والمنطقة كلها، وبالتأكيد لن يتحمل العالم استمرارها أكثر من ذلك لأن الثمن سيكون باهظ جداً ولن يدفعه العرب وحدهم .

 

5.  كيف ترى دعم اطراف عربية لاجندة جماعة الأخوان عربيا واقليمياً في مصر بعد تقديمها تجربة حكم بائسة في مصر وكيف تري  سقوط اوراق التوت عنها بعد فقدانها الحكم بعمليات مسلحة واغتيالات في الداخل المصري وما مدي ارتباطها بما يجري في سيناء؟

 ولى زمن الاجماع العربي وعدنا لسياسة المحاور، ولا شك أن الإخوان مثلوا حليفاً مغريا لدولة خليجية وأخرى إقليمية في أطار التوظيف السياسي ، ولكن ثورة المصريين على  الجماعة جعلتهم ينقلبون على أبسط المبادئ الديموقراطية وتحول الكثير منهم للعنف الخطابي والعملي وخرجت عنهم مجموعات نوعية  كثيرة تمارس الإرهاب.

 ودعنا لاننسى أن الإخوان قتلها صقورها حين قتلوا حمائمها، ولم يعوا أن المصريين لا يمكن أن يتحملوا من يتكلم بلغة العشيرة والتنظيم وليس لغة المجتمع والدولة، المصريون تجري فيهم هوية وروح مصرية كما يجري في أرضهم النيل رابطا شمالها بجنوبها وحين سقطوا لم يراجعوا أخطائهم ولم تأتهم ولن تأتيهم شجاعة الاعتذار، فهم لديهم رهان وحيد هو استنزاف خصمهم واسقاط هيبته.

 أما ارتباطهم بعمليات سيناء، فقد صرح مسئولوهم واعدين بوقفها متى عاد مرسي بعد عزله! وثانياً تماس معهم خطاب الإرهابيين في تبرير عملياته كحديثه مرة عن الحرائر، وتزامن الاحداث الارهابية  داخلياً وفي سيناء وتحسب عليهم حركات تمارس عمليات نوعية كـ"حسم" و"حركة انقاذ مصر"، "لواء الثورة" وغيرها، والخلاف الحالي الداخلي في الجماعة هو بالاساس حول درجة استخدام العنف ضد الأبرياء .

  

6. دول الخليج العربي تعيش حالة  قلق منذ الاتفاق النووي مع ايران ، هل تعتقد أن أمريكا تخلت عن تعهداتها والعلاقات الاستراتيجية بالخليج لصالح صفقة مع إيران ؟

 دول الخليج لديها كامل الحق في القلق لان ايران تتصرف وكانها شرطي المنطقة، والآن ليست شرطياً فقط ولكن كاهناً أيضاً يرسل فرسان معبده ليستهدفوا كل الدول، وشهد الخليج عمليات إرهاب طائفي كثيرة في السعودية والبحرين والكويت، ولا شك أن أمريكا خيبت أمل حلفائها وفقدت بوصلتها، وستعاني كما يعاني الخليج نفسه من هذا التوسع والتدخل الإيراني في سوريا والعراق واليمن وغيرها، فقد أشعلت إيران المنطقة بجهادياتها وبررت لمثل داعش والنصرة بعد ذلك.

  8.   من المعروف أن السياسات الايرانية توظف مصالحها طائفياً تحت مزاعم حقوق الاقليات الشيعية خليجياً، هل تري أن هناك مسارات جدية  لاحتوائهم اجتماعياً تحت مظلة الوطن الواحد؟

 طبعا إيران توظف مشاكل الشيعة في الخليج إن وجدت، وتراهن فقط على المؤمنين بمرجعياتها، ولكن شيعة الخليج في غالبيتهم مختلفون مرجعياً عنها وتاريخيا كذلك، وعلاقتهم بالدولة غير، ولكنها تحاول توظيف حادث فردي هنا وتدعي ملكية دولة عربية هناك، ويفتخر متحدثوها الرسميون بأنهم يسيطرون على أ{بعة عواصم عربية بعد احتلال صنعاء من قبل الحوثي في سبتمبر سنة 2014 .

 المطلوب هو استنفار مضاد وتوظيف للاعتدال الشيعي وإحياء لهوية التشيع العربي في مواجهة التشيع الصفوي الإيراني، وهو ما لم يحدث بعد وقد كتبت عن ذلك في جريدة الشرق الأوسط اللندنية في يوليو عام 2015 بعنوان " "الاستراتيجية المنسية: كيف نحرر الشيعة العرب من قبضة إيران" اقترحت أهمية وجود استراتيجية واضحة لمواجهة تلك المخططات .

9.    كيف يمكن وصف المشهد المعقد لنتائج الربيع العربي ؟ هل تحققت الديموقراطية ، العدالة ، الحريات ، تداول السلطة ، تقليص معدلات البطالة ، أم فقد المواطن ما كان يملكه من قبل الأمن والاستقرار والدول سيادتها على حدودها ؟

  أخفق الربيع العربي لأنه كان بلا رأس وصار بمليون رأس، ولكن الأخطر أنه كان بلا عقل، بلا فلسفة للثورات، وبلا وعي بالمابعد، لا شك أن قيماً تكرست كالحرية وكالمواطنة والطلب على العدالة وستنتج ثمارها طالما بذرت بذورها، لكن السياقات والأزمات العالمية والاقليمية، السياسية والاقتصادية، ومحاولة بعض التنظيمات سرقة الثورات، وغرور السلطة الذي أصاب بعض أعدائها وضحاياها السابقين، كل هذا أعاقه، وعلينا أن نفكر في صناعة ربيع عربي آخر، ينتجه الاستقرار و الأفكار، فالثورات في عالمنا قد تتدعشن وقد تنقلب عنفا وفوضى وصحوات تنظيمية وطائفية.

 

10. هل تحققت النبؤة القديمة وصارت إسرائيل واحة أمان في بحر من الفوضى؟ وكيف سقطت المذابح الاسرائيلية والحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني من الوجدان العربي؟

 مع أزمات الحواضر العربية التاريخية في القاهرة ودمشق والعراق،  وفي غيرها باليمن ولبنان، ومع فقدان النظام العربي لفاعليته، ومع أزمة الانقسام الفلسطيني الفلسطيني نفسه، تراجعت القضية الفلسطينية ككل في أولويات الوعي العربي، ومعها أولوية الصراع وشرعياته، وأسفا صارت هي الأكثر أمنا والاستثناء الأبرز في المنطقة، ديمقراطيا واقتصاديا واستقرارا، فالجماعات الإرهابية عندنا تستهدف دولنا ولا تستهدفها.

 

11.    ما تعليقك على مشاهد اللجوء الجماعى للمهاجرين العرب إلي أوربا والقوارب الغارقة في عرض المتوسط؟

 مشهد محزن ومأساوي، وظني غير مسبوق عربياً في التاريخ، وتقع مأساته على المسئولين المتلببين بالسلطة وعدم الإصلاح والحوار في سوريا والعراق بالخصوص، وعلى جماعات إرهابية تفكر في عناصرها وتستجلب مقاتليها من كل العالم بينما تجعلنا نصدر للعالم مأساتنا الإنسانية، دول عربية مثل الأردن ولبنان ومصر وغيرها استقبل اللاجئين وتركيا ايضا ولكن علينا أن نشكر الغرب وأوربا أيضا  وهذا هو الجانب الأكثر إنسانية وشجنا في مأساتنا، فقدان الوطن وليس فقط فقدان المستقبل.

  

12.    في النهاية كيف ترى مسارات الخروج من الوضع العربي الحالي ورهانات الحديث عن خطاب ديني عصري والاهتمام بالفلسفة والمنطق والعلوم الطبيعية في المناهج الدراسية لخلق جيل عربي مغاير منفتح على العالم؟

القضية ليست شعارات، كررنا كثيرا منذ بداية الألفية الثانية دعاوى تجديد الخطاب الديني، ولا تجديد، نجتاج تجديد الوعي العربي كله، دينياً وسياسياً واجتماعياً وحضارياً، نحتاج مشروعا يغير أمزجة الناس وغاياتهم المقدسة وسلوكياتهم، نريد رجالا يغيرون التاريخ ولا يصنعون أزماته، وهذا لن يكون الا انطلاقا من التفكير العلمي والفلسفي والإنساني والروحي، ولن يكون بتجاوز الواقع بل الانطلاق منه، من هنا المكان ومن الآن الزمان وعدم قلب التاريخ، علينا أن نفكر كدول وطنية و كجزء منهك ومأزوم من العالم.

 

 

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر