حوادث وقضايا
قضية "فتاة فيرمونت".. لا دليل لإدانة المتهمين و6 أسباب وراء غلقها
الخميس 27/مايو/2021 - 01:27 م

طباعة
sada-elarab.com/581483
10 أشهر من الفحص.. لكن تأخر الإبلاغ وضياع الفيديو أقفل باب الإدانة
النيابة العامة بعد انتهاء التحقيقات: " نحن رجال لا نخشى في الله لومة لائم"
محام: لا يجوز إعادة التحقيقات إلا بشرطين
خبير قانوني: "القانون لا يعرف السوشيال ميديا"
"القانون لا يعرف الإثارة.. فقط الدليل والبرهان".. هكذا أغلقت النيابة العامة القضية المعروفة إعلاميا "بفتاة فيرمونت"، مسطرة في ختام تحقيقاتها أن القرار لا يزال مؤقتا، ما يعني احتمالية إعادة التحقيق من جديد، لكن حتى لحظة كتابة السطور التالية لا يجوز إقامة الدعوى الجنائية بحق المتهمين.
وأخلت النيابة العامة سبيل المتهمين في القضية؛ لعدم كفاية الأدلة وعدم وجود دليل قطعي لإدانتهم، مؤكدة أن الواقعة تفقد أركان ثبوت تهمة مواقعة أثنى بغير رضاها في فندق نايل سيتي عام 2014.
وشددت النيابة العامة على أنها هي المعنية بالدعوى الجنائية بوصفها شعبة قضائية أصيلة مستقلة لا يَخشى رجالُها في الله لومة لائم"
وتباشر النيابة العامة منذ 5 أغسطس الماضي التحقيق في واقعة اعتداء بعض الأشخاص جنسيًا على فتاة داخل فندق "فيرمونت نايل سيتي" بالقاهرة، وذلك بعد تلقيها في 4 أغسطس الماضي كتابًا من المجلس القومي للمرأة مرفقًا به شكوى قدمتها المجني عليها وبعض المعلومات من بعض الشهود عن الواقعة.
أواخر يوليو الماضي، تصدر وسم "جريمة فيرمونت" موقع التواصل الاجتماعي تويتر، حيث تداول مئات من المغردين رواية نقلتها حساب "شرطة الاعتداءات" Assault Police على إنستجرام لفتاة قالت إنه تم اغتصابها عام 2014 داخل فندق فيرمونت بعد تخديرها بمخدر GHB الذي يؤدي لفقدان الوعي، وأنهم قاموا بتصوير أنفسهم خلال الاعتداء عليها بالإضافة لحفرهم أحرف أسماءهم على جسدها وتهديدها إذا قررت الإبلاغ عنهم.
من هنا بدأت التحقيقات وأغلقت قبل أيام قليلة، وعن ذلك قال المحامي أحمد الأسيوطي إنه مما لا شك فيه أن قرار النيابة العامة أثار جدلا واسعا داخل المجتمع وما بين المواطنين خاصة في السوشيال ميديا الذي كان السبب الرئيسي والمحرك الأول لبدء النيابة العامة للتحقيقات الجنائية في الواقعة خاصةً وأن أحداثها ترجع إلي عام ٢٠١٤.
وأضاف في تصريحات خاصة "للسوق العربية" أنه صدر قرار النيابة العامة بالحفظ المؤقت بأن لا وجه لإقامة الدعوي الجنائية قِبل المتهمين وذلك لعدم كفاية الأدلة، التي لم تبلغ حدّ الكفاية لتقديم المتهمين للمحاكمة الجنائية بالتحقيقات وكان من بين هذه الأدلة أقوال الشهود، التي تضاربت وتناقضت مع بعضها، كما أن بعض الشهود قد عدّل عن شهادته، فضلا عن وجود صور فوتوغرافية منسوبة للمجني عليها بجسد عاري.
وأوضح أنه لم يتمكن الشهود من الجزم بيقين بأن هذه الصور تخص المجني عليها من عدمه وذلك لعدم ظهور ما يميزها بالصور وعدم وضوح وجهها أي المجني عليها.
وأشارت المحامي بالنقض إلى أن الواقعة حدثت عام ٢٠١٤ وهو ما أعتبرته النيابة العامة بأن المجني عليها قد تراخت في إبلاغ السلطات المختصة بالواقعة في حينها وتراخت لمدة قاربت علي الست سنوات،
لكل ذلك أرتأت النيابة العامة في حفظ التحقيق الجنائي مؤقتا لعدم كفاية الأدلة فيها.
وأكد " الأسيوطي" أن القانون أعطى الحق للنيابة العامة في إعادة فتح التحقيق مرةً أخري وذلك بظهور دلائل جديدة طبقا لنص المادة 213 إجراءات جنائية.
ويشترط لاعتبار الدلائل جديدة شرطين أولهما أن يكون الدليل قد وجد أو اكتشف بعد صدور قرار الحفظ المؤقت ولم يعرض علي النيابة العامة قبل صدور قرار الحفظ وأن يقوي الدلائل القديمة لزيادة إيضاح الحقيقة وظهور حقيقتها، ثانيهما أن تظهر الدلائل الجديدة قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوي الجنائية وهي تختلف باختلاف ما اذا كانت الواقعة جناية أم جنحة.
وفيما يثار عن مدى أحقية المتهمين الذي تم حبسهم احتياطيا علي ذمة هذه القضية في الحصول علي تعويض بعد حفظ التحقيقات، شدد على أنه لا يوجد نص قانوني حتى الآن يعطي للمتهمين أو غيرهم الحق في الحصول علي تعويض نظير الحبس الاحتياطي إلا نص المادة 54 من الدستور الصادر عام ٢٠١٤ وهي متوقفة علي صدور تشريع وقانون ينظم آلية وكيفية التعويض، وحتي الآن لم يصدر بعد.
أما المحامي عمرو عبد السلام، أيد حديث سابقه "الاسيوطي" وقرار النيابة العامة، معلقا: "القضية لو أحيلت للجنايات يحصل المتهمين على البراءة، فكان لابد من غلقها حتى ظهور دليل قوي بحق المتهمين".
وقال "عبد السلام" في تصريحات "للسوق العربية": "علينا أن لا تنساق وراء ما يثار على مواقع التواصل الاجتماعي، فالقانون لا يعرف السوشيال ميديا بل يعرف البراهين والأدلة الثبوتية".
وأوردت النيابة العامة أسباب غلقها للقضية رسميا في عدة نقاط يأتي على رأسها الاختلاف البيّن في تاريخ الحفل محل الواقعة له أثر بالغ في صحة أقوال الشهود، ومن ثَمَّ تحديد مرتكبي الواقعة وأطرافها وأدوارهم على نحو جازم؛ فضلًا عن أن عدم توصل التحقيقات إلى مقطع تصوير الواقعة أو مبادرة أحد بتقديمه قد نال من قوة الدليل في الأوراق.
وأكدت النياية أن صور جسد الفتاة العاري التي قُدِّمت على أنها ملتقطة من تصوير الواقعة لم تقطع بنسبتها إلى المجني عليها لعدم ظهور ما يميزها فيها، خاصة أنَّ كثيرًا من الشهود الذين أطلعتهم النيابة العامة على تلك الصور لم يتمكنوا من تحديد هُويّة مَن فيها وعلى رأسهم شاهد الرؤية الأوحد في التحقيقات.
ورأت أن التراخي في الإبلاغ عن الواقعة لمدة قاربت ستَّ سنوات قد أنشأ صعوبة عملية في حصول النيابة العامة على الأدلة بالدعوى-خاصة المادية والفنية منها– التي لها أثرٌ منتج وتدلل يقينًا على ارتكاب المتهمين الواقعة.
وأشارت إلى أن شاهد الرؤية الأوحد الذي تواجد في الجناح محل الواقعة وقت حدوثها لم يشهد منها إلا جانبًا يسيرًا لم يتضمن مواقعة المتهمين المجني عليها والتي قرَّر أنه لم يكن على صلة بها وقتئذٍ، ولكن عَلِم لاحقًا من آخرين أنها المعنية بالواقعة.
وعلقت النياية العامة على أن تضاربت أقوال الشهود بين دسِّ مخدِّرٍ للمجني عليها خلال الحادث أو تعاطيها إياه بإرادتها، وبلغ التضارب مبلغه أن تباينت الروايات ما بين رضاء المجني عليها بمواقعة بعض المتهمين أو عدم رضائها عن ذلك.
وأبرزت في التحقيقات تناقض أقوال الشهود فيما بينهم بشأن تفصيلات جوهرية مؤثرة في الواقعة، وكذا عدل بعضٌ منهم عن أقوال سَبَق أن أدلى بها؛ من ذلك أن عدل شاهدٌ عما سبق وقرَّره من رؤيته متهمًا بمقطع تصوير الواقعة يشرع في اغتصاب المجني عليها، إذ عاد وقرَّر أنه لم يرَ ذلك في المقطع وأن روايته السابقة لم تكن سوى محضِّ رواية سماعية نقلها عن آخرين من الشهود لم يُدلوا بدورهم بتلك التفصيلات في التحقيقات.
وعدل شاهد آخر عما سبق وقرره من تمكنه من تمييز صوت أحد المتهمين بالمقطع المشار إليه، نافيًا قَالَتَه الأولى دون مبررٍ سائغ، فضلًا عن أن بعض الشهود قد قرروا رؤيتَهم المقطع المشار إليه عبر هاتف أحدهم الذي بمواجهته نفى ذلك قاطعًا بعدم سابقة حيازته المقطع من الأساس، وكذا لم يؤكد أيٌّ ممن شاهدوا التصوير رؤيتَهم مواقعة المجني عليها فيه.
وختمت تحقيقاتها بأنه كثير من الشهود كانت رواياتهم سماعية نقلوها عن آخرين دون أن يحددوا للنيابة العامة المصادر التي استقوا منها معلوماتهم مما تعذر معه تتبع تلك المصادر للتأكد من مدى صحتها ومن ثمَّ الاطمئنان إليها.
وذكرت أن تلك الأسباب -بتفصيلاتها في التحقيقات- قد جعلت الأدلة في الأوراق غير متساندة على نحوٍ يجعل بعضها متممًا لبعض كوحدة مؤدية لاكتمال الدليل على إسناد الواقعة للمتهمين، ومن ثَمّ كان الأجدر التصرف في الدعوى بإصدار الأمر بأن لا وجه فيها مؤقتًا لعدم كفاية الأدلة.
وحرصت في تحقيقات تلك القضية -كدأبها في غيرها- على استنفاد كافة السبل الممكنة على المستويين المحلي والدولي بلوغًا للحقيقة فيها، بالرغم من مضي نحو ست سنوات على حدوثها وعدم تقديم دليل قاطع عليها منذ بداية التحقيقات، وذلك إيمانًا منها برسالتها في تحقيق العدالة والإنصاف اللذين يقتضيان ملاحقة الجناة لتقديمهم إلى المحاكمة، كذلك النظر في الأسباب القانونية والموضوعية التي قد تحول دون ذلك ، غير عابئة بأي اعتبارات أخرى أو خاضعة لأي تأثير من أحدٍ عليها أيًّا كان.