أهل البيت في الكتاب والسنة "العترة النبوية"

أهل البيت أو آل البيت مصطلح إسلامي يشير إلى قرابة النبي وأهله, المطهرين المزكين, وهم عترته صلى الله عليه وآله وسلم ويقال عترة النبي أو العترة النبوية ، والعترة بكسر العين وسكون التاء بينما عترة الرجل هي ولده وذريته وعقبه من صلبه، وبنو أبيه, عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

والمقصود بالعترة نسل الرجل إلا أن الحكمة الشرعية اقتضت دخول أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام في معنى عترة الرسول صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم كما جاء في حديث الكساء من الإشارة إليهم بهؤلاء أهل بيتي وعترتي وغـيرها مما لا يحصى  .

قال أبو بكر: علي بن أبي طالب عترة رسول الله صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم

فيما أخرجه البيهقي في السنن" علي عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم".

إن عترته أهل بيته وخواص قرابته الذين جللهم بكسائه وباهل بهم وحرم عليهم الزكاة والصدقة فكانوا ورثة العلوم الدينية والأسرار والحكم العلية والأحكام الشرعية.

روى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال: العِتْرة ولد الرجل وذُريّته وعقبه من صُلْبه. قال فعترة النبي صلى الله عليه وسلم: ولد فاطمة البتول عليهم السلام  .

وروي عن أبي سعيد قال : العترة ساق الشجرة، قال : وعترة النبي صلى الله عليه وسلم عبد المطلب وولده وقيل : عترته أهل بيته الأقربون وهم أولاده وعلي وأولاده  .

وقال ابن المظفر: عِترة الرجل أقرباؤه من ولد عمّه. وقيل: عترة النبي صلى الله عليه وسلم: أهل بيته، وهم آله الذين حُرّمت عليهم الصدقة المفروضة وهم ذوو القربى الذين لهم خُمُس الخمس المذكور في سورة الأنفال " قال الأزهري " وهذا القول عندي أقربها والله أعلم  .

ومما لا شك فيه أن أهل البيت النبوي لهم فضائل عظيمة ومناقب جليلة والآيات القرآنية والأحاديث النبوية صريحة في فضل هؤلاء السادات أهل البيت الكرام قرابة وعترة وذرية الرسول ﷺ السادة القادة إلى الصراط المستقيم عليهم سلام الله أجمعين ومن أظهرها آية التطهير ولا شك أن السنة النبوية أظهرت الكثير من الروايات عن الصادق المصدوق والتي تتوافق مع الآيات التي نزلت في أهل البيت أصحاب الكساء من أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا .

لقد اختص الله عز وجل آل البيت النبوي العترة الشريفة بأن جعلهم مصدرًا ومنهلًا صافيًا حقيقيًا لنشر الرسالة المحمدية فهم معدن الحكمة والرسالة وهم مدرسة العلوم الشرعية التي تلقت من خير البريّة فتسابق إليهم القاصي والداني المسلمون لينهلوا من علومهم العَلِيّة وانبثقت من مدرستهم المدارس الإسلامية ،ولا شك أن مذهب أهل البيت القويم هو الشرع المحمدي وبذلك يكون مذهب أهل البيت الأطهار على طريق السنة المحمدية ولا شك أن كل المذاهب الإسلامية مع اختلاف آراءهم لا يختلفون مع هذه المدرسة في أصول العقيدة لأنهم تلقوا علومهم الأولى بالسند إلى النبي الأعظم كما هي تلقته منه ويردون الأمر إليها في كثير من المسائل كيف لا وأهل البيت هم من كانوا في حوزة رسول الله ﷺمن بداية الرسالة وفي أوقات التشريع  كان لأهل البيت الدور في جمع الأمة الإسلامية في أزمان كثيرة والارتباط بين الرسالة المحمدية والعترة الشريفة هو ارتباط غير منقطع إلى أن يشاء الله لأن العترة الشريفة هم حملة الرسالة المحمديـة والمصب الحقيقي لهذه الدعوة وهم باقون إلى ما شاء الله ولذلك فإنه ينبغي المودة والقربى والولاية فيهم والأخذ بأقوالهم وأفعالهم وتطبيق كل ما يوافق الشريعة وإتباع هديهم الموروث من الهدي النبوي وحق على المسلمين اليوم أن يتمسكوا بالمنهج المحمدي والذي يتسم بالوسطية وهذا المنهج موجود في طريق أهل البيت الأشراف المتبعين للشرع القويم وها نحن اليوم نجد الاختلافات بين المسلمين باتت هي أساس التفرق في عدم الوحدة وتشدد الفكر وقد أكدت السنة النبوية بما جاء في الحديث النبوي الصحيح ضرورة التمسك بالعترة أهل البيت فهم سفينة النجاة لمن ركبها على الحق واتبعها على الصواب فقد نجا من فتنة الصراع الطائفي.

وقد أخبر رسول الله ﷺ في سنته الشريفة ما جاء زيد بن أرقم رضي الله عنه قال:

 قالﷺ: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أثقل من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. صحيح مسلم برقم(2408) رواه الترمذي(10/197 تحفة الأحوذي ) .

وهو في وفي هذا الحديث الصحيح إشارات ظاهرة عن الثقلين والمراد من الثقلين هنا القرآن الكريم الذي هو الثِقْلُ الأكبر والعترة النبوية الطاهرة أهل البيت الذين هم الثِقْلُ الأصغر ومن ذلك نحدد أن الثقل الأول هو كتاب الله والثقل الثاني هو عترة النبي أهل بيته  .

قال القاضي عياض : ( قِيل سُمِّيَا بذلك؛ لعِظم أقدارهما، وقيل: لشدَّة الأخْذ بهما ) .

وقال النوويُّ : ( سمِّيَا ثَقلين؛ لعظمهما، وكبير شأنهما ) .

وقال البغويُّ : ( فجَعلهما ثَقلينِ؛ إعظامًا لقدرهما ) .

قال أبو العبَّاس القرطبيُّ : وقوله : (( وأهل بيتي ، أُذكِّركم الله في أهل بيتي - ثلاثًا ))؛هذه الوصية، وهذا التأكيد العظيم يَقتضي : وجوبَ احترام آل النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ وأهل بيته، وإبرارَهم، وتوقيرهم، ومحبَّتهم أي تعظيمَهم هذا مع ما عُلِم من خصوصيتهم بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ، وبأنهم جزءٌ منه؛ فإنَّهم أصولُه التي نشأ منها، وفروعُه التي تنشأ عنه ) .

قال ابن حجر الهيتمي في صواعقه سمى رسول الله القرآن وعترته بالمثناة الفوقية الأهل والنسل والرهط الأدنون ثقلين لأن الثقل كل نفيس خطير مصون ،و هذان كذلك إذ كل منهما معدن العلوم الدينية والأسرار والحكم العلية والأحكام الشرعية ولذا حث على الاقتداء والتمسك بهم والتعلم منهم وقال الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت وقيل سميا ثقلين لثقل وجوب رعاية حقوقهما ثم الذين وقع الحث عليهم منهم إنما هم العارفون بكتاب الله وسنة رسوله إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض ويؤيده الخبر السابق ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم .

وتميزوا بذلك لأنهم عن بقية العلماء لأن الله أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا وشرفهم بالكرامات الباهرة والمزايا المتكاثرة وقد مر بعضها وسيأتي الخبر الذي في قريش تعلموا منهم فإنهم أعلم منكم فإذا ثبت هذا العموم لقريش فأهل البيت منهم أولى منهم بذلك امتازوا عنهم بخصوصيات لا يشاركهم فيها بقية قريش وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة كما أن الكتاب العزيز كذلك ولهذا كانوا أمانا لأهل الأرض كما يأتي ويشهد لذلك الخبر السابق في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي إلى آخره ثم أحق من يتمسك به منهم إمامهم وعالمهم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لما قدمناه من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته .

قال السمهودي في جواهره: سمّاهما ثقلين، لعظمهما وكبر شأنهما.

إلى قوله: إذ الثقل (محركاً) يطلق لغة كما في القاموس على متاع المسافر وكل نفيس مصون؛ قال ـ أي صاحب القاموس ـ: ومنه الحديث: ((إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي)) والثقلان: الإنس والجن، والأثقال: كنوز الأرض وموتاها.

إذن العِترة تابعةٌ لكتاب الله، وفي كتاب الله الأمرُ باتِّباع سُنَّة النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّمَ؛ {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}, {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ؛ إذن العترة هم حملة السنة الموافقة لكتاب الله والمكملة لشرائع الدين ، فكان إقران العِترة بالسُّنة شرف للعترة ومكانتهم فرعٌ على شرف من شرَّفهم الله به وهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو أصل السنة وهنا يتبع الفرع ليصل به إلى الأصل ويرد الفرع إلى الأصل والتأكيد في الحديث إنهما كالحبل الممدود من السماء إلى الأرض وهو الحبل الباقي إلى يوم القيامة وبذلك فطالما هناك دنيا قائمة ودين الإسلام يتعبد به فلابد من وجود القران الكريم إلى أن يرفع والعترة النبوية إلى أن تفنى ولا شك أن في الحديث إشارة إلى تفريط المسلمين وإفراطهم في هذين الثقلين والاختلاف الظاهر والتخلف عنهما فيوصينا الصادق المصدوق أن حال الأمة لا يكون على خير إلا بالتمسك بالثقلين الكتاب والعترة ولا سيما علمه صلى الله عليه وآله وسلم أن الأمة ستختلف من بعده إلى فرق وطوائف كثيرة بعدما فرط كثير من الأمة بأمرهم وسعى الحاكم السياسي في عصور كثيرة إلى تغييب دورهم.

وبذلك فأن الذي نذهب إليه أن عترته صلوات ربي وسلامه عليه قطعًا في عليٍّ وفاطمة وولديهما الحسنين، وكل من أجمع عليهم سواد أهل البيت واختارهم أهل العقد والحل وجمهور علماء وفقهاء الأمة من ولد السبطين عليهما السلام وهم الذين حث ووجب علينا التمسك بهم والتشيع لهم .