رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
أحمد المرشد

أحمد المرشد

ترامب ....."أمريكا أولا"

الجمعة 27/يناير/2017 - 07:03 م
طباعة


لم نتغير نحن العرب، وأغلب ظني إننا لن نتغير لا في وقتنا الراهن ولا المستقبل، فنحن نسرف في الأمال مع قدوم كل رئيس أمريكي جديد، بغض النظر عن انتمائه لأي حزب، الجمهوري أم الديمقراطي، إنها عادة العرب التي لن يتخلوا عنها مطلقا، وإذا كان العرب قالوا زمان:" آفتنا هي النسيان"، فحان الآن أن نحرفها نوعا ما لنقول :"آفة العرب هي التعويل علي أمريكا".


منذ فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر الماضي، كتب العرب مئات، بل ألاف الموضوعات عن ترامب، ما بين أعمدة ومقالات وتقارير، تضع معظمها السيناريوهات التي سيعاملنا بها المدعو ترامب خلال عهدته الرئاسية. فيما عقدت المقارنات بينه وبين سلفه غير المأسوف عليه باراك أوباما، وهل يكون غيره؟، أم يسير علي دربه!، أو يكون حالة وسط.. وشاركت فضائياتنا العربية في إرهاقنا وإزعاجنا بكم البرامج والحوارات والتحليلات التي أسهبت في شرح تفاصيل علاقة ترامب المستقبلية بالمنطقة العربية تحديدا، والخليجية خصوصا، وما بينهما بالطبع منطقة المشرق العربي، بأزماته المتصاعدة، من سوريا للعراق الي لبنان، مرورا باليمن وليبيا بطبيعة الحال.


وبعيدا عما كتب وعما قيل وسيقال، أعجبني رسمين كاريكاتورين  نشرتهما صحيفة "المصري اليوم" القاهرية في يوم واحد  وهو الأحد الماضي عقب تنصيب ترامب مباشرة، الأول في الصفحة الثالثة والثاني بصفحة الرأي. ما أعجبني في الرسمين، هما تعبيرهما عن واقع آني ربما نعيشه جميعا مع ترامب، عربيا وخليجيا وأوروبيا وأسيويا، وحتي علاقات أمريكا مع دول أمريكا اللاتينية، والتي بدأها الرئيس الأمريكي الجديد بتحديد سياسته مع جارته الجنوبية المكسيك.


ماذا جاء في الرسمين، الأول صور دونالد ترامب يقفز بالكرة الأرضية من علي حافة جبل، ويقول التعليق "ترامب يقود"..أي أن ترامب سيرمي العالم أجمع من علي وجه الكرة الأرضية، لتبقي بلاده فقط تحيا فوقها. المعني واضح كما هي الشمس، فالرئيس الأمريكي الجديد لم يتحدث سوي عن "أمريكا أولا" في خطاب تنصيبه، أو هكذا نستطيع أن نفهم من كلماته القليلة، ولكنها تحمل معاني كثيرة وخطيرة، فالإدارة الجمهورية الجديدة تنوي العمل علي خدمة الولايات المتحدة فقط، وبالتالي ستكرس  كافة طاقاتها وقدراتها لمصلحتها فقط بدون النظر الي مصالح الأخرين، لا أوروبا القريبة ولا العرب الأبعد ولا حتي الشرق الأقصي، وقد رأينا كيف ألغي ترامب معاهدة التبادل التجاري الإستراتيجية مع 12 دول أسيوية في أول قرار له بالبيت الأبيض يتعلق بالعلاقات الدولية. وينتظر في هذا الإطار، أن تجري إدارة ترامب تعديلات جوهرية علي معاهدة "نافتا" التي تضم الي جانب بلاده كندا والمكسيك، بما يعني تمرده علي كل ما سبق توقيعه حتي من قبل الإدارات الجمهورية.


أما الرسم الثاني الذي أود الإشارة إليه، فقد صور ترامب وهو يضع قدمه – بحذائه – علي الكرة الأرضية، في إشارة واضحة تماما علي نيته بالسيطرة علي العالم والكون، ليكرس شعاره في خطابه الانتخابي "أمريكا أولا". نخرج من الرسمين بخط واضح، فأمريكا الجديدة لن تتغير، ولن تقترب من مشكلاتنا لحلها، بل ربما تزيدها تعقيدا وتصعيدا واشتعالا، فكما أشعلها أوباما فلن يطفئها ترامب.


وثمة جديد في خطاب ترامب، وهو أنه جعلنا ألا نسرف في الأماني، وهو المطلوب منا نحن معشر العرب في الوقت الراهن، فهو تحدث بعاطفة جياشة عن بلاده واقتصادها وقوتها العسكرية ونظامها الداخلي، علي أن يعيد لأمريكا قوتها المفقودة، وهو ما سأشير إليه لاحقا.


ويحضرني هنا ما ذكره ترامب في خطاب تنصيبه وهو يتحدث عن تنظيم "داعش" الذي يقول عنه إنه تأسس نتيجة حرب العراق التي عارضها في حينها، فقد قال :" عندما كنت صغيرا أتذكر أحد المدرسين يقول إن أمريكا لم تخسر حربا من قبل، ولكن علي ما يبدو أن ذلك توقف ولم نعد نفوز بأي شئ". ما مغزي ما قاله ترامب؟، أولا هو يكذب في كلامه، لأن أمريكا تعرض لموقعة بيرل هاربور عندما كان  صغيرا، وكانت لطمة قوية علي وجه الولايات المتحدة، حتي وإن كانت قررت بعدها التخلي عن عقيدتها الانعزالية وعدم المشاركة في الأحداث الدولية، الأمر الذي جعلها تضرب اليابان بالقنبلة الذرية. ثم نسي ترامب حربا أخري، أو ربما تناساها ورغب في نسيانها، وهي حرب فيتنام، حيث كانت الهزيمة من نصيب بلاده، وشهدت أمريكا وقتها وبعدها أكثر المظاهرات عنفا ضد الحرب وضد مقتل وإصابة ألاف الأمريكيين، وشاهدنا كم فيلما هوليووديا صور مأسي تلك الحرب علي الشعب الأمريكي الذي أصيب بانهيار نفسي ومعنوي من جراء خسائر الحرب البشرية والعسكرية والمالية، وهي الحرب التي نالت من سمعة أمريكا عالميا، وهي السمعة السيئة التي لم يقض عليها سوي الرئيس جورج بوش الأب في حرب العراق، فهو أعاد للأمريكيين قوتهم وسمعتهم الغائبة، في حرب كونية، أي شاركت فيها معظم جيوش المنطقة والعالم.


إذن جورج بوش أعاد لبلاده هيمنتها عسكريا علي العالم، ليكمل ما كان بدأه دونالد ريجان في القضاء علي القوي العظمي البديلة وهي الاتحاد السوفيتي، لينهي مرحلة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي. ويكتب لريجان أيضا أنه أعاد للأمريكيين قوتهم المفقودة بعد خسارتهم معركة الرهائن الأمريكيين في طهران، وهي الواقعة التي نالت من عزيمة الأمريكيين واطاحت بالرئيس جيمي كارتر آنذاك، حتي أن الشعب الأمريكي أراد أن يلقن الديمقراطيين درسا لن ينسوه، حيث انتخبوا رئيسا غير معروف، وكل تاريخه أنه كان ممثلا وغير مشهور بالمرة.


ما يجري في أمريكا حاليا في ظل ولاية ترامب يؤكد لنا ، أن الولايات المتحدة ستنكفأ علي نفسها أكثر خلال المرحلة المقبلة، لإعادة ما يراه ترامب بأن سلفه باراك أوباما  دمره وهدمه، ثم التفكير مليا في كيفية مواجهة العالم للنيل من الجميع، ولاستعادة ما يراه بأن "دولا أخري أثرت  - اغتنت - بسبب الدعم الأمريكي لها"، فهو يريد استعادة الأموال الأمريكية التي دفعها المواطن الأمريكي في حروب الخارج. ويتناسي ترامب هنا، أن بلاده هي التي أشعلت حروب الخارج، واستفادت وحصدت مليارات الدولارات من ورائها، حين صدرت لمنطقتنا أسلحتها وشغلت مصانعها وعمالها بأموالنا، وفوق كل هذا، يأتي ترامب ليتعهد بتغيير التحالفات القديمة. عن أي تحالفات قديمة يتحدث!، ويبدو أنه صادق في تعهده، حينما ألغي معاهدة التبادل التجاري الإستراتيجية مع الدول الأسيوية وينوي تعديل معاهدة "النافتا"، ثم يهددنا بضرب منظمة "الأوبك" التي يعتبر الدول المشاركة فيها "أعداء للولايات المتحدة".


ربما أصاب ترامب في خطاب تنصيبه عندما تعهد بالقضاء علي التطرف والإرهاب، رغم وصفه هذه التطرف خطأ بـ"الإسلامي"، ونحن ننتظر منه الوفاء بوعده بالقضاء علي الإرهاب بصورة نهائية، ولا نريد تحديد فترة زمنية محددة، فنحن لن نلزمه بوقت أو مهلة، وإن كنا نلزمه فقط بتحقيق وعده.


وقد نشير في عجالة الي خطة ترامب لتقوية أمريكا، أو هكذا يري هو خلال الفترة المقبلة، فأمريكا ستكون "أولا" في الطاقة، وترتكز خطته المقبلة  في هذا الشأن على أهمية استغلال مخزون النفط الصخري الأمريكي المقدر بحوالي 50 تريليون دولار أمريكي لإنعاش الاقتصاد الأمريكي وتوفير ملايين الوظائف للأمريكيين.  ومن أهداف ذلك، "تحرير الولايات المتحدة" – حسب وصف البيت الأبيض -  من سيطرة أوبك والدول المعادية للولايات المتحدة على الطاقة حول العالم.


وستكون "أمريكا أولا" في السياسة الخارجية، إذ تلتزم إدارة ترامب بحماية المصالح الأمريكية والأمن القومي الأمريكي من خلال السياسات الخارجية والدولية التي ستنتهجها إدارته في سبيل تحقيق ذلك. وحتي حينما يستخدم كلمة "السلام" تكون مقرونة بـ"السلام من خلال القوة" وهو شعار وجوهر السياسة الخارجية لترامب، إذ يعتقد أنه بهذا المبدأ، سيجعل العالم أكثر استقرار و سلاما بتقليل الصراعات.  وننقل هنا عن بعض المحللين الأمريكيين قولهم إن السياسة الخارجية لترامب ستكون مبنية على المصالح الأمريكية، ولابد للعالم أن يعرف أن الولايات المتحدة لن تجوب العالم للبحث عن الأعداء، لكن يسعدها أن يتحول الأعداء القدامى إلى أصدقاء، والأصدقاء القدامى إلى حلفاء.


وعسكريا، يتعهد ترامب أيضا بأن تكون "أمريكا أولا" في هذا المجال، بتقوية المؤسسة العسكرية لتكون في حالة استعداد تام لدرء أي اعتداءات قد تمس الولايات المتحدة. ومن المقرر أن توقف إدارته ما قامت به إدارة أوباما من استقطاعات  في الميزانية العسكرية الأمريكية لإعادة بناء الجيش الأمريكي، ووضع احتياجات مؤسسات الدفاع الأمريكية في الأولوية. كما سيعمل على تطوير نظام صواريخ دفاعي متطور للغاية للحماية ضد أي هجمات صاروخية من قبل دول مثل كوريا الشمالية وإيران، بالإضافة إلى تطوير أفضل نظم الدفاع الإلكترونية ضد الاختراقات والهجمات الإلكترونية التي قد تمس أجهزة الأمن القومي الأمريكي والبنية التحتية.


وأخيرا، لن نتحدث كثيرا عن القضية الفلسطينية وتعهده لإسرائيل بنقل سفارة بلاده الي القدس، لأننا هنا نسبق الأحداث كثيرا، وبخبراتنا في هذا المجال، تعهد معظم الرؤساء الأمريكيين بهذا من قبل للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، ولم ينفذوا ما تعهدوا به، وأغلب الظن أن هذه القضية تدخل فقط في إطار "العهود الانتخابية" لجذب أصوات اليهود، وعموما ما بين ترامب وإسرائيل أكثر كثيرا من مجرد نقل  السفارة الأمريكية الي القدس، حتي وإن كان ترامب والمقربون منه رفضوا موقف إدارة أوباما بعدم الاعتراض علي قرار مجلس الأمن الأخير بإدانة إقامة المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية.


إجمالا..علينا  ألا نعول علي الرئيس الجديد  كثيرا، فكلهم في "الهم" سواء!!

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر

ads