رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار

الاشراف والقبائل العربية

طه حسين عميد الشعوبية والعلمانية الحديثة ..

الجمعة 27/يناير/2017 - 01:59 ص
صدى العرب
طباعة
بقلم .. دكتور أحمد حسين النمكى ..


عرفنا من قبل أن الشعوبية قد وضعت قواعدها بناء على العصبية للقوميات دون العصبية للإسلام فضلاً عن العصبية الظاهرة ضد العربية والإسلام ، وفى العصر الحديث ظهرت الشعوبية بمعنى التمرد على القديم والتمرد على الأديان والطعن فى أقدس المقدسات بحيث لا يوجد هناك شئ مقدس يكون غير خاضع للبحث والقبول والرفض

أما عن طه حسين والذى أطلق عليه العلمانيون وأدعياء التغريب أنه عميد الأدب العربى على الرغم أنه لا يحتل المرتبة الأولى بين الأدباء والمثقفين ولكن جرت العادة فى بلادنا أن يبعثروا الألقاب العلمية والفكرية والسياسية بدون حساب ، فهذا عميد الأدب وذاك عملاق الأدب وآخر جبار الفكر وجبار القلم وهذا أمير المؤمنين وأمير الشعراء وهلم جرا من الألقاب التى يبعثرونها بغير محاسب ولا مراجع !! 

وطه حسين من الأدباء والمثقفين الذين شغلوا الناس بأفكار وآراء هى فى حقيقتها مجرد أصداء لآراء أناس من المستشرقين الذين تربى طه حسين على موائدهم ورأى رأيهم وسار على نهجهم ودعا بدعوتهم ورضى مذاهبهم شرها وخيرها .

ولد طه حسين فى مدينة مغاغة بالمنيا من صعيد مصر سنة 1889م ، وتوفى سنة 1973م ، ودرس فى مطلع شبابه بالأزهر الشريف ثم بالجامعة الأهلية بمصر ، ثم درس بفرنسا بجامعة السربون ، ثم أسس جامعة عين شمس والإسكندرية ثم تولى إدارتة جامعة الإسكندرية عام 1942م ، وأخذ يترقى إلى أن بلغ وزيرا للمعارف سنة 1950م

كان لطه حسين دور إيجابى فى بعض المواقف المتعلقة بالتعليم مثل المطالبة بمجانية التعليم وتأسيس بعض الجامعات المصرية ، وأن التعليم حق لكل إنسان كالماء والهواء ، وحرك الركود الثقافى فى عصره بكثرة آرائه غير المعتادة والتى كانت مثيرة فى وقتها وذلك لكونها كانت مخالفة للمألوف الدينى والاجتماعى ، ولكن لا يعنى هذا بالضرورة أنه أفضل مثقف فى زمنه وأكبر ناقد فى عصره ، ولم تكن الآراء التى تبناها جديدة على الواقع الثقافى والدينى والاجتماعى بل كانت معروفة لغالبية من عاصروه من الأدباء والمفكرين ولكنها كانت مرفوضة ولا يجرؤ أن يتبناها أحد من كبار الأدباء والمثقفين فى عصره لما لها من أثر سيئ على المتدينين والمحافظين لاسيما وأن عصره كان ما زال عصراً يسيطر عليه الفكر الدينى .

لا يمكن لأحد أن ينكر على طه حسين أنه استطاع أن يحفر اسمه فى طلائع الكتاب والمجددين فى النثر العربى ، فله أسلوبه المتميز والمبدع ، وطريقته التى تشد القارئ وتجذبه جذباً لقراءة كتبه وأفكاره ، فجمع بين الإثارة الفكرية والمتعة الأدبية والجرأة فى الرأى مهما يكلفه الرأى من مشاق أو متاعب ، ولاشك أنه نال إعجاب الكثير من الكتاب والأدباء فى عصره ، فشغل الكثيرين بقراءة كتبه ونقدها ، كما أنه كان بالنسبة للبعض من أبغض الكتاب الشعوبيين الذين كرهوا العرب والأدب العربى الذى جعلوه عميداً له ، وملأ كتبه ومقالاته نقداً للعربية وآدابها ، وطعن فى الإسلام طعناً مباشراً على الرغم أنه شيخ أزهرى ، ولكنه سرعان ما خلع الطربوش وارتدى البرنيطة وتنكر لكل ما هو عربى وإسلامى ، الأمر الذى جعله واحداً من أبرز دعاة الشعوبية فى العصر الحديث ، بل وحفز الكثيرين من العلماء والأدباء على نقد كتبه وسبه وشتمه بأقذع السباب !! بل وتكفيره واتهامه بالردة عن دين الإسلام .

الجدير بالذكر أن طه حسين كان واحدا ممن ساهموا فى تنفيذ المخطط الشعوبى منذ ظهرت الشعوبية والتى تهدف إلى التشكيك فى التراث العربى والإسلامى بهدف تنقية التراث . وقد ساعد طه حسين عدة أمور على أن يتكلم وينقد وهو آمن على نفسه وفكره وهو يخدع القاصى والدانى على أنه مسلم ، وأنه شيخ أزهرى ، أى تابع لمؤسسة دينية صاحبة الرأى الأول فى الحفاظ على العقيدة الإسلامية والتراث الإسلامى ، وليس من المتوقع أن يتعرض طه ـ أو الشيخ طه ـ لنقد الثوابت العقائدية فى الإسلام بمثل ما فعل ، فقد يقول بهذا رجل غير مسلم أو مستشرق لا يدين بالإسلام ، وهذا وذاك مغفور لهما لأنهما ليسا مطالبين بالإيمان أو التصديق بتلك الثوابت .

فلو تكلم أودونيس ـ على أحمد أسبر النصيرى الباطنى ـ فى الإسلام ، فهو شيعى رافضى ملحد ، ولد سنة 1930م ، وهو لا ينتظر منه خيراً يقال فى الإسلام أو التراث الإسلامى ، ولو تكلم مهيار الديلمى أو بشار بن برد أو عبد الله بن المقفع أو أبو نواس أو غيرهم ممن عرفوا بمواقفهم الشعوبية ، فهؤلاء ليسوا عرباً وليسوا صحيحى الاعتقاد ، بل كانوا شعوبيين حتى النخاع ، ولكن إذا هاجم طه حسين الإسلام وهو يزعم أنه رجل مسلم أو أنه شيخ أزهرى فتلك ثالثة الأثافى !!  

كان طه حسين الذى تربى على الثقافة العربية والإسلامية فى مطلع شبابه حاقداً على كل ما هو عربى وإسلامى ، ولعل هذا يرجع إلى أنه كان ضعيف الصلة بدينه منذ نشأته ، فقد كان زملاؤه فى الأزهر يصلون ولا يصلى ، يجدون فى طلب الفقه ولا يطلبه ، ويسعون إلى دراسة الدين والعقيدة ولا يعول هو على ذلك من شئ ، بل اكتفى بقشور من الأدب والنحو ، وكان جداله المستمر مع أساتذته لا ينم عن علم بقدر ما ينم عن حب طلب الظهور أكثر من طلب الفائدة .

والواقع أن من ينظر فى كتب ومؤلفات طه حسين يجد أن الرجل قد تبنى النظريات التى تطعن فى الإسلام ، وملأ كتبه الإسلامية بالخرافات والأساطير والروايات الموضوعة على الرغم أنه كان يحارب هذا ، ولكن إذا كان الأمر يتعلق بالإسلام فلا مانع أن يتبنى طه حسين هذه الخرافات والأساطير ، لأن من أهداف طه حسين التشكيك فى الثوابت الإسلامية والطعن فيها ، والمناداة بالاتجاه إلى الحضارة الغربية والأخذ منها كل غث أو سمين ، خيرها وشرها ، فهو ربيب الاستشراق الفرنسى خاصة والغربى عامة ، وممن فتنوا بالحياة الغربية والفكر الأوربى ، ومن ثم يقول فى إحدى محاضراته بأنه " عزم على إحياء التراث اليونانى لأنه يؤمن إيماناً جازماً بأن مرجع الفكر فى الشرق والغرب هو إلى القدماء من مفكرى اليونان " . 

هل يمكن لنا أن نطمئن إلى أن طه حسين بأنه ممن يحيون التراث العربى ؟ وهل يحق لأى أحد أن ينعته بأنه عميد الأدب العربى ؟ لقد وقف الرجل منذ بداياته موقف الخصم للتراث العربى ، فهو يرى أن الفكر والتراث العربى مجرد صدى للفكر اليونانى . كما أنه لم يكف عن مهاجمة الأزهر وعلمائه والطعن فى علوم الأزهر ومناهجه ووصفها بالتخلف والرجعية ، ودعا إلى تيسير النحو أو إصلاحه وترك الكتب التراثية القديمة التى تمثل فى رأيه مجرد حشو للأذهان .

لقد ظهرت قمة الشعوبية لدى طه حسين عندما نشر كتابه " فى الشعر الجاهلى سنة 1926م والذى أحدث ضجة كبيرة فى الأوساط العلمية والدينية والثقافية ، وأثار ضده ثائرة الكتاب والمثقفين والأدباء وعلى رأسهم مصطفى صادق الرافعى ، ومحمود شاكر ، وغيرهما لاسيما وأن الكتاب قد حمل فى طياته عبارات فيها إساءة للإسلام والتراث العربى والعقائد الثابتة ، ثم أعاد طبع الكتاب بعنوان " فى الأدب الجاهلى " .

وفى هذا الكتاب تعرض طه حسين لهجرة أبى الأنبياء إبراهيم وإسماعيل إلى الجزيرة العربية بالتشكيك ، واعتبر أن تلك القصص مجرد حيلة اختلقتها قريش لأسباب سياسية واقتصادية وأن القرآن صدق تلك الاختلاقات لكى يحتال على اليهود ويتألف قلوبهم ولينسب العرب إلى أصل ماجد وشريف وليثبت صلتهم بالتوراة ، وهى أسطورة مشابهة قبلتها روما فى ظروف مماثلة فيقول " ونحن مضطرون إلى أن نرى فى هذه القصة ـ قصة هجرة إبراهيم وإسماعيل ـ نوعاً من الحيلة لإثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة وبين الإسلام واليهودية والقرآن من جهة أخرى " ويقول أيضاً " وقد كانت قريش مستعدة كل الاستعداد لتقبل هذه الأسطورة ـ أسطورة هجرة إبراهيم ـ التى تفيد أن الكعبة من تأسيس إبراهيم وإسماعيل كما قبلت روما ولأسباب مشابهة أسطورة أخرى صنعتها لها اليونان تثبت أن روما متصلة بأنبياس بن بريام صاحب طروادة " . 

فإن طه حسين هنا لا يصدق القرآن الكريم الذى قال على لسان إبراهيم {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ }إبراهيم37 . وقوله تعالى : {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }البقرة127 . 

ففى هذه الآيات يبين القرآن الكريم أن إبراهيم ذهب إلى مكة وهى واد غير ذى زرع ، وأن إبراهيم وإسماعيل قاما ببناء ورفع قواعد البيت الحرام ، ولكن طه حسين يرى أن تلك أسطورة من الأساطير التى خلقها العرب ، ثم جاء القرآن ليصدق تلك الأساطير ، وعلى هذا النحو يكون القرآن فى نظره ليس كتاباً إلهياً بل هو تراث ثقافى من وضع البشر أو من الأساطير التى أمليت على محمد فأضافها إلى قرآنه .

إن القرآن فى نظر طه حسين لا يمثل وحياً إلهياً بل هو يمثل العصر الجاهلى الذى قام بتدوين أساطير العصر الجاهلى وما شابه ذلك من تاريخ مختلق ، فهو مرآة للحياة الجاهلية . كما أن طه حسين طعن فى الصحابى عمر بن الخطاب دون تورع منه متذرعاً بحرية الفكر والإبداع ، بل إنه تجاوز قدره فقال كلاماً خطيراً فيه اتهام للنبى عليه الصلاة والسلام ، فهو يتهم النبى بأن أخذ القصص القرآنى أو أكثره من أمية بن أبى الصلت فيقول : " من الذي يستطيع أن يفكر أن ينكر أن كثيرا من القصص القرآني كان معروفا بعضُه عند اليهود ، وبعضه عند النصارى ، وبعضه عند العرب أنفسهم . وكان من اليسير أن يعرفه غير النبي ، صلى الله عليه وسلم . ثم كان النبي صلى الله عليه وسلم وأمية بن أبي الصلت متعاصرين ، فلمَ لا يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذى أخذ من أمية ، ولا يكون أمية هو الذى أخذ عن النبى صلى الله عليه وسلم " ؟ فهو بهذا الاتهام الغير مسبوق يشكك فى نبوة ورسالة محمد عليه السلام والوحى النبوى ، فهو يريد أن يقول بأن محمد هو مؤلف هذا القرآن مستعيناً ببعض المعلومات القصصية التى توفرت لدى أمية بن أبى الصلت وما جاء فى التوراة .

وهذا القول نادى به كثير من النصارى المستشرقين الذين اعتبروا أن التوراة والإنجيل هى أحد مصادر القرآن ، ومن ثم فإن القرآن ليس من عند الله وإنما هو صياغة من وضع محمد صلى الله عليه وسلم . فقد تأثر طه حسين بدراسات المستشرقين ومناهجهم حتى أنه صار بوقاً لهم ، بل كان ينادى بأنه يجب على المصريين أن يلحقوا بالغرب ويتزودوا من حضارته ، فقد كان هو وأستاذه أحمد لطفى السيد من دعاة التغريب .

كان طه حسين من أكبر دعاة القومية والشعوبية والفرعونية ، فقد كان يدعو إلى أن مصر جزء من بلاد اليونان ، لكى يرسخ فى الأذهان لدى الشباب المقبل أن مصر ليست أفريقية وليست عربية وإنما هى من ضمن دول البحر المتوسط المتصلة من قديم بحضارة الإغريق ، فمصر فى رأيه لن تدخل فى وحدة عربية سواء كانت عاصمة الخلافة القاهرة أو عاصمتها دمشق ، أو فى بغداد . إذن مصر ليست عربية

وعلى هذا النحو فإن طه حسين يدعو إلى الشعوبية الفرعونية ويحرض المصريين على أن يحالفوه ويتفقوا معه فى هذا الشعور ، فقد طالب طه حسين بإحياء شعار الفرعونية ، وإن كان فى هذا السلوك من المذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء !! 

وفى كتابه " مستقبل الثقافة فى مصر " تعرض بالنقد الشديد للحضارة المصرية والإسلامية ، وظهرت آثار الغرب والكوليج دى فرانس التى تربى فيها طه حسين فى فرنسا والمفرخة التى تخرج رجال الشرق فى هيئة إسلامية مضادة للإسلام ، فقد استغلت الكوليج دى فرانس فى طه حسين استعداده الشعوبى وعدم تمسكه بأصوله المصرية والعربية ودينه ، وحتى تستفيد منه تلك المؤسسة الفرنسية على هيئته بحيث يبدو للعيان أنه مصرى عربى أزهرى مسلم ولكنه سيكون متحدثاً بلسان الشعوبية الفجة وبلسان الغرب الصليبى الذى يريد هدم الإسلام وحضارته من الداخل ولكن ستكون تبعيته لفرنسا واليونان وبريطانيا .

لماذا لم يسأل المثقف العربى نفسه ولو مرة عن اهتمام الغرب بطه حسين ، لقد ذهب إلى فرنسا وأوربا الكثير من المصريين ومنهم مصطفى عبد الرازق وأحمد حسن الزيات وزكى مبارك وغيرهم فلماذا لم يجدوا الاهتمام بنفس الصورة التى لقيها طه حسين ؟ لماذا اهتم به الإعلام العربى والغربى ؟ فقد وجد الغرب أن أحمد حسن الزيات كان شديد الاعتداد بدينه وعروبته وأمانته لوطنه وأهله واهتمامه بالأدب العربى أكثر من سواه ، وكان مصطفى عبد الرازق على ما لازمه من تحرر فكرى إلا أنه كان ملتزماً بزيه الأزهرى فلم يخلعه رغم تفرنسه ، بينما تحرر طه حسين من عمامته فألقى بها فى عرض البحر المتوسط ، وتحرر من كل شئ حتى من أهله ودينه !! 

لماذا لم يهتم الغربيون الفرنسيون بالأديب زكى مبارك ؟ لأنه كان معارضاً لمناهج الفرنسيين ، على عكس طه حسين الذى وافقهم فى كل شئ ، حتى أن المستشرق الفرنسى " ماسينون " يقول : عندما نقرأ أدب وفكر طه حسين نقول بضاعتنا ردت إلينا . وكان ماسينون من أوائل من طالبوا باستخدام اللغة العامية واستخدامها كلغة كتابة بدلاً من اللغة العربية الفصحى ، ثم نادى باستخدام حروف اللغة اللاتينية بدلاً من حروف العربية ، وللأسف أن كل هذه الدعوات تجد صداها فى كتب وفكر طه حسين .

كان المستشرقون ـ وما زالوا ـ يعملون على تجنيد بعض الشباب المسلم الذى يعانى قسوة الحياة ولديه الاستعداد لأن يتخلى عن دينه ووطنيته مقابل أن يصنعوا له ما يشاء ويصنعوا منه ما يشاءون ، فهم لا يريدون أكثر من أبواق تطعن فى الإسلام وحضارته ولكن بلسان مسلم ويفضل أن يكون من مؤسسة إسلامية كالأزهر ليأخذ مصداقية لدى من يتلقون منه من أبناء المسلمين ، ولكن لا يعتبر هذا قانوناً واجب التنفيذ ، فلا مانع أن يكون هذا الشاب من جامعات أخرى .

إن من يدرس قليلاً عن الشخصيات القائمة فى فرنسا أو بريطانيا يجد أنها شخصيات أصحاب مناهج يهودية أو نصرانية وأجندات معادية للفكر الإسلامى والحضارة الإسلامى ، وتتلمذ طه حسين على كل من دوركايم وليفى بريل اليهوديين وعلى يد كازنوفا الصهيونى وغيرهم ممن وجدوا بغيتهم فى شخص طه حسين الباحث عن الشهرة على حساب كل القيم التى ترفع من اسمه وتحط من شأنه ولكن الأمر بالنسبة لرجل كطه حسين سيان !! لكن كان الرجل يشعر وعن رضى بأنه سفير فرنسا فى مصر ، فهو يجل العقل اليونانى والفكر الفرنسى والأخلاق والعادات الأوربية ويؤثرها كل ما فى الشرق كله .

كان شديد الولاء للغرب ولم ينظر ـ حيث لا نظر ـ إلى ما كانت تفعله فرنسا فى دمشق وفى المغرب الإسلامى من تدمير وتخريب ، ورغم هذا فقد كان يرى أن فرنسا أرقى نفساً وأسمى فكراً من بريطانيا ، ولم يحسب نفسه على الشرق أو الإسلام فى شئ ، فقد انسلخ الرجل من جلده ونفسه فصاغهما بصيغة يرضى عنه بها الفرنسيون كل الرضى ، وكان يقدم رأى المستشرقين وشبهاتهم على أى رأى ولو كان منصفاً ، فهو أحد دعاة التغريب والأبواق التى تدفع الناس دفعاً وتنادى بالأخذ بالحضارة الأوربية دون تمحيص بل لابد أن يلجوها بخيرها وشرها ، حلوها ومرها ، ما يحمد منها وما يذم أو يعاب .

هل كانت رحلة طه حسين إلى أوربا هى السبب فى تحوله وتغييره ومعاداته للعربية والإسلام ؟ نقول بارتياح شديد : نعم !! لقد كان الرجل يرى أنه ولد بعد سفره إلى فرنسا من جديد ، بل إنه لا ينعم بماضيه فى مصر ولا يفكر فى مستقبله بقدر ما يفكر فى حاضره الذى عاشه فى فرنسا ، فلم يطب له العيش فى مصر رغم تواجده بين أصحابه وأحبابه ، وليته ذهب إلى فرنسا ـ كما فعل أبناؤه ـ فلم يرجع إليها ، فلم يسمع بنا ولم نسمع به ، لأن فكره وأدبه كان وبالاً على البلاد والعباد !!

لقد استطاع طه حسين أن يؤثر فى جيل كامل بأفكاره وآرائه وشطحاته على المستوى المحلى والعالمى ولكنه فشل فى التأثير كرجل مسلم فى زوجته المسيحية بأن يحبب إليها الإسلام فكراً وعقيدة وسلوكاً ، الأمر الذى يكشف عن خلو بيت طه حسين من شعائر الإسلام ، بل إن ما ذكرته زوجة طه فى مذكراتها " معك " تكشف عن انحدار بيت طه حسين عن السلوكيات الإسلامية ، فقد تكلمت سوزان طه حسين عن كنائس فرنسا وصلواتها فى تلك الكنائس وما أدرجت كلمة فى مذكراتها عن تدين طه حسين أو صلواته أو عباداته ، فلا شك أن طه حسين خرج من مصر وخلف الإسلام فى الأزهر وما عاد إليه مرة أخرى !!

ولسنا نغالى فى اتهام الرجل فى عقيدته ودينه ، بل إن من يدقق النظر فى بيت طه حسين يجد أنه محاصر بامرأة نصرانية ما غفلت عن دينها لحظة بنفس القدر الذى غفل فيه طه حسين عن دينه وطقوس عقيدته ، كما أنه محاط بسكرتير مسيحى يرصد جميع حركات وسكنات عميد الشعوبية الحديثة ، ولا تجد اسم ولد أو بنت يشير إلى أن هذا البيت بيت رجل أزهرى أو شيخ أزهرى مسلم ، فقد ظل ينادى ولده مؤنس باسم " كلود " وبنته أمينة باسم " مارجريت " ولا يعرف الأولاد اسماً لهما غير ما ينادونهم به " كلود " و" مارجريت

لم يكن لطه حسين أن يتخلى عن جنسيته الجديدة ، فهو ينتمى إلى فرنسا أكثر من انتمائه لمصر ، ويحب العلوم الغربية أكثر من حبه لعلوم العرب والإسلام ، ويرى العنصر الأوربى أرقى من العنصر العربى ، فهو شعوبى أوربى وإن كان ينتمى إلى أصول عربية ، وكان يكذب على الناس عندما كان ينادى بأنه يرى أن على الكاتب الذى اتخذ طريق العلم منهجاً والبحث العلمى اتجاهاً أن يتجرد من قوميته ودينه وذلك شرط من شروط البحث

لقد تعامل طه حسين مع القرآن الكريم وهو من أقدس المقدسات لدى أهل الإسلام كأنه كتاب تاريخ أو منتج ثقافى وليس وحياً إلهياً ، فهو يقول فى كتاب فى الشعر الجاهلى : " للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضاً ولكن ورود هذين الاسمين فى التوراة والقرآن لا يكفى لإثبات وجودهما التاريخى فضلاً عن إثبات هذه القصة التى تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها ونحن مضطرون إلى أن نرى فى هذه القصة نوعاً من الحيلة فى إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة وبين الإسلام واليهودية والقرآن والتوراة من جهة أخرى " .

إن هذه الفقرة من أقبح من أنتجته قريحة طه حسين ، ومن أوضح الأدلة على كفره وارتداده عن الإسلام ، بل وللإنسان أن يعتبر طه حسين مرتداً منذ أن وطئت قدماه الكوليج دى فرانس ، وزواجه من سوزان التى لم تقبل هى وأسرتها الزواج منه إلا بعد أن تأكدوا من تنكره للإسلام والعرب وموالاته لفرنسا والكنيسة الأوربية التى تزعمت الحروب الصليبية ردحاً طويلاً من الزمن

إن طه حسين لم يؤمن بأن القرآن وحى من عند الله ، بل هو نص ألفه محمد ـ على غرار ما تعلم من أسياده المستشرقين ـ ولذا فهو لا يؤمن بأن القرآن الذى أورد اسم إبراهيم وإسماعيل نص قطعى الثبوت ، ولا يؤمن بنص التوراة أيضاً ، ومن باب أولى فهو لا يؤمن بنص الإنجيل ، فهو ممن يثبتون بشرية القرآن ، ولعله لم يذكر الإنجيل فى الفقرة حفاظاً على علاقته بزوجته المسيحية سوزان ، وذكر إبراهيم فى القرآن من تأليف محمد عليه الصلاة والسلام ليحاول أن يثبت الصلة بين العرب واليهود وليقرب بين المسلمين واليهود ، والواقع أن هذا كلام لا يصدر إلا من رجل جاهل بالقرآن فضلاً عن أن يكون شيخاً أزهرياً .

إن طه حسين يضطر إلى قبول هذه القصة اضطراراً ، فهو ـ باسم حرية العلم والبحث ـ غير مؤمن وغير موقن بصدق القرآن وإنما هى روايات احتال بها واضع القرآن لأغراض لم تتحقق من قبل اليهود ولم يثبتها القرآن وإنما هى أوهام من بنات أفكار طه حسين تسللت إليه سلفاً ممن تكفل بتوصيل أصواتهم وآرائهم إلى الشرق المسلم ، فلم يعد لدى طه حسين شئ مقدس يقف دون طعونه وسهامه المغرضة لاسيما إن كان إسلامياً

لم يثبت هذا النص أن طه حسين متحرر الفكر بالقدر الذى أثبت فيه أنه هش العقيدة ، هذا إن كان فعلاً لديه عقيدة ، ولكن أين هذا من ذاك ؟ فهو لم يؤمن بأى كتاب سماوى ولم يكن للتوراة والإنجيل والقرآن أى قدر إيمانى عنده ، فهى مجرد نصوص وروايات يضطر إلى قبولها اضطراراً !! فما هى إلا خرافات وأساطير رددها العرب الأقدمون ولكن لا حقيقة لها ، فإذا كان إبراهيم وإسماعيل خرافة فالتوراة والإنجيل والقرآن خرافة والكعبة خرافة ، وهذه الكتب كلها وعلى رأسهم القرآن الكريم ـ وهو المعنى بالنقد ـ من وضع البشر !! فالقرآن الكريم تحدث عن إبراهيم وإسماعيل فى العديد من السور وتكلم عن شعائر إسلامية جرت على أيدهما ، ولكن طه حسين جعل كل هذا أساطير لا أساس لها سوى تناقل الناس فى حديث الأسمار ، بل إنه نزل بالقرآن إلى ما دون الأسطورة ، فالأسطورة يتناقلها الناس عبر الزمن وقد تبهت أحداثها أن تنمو أو تنقص ولكن فى نهاية الأمر لها أساس تاريخى تعتمد عليه .

إن القرآن الكريم يثبت أن مبادئ الشريعة السماوية وأسسها فى الكتب السماوية واحدة ، ولكن القرآن ما جاء لينفى الصلة بين تلك الأسس التى جاءت بها الشرائع السابقة ، بل جاءت ليؤكد ما بقى مكتوباً ومنصوصاً عليه ، وليبين ما أغلته الكتب السابقة وليصحح الخطأ المتعمد الذى وقعت فيه ، فالصلة ثابتة والقرآن ليس بحاجة إلى إثباتها ، وكيف يستسيغ العقل أن محمد صلى الله عليه وسلم يبقى على نص فى القرآن ليؤكد الصلة بين اليهود والعرب ويتقرب من اليهود بهذا النص ثم يقوم بطردهم ـ أى اليهود ـ من جزيرة العرب ؟! وكيف للرسول أن يقرأ التوراة وهو رجل أمى لا يقرأ ولا يكتب ، وأن التوراة لم تترجم إلى العربية إلا بعد وفاة النبى بعدة قرون !!  

لقد نقل طه حسين فكرة المستشرق ( جب) الذى يؤمن ببشرية القرآن ، فكان طه حسين يعتقد بنفس الاعتقاد ، وكذب قول القرآن (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )) الحجر9 . وقوله تعالى  (( وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )) الأنعام155 ، وقوله (( وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً )) الإسراء105 .

وقد شكك طه حسين فى الإسراء والمعراج واعتبرها شبيهة بالقصة الخرافية " الكوميديا الإلهية " لدانتى ، وما أورده المعرى فى قصص وخيالات رسالة الغفران ، هذا فضلاً عن العبارات الكثيرة التى وردت فى كتبه والتى تدل على طعنه فى القدر وغضبه من القضاء والقدر ووصفة بأبشع الكلمات وعدم رضاه عنه !!  

كان طه حسين شخصاً عنيداً ، سريع الانفعال والغضب ، وكانت آراؤه أسرع من انفعاله وغضبه ، ولا يحب أن يتراجع عن أخطائه حتى ولو ثبت له عدم صوابها ، بل كان أشد إصراراً على التمسك بها ، بسبب النرجسية العلمية التى أحاطت بجميع أركان نفسه وعقله ، فهو يشعر أنه لا يخطئ ، وإن أخطأ وتبين الدليل على هذا فهو لا ينكره أو يتوارى منه

لقد أعلن بعض أصدقائه من الكتاب أنه تاب ورجع عن آرائه ، ولكن يبدو أنهم لم يدرسوا نفسية طه حسين التى تتسم بالمكابرة ، وكيف له أن يتراجع وهو محاط بسلسلة من المراقبين عليه فى بيته والذين أملوا عليه آراء المستشرقين الفرنسيين مثل زوجته التى تمسكت بدينها حتى آخر لحظة فى حياتها ، بل إن ابنه رجع عن دينه الاسلام واتبع دينه أمه وسافر معها إلى فرنسا ، فإذا كانت أسرة طه حسين قد انصرفت عن الخلق الإسلامى ومالت زوجته بنفسها عن دخولها فى الإسلام فإن مرجع هذا أن طه حسين كان رجلاً يعيش على هامش الإسلام ـ إن لم يكن خرج منه ـ ولم يعمل أى عمل أو مسلكاً يدلهم على رسوخ الإسلام فى نفسه ، ومن ثم أصبح بيت طه حسين بيتاً فارغاً من تعاليم الإسلام ولا تقام فيه أية طقوس أو شعائر إسلامية .

لقد عاش طه حسين ومات بيننا على أنه مسلم ، والله أعلم بسرائره ، ولسنا نحاسبه إنما حسابه على الله ، ولكنا نحاسب انتاجه وأفكاره ، فقد ترك أوزاراً وسن سنة سيئة يتحمل تبعتها إلى يوم القيامة ، فإن كان طه حسين تاب ورجع فإن مؤلفاته ما زالت باقية وهى تنطق بما يرضاه الأبالسة من المستشرقين وهى مليئة بالمخالفات العقدية والشرعية ، ولذا يجب الحذر منها فهى كتب مليئة بالسموم ، وليس كل أحد بقادر على هضم تلك السموم ، وليس لنا من دور سوى التحذير منها ومن أباطيلها   .

وقد استطاع طه حسين أن يكون مدرسة شعوبية أتت لتحمل الراية من بعده وكان رواد المدرسة رجال من الرموز الفكرية فى عصرهم مثل أمين الخولى ، عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) ، محمد أحمد خلف الله صاحب رسالة الفن القصصى فى القرآن ، ( وهو من أعلام الشيوعية فى مصر وأمين حزب التجمع ) ، والذى شكك فى ثبوت صحة القرآن والسنة ، وقد أفتى بكفره علماء الإسلام فى عصره فقد صرح هذا الرجل بأن القصص القرآنى مجرد أساطير ، ونادى بضرورة قبول التشريع الأوربى الوضعى بديلاً للتشريع الإسلامى .

من تلامذة مدرسة طه حسين صلاح عبد الصبور ، وأحمد عبد المعطى حجازى ندامى الدن والكأس ، وتوفيق الحكيم وهو من رواد التغريب فى مصر وله مقالات إلحادية تأثراً بالفكر الغربى الاستشراقى ، ونجيب محفوظ ، وهذا الرجل حدث عن أدبه وما فيه من رمزية الحادية وتهتك لفظى وعرى وخلاعة ومجون ، وتشكيك فى الدين والعقيدة ووجود الله ، وممالأته لليهود فى أدبه ، ومن تلاميذه أيضاً الكاتب الإباحى إحسان عبد القدوس ، وقد طالب بعض الكتاب بتحريم كتبه لما فيها من جنس معلن ، ومعظم روايات إحسان عبد القدوس تتكلم عن الجنس وعلاقته بالجريمة ، فهى الوجه الآخر لقصص طه حسين التى تتكلم عن الجنس والخيانة الزوجية ، بيد أن الخلاعة الموجودة فى روايات إحسان عبد القدوس أربت عن القصد وفاقت الوصف .

أما عن يوسف إدريس فهو واحد من الكتاب العلمانيين فى مصر الذين تأثروا بفكر طه حسين وأدبه والذين ساروا على نفس النهج الذى ارتضاه إحسان عبد القدوس وباركه طه حسين ، وقد ملأ قصصه ورواياته بالحكايات التى تجسد الجرائم الخلقية والخيانة الزوجية ، وكان أحد دعاة الإباحية ، وهو لا يتورع أن يحدث أى فرقعات إعلامية من أجل الشهرة وهذا ما تعلمه من طه حسين ، وكان واحداً من دعاة الشعوبيين الذين أعلنوا الحرب على الإسلام

ومن تلاميذ طه حسين والمتأثرين بمدرسته أمينة السعيد التى قالت بأنها لن تستريح حتى تتساوى المرأة بالرجل فى الميراث ، وهذا طريق مخالف لكتاب الله القرآن الكريم الذى قال " للذكر مثل حظ الأنثيين " . وماذا ننتظر أو نريد من امرأة اتخذت من طه حسين معلماً وهاديا ونصيرا ؟!! فلابد أن تتمرد على كتاب الله وأحكامه وقيم الإسلام العليا ، ولذا كانت تنادى بنبذ الحجاب ووصمت رجال الدين الاسلامى بلفظ الإرهابيين .

كما تربت سهير القلماوى فى مدرسة طه حسين منذ اللحظة الأولى لدخولها كلية الآداب جامعة القاهرة ، وهى ممن حارب الحجاب الإسلامى وبشدة وسارت فى نفس طريق هدى شعراوى التى شجعت المرأة على السفور وخلع الحجاب ، ولا نعجب لأمر سهير القلماوى وهى التى تربت فى مدارس التغريب ، فى درست فى الجامعة الأمريكية والجامعات الأوربية وعادت إلى مصر للعمل بالتدريس فى جامعة القاهرة لتواصل نشر الفكر الأوربى الذى تشبعت به ومشيدة بحضارو الأوربيين .

وقد ظهر حسن حنفى أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة وتلميذ طه حسين وهو فى طليعة العلمانيين فى مصر ، وهو الذى قال عن نفسه " أنا فى مصر أكثر ماركسية من الماركسيين " وهو يقول أيضا " نحن نريد أن تخلص من الإيمان السلفى " وهذه العبارات تنضح بفكر عدائى ظاهر للإسلام ، لاسيما وأنه ينكر أن يكون هناك ملك نزل على محمد صل الله عليه وسلم ولا يوجد وحى ، وأن الكلام عن الجنة والنار ما هو إلا نوع من الخيالات الشعبية للطبقات المحرومة فى العصر الجاهلى . ويقول بأن القرآن الكريم هو أحد مراحل صياغة الشخصية العربية ، وأن الإسلام هو أحد أشكال تعبيرها ، فهو يؤمن بأن القرآن ليس تنزيلاً سماوياً وإنما هو صياغة ثقافية أبدع فيها المؤلف ـ وهو محمد صلى الله عليه وسلم ـ تصوير عصره تصويراً فوتوغرافياً أظهر فيه ثقافة أمته وعصره وهو أحد التعبيرات الثقافية عن الشخصية العربية ، وبعبارة أوضح أن القرآن تأليف بشرى !!

 إن هذا الهراء مما توارثه تلاميذ تلك المدرسة عن أستاذهم طه حسين الذى كان يردده فى كتبه بطريق غير مباشر ورثه بدوره عن أساتذته من المبشرين والصليبيين وردده فى كتابه " فى الشعر الجاهلى " ولكن حسن حنفى كان أكثر فجاجة من طه حسين وأكثر سوء أدب مع الله ، فإذا كان طه حسين يميل إلى التلميح فكان حسن حنفى يفضل التصريح ، فما خرج من فم حسن حنفى هو ما قال به أحد كفار قريش سلفاً (( إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ )) المدثر25 . 

نحن هنا لا نوجه اللوم لهذا الرجل ، فيكفينا ما قاله عن نفسه بأنه ماركسى ، ومن تعاليم ماركس أن فكرة الألوهية من اختراع الإنسان ، وهذا ما قال به دوركايم اليهودى من أن الدين يصعد من الأرض ولا يهبط من السماء ، فكل كتابات حسن حنفى قائمة على الإنكار وحسب ، فهو ينكر كل شئ ، كما أن طه حسين كان يشكك فى كل شئ ، ولم يثبت أحدهما على شئ !! وإنما يستخدمان العقل ـ ولا شئ غير العقل ـ الذى انتهى بهما إلى صحراء فارغة من الضلال ، فقد أنكر حسن حنفى آيات العقائد واعتبر أن العقائد ضلال وأن النصوص تشريع لهذا الضلال ، كما أنكر وجود الجن والشياطين ، وعدم إيمانه بوجود الجن والشياطين إنكار لآيات القرآن الكريم .

وأحب هنا أن أذكر القارئ أن الرجل اعترف بأنه ماركسى ، والمركسية قائمة على إنكار الأديان ومعاداتها ، ونفى وجود الله ، وإنكار الجنة والنار ويوم القيامة ، وإنكار عالم الغيب كالجن والملائكة ، وإنكار النبوات والرسالات ، فإذا كانت هذه عقائد الرجل فعلى أى شئ نحاسبه !! نحن نذكر القارئ فقط أنه واحد من تلاميذ عميد الشعوبية الحديثة ، ونذكر القارئ بأن هناك أناساً فى مصر فى ظاهر الأمر أنهم مسلمون بينما الحقيقة الظاهرة للعيان أنهم لا يدينون بالإسلام قطعاً !! 

    ومن تلاميذه أيضاً جابر عصفور ، أحد العلمانيين المعاصرين الذين شككوا فى الإسلام وعقائده ولكن بصورة أقل جرأة من غيره من زملاء مدرسة طه حسين ، ويأتى فى مقدمة تلاميذ هذه المدرسة نصر حامد أبو زيد الذى اعتبر القرآن نصاً كأى نص قابل للنقد واعتبر أن الملك جبرائيل عليه السلام من الخرافات والأساطير الإسلامية ، والقرآن هو مجرد نص لغوى يتعامل معه على أنه نص كأى نص وليس وحياً ، وأن الإصرار على أن القرآن هو وحى من الله هو مجرد وهم .

والجدير بالذكر فإن طه حسين استطاع أن يبهر عدداً كبيراً من المثقفين فى مصر وغيرها ، وكان لهم الملهم والإمام ، فحبب إلى الكثير السير على نهجه والاقتداء بسيرته ، فسافر البعض إلى الدول الأوربية كما سافر طه حسين ، وقلدوه فى الشطط الفكرى وكانت المطية التى يسهل لهم ركبوها الطعن فى الإسلام وثوابته ، ولم لا وقد اعتبروا طه حسين مجدداً فكرياً لما لمسوه منه من طعن فى الدين وتشكيك فى مصادره ، ومنهم أحمد عبد المعطى حجازى ، عبد القادر القط ، صلاح فضل ، محمد عودة ، نعمان عاشور .

أما فى خارج مصر فقد تأثر بمنهج طه حسين زعيم الشعوبية والعلمانية الحديثة وساروا على منهجه وتبنوا أفكاره الشاعر السورى عزيز العظمة ، والشاعر اليمنى عبد العزيز المقالح ، وأدونيس على أحمد سعيد أسبر النصيرى الباطنى الملحد الذى أنكر الوحى تماماً ، وعبد الرحمن منيف الكاتب السعودى ، تقلب بين المذاهب الفكرية الوضعية وأخيراً استقر على الماركسية ، والكاتب الفلسطينى المعاصر فيصل دراج ، وهؤلاء جميعاً كانوا منحرفين فى العقيدة الإسلامية ، كما كانوا أسفل خلقا من شيخهم مع الله ورسوله !!   

وصفوة القول أتساءل ، كيف أطلقوا على طه حسين مؤسس الشعوبية والعلمانية فى العالم العربى والإسلامى عميداً للأدب العربى وهو أول من أطلق شبهاته وشكوكه فى الأدب العربى شعراً ونثراً ؟! أليس من الزور أن يقال إنه عميد الأدب العربى !! بل هو عميد الملحدين العرب ، أو عميد العلمانيين العرب أو عميد الشعوبية الحديثة .

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر