رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار

الاشراف والقبائل العربية

حول كلمة السيد والشريف ..

الجمعة 14/أكتوبر/2016 - 04:37 م
صدى العرب
طباعة
نسابة المدينة المنورة - الشريف أنس بن يعقوب الكتبي


كثيرًا ما يسألني بعض الناس عن معنى كلمة السيد والشريف، والفرق بينهما، ومن أين أتت؟ ومن هم السادة؟ ومن هم الأشراف؟ وغير ذلك من المسائلات التي تخص هذا الجانب .


أقول وبالله التوفيق : سوف أشرح في بداية الأمر معنى الكلمتين لغوياً .


فكلمة السيد كما جاء في لسان العرب, وغيره من الكتب، فالسيد تطلق على رب العمل والمالك له، وتطلق أيضًا على الرجل الفاضل الكريم السخي الحليم، من يحتمل أذى قومه والناس .


قال ابن شميل : « السيد : الذي فاق غيره بالفعل والمال والدفع والنفع المعطي ماله في حقوقه ، المعين بنفسه » .

وفي الحديث الشريف : « كل بني آدم سيد، فالرجل سيد أهل بيته، والمرأة سيدة أهل بيتها » .


وفي الحديث الشريف : قول رسول الله : « أنا سيد ولد آدم ولا فخر » .


أما الشريف : فهو الحسب بالآباء والشرف والمجد، لا يكونون إلا بالآباء والعشيرة ، يقال : رجل شريف، ورجل ماجد، له آباء متقدمون في العراقة والشرف، وشرف يشرف شرفًا، وشرفه شرفة وشرافة فهو شريف، والجمع أشراف .


قال الفيروز آبادي في كتابه القاموس المحيط : « الشرف محركة العلو والمكان العالي والمجد، ولا يكون إلا بالآباء، أو علو الحسب » .


فهذا معناهما حسب ما جاء في كتب اللغة .

ومن المنطلق العام فإني أقول : وهو الأصح والشائع الآن : أن السيد أو الشريف يطلق على من كان من أهل بيت رسول الله ، من انتسب إلى الإمامين السبطين الحسن والحسين عليهما السلام، وهذا يطلق عليهما وعلى ذرياتهما إلى أن تقوم الساعة، للعلو المكاني، ولمقام أبيهما وأمهما، فأمهم فاطمة الزهراء بنت الرسول ، وأبوهما علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله .


ولكن اللفظ يختص بأبناء فاطمة عن غير أولاد الإمام علي من دونها، وذلك لقربى الرسول الأعظم، فكل من كان حسنيًا أو حسينيًا صار سيدًا أو شريفًا، ولكن ليس كل طالبي يكون سيدًا أو شريفاً .


ومن كان من ذرية محمد ابن الحنفية، أو من ذرية العباس بن علي، أو من ذرية عمر الأطرف، يقال له : علوي، لأنه ينتهي في النسب إلى طرف واحد من جهة الأب إلى الإمام علي بن أبي طالب، فهو علوي طالبي .


وأما من كان من ذرية جعفر بن أبي طالب، فهو طالبي هاشمي، ويقال له أيضا : جعفري ولا شك أن الزينبين تشملهم السيادة والشرف لما لهم من الفخار من جدتهم زينب بنت علي وفاطمة , وأبوهما جعفر الطيار اخو علي بن أبي طالب فأولادهما كان لهما حظ في ذلك من تلك الجوهرتين .


وأما من كان من ذرية بني عبد المطلب بن هاشم القرشي، جد رسول الله فينسب إلى أبيه الأعلى هاشم، ويقال له : هاشمي .


وأما من كان من ذرية ابنه العباس بن عبد المطلب ، فيقال له : عباسي . 


أقول : وقد تبين لديّ أنَّ إطلاق السيد على أهل البيت هو أقدم من الشريف، لأن الحديث الشريف يشير إلى ذلك، قال رسول الله : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة » . وفي آخر : قال رسول الله في الحسن بن علي عليهما السلام : « إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين » . وقوله : « أنا سيد ولد آدم ولا فخر » . وجاء في كتاب الله أن الله سمى يحيى : سيدا وحصورا إلى غير ذلك .


ولم يرد في الحديث كلمة الشريف، فكان في القرون الأولى المتقدمة اصطلاح كلمة السيد يطلق على كل من انتمى إلى الحسن والحسين، فمتى أُطلق لفظ السيد لا ينصرف إلا لمن كان من ذرياتهما .


قال صاحب المصباح المنير : « وساد يسود سيادة، والاسم السُّؤدَد، وهو المجد والشرف، فهو سيد، والأنثى سيدة بالهاء، والجمع سادة وسادات » .


قال صاحب طرفة الأصحاب في معنى الشريف : « اعلم أنَّ الشريف لا يطلق على كل من كان من ذرية أولاد علي عليه السلام، بل من كان من أولاد أولاده من فاطمة ابنة رسول الله ، وهم الحسن والحسين، ومن كان غيرهما من أولاد علي عليه السلام يسمى علويًا، ولا يسمونه أشرافًا، ومن كان من الخلفاء من العباس بن عبد المطلب، قيل لهم : العباسيون » اهـ .


وأيد ذلك صاحب إسعاف الراغبين فيما نقله عن الرسالة الزينبية لجلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ ما نصه : « اسم الشريف كان يطلق في الصدر الأول على كل من كان من أهل البيت، سواء كان من حسنيًا أم حسينيًا أم علويًا من ذرية محمد بن الحنفية، أو غيره من أولاد علي بن أبي طالب، أم جعفريًا، أم عقيليًا، أم عباسيًا، ولهذا نجد تاريخ الحافظ الذهبي مشحونًا في التراجم بذلك، يقول : الشريف العباسي، الشريف العقيلي، الشريف الجعفري، الشريف الزينبي » .


وقد اشتهر لفظ السيد في البلاد الإسلامية، شرقًا وغربًا في القرون المتقدمة ابتداء من الحجاز ومصر والعراق، وبلاد اليمن وسوريا، وبلاد فارس والهند، على من انتمى إلى الحسن والحسين في النسب، فيوصف بالسيد، ولكن في القرن الثالث الهجري أول من نعت بكلمة الشريف هو الشريف الرضي وأخوه المرتضى، فهم حسينيون من ذرية موسى الكاظم، وعلى عهد الفاطميين بمصر قصروا اسم الشريف على ذرية الحسن والحسين فقط، واستمر ذلك إلى وقت متأخر، غير أن أهل الحجاز كانوا لا يطلقون كلمة الشريف إلا على من ولي إمارة مكة من الحسنيين، فيقال : شريف مكة، وأما من لم يلها منهم فينعت بالسيد .


ولكن في بداية الأمر كانت كلمة السيد هي المتبع، فالحجج والوثائق القديمة كانت تخاطب من كان من ذرية الحسن أو الحسين بالسيد، وكلمة الشريف هي ليست مختصة بالحسنيين دون الحسينيين، فكلهم سادة وأشراف .


وأول من لقب بكلمة الشريف الرضي وأخوه المرتضى، كما ذكرنا في السابق، وهم حسينييون.


وكان في الحجاز يقال لذرية علي : السادة، ويقال لهم أيضاً: الأشراف لا يفرق بينهما، حتى جاء أبو نمي، فحكم مكة سنة 932هـ، فرأى العلويين قد كثروا واتسعت بطونهم، فأراد أن يميز بينهم، فأطلق على بني الحسن اسم الأشراف، وعلى بني الحسين اسم السادة .


غير أنَّ هذه التسمية ظلت موقوفة على الحجاز، أما في بقية الأقطار والأمصار، فكلهم سادة، فأكثر من ولي إمارة مكة من الأشراف الحسنيين، لذلك بدأ يخلط بعض الناس أن الحسنيين هم الأشراف، والحسينيين هم السادة، وليس هذا بصحيح فإنَّ الحسنيين والحسينيين بن علي وفاطمة، والحسين هو كذلك .


فلماذا التميز بين أبناء الحسن على أبناء الحسين ؟ فذرياتهما ورثت عنهما الشرف والسيادة، لأنهم اكتسبوا هذا الشرف من شرف النبوة، وهو لا يقاس به أبدًا شرف الملك والحكم والمال والجاه، فهو شرف يتحقق بالإيمان، وسيادة تتحقق بالقربى من الرسول .


وقد اتخذ بعض النسابين من أهل البيت يتميز صاحب علم النسب، ونقيب الأشراف أو السادة، بأن يطلق عليه الشريف دون السيد، وذلك لعلمه بنسب أهل البيت ورئاسته عليهم إن كان نقيبًا، فمن باب التقدير أن ينعت، ويميز بالشرف من التحليل حول كلمة السيد والشريف .


والذي ينتج عنه أنه لا فرق بين الكلمتين، فالسيد هو الشريف، والشريف هو السيد، وكلاهما متكاملان، يكمل بعضهما البعض، فالسيادة والشرف يعنيان التفوق والتميز والعلو المعنوي والمادي، رغم أنهم جعلوا لقب السيد عامة على كل من تفوق وعلا، ولقب الشريف يخصونه بمن ورث آباءه .


أسأل الله سبحانه وتعالى أن أكون قد وفقت في توضيح معنى هاتين الكلمتين، والحمد لله رب العالمين أولًا وأخراً .


إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر