عربي وعالمي
المملكة المغربية تستعرض خطة عمل للقضاء على كافة أشكال أسوء أنواع عمالة الأطفال بالمنطقة العربية
الأربعاء 03/ديسمبر/2025 - 09:01 م
طباعة
sada-elarab.com/789056
اعلنت نورة العمارتي مديرة دائرة التعاون الدولي والشراكة بوزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات بالمملكة المغربية عن عقد قمه عمل الأطفال بالمملكه المغربيه فبراير ٢٠٢٦ القادم
جاء ذلك خلال افتتاح اعمال المؤتمر العربي رفيع المستوى حول عمل الأطفال وسياسات الحماية الاجتماعية في الدول العربية
الذي نظمته جامعه الدول العربيه ومنظمة العمل العربية والمجلس العربي للطفولة والتنمية واجفند
وقالت العمارتي أن هذا اللقاء العربي رفيع المستوى الذي يكتسي أهمية بالغة، سواء بالنظر إلى موضوعه والمحاور التي يتناولها، أو لما يقدمه من إسهام في إثراء أشغال الدورة السادسة للمؤتمر العالمي للقضاء على عمل الأطفال
تتشرف المملكة المغربية باحتضان بشراكة مع منظمة العمل الدولية، المؤتمر الدولي السادس للقضاء على عمل الأطفال بمراكش، وهي قضية تشغل الحكومات والمنظمات الدولية والشركاء الاجتماعيين والرأي العام قاطبة، بالنظر لما لها من تداعيات على حياة أطفالنا وحقوقهم الأساسية، وفي مقدمتها حقهم في الرعاية والحماية والعيش الكريم. إن ظاهرة تشغيل الأطفال هي في واقع الأمر، قضية ذات أبعاد متعددة تؤثر في بناء مجتمعات قادرة على الاستمرار والمنافسة.
إن حضوركم اليوم يبرز الأهمية التي تولونها لهذه القضية، ويؤكد التزامنا كمجتمع عربي بحماية حقوق الأطفال وكرامتهم. واختيار المملكة المغربية لاستضافة المؤتمر الدولي السادس يعكس التزام المملكة والعالم العربي بخدمة هذه القضية العالمية. ونحن على يقين بأن هذا اللقاء الدولي سيشكل منصة مثالية للحوار البناء، وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى، وتعزيز التعاون المشترك للقضاء على هذه الظاهرة.
وتجدر الإشارة في هذا السياق، أن المغرب ينخرط بشكل كامل في الدينامية الدولية المرتبطة بالهدف 8.7 من أهداف التنمية المستدامة، الذي يسعى إلى القضاء على جميع أشكال عمل الأطفال، حيث تم اختياره كبلد رائد ضمن هذا التحالف الدولي الذي تشرف عليه منظمة العمل الدولية
إن التزام المملكة المغربية بالحد من ظاهرة تشغيل الأطفال، يستند على رؤية واضحة، تجد لها سنداً في التوجيهات السامية لصاحب الجلالة محمد السادس حفظه الله، وتقوم على أربعة محاور استراتيجية محددة
: المحور الأول يتعلق بالوقاية من خلال مكافحة الفقر والإقصاء الاجتماعي، وتعزيز التعليم الشامل والحماية الاجتماعية، ودعم الأسر في وضعية صعبة.
أما المحور الثاني فيهم الحماية وتطبيق القانون عبر تعزيز المنظومة القانونية الوطنية بما يتلاءم مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، فضلاً عن تقوية آليات الرقابة ضمن جميع القطاعات التي تنطوي على مخاطر، وتعزيز دور تفتيش العمل.
أما المحور الثالث فيعنى بإعادة التأهيل والمواكبة، لضمان إعادة إدماج الأطفال المنتشلين من سوق الشغل في النظام المدرسي والاجتماعي، وتوفير برامج تعليمية وصحية وتكوينية مناسبة لهم.
وأخيرًا، يقوم المحور الرابع على الشراكات الداخلية والتعاون الإقليمي والدولي، من خلال التنسيق مع الفاعلين المؤسساتيين الوطنيين، وتعبئة المجتمع المدني، والقطاع الخاص والشركاء الدوليين، بهدف إحداث دينامية متعددة المستويات وطنية وإقليمية ودولية فعالة في مجال مكافحة عمل الأطفال.
لقد بدأ المغرب مبكرًا جدًا في مكافحة عمل الأطفال عبر أجيال متعاقبة من السياسات العمومية المخصصة لهذا الغرض، وآخرها أطلقت سنة 2023. وبفضل هذه السياسات تمكنا من خفض معدلات عمل الأطفال إلى أقل من %13% من مجموع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و 17 سنة، حيث تم خفض عدد الأطفال المشتغلين بنسبة %59,1% بين سنتي 2017 و 2024 ، مع العلم أن هذه النسبة الضئيلة المتبقية من الأطفال العاملين، إنما تعمل فقط بشكل موسمي كدعم أسري وأخص هنا بالذكر العمل خلال مواسم الحصاد في الوسط القروي.
وفي هذا الإطار، ضاعفنا جهودنا في محاربة الهدر المدرسي من خلال برامج موجهة، من بينها "مدرسة الفرصة الثانية"، بالإضافة إلى برنامج جديد وطموح يرتكز على التكوين عن طريق التدرج المهني فيما لا يقل عن سبع قطاعات اقتصادية. وقد عرف هذا البرنامج، الذي يشرف عليه قطاع الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات تعبئة غير مسبوقة مع تخصيص ميزانيات مهمة لهذا الغرض. ولإنجاحه، قام القطاع بتحديد أكثر من 200 مهنة، والتكوينات جارية حاليا.
لا يخفى عليكم أن وضعية تشغيل الأطفال الراهنة على المستوى الكوني ما زالت مقلقة، بالنظر لعدد الأطفال العاملين البالغ حوالي 138 مليون طفل سنة 2024 ، يعمل معظمهم في الزراعة في ظروف صعبة وخطيرة، في حين ينخرط البعض الآخر في المناجم التقليدية أو في سلاسل التوريد.
ورغم النتائج المسجلة على مستوى الحصيلة، فإن العدد الإجمالي للأطفال العاملين يظل في تزايد مستمر نتيجة النمو الديمغرافي المتفاقم، فضلاً عن أن الأنظمة التعليمية تواجه ضغوطاً متزايدة بسبب الهدر المدرسي، وتزداد هذه الظاهرة ارتفاعاً بفعل الفقر، والأزمات الإنسانية، وتغير المناخ، وضعف أنظمة الحماية الاجتماعية.
وفي مواجهة هذه التحديات أبانت عدة مبادرات محلية وإقليمية عن فعاليتها. بحيث كان المساهمة وحدات حماية وإدماج الطفولة في وضعية هشة التي استفادت من دعم المنظمات غير الحكومية والشركاء الدوليين، أثراً إيجابياً في التقليص من ظاهرة تشغيل الأطفال بشكل ملموس في بعض المناطق. كما أن من شأن الحلول الرقمية المعتمدة، مثل رسم خرائط المناطق ذات المخاطر وأنظمة الإنذار المبكر عبر تقنيات الاتصال الحديثة، توفير أدوات مبتكرة لتحديد الحالات التي تنطوي على مخاطر بسرعة والاستجابة لها بفاعلية.
وبناءً عليه، يظل تكثيف الجهود المنسقة والمستدامة أمرًا بالغ الأهمية لضمان ترسيخ هذه المكتسبات.
اسمحوا لي أن أؤكد على عنصر محوري وأساسي في رؤية المغرب لمكافحة هذه الظاهرة والمتمثل في ضرورة إرساء نظام متابعة وتقييم قائم على بيانات موثوقة، إذ سيمكن هذا النظام من قياس التقدم المحرز، وتحديد التحديات المستمرة، وتقويم السياسات العمومية المندمجة بشكل دوري. كما سيستند إلى حكامة جيدة، تنخرط فيها جميع المؤسسات الوطنية بالتنسيق مع المجتمع المدني والشركاء الدوليين، اعتماداً على مؤشرات دقيقة مصنفة حسب السن والجنس ومنطقة التواجد وقطاع النشاط، تمكن من تقييم ليس فقط مدى انتشار عمل الأطفال، ولكن أيضاً فعالية برامجنا لإعادة إدماجهم في النظام المدرسي والاجتماعي.
يشكل المؤتمر العالمي السادس للقضاء على عمل الأطفال لحظة قوية للتعبئة العالمية، نسعى جميعاً من خلاله إلى توحيد الرؤى والاستراتيجيات، ورسم خارطة طريق واضحة وطموحة، توجه عملنا الجماعي وتضمن لكل طفل حقه غير القابل للتصرف في أن ينشأ بكرامة. كما نأمل أن تؤدي هذه القمة إلى إقامة شراكات جديدة تعزز جهودنا المشتركة ومواردنا كمجموعة إقليمية عربية وكمجتمع دولي.
اليوم، توجه المملكة المغربية نداءً عاجلاً لتعبئة جماعية سريعة تمكننا كمجتمع عربي ودولي من تحقيق هدفنا المشترك في الوقت المحدد له 2030 ، فكل تأخير من شأنه أن يحرم الأطفال من حقهم في الطفولة والتعليم، ويمنعهم من النمو في بيئة آمنة وخالية من المخاطر من هذا المنبر ندعو دول المجموعة العربية حكومات وشركاء اجتماعيين ومجتمع مدني وقطاع الخاص إلى تكثيف الجهود والعمل بتضامن وحزم، من أجل سياسات متكاملة ومندمجة تعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، وتقوي الحماية
الاجتماعية، وترأس التعليم الإلزامي، وتضمن انتقالاً سلساً من الاقتصاد غير المنظم إلى الاقتصاد المنظم.
واستغل هذه المناسبة وهذا الجمع الكريم للترحيب بكم في المملكة المغربية بمدينة مراكش للمشاركة في فعاليات المؤتمر العالمي السادس للترويض على عمل الأطفال الذي سينظم خلال الفترة الممتدة من 11 إلى 13 فبراير. وستوجه الدعوات الرسمية إلى وزراء العمل في جميع دول أعضاء المنظمة خلال الأيام القادمة. ونأمل في حضوركم بكثافة أكبر.
في ختام هذه الكلمة، أود أن أعرب عن خالص امتناني لدعم المملكة المغربية في هذه المبادرة، ولجميع المتدخلين والخبراء الحاضرين معنا على غنى مساهماتهم وسخائهم في تبادل خبراتهم. كما أود أن أحيي الفريق المنظم، على المستويين اللوجستي والعلمي، الذي سهر بدقة وتفان على إنجاح هذا اللقاء العربي.
أتمنى لهذا اللقاء حوارات مثمرة، ونقاشات بناءة، وتوصيات عملية تقربنا من هدفنا المشترك عالم لا يترك فيه أي طفل جانباً ولا يجبر فيه على العمل، بل يسعى بحرية وحماية وتعليم.














