فن وثقافة
الملتقى العربي الخامس للتراث الثقافي ينطلق في الشارقة

يمتد الملتقى لثلاثة أيام، مسلطاً الضوء على دور المرأة والشباب في الحفاظ على التراث الثقافي والابتكار المتحفي.
شهد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، صباح اليوم الاثنين، افتتاح النسخة الخامسة من الملتقى العربي للتراث الثقافي، والذي ينظمه المركز الإقليمي لحفظ التراث الثقافي في الوطن العربي (إيكروم - الشارقة)، تحت شعار "دور المرأة والشباب في الحفاظ على التراث الثقافي والابتكار المتحفي"، وذلك في مقر مركز المنظمات الدولية للتراث الثقافي بالمدينة الجامعية.
استهل الحفل بالسلام الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، ألقى بعدها ناصر الدرمكي، نائب مدير مركز إيكروم الإقليمي في الشارقة، كلمة رحّب فيها بصاحب السمو حاكم الشارقة على تشريفه حفل افتتاح الملتقى استمراراً لدعم سموه اللامحدود لكافة فعاليات التراث والثقافة، مما يعكس أهمية المسؤولية المشتركة في صون التراث الثقافي.
وأشار الدرمكي إلى أن الملتقى يعكس حركة دمج وتمكين المرأة والشباب في عمليات صنع القرار والمبادرات العملية، لضمان أن يكون الحفاظ على التراث عملية حية وشاملة، مستعرضاً عدد من المشاريع التي تنفذها حكومة الشارقة لتمكين الشباب وتعزيز دورهم في المجتمع، معبراً عن اعتزازه بتجربة إمارة الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة، التي تعد نموذجاً رائداً في دعم وتمكين المرأة والشباب في قطاع التراث الثقافي.
وألقى الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية، كلمة أشار فيها إلى أن مفهوم التراث ليس مجرد مبانٍ قديمة أو مقتنيات محفوظة، بل هو قيمة حيّة تتشكل في الذاكرة والعادات والممارسات، ويكتسب معناه الحقيقي من الإنسان كحامل للذاكرة وراوي للقصة.
ولفت الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي إلى دور المرأة العربية كقلب للحكاية وصوت للتراث الحيّ، موضحاً أن جهودها اليوم هي امتداد حيّ لدور لم ينقطع مع تنوعه، مشيراً إلى دور الشباب بصفتهم صُناع المستقبل الذين يدمجون التراث بالابتكار والتكنولوجيا والاقتصاد الثقافي.
وأكد رئيس دائرة العلاقات الحكومية في ختام كلمته على أن تمكين المرأة ودعم الشباب يمثّل الطريق لحماية الهوية الثقافية ونقلها للأجيال القادمة، فالتراث عندما يُستثمر في حياة الناس يتحوّل من ذاكرة جامدة إلى قوة حيّة تشارك في تصميم المستقبل وإثراء العالم.
وفي كلمة مسجّلة، عبّرت أرونا فرانشيسكا ماريا غوجرال، المديرة العامة لمنظمة إيكروم، عن شكرها وامتنانها إلى صاحب السمو حاكم الشارقة، على رؤيته الملهمة ودعمه المستمر لمركز إيكروم الإقليمي في الشارقة ولمختلف الفعاليات الثقافية والتراثية على كافة المستويات.
وأشادت غوجرال بأهمية الملتقى كمنصة تضع المرأة والشباب في صدارة جهود صون التراث، حيث أن هذا الملتقى يتجاوز كونه مجرد حوار حول الحفاظ على التراث الثقافي، بل يشكّل منصة تُسمع فيها الأصوات، وتُشارك الخبرات، وتُبنى الشراكات، موضحة أن جهود حماية التراث لا تحمي الماضي فحسب، بل تؤسس أيضًا حاضنة لأفكار جديدة يتشارك فيها المهتمون في صياغة الكيفية التي ستختبر بها الأجيال القادمة التراث وتحافظ عليه.
وأشار الدكتور عبد العزيز المسلّم، رئيس معهد الشارقة للتراث، خلال كلمته في افتتاح الملتقى إلى الدور المستمر للتراث الثقافي في تشكيل الهوية الجمعية للعالم العربي وتعزيز وجوده، وأن الشارقة تولي أهمية قصوى لإشراك المرأة والشباب في جميع برامج التراث ومشاريعه، إدراكاً منها بأنهم صمام الأمان الحقيقي لاستمرارية هذا الإرث، وجسر العبور بين الماضي والمستقبل.
وتناول المسلّم أهمية التعاون المتميز بين المعهد ومركز إيكروم الإقليمي في الشارقة، الذي أصبح نموذجًا إقليميًا للتعامل مع التحديات الملحة في صون التراث، مشيراً إلى أن الحفاظ على التراث لا ينفصل عن الابتكار؛ فالابتكار المتحفي ليس ترفاً، بل هو ضرورة تُمكِّننا من إعادة تقديم تراثنا للأجيال الصاعدة وللعالم بأسره بلغة معاصرة يفهمها ويقترب منها، دون أن نفقد أصالته أو قيمته.
وألقى معالي زكي نسيبة، المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة كلمة رئيسية بعنوان "الشباب والإرث ومستقبل المرونة الثقافية في العالم العربي"، تناول فيها أدوار المرأة المتغيرة في نقل التقاليد، والشباب المبدع في صون وإحياء وتحويل التراث الثقافي الذي يعتبر ذكرى حيّة للحضارة واللغة التي يتكلم بها أفراد المجتمع، والاستفادة من التكنولوجيا والأدوات الرقمية للوصول والتواصل مع الإرث الثقافي المحلي والعالمي.
واستعرض معالي زكي نسيبة عدداً من تجارب الشباب المُلهمة داخل وخارج الدولة مشيراً إلى أن هذه التجارب أصبحت نموذج إقليمي للابتكار في صون التراث، مع تعزيز مشاركة المجتمع ونقل المعرفة بين الأجيال، مقدماً في ختام كلمته عدداً من التوصيات والأفكار حول سياسات تمكين الشباب في مجال التراث الثقافي.
واستمع الحضور خلال الحفل إلى فقرة موسيقية عزفت على آلة القانون قُدمت خلالها عدداً من المقطوعات الموسيقية الإماراتية. وتفضل صاحب السمو حاكم الشارقة في ختام حفل الافتتاح بالتقاط الصور التذكارية مع ضيوف الملتقى.
ويؤكد الملتقى على التزام الشارقة بدعم التراث الثقافي كركيزة أساسية للهوية العربية والتنمية المستدامة، ويستمر لثلاثة أيام، ويجمع مسؤولين وخبراء وقادة ثقافيين وممثلين عن المجتمعات المحلية من مختلف الدول العربية والعالم، بهدف تعزيز واقع ومستقبل التراث الثقافي في المنطقة العربية.
وفي نسخته الخامسة هذا العام، يسعى الملتقى إلى إبراز الدور المحوري للمرأة بصفتها حارسة وناقلة للمعرفة الثقافية، ومساهمتها في الحفاظ على الهوية والذاكرة الجماعية للأجيال. كما يركز على الإمكانات التحويلية للشباب كقادة ومبتكرين جدد في مجال صون التراث، وقدرتهم على تقديم حلول إبداعية وتقنيات حديثة لحماية الموروث الثقافي.
حضر حفل افتتاح الملتقى بجانب صاحب السمو حاكم الشارقة كل من الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي رئيس دائرة العلاقات الحكومية، والشيخ ماجد بن عبد الله القاسمي مدير دائرة العلاقات الحكومية، والشيخة نوار بنت أحمد القاسمي مديرة مؤسسة الشارقة للفنون، ومعالي زكي نسيبة المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، وعدد من كبار المسؤولين رؤساء ومديري الدوائر الحكومية، والمتخصصين من داخل وخارج الدولة.