عربي وعالمي
ابوالغيط:غياب الدولة الوطنية ثغرة خطيرة في جدار الأمن القومي العربي
السبت 17/مايو/2025 - 12:10 م

طباعة
sada-elarab.com/764613
اكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط أن مفهوم الدولة الوطنية ودولةِ المواطنة لازال غير متجذرٍ بعد في كافة أرجاء العالم العربي ، موضحا ان غيابه يظل أحد الأسباب الجوهرية لنزاعات وحروب تمثل ثغراتٍ خطيرةً في جدار الأمن القومي العربي.
ودعا إلى وقفة تقييمية ونظرة موضوعية إلى حال الدولة الوطنية العربية كون بعض دولنا مهددٌ في وجوده وكيانه ذاته ، وبعضها عرضة لاستقطاباتٍ داخلية أو احترابٍ أهلي.
جاء ذلك في كلمته أمـــام إجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في الدورة العادية (34)التي عقدت اليوم بالعاصمة العراقية بغداد.
والى نص الكلمة
فخامة السيد عبد اللطيف رشيد
رئيس جمهورية العراق
أصحاب الفخامة والسمو،
السيدات والسادة،
اسمحوا لي في البداية أن أتقدم بجزيل الشكر وعميق الامتنان لكم فخامة الرئيس، ومن خلالكم إلى شعب العراق الحبيب وحكومته.. على ما أُحطنا به من رعاية وكرم وحسن وفادة.. وأن أهنئكم على تبوء بلدكم العزيز رئاسة القمة في دورتها الرابعة والثلاثين .. وأدعو الله أن يوفقكم إلى ما فيه خير أمتنا العربية.
تمر علينا هذه الأيام ذكرى عزيزة على نفس كل عربي.. الذكرى الثمانين لتأسيس الجامعة العربية.. المنظمة التي ترفع لواء العروبة كفكرة جامعة لهذا الفضاء الممتد من الخليج العربي حتى المحيط الأطلسي.. المنظمة التي لازالت – وبرغم تحولات كبرى في الإقليم والعالم – تمثل النسيج الرابط للشعوب العربية، والعروة الوثقى التي نستمسك بها.
إن استمرارية هذه المنظمة الشامخة عبر ثمانية عقود شاهدةٌ على قوة الشعوب وعلى عمق الدافع الذي يجمع بين الشعوب والدول الأعضاء... إن الرابط الأهم في منطقتنا يقوم على اللغة والثقافة والتاريخ المشترك.. إنها رابطة منفتحة.. لا تقوم على العرق أو الاثنية بل على الإرث الحضاري الجامع لهذه الأمة... والذي يضم داخله تنوعاً دينياً وثقافياً فريداً وثرياً... إن العروبة لازالت قادرة على استيعاب هذا التنوع الذي طالما كان سمة مميزة لمنطقتنا... وهي تستطيع أن تقدم نهجاً جامعاً، مضاداً للاستقطاب الذي ضربت آفته – وللأسف- بعض أجزاء الجسد العربي مؤخراً.
كما تقتضي المناسبة منا وقفةً مع الذات ننشد من خلالها نظرةً موضوعية إلى سجل الجامعة العربية... بلا تهويل أو تصغير في قدر ما تحقق.
– كما لا زلنا ننشده اليوم وكما سبق وأن تطلع إليه الآباء الأوائل لهذه
المنظمة – لم يزل بعيداً عن التحقق على النحو المأمول.. إن إقليمنا العربي كان ولايزال هدفاً لتهديدات وأطماع... من جوارٍ قريب أو من قوى بعيدة.. وكان – ولايزال – عرضة لتدخلات غير حميدة في شئون دوله.
وتقتضي الوقفة التقييمية أيضاً.. نظرة موضوعية إلى حال الدولة الوطنية العربية... فبعض دولنا مهددٌ في وجوده وكيانه ذاته... وبعضها عرضة لاستقطاباتٍ داخلية أو احترابٍ أهلي... ومازال مفهومُ الدولةِ الوطنية... دولةِالمواطنة.. غير متجذرٍ بعد في كافة أرجاء عالمنا العربي... ويظل غيابه أحد الأسباب الجوهرية لنزاعات وحروب تمثل ثغراتٍ خطيرةً في جدار الأمن القومي العربي.
سيادة الرئيس،
في السودان جُرحٌ مفتوح يُدمي قلوبنا جميعاً حيث تسببت الحرب في أشد أزمة إنسانية على وجه الأرض اليوم... وبسبب تلك الحرب، فإن كيان الدولة ووحدة وتماسك مؤسساتها الوطنية -التي ينبغي الحفاظ عليها وتعزيز دورها- صاروا عرضة للتهديد... ومع ذلك فإنني أثق في قدرة أهل السودان على تجاوز تلك المحنة التاريخية، وإعادة بناء ما دمرته الحرب.. بدعمٍ عربي في المقام الأول.
وفي اليمن... لا زالت جماعة الحوثي تصر على الانفراد بمقدرات البلاد التي جلبت على أهلها مواجهات وأهوالاً فاقمت معاناتهم إلى حد لا يمكن تصوره، ولن ينصلح الحال في هذا البلد العربي العزيز إلا عندما تدرك تلك الجماعة استحالة استمرار هذا الوضع وتنخرط في جهد وطني يستعيد لحمة البلاد.
وفي ليبيا مازال الانقسام مهدداً لوحدة الدولة ونحن نتابع بمزيد من القلق التطورات الخطيرة التي تقع في طرابلس وغرب ليبيا... وكلي أملٌ أن تضع جميع الأطراف مصلحة الوطن ووحدته فوق كل اعتبار من أجل الحيلولة دون تدهور الأمور ... وصولاً إلى إنهاء المرحلة الحالية وربما إجراء مصالحة شاملة تمكن ليبيا من الانطلاق إلى مستقبل واعد يستحقه شعبها.
وفي الصومال... لازالت البلاد تواجه تهديدات متنوعة ... ونحن نساند حكومته المركزية في الدفاع عن سيادة الصومال على كامل ترابه.
أما سوريا فتخوض مرحلة صعبة وتحدياً كبيراً لبناء سوريا الجديدة التي يشعر كل أبنائها – بغض النظر عن المذهب أو العرق – بالأمن والمساواة في الحقوقوالواجبات... وسنقف جميعاً مع أهل سوريا الكراموحكومتها لتجاوز هذا الوضع الصعب... وأثق أن رفع العقوبات الأمريكية سيسهم في خلق وضع اقتصادي جديد يُعزز من قدرة شعب سوريا على مجابهة المستقبل بثقة.
وفي لبنان، يواجه البلدُ تحدياً تاريخياً بالتعافي وفرض سيادة الدولة وحصر السلاح بيدها في ظل عدوان إسرائيلي متواصل ينتهك سيادة البلاد ويخرق اتفاق وقف الأعمال العدائية.. وكلنا أمل وثقة في أن تتمكن الدولة اللبنانية من الاضطلاع بتلك المسئولية الكبرى لمصلحة مستقبل أبناء هذا البلد العزيز.
سيادة الرئيس
بعد سنوات قليلة من تأسيس الجامعة العربية انفجرت مأساة فلسطين... ولازال جرحها النازف هو الأقسى على العرب.. ولازالت قضيتها العادلة هي قضية العرب.
إن حرب الإبادة التي يباشرها متطرفو اليمين الإسرائيلي في محاولة لفرض السيطرة على فلسطين بكاملها، وطرد سكانها خارجها.. هي عار عليهم وعلى العالم الصامت.. عارٌ أن تباشر دولةٌ التطهير العرقي في هذا الزمان ويصمت العالم.. وأن يصبح القتل اليومي، للنساء والأطفال والمدنيين، أمراً طبيعياً ويمر مرَّ الكرام.
إن سياسة إسرائيل المتهورة والعدوانية في فلسطين (وفي سوريا ولبنان).. سوف تُدخل المنطقة كلها في حلقات لا تنتهي من المواجهة ... فهي سياسة تهدف إلى تصعيد التوترات على كل الجبهات.. وتعطي لإسرائيل حق إشعال النيران في كل مكان... والغرض هو التوسع تحت ذريعة الأمن، والتمدد تحت حجة إقامة المناطق العازلة.. وهي سياسة نرفضها وندينها بأشد العبارات ونسجل خطورتها الشديدة على استقرار هذه المنطقة وأمنها.
لقد واكبت هذه الجامعة قضية فلسطين منذ منشئها... وستظل قضية شعب فلسطين وحقه العادل في دولة مستقلة على 22% من مساحة فلسطين التاريخية قضية رئيسية لهذه الجامعة حتى تتجسد الدولة الفلسطينية واقعياً وعملياً.. وهنا أود أن أسجل ل الشكر للجهود القيمة التي بذلتها وتبذلها كلٌ من مصر وقطر للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ونتمنى لتلك الجهود التوفيق... كما أقدم الشكر للمملكة العربية السعودية على قيادتها الفاعلة للجنة العربية الإسلامية لوقف الحرب في غزة، وأتمنى لها كل التوفيق في قيادة مؤتمر الأمم المتحدة حول السلام في نيويورك الشهر المُقبل.
سيادة الرئيس
تستقبل الجامعة العربية عقدها التاسع في ثقة بأن المسيرة سوف تستمر... مسيرتنا معاً.. نحمل آمالنا المشتركة ونضمد جراحنا النازفة ونتساند على بعضنا البعض... متطلعين إلى يوم قريب يشغل فيه عالمنا العربي مكانته المستحقة بين الأمم... عارفين بأن الإصلاح طريق لا ينتهي، ومصدقين لقوله تعالى:
}إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ{
صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،