رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
هاني أبو الفتوح

هاني أبو الفتوح

مأساة مسلمي ميانمار.. أين الحقيقة؟

الأربعاء 06/سبتمبر/2017 - 06:31 م
طباعة

أيُّ فاجعة تحل بالبشرية حينما تُمارس الابادة العرقية بمباركة حكومة ميانمار ’’بورما‘‘ العنصرية؟  أيُّ ضمير يرضى بالاضهاد الممنهج ضد الأقلية المسلمة "الروهينجا" وسط تعتيم رسمي حول ما يدور في الدولة ذات الأغلبية البوذية؟ هل إكتفت دول العالم ومنظمات حقوق الانسان ببيانات الادانة والشجب للممارسات الوحشية بحق الأقلية المسلمة دون تحرك دولي لوقف المجازر؟ ما صحة ما تدعية الحكومة بأن قواتها المسلحة تقود حملة مشروعة ضد "الإرهابيين"؟ إلى حين أن أحصل على اجابة هذه الأسئلة، لا أجد سوى نداء الاستغاثة بالخليفة المعتصم - وا مُعْتَصِمَاهُ - لعلة  يُبعث من قبره ملبياً النداء لإنقاذ مسلمي "الروهينجا".

تعود أصول الأقلية المسلمة في ميانمار إلى شعب "روهينجة" ذوي الأصول المنحدرة من مسلمي بنجلاديش والصين، وكذلك من المستوطنين الأوائل من العرب والفرس. وكانت بداية إضطهاد المسلمين في عهد الملك باينتوانغ 1550-589. ثم تلاها مذبحة مروعة في أراكان في عهد الملك ساندا توداما (1652-1687)، ثم مذبحة أخرى في عهد الملك ألاينجبايا (1752–1760).  

بدأت في العصر الحديث المشاعر المعادية للهنود والمسلمين في الظهور خلال الحكم البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية. ففي عام 1938 اندلعت في بورما أعمال شغب معادية للمسلمين، وبدأت حملة بورما للبورميين فقط بالإنتشار،فنُهبت متاجر المسلمين ومنازلهم والمساجد، ودُمرت وأُحرقت بالكامل، كما تعرض المسلمين إلى إعتداء وذبح، وانتشر العنف في جميع أنحاء البلاد. ثم تعددت حوادث العنف ضد المسلمين عبر فترات زمنية، فحدثت اعمال شغب ضد المسلمين في ماندلاي عام1997 ، وأحداث توانغو عام 2001 ،وأعمال عنف طائفي في ولاية راخين عام 2012.

وبحسب منظمة العفو الدولية فقد استمرت معاناة مسلمي "الروهينجا" من انتهاكات لحقوق الإنسان منذ سنة 1978، وفر الآلاف منهم إلى بنجلاديش وتايلاند. ونتيجة للتهجير وأعمال العنف تراجع أعداد المسلمين في ميانمار. فقد أصدرت الحكومة البورمية عام 2016 بيانات التعداد السكاني الخاصة بالدين والعرق لتُظهر تلك البيانات تراجعاً في نسبة مسلمي البلاد.

"الروهينجا" لا يزالون أكثر الجماعات الاجتماعية اضطهاداً في البلاد. فوفقاً لقانون الجنسية البورمية لعام 1982، لا يُعترف بأن "الروهينجا"، الذين يشكلون 1.6 %  من سكان البلد، وبالتالي يظلون محرومين من جميع الحقوق المدنية. ومنذ الحرب العالمية الثانية، تعاملت الحكومات البورمية مع مسلمي "الروهينجا" على أنهم مهاجرين غير شرعيين ذوى أصول بنجلاديشية. لذلك فهم يواجهون أوضاعاً تشبه الفصل العنصري تحرمهم من حرية التنقل أو تلقي الرعاية الطبية والتعليم، في حين أن القوات المسلحة تقوم بشكل متقطع بالتخلص منهم بطرق وحشية.

وخلال العام الماضي، كانت العمليات العسكرية ضد قرى "الروهينجا" شديدة القسوة للدرجة التي حذر فيها المدافعون عن الأقلية المسلمة من الإبادة الجماعية على أيدي القوات المسلحة فيما وُصف بأنه تطهيراً عرقياً. ونتيجة لذلك تواجه ميانمار الآن غضباً دولياً، لا سيما من الدول الإسلامية، بسبب فشلها في وقف الممارسات الوحشية للقوات المسلحة حيث توجه الاتهامات إلى الجنود بالقيام بعمليات الاغتصاب والقتل والحرق العمد، وانتزاع الرضع من صدور أمهاتهم ورميهم في الأنهار أو حرقهم أحياء.

أدى الاضطهاد المستمر لمسلمي "الروهينجا" إلى ظهور مقاومة مسلحة، وإن لم تكن منظمة. ثم بدأت عمليات القضاء على المقاومة التي تقودها القوات المسلحة بعد أن هاجم جيش أراكان روهينجيا للخلاص (أرسا) عدة نقاط تفتيش شبه عسكرية. وكانت تلك العمليات مؤشر لبدء الهجرة الجماعية للمدنيين في أكتوبر 2016 وفي أغسطس 2017، خصوصاً مع ازدهار الجماعات البوذية القومية المتطرفة التي تشجع على خطاب مناهض للمسلمين. فبينما تعتبر الحكومة جماعات المقاومة متمردين مسلحين، يصرح نشطاء "الروهينجا" بأن المتمردين هم من شباب المقاومة الذين تم دفعهم إلى نقطة الانقضاض بسبب القمع المتواصل.

وقد نتج عن الحملة العسكرية الاخيرة التى بدأت فى 25 اغسطس نزوح حوالى 90 الف من مسلمي "روهينجا" الى مخيمات الاغاثة عبر الحدود البنجلاديشية فى غضون اسبوعين فقط، ومصرع حوالى 400 شخص على الأقل.

غير أن الغضب المتصاعد في العالم الإسلامي حول محنة "الروهينجا" قد زاد من مخاوف الدعم من الجماعات الجهادية حول العالم. فقد دعا تنظيم القاعدة في اليمن إلى شن هجمات انتقامية ضد ميانمار بينما دعت حركة طالبان الافغانية المسلمين الى استخدام القوة لمساعدة المسلمين المضطهدين في ميانمار. فهل يتكرر سيناريو داعش في سوريا والعراق على أرض ميانمار وتصبح ساحة حرب جهادية في أسيا؟ 

إن أفضل طريقة لمنع التصعيد ضد مسلمي "الروهينجا" هو حماية حقوقهم والاعتراف بهم حتى لاتصبح ميانمار قبلة للجهاديين، ومن ثم يتكرر سيناريو الحرب السوفيتية في أفغانستان التي دامت عشر سنوات، وخلًفت ورائها تنظيم القاعدة الذي يعتبر الأب الروحي لجميع الحركات الجهادية في العالم. ومن ناحية أخرى، يجب على المجتمع الدولي أن يمارس الضغوط على حكومة ميانمار لكي تعترف بحقوق الأقليات وتوقف الأساليب الوحشية للتطهير العرقي ضد مسلمي "الروهينجا". كما يتعين على الدول العربية التي ترتبط ميانمار معها بمصالح اقتصادية وتجارية أن تهدد بقطع العلاقات في حالة استمرار تلك الممارسات الوحشية الممنهجة. 

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر