رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
ياسر هاشم
ads
اخر الأخبار
بهجت العبيدى البيبة

بهجت العبيدى البيبة

أردوغان على صفيح ساخن .. قراءة في نتيجة الاستفتاء

الثلاثاء 18/أبريل/2017 - 10:27 م
طباعة
كشفت نتائج الاستفتاء الذي بذل له الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكل مؤسسات الدولة التي تأتمر بأمره مجهودا هائلا أن هناك انقساما كبيرا داخل المجتمع التركي، فبعد تلك الدعوات وإعلاء النعرات القومية، والدخول في ملاسنات مع عديد الأطراف، ومختلف الدول الأوروبية أراد بها، فيما أعتقد، الرئيس التركي إزكاء الشعور القومي لدى الأتراك، الذين وضعهم في مواجهة مع الأوروبيين، باعتبارهم الآخر المعادي لكل ما هو تركي، وكل ما هو إسلامي، مقدما نفسه حامي حمى القومية التركية، وهذا طبيعي، وحامي حمى الإسلام، وذلك ليس إلا استخداما للدين في معركة سياسية، ومع ذلك جاءت النتيجة كاشفة بما سيواجهه أردوجان من معاناة قاسية.
إذ أظهرت النتيجة التي لم تتخط زيادة المؤيدين عن الرافضين فيها نسبة الواحد ونصف في المائة مررت بها التعديلات الدستورية، أن أكثر بقليل من نصف الشعب التركي لم يمنح  رجب طيب أردوغان مجرد انتصارا سياسيا،  بل منحه ما هو أكبر وأعمق من ذلك بكثير، وهو أن هؤلاء المؤيدين للتعديلات الدستورية إنما يريدون  إنهاء مرحلة كاملة من تاريخ تركيا الحديث، كما تصوره مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، وفي المقابل فإن هناك أقل قليلا من نصف الشعب التركي مازالت تؤمن بتلك الدولة المدنية العلمانية التي أسسها أتاتورك، ويعمل أردوغان على التخلص منها رويدا رويدا. 
ذلك الذي يضعه بين المطرقة والسندان، حيث عليه في نظر مؤيديه، وهو ما يؤمن به أيضا حزبه العدالة والتنمية، أن يعيد تنظيم تركيا على خيال الإسلاميين الذين منحوه تلك السلطات والذين يمجدون فترة الإمبراطورية العثمانية التي سبقت تأسيس الجمهورية التركية، تلك التي يرون فيها علمانية غربية وخروجا من تاريخهم وثقافتهم.
وإذا كانت هذه هي الصورة في الداخل، فلم يستقبل العالم الغربي نتائج الاستفتاء بأي نوع من الارتياح خاصة بعد الاعتراضات الداخلية عليها من قبل حزب الشعوب الديمقراطي وغيره الذين شككوا في نزاهة الاستفتاء، وكذلك المنظمات الدولية المراقبة لعملية الاستفتاء التي أكدت أنه لم يرق للمعايير الأوروبية، ذلك الذي واجهه أردوغان بمزيد من الهجوم، بل أعلن أن تركيا في طريقها لاستفتاء آخر يجيز الحكم بالإعدام، وهو ما يجعل مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي تغلق نهائيا، بل تُدْفَن حيث أن الدول الاوروبية لا تأخذ بهذه العقوبة وليس لمن يأخذ بها مكان في الاتحاد.
لم ينته الأمر عند هذا الحد، بل كانت هناك ردود فعل أوروبية تخلت عن اللغة الحيادية أو الباهتة، بل كانت واضحة بما يعني مواجهة تلوح في الأفق بين الجانبين؛ ففي النمسا كتب وزير الخارجية النمساوي سيباستيان كورتس على تويتر: "علينا أن نوقف مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والعمل بدل ذلك على توقيع اتفاق (حسن) جوار مع تركيا"، وهذا كلام معاد من الوزير الشاب، الذي أكد أن نتيجة الاستفتاء أظهرت صورة "بلد منقسم"،  تبعه تصريح أقسى من المستشار النمساوي الاشتراكي الديموقراطي كريسيتان كورن يوم امس الاثنين حيث قال: "بعد يوم أمس، فإن احتمال انضمام (تركيا) دفن بحكم الأمر الواقع"، مضيفا قوله "ندخل عصرا جديدا". 
ولم تكن ألمانيا أقل وضوحا من النمسا في تعليقها على نتيجة الاستفتاء التركي التي رأت أنها تستوجب حوارا قائما على الاحترام ذلك الذي دعت له المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل يوم الاثنين حيث طالبت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى "حوار قائم على الاحترام" مع كل الأحزاب السياسية بعد الاستفتاء الشعبي الذي أجري على التعديلات الدستورية التي اقترحها الرئيس. 
وجاء في بيان مشترك ومقتضب لميركل مع وزير الخارجية سيغمار غابرييل أن "الحكومة (الألمانية) تنتظر من الحكومة التركية بعد حملة انتخابية شاقة، السعي الآن إلى حوار قائم على الاحترام مع كل القوى السياسية وفي المجتمع". 
وعلى نفس الدرب سار الاتحاد الأوروبي حيث حض الاتحاد الأوروبي يوم أول امس الأحد فور الإعلان عن نتيجة الاستفتاء السلطات التركية على السعي إلى أوسع توافق ممكن بعد فوز الرئيس رجب طيب أردوغان في استفتاء على تعزيز سلطاته يثير مخاوف المعارضة.
وبتجميع شظايا الصورة التركية المتناثرة ما بين الداخل والخارج، ومحاولة دقيقة لقراءتها بعيدا عن التهويل من المؤيدين أو المعارضين، فإن السلطان التركي!! يسير على صفيح ساخن، والسؤال هل سيستطيع السير عليه ملتهبا لفترة طويلة، أم سيعمل على تبريده من خلال خطوات إجرائية يحتوي بها غضب الداخل، ويطمئن بها دول الجوار في الخارج؟ وإن كانت الصفات النفسية التي خبرنا جلها لرجب طيب أردوغان ترهص باستمراره في حصد مزيد من الصلاحيات، ومزيد المواجهات ومزيد الخصوم والأعداء، ما سيكون له آثار خطيرة على تركيا في مستقبل الأيام والشهور.

إرسل لصديق

ads
ads

تصويت

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟

هل تؤيد تكثيف الحملات الأمنية بمحيط الأندية ومراكز الشباب لضبط مروجى المخدرات؟
ads
ads
ads

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر

ads